04-05-18, 12:47 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
تـراجــم علمـائـنـا
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اتبع هداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فإنه مما لا يخفى على إخواني أن مما يشحذ الهمم، ويوقضها ويحفزها، ويرتقي بالعقول في مدارج الكمالات ومعالي الأمور؛ القراءة في تراجم الأئمة الأعلام، والاطلاع على آثارهم وحكاياتهم، ومناقبهم فنتأدب بآدابهم، ونتخلق بأخلاقهم، ونتقتدي بهم، ونتعلم منهم كيفية الطلب. و من هؤلاء الأعلام الإمام النووي ـ رحمه الله ـ، فإني وقفت على بعض من سيرته العطرة، فأردت أن أتحف إخواني في هذا المنتدى المبارك، وأذكرهم بشيء يسير من سيرته، وترجمته، جمعتها، وحاولت تلخيصها، من هذه الكتب: 1ـ تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محي الدين، لتلميذه علي بن إبراهيم بن العطار علاء الدين. 2 ـ طبقات الشافعية الكبرى، لعبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي. 3ـ المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي. 4 ـ المنهاج السوي في ترجمة الإمام النووي، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي. وقد قسمت هذه الترجمة إلى مطلبين، على النحو التالي: المطلب الأول: اسمه وموله ونشأته. المطلب الثاني: حياته العلمية ووفاته وآثاره العلمية. هذا ولا تبخلوا على أخيكم بالنصح والإرشاد، والتوجيه، والتصحيح، والتعقيب وجزاكم الله خيرا. المطلب الأول: اسمه ومولده ونشأته. الفرع الأول: اسمه الكامل: هو الإمام أبو زكريا، محيي الدين(1)، يَحْيَى بن شَرَف بن مُرِي بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حِزام ـــ بالحاء المهملة ثم الزاي ـــ النووي(2)، ثم الدمشقي. الفرع الثاني:مولده: وُلدـــ رحمه الله ـــ في شهر المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة من الهجرة(631ه)، بنوى، وهي مِن أعمال دمشق.(3) الفرع الثالث: نشأته: عاش النووي في كنف أبيه ورعايته، وكان أبوه في دنياه مستور الحال مبارَكاً له في رزقه، فنشأ النووي في ستر وخير، قال عنه ابن العطَّار ـــ أحد تلامذته ـــ: (ذكر لي الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي رحمه الله، قال: رأيتُ الشيخ محيي الدين، وهو ابن عشر سنين، بنوى، والصبيان يُكرِهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم ويبكي لإكراههم، ويقرأ القرآن في تلك الحال، فوقع في قلبي محبته. وجعله أبوه في دكان، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن). قال: (فأتيت الذي يُقْرِئُه القرآن، فوصيته به، وقلت له: هذا الصبي يُرْجى أن يكون أعلم أهل زمانه، وأزهدهم، وينتفع الناس به. فقال لي: أمنجِّمٌ أنت؟ فقلت: لا، وإنما أنطقني الله بذلك. فذكر ذلك لوالده، فحرص عليه، إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الاحتلام).(4) وقد ذكر الشيخ تاج الدين السبكي في طبقاته حادثة وقعت للإمام النووي ـــ رحمه الله ـــ وهو ابن سبع سنين، قال: (وذكر أبوه أن الشيخ كان نائما إلى جنبه، وقد بلغ من العمر سبع سنين، ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان فانتبه نحو نصف الليل، وقال: يا أبت، ماهذا الضوء الذي ملأ الدار؟ فاستيقظ الأهل جميعا، قال: فلم نر كلنا شيئا، قال والده: فعرفت أنها ليلة القدر). (5). قَدِم به والده إلى دمشق سنة تسع وأربعين وعمره تسعة عشرة سنة، وكانت دمشق محجَّ العلماء وطلبة العلم من أقطار العالم الإسلامي. المطلب الثاني: حياته العلمية ووفاته وآثاره العلمية: الفرع الأول: حياته العلمية: كان أول ماهتم به النووي بعد أن قدم دمشق أن يصل حبله بأحد العلماء يلازمه، ويقرأ عليه، ثم أن يجد له مأوى، وكان أول من لقي النووي ـــ رحمه الله ـــ خطيب الجامع الأموي وإمامه الشيخ جمال الدين عبد الكافي الربَعي الدمشقي ـــ رحمه الله ـــ ، وماجتمع إليه حتى عرَّفه مقصده، ورغبته في طلب العلم، فأخذه وتوجه به إلى حلقة مفتي الشام تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم بن ضياء الفزاري عُرف بابن الفركاح ـــ رحمه الله ـــ ، فقرأ عليه دروسا، وبقي يلازمه مدة، وكان أول شيوخه ـــ رحمه الله ـــ ولم يكن له موضع يأوي إليه؛ فسأل من التاج موضعا يسكنه، ولم يكن بيد التاج إذ ذاك من المدارس سوى الصارمية ولا بيوت لها، فدله على الكمال إسحاق المغربي بالرواحية، فتوجه إليه ولازمه، واشتغل عليه وصار منه ما صار(6)، وكان قُوتُه فيها جراية المدرسة لا غير. (7) وحين استقر النووي ـــ رحمه الله ـــ في المدرسة الرواحية، وطمئنت نفسه في مسجده، أقبل على طلب العلم بكل ما أوتي من قوة وعُرف ـــ رحمه الله ـــ بالجدّ في طلب العلم والتحصيل في أول نشأته وفى شبابه، وقد أخذ العلم منه كلَّ مأخذ، حفظ كتاب "التنبيه") (8) في أربعة أشهر ونصف، وحفظ ربع العبادات من "المهذب"(9) في باقي السنة واستطاع في فترة وجيزة أن ينال إعجاب وحبَّ أستاذه أبى إبراهيم إسحاق بن أحمد المغربي، فجعلَه مُعيد الدرس في حلقته. فلمَّا كان سنة إحدى وخمسين وستمائة (651ه) ـــ وعمره إحدى وعشرين سنة حينها ــــ قال عن نفسه: (حججت مع والدي، وكانت وقفة الجمعة، وكان رحيلنا من أول رجب، فأقمتُ بمدينة رسول الله نحواً من شهر ونصف) ( 10) وحكى عنه والده نهمه في العلم والعكوف عليه فقال: (لما توجَّهنا من نَوَى للرَّحيل أخذته الحمى فلم تفارقه إلى يوم عرفة، قال: ولم يتأوه قطّ، فلما قضينا مناسكنا، ووصلنا إلى نَوَى، ونزل إلى دمشق صبَّ الله عليه العلم صبَّاً، ولم يزل يشتغل بالعلم ويقتفى آثار شيخه المذكور في العبادة من الصَّلاة وصيام الدَّهر، والزُّهد والورع، وعدم إضاعة شيءٍ من أوقاته، إلى أن تُوفِّي). (11) وقد جمع ـــ رحمه الله ـــ إلى جانب الجدّ في الطلب غزارة العلم والثقافة المتعددة، وقد حدَّثَ تلميذُه علاء الدين بن العطار عن فترة التحصيل والطلب، أنه كان يقرأ كلَّ يوم اثني عشر درساً على المشايخ شرحاً وتصحيحا درسين في "الوسيط" للإمام الغزالي ـــ رحمه الله ـــ ، ودرسا في"المهذب" ودرسا في "الجمع بين الصحيحين"، ودرسا في "صحيح مسلم"، ودرسا في "اللمع" لابن جُنِّي في النحو، ودرسا في "إصلاح المنطق" لابن السِّكِّيت في اللغة ودروسا في التصريف، ودرسا في أصول الفقه، تارة في "اللمع" لأبي إسحاق، وتارة في "المنتخب" لفخر الدين الرازي، ودرسا في أسماء الرجال، ودرسا في أصول الدين.(12) حتىَّ إنه من شغفه بالازدياد في العلم واكتساب المعرفه راح يتعلَّم الطِّب، ويروي لنا قصَّته هذه بنفسه فيقول: (وخطر لي الاشتغال بعلم الطبِّ فاشتريت كتاب القانون فيه، وعرضت على الاشتغال فيه فأظلم عليَّ قلبي وبقيت لا أقدر على الاشتغال بشيءٍ ففكرت في أمري، ومن أين دخل عليَّ الداخل، فألهمني الله تعالى أنَّ سببه اشتغالي بالطبِّ؛ فبعت في الحال الكتاب وأخرجت من بيتي كل ما يتعلَّق بعلم الطبِّ فاستنار قلبي، ورجع إليَّ حالي، وعدت على ما كنت عليه أوَّلا). (13) شيوخه: للإمام النووي ـــ رحمه الله ـــ شيوخ متعددون في كل علم اشتغل به، وخصوصا علمي الفقه، والحديث، وسنورد شيوخه في كل علم. 1 ـــ شيوخه في الفقه: تقدم في (حياته العلمية) أنه أول قدومه لدمشق لقي أول من لقي من العلماء خطيب الجامع الأموي الشيخ جمال الدين عبد الكافي ولم يقرأ عليه شيئا ولكنه أخذه وتوجه به إلى حلقة مفتي الشام تاج الدين الفزاري، المعروف بالفركاح، فلازمه وقرأ عليه مدة، وهو أول شيوخه، ثم دله الفركاح على الكمال إسحاق المغربي، أخذ عنه الفقه قراءةً وتصحيحاً، وسماعاً وشرحاً وتعليقاً ثم كان من شيوخه في الفقه بعد الكمال إسحاق المغربي، مفتي دمشق: عبد الرحمن بن نوح، ثم عمر بن أسعد الأربلي، ثم أبو الحسن سلَّار بن الحسن الأربلي. يقول الإمام النووي ـــ رحمه الله ـــ في معرض ذكر شيوخه في الفقه، وتسلسلهم إلى إمام مذهبه الإمام الشافعي ـــ رحمه الله ـــ ثم إلى النبي : (أخذت الفقه قراءة وتصحيحا وسماعا وشرحا وتعليقا عن جماعات: أولهم: شيخي: الإمام المتفق على علمه، وزهده، وورعه، وكثرة عبادته، وعظم فضله، وتميُّزه في ذلك على إشكاله: أبو إبراهيم إسحاق بن أحمد بن عثمان المغربي، ثم المقدسي . ثم شيخنا: الإمام، العارف، الزاهد، العابد، الورع، المتقن، مفتي دمشق في وقته: أبو محمد عبد الرحمن بن نوح بن محمد بن إبراهيم ابن موسى المقدسي ثم الدمشقي ـــ رحمه الله ـــ. ثم شيخنا: أبو حفص عمر بن أسعد ين أبى غالب الرَبَعي ـــ بفتح الراء والياءـــ الأربلي، الإمام المتقن المفتي ــ رحمه الله ـــ "..." ثم شيخنا: الإمام، العالم، المجمع على إمامته، وجلالته، وتقدُّمه في علم المذهب على أهل عصره بهذه النواحي أبو الحسن بن سلَّار بن الحسن الأربلي ثم الحلبي ثم الدمشقي ـــ رحمه الله ـــ كمال الدين ، وأدركته أنا، وحضرت بين يديه، وسمعت عليه جزء أبى الجهم العلا ابن موسى الباهلي، وكان شيخنا كثير الأدب معه حتى كنا في الحلقة بين يديه فقام منها، وملأ إبريقاً وحمله بين يديه إلى الطهارة ا ورضى عنا بهم. وتفقه شيوخنا الثلاثة المذكورون أوَّلا على شيخهم أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان المعروف بابن الصلاح، وتفقه هو على والده وتفقه والدُه في طريقة العراقيين على أبي سعدٍ عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن أبي عصرون الموصلي، وتفقه أبو سعد على القاضي أبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي، وتفقه الفارقي على أبي إسحاق الشيرازي وتفقه الشيخ أبو إسحاق على القاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، وتفقه أبو الطيب على أبي الحسن محمد بن علي بن سهل بن مصلح الماسرجسي، وتفقه الماسرجسي على أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المروزي وتفقه أبو إسحاق على أبي العباس أحمد بن عمر بن سريج، وتفقه ابن سريج على أبي القاسم عثمان بن بشَّار الأنماطي، وتفقه الأنماطي على أبي إبراهيم إسماعيل بن يحى المزني وتفقه المزني على أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ـــ ـــ، وتفقه الشافعي على جماعات؛ منهم: أبو عبد الله مالك بن أنس؛ إمام المدينة. ومالك على ربيعة عن أنس، وعلى نافع عن ابن عمرة كلاهما عن النبي --. والشيخ الثاني للشافعي: سفيانُ بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عمر وابن عباس --. والشيخ الثالث للشافعي: أبو خالد مسلم بن خالد مفتي مكة، وإمام أهلها. وتفقه مسلم على أبي الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وتفقه ابن جريج على أبي محمد عطاء بن أسلم أبي رباح، وتفقه عطاء على أبي العباس عبد الله بن عباس وأخذ ابن عباس عن رسول الله --، وعن عمر بن الخطاب، وعلي، وزيد بن ثابت، وجماعات من الصحابة -- عن رسول الله --. هذه طريقة أصحابنا العراقيين. وأما طريقة أصحابنا الخراسانيين؛ فأخَذْتُها عن شيوخنا المذكورين، وأخذها شيوخنا الثلاثة المذكورون عن أبى عمرو عن والده عن أبي القاسم البزري ـــ بتقديم الزاي على الراء ـــ الجزري عن أبي الحسن علي بن محمد بن علي إلكِيَا الهَرَّاسيّ عن أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف؛ إمام الحرمين، عن والده أبي محمد عن أبي بكر عبد الله بن أحمد القفال المروزي الصَّغير -وهو إمام طريقة خراسان-، عن أبي زيد محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد المروزي، عن أبي إسحاق المروزي، عن ابن سريج؛ كما سبق. وتفقَّه شيخُنا الإمام أبو الحسن سَلاّر على جماعات؛ منهم الإمام أبو بكر الماهاني، وتفقه الماهاني على ابن البزري بطريقه السابق، والله أعلم). ثم قال ـــ رحمه الله ـــ: (فمعرفة هذه السلسلة من النفائس، والمهم الذي يتعين على الفقيه، والمتفقه علمه، ويقبُح به جهله، فالشيوخ في العلم آباء له في الدين، ووصلةٌ بين العبد وبين رب العالمين). (14) 2 ـــ شيوخه في أصول الفقه: يقول تلميذه ابن العطار: (قرأ ـــ يعني أصول الفقه ـــ على جماعة؛ أشهرهم، وأجلهم: العلامة القاضي أبو الفتح عمر بن بُندار بن عمر بن علي بن محمد التفليسي الشافعي ـــ رحمه الله ـــ قرأ عليه "المنتخب" للإمام فخر الدين الرازي، وقطعة من كتاب "المستصفى" للغزالي، وقرأ غيرهما من الكتب على غيره). ( 15) 3 ـــ شيوخه في الحديث: منهم: إبراهيم بن عيسى المرادي الأندلسي ثم المصري ثم الدمشقي. ومنهم: أبو إسحاق إبراهيم بن أبي حفص عمر بن مضر الواسطي، ومنه سمع جميع صحيح مسلم بن الحجاج. ومنهم: الشيخ زين الدين أبو البقاء خالد بن يوسف بن سعد النابلسي. ومنهم: الرضي بن البرهان. ومنهم: شيخ الشيوخ عبد العزيز بن محمد بن بن عبد المحسن الأنصاري الحموي الشافعي. ومنهم: زين الدين أبو العباس بن عبد الدائم المقدسي. ومنهم: قاضي القضاة عماد الدين أبو الفضائل عبد الكريم ابن عبد الصمد بن محمد الحرستاني خطيب دمشق. ومنهم: تقي الدين أبو محمد إسماعيل بن أبي إسحاق إبراهيم بن أبي اليسر التنوخي. ومنهم: جمال الدين أبو زكريا يحيى بن أبي الفتح الصيرفي الحراني. ومنهم: أبو الفضل محمد بن محمد بن محمد البكري الحافظ. ومنهم: الضياء بن تمام الحنفي أبو بكر بن نصر الله بن عبد العزيز. ومنهم: المفتي جمال الدين عبد الرحمن بن سالم بن يحيى الأنباري ثم الدمشقي الحنبلي. ومنهم: شمس الدين أبي عمرو، وغير هؤلاء من هذه الطبقة. (16) 3 ـــ شيوخه في النحو واللغة: منهم: فخر الدين المالكي، قرأ عليه كتاب "اللمع" لابن جُنِّي. ومنهم: الشيخ أبي العباس أحمد بن سالم المصري، النحوي، اللغوي، التصريفي، قرأ عليه كتاب "إصلاح المنطق" لابن السكيت، وكتابا في التصريف. يقول النووي: (وكان لي عليه درس؛ إما في كتاب سيبويه، وإما في غيره ـــ الشك من تلميذه ابن العطار ـــ). (17) تلاميذه: سمع من الإمام النوَّوي ـــ رحمه الله ـــ خلقٌ كثيرٌ من الفقهاء، وتخرَّج على يديه من العلماء والحفَّاظ جمعٌ غفير؛ ولذا فإنه يصعب حصرهم وعدُّهم، من هؤلاء الفقهاء: 1 ـــ علاء الدين بن العطار. 2 ـــ شمس الدين بن النقيب. 3 ـــ شمس الدين بن جعوان. 4 ـــ جمال الدين بن المزي. 5 ـــ بدر الدين جماعة. 6 ـــ أبو العباس بن فرح الإشبيلي. 7 ـــ إسماعيل بن إبراهيم بن سالم بن بن ركاب بن سعد الأنصاري الدمشقي الصالحي الحنبلي. 8 ـــ إسماعيل بن عثمان بن محمد بن عبد الكريم بن تمام بن محمد الحنفي، المعروف بابن المعلم رشيد الدين. هؤلاء جُلَّةٌ من تلاميذ الإمام النوَّوي المشهورين الذين أخذوا عنه، وإلا فَّثمَّ بقيَّة باقيةٌ ذكرهم المؤرخون. (18) الفرع الثاني: وفاته: بعد رجوعه من بيت المقدس إلى نوى مرض عند والده، فحضرته المَنِيَّة، فانتقل إلى رحمة الله في الرابع والعشرين من شهر رجب، سنة: ست وسبعين وستمائة(24 رجب 676ه) وقبره ظاهر يُزار في بلده نوى، وكان لنبأ وفاته وقع أليم على دمشق وأهلها، وكان عمره خمس وأربعون سنة. وهاك قصة وفاته كما رواها تلميذه علاء الدين ابن العطار ـــ رحمه الله ـــ : يقول: (وكنتُ جالساً بين يديه قبل انتقاله بشهرين ونحوها، وإذا بفقير قد دخل عليه، وقال للشيخ: فلان من بلاد (صَرْخَد) يسلِّم عليك، وأرسل معي هذا الإبريق لك فقبله الشيخ، وأمرني بوضعهِ في بيت حوائِجه، فتعجَّبْتُ منه لقبوله، فشعر بتعجُّبي، فقال: (أرسَلَ إلي بعضُ الفقراءِ زَرْبُولًا، وهذا إبريقٌ، فهذه ألةُ السَّفَر). ثم بعد أيام يسيرة كنت عنده، فقال لي: (قد أُذِنَ لي في السَّفَر). فقلتُ: كيفَ أُذِنَ لك؟ قال: (بَينا أنا جالس هنا ـــ يعني بيته في المدرسة الرّواحية، وقُدَّامه طاقة مشرفة عليها ـــ مستقبل القبلة؛ إذ مرَّ علي شخصٌ في الهواء من هُنا، ومرَّ كذا ـــ يُشير من غرب المدرسة إلى شرقهاـــ وقال: قُمْ سافِرْ لزيارةِ بيت المقدس)، وكنتُ حملتُ كلامَ الشيخِ على سفر العادة، فإذا هو السفر الحقيقي، ثم قال لي: (قم حتى نُوَدِّع أصحابنا وأحبابنا)، فخرجتُ معه إلى القبورِ التي دُفن فيها بعض مشايخِه فزارهم، وقرأ شيئاً، ودعا، وبكى، ثم زار أصحابه الأحياء؛ كالشيخ يوسف الفقاعي، والشيخ محمد الإخميمي، وشيخنا الشيخ شمس الدين بن أبي عمر شيخ الحنابلة، ثم سافر صبيحة ذلك اليوم وجرى معه وقائع، ورأيتُ منه أموراً تحتمل مجلَّدات، فسار إلى (نوى)، وزار القدس، والخليل ، ثم عاد إلى (نوى)، ومرض عقب زيارته بها في بيت والده، فبلغني مرضه، فذهبتُ مِن دمشق لعيادته ففرح رحمه اللهُ بذلك، ثم قال لي: (ارجع إلى أهلك). وودعْتُه وقد أشرف على العافية يوم السبت العشرين من رجب سنة ست وسبعين وستمائة، ثم توفي ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من رجب. فبينما أنا نائم تلك الليلة؛ إذ منادٍ ينادي على سدة جامع دمشق في يوم الجمعة: الصلاة على الشيخ ركن الدين الموقع، فصاح الناس لذلك النداء، فاستيقظتُ، فقلتُ: إنا لله وإنا إليه راجعون. فلم يكن إلا ليلة الجمعة عشية الخميس؛ إذ جاء الخبرُ بموته فنودي يوم الجمعة عقب الصلاة بموته، وصُلِّيَ عليه بجامع دمشق، فتأسَّفَ المسلمون عليه تأسُّفاً بليغاً؛ الخاصُّ والعام، والمادحُ والذَّامُّ، ورثاه الناسُ بمراثي كثيرة). (19) الفرع الثالث: آثاره العلمية: أَلَّف النووي ـــ رحمه الله ـــ في علومٍ شتى؛ في الحديث الشريف وعلومه، وفي الفقه، وفي اللغة، وفي علوم القرآن، وغيرها من العلوم، ومن هذه المصنفات: أ ــ في الحديث الشريف وعلومه: 1 ــ "المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج". 2 ـــ "رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين". 3 ـــ "الأربعون في مباني الإسلام وقواعد الأحكام". ب ـــ في الفقه: 1 ـــ "روضة الطالبين". 2 ـــ "منهاج الطالبين وعمدة المتقين". 3 ـــ "المجموع شرح المهذب للإمام الشِّيرازي". ج ـــ في اللغة: 1 ـــ "تهذيب الأسماء واللغات". 2 ـــ "التحرير في ألفاظ التنبيه". د ـــ في علوم القرآن: ـــ "التبيان في آداب حملة القرآن". كلام بعض أهل العلم عن عقيدته: قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله : " مثل النووي ، وابن حجر العسقلاني ، وأمثالهم ، من الظلم أن يقال عنهم : إنهم من أهل البدع ، أنا أعرف أنهما من " الأشاعرة " ، لكنهما ما قصدوا مخالفة الكتاب والسنَّة وإنما وهِموا ، وظنُّوا أنما ورثوه من العقيدة الأشعرية : ظنوا شيئين اثنين : أولاً: أن الإمام الأشعري يقول ذلك ، وهو لا يقول ذلك إلاَّ قديماً ؛ لأنه رجع عنه . وثانياً: توهموه صواباً ، وليس بصواب . انتهى من (شريط رقم 666) "من هو الكافر ومن هو المبتدع ". وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله : لقد ظهر بين طلاب العلم اختلاف في تعريف المبتدع ، فقال بعضهم : هو من قال أو فعل البدعة ، ولو لم تقع عليه الحجة ، ومنهم من قال لابد من إقامة الحجة عليه ومنهم من فرَّق بين العالم المجتهد وغيره من الذين أصلوا أصولهم المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة ، وظهر من بعض هذه الأقوال تبديع ابن حجر والنووي ، وعدم الترحم عليهم ؟ فأجاب : " أولاً: لا ينبغي للطلبة المبتدئين وغيرهم من العامة أن يشتغلوا بالتبديع والتفسيق ؛ لأن ذلك أمر خطير وهم ليس عندهم علم ودراية في هذا الموضوع ، وأيضاً هذا يُحدث العداوة والبغضاء بينهم فالواجب عليهم الاشتغال بطلب العلم ، وكف ألسنتهم عما لا فائدة فيه ، بل فيه مضرة عليهم ، وعلى غيرهم . ثانياً: البدعة : ما أحدث في الدين مما ليس منه ؛ لقوله : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) - رواه البخاري - ، وإذا فعل الشيء المخالف جاهلاً : فإنه يعذر بجهله ، ولا يحكم عليه بأنه مبتدع ، لكن ما عمله يعتبر بدعة . ثالثاً: من كان عنده أخطاء اجتهادية تأوَّل فيها غيره ، كابن حجر ، والنووي ، وما قد يقع منهما من تأويل بعض الصفات : لا يُحكم عليه بأنه مبتدع ، ولكن يُقال : هذا الذي حصل منهما خطأ ويرجى لهما المغفرة بما قدماه من خدمة عظيمة لسنَّة رسول الله ، فهما إمامان جليلان ، موثوقان عند أهل العلم "انتهى . "المنتقى من فتاوى الفوزان" (2/211 ، 212) . الكاتب/عبد الرحمن رحال ....................................... (1) ذكر السخاوي ـــ رحمه الله ـــ عن اللخمي ـــ رحمه الله ـــ أن الإمام النووي ـــ رحمه الله ـــ صح عنه أنه كان يكره أن يلقب بهذا اللقب، وكان يقول: ( لا أجعل في حل من لقبني محيي الدين ). ينظر: السخاوي، المنهل العذب الروي، (ص: 12). (2) نسبة إلى نوى، وهي قرية تقع على بعد تسعين كيلومترا (90 كلم) جنوب دمشق، وهي مسقط رأسه. (3) ابن العطار، تحفة الطالبين، (ص: 41). (4) ابن العطار، تحفة الطالبين، (ص: 44). (5) السبكي، طبقات الشافعية الكبرى، (8/396). (6) ينظر: السخاوي، المنهل العذب الروي، (ص16). (7) ينظر: ابن العطار، تحفة الطالبين، (ص46). (8) التنبيه: في فروع الشافعية للشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي الشافعي المتوفى سنة: ستة وسبعين وأربعمائة (476هـ)، وهو أحد الكتب الخمسة المشهورة المتداولة بين الشافعية. (9) المهذب: في الفروع، للشيرازي أيضا، وهو كتاب جليل القدر اعتنى بشأنه فقهاء الشافعية، وشرحه علماء كثيرون، منهم الإمام النووي، بلغ فيه إلى باب الربا. (10) ابن العطار، تحفة الطالبين، (ص47). (11) ابن العطار، تحفة الطالبين، (ص48). (12) ينظر: ابن العطار، تحفة الطالبين، (ص46- 49). (13) ابن العطار، تحفة الطالبين، (ص51). (14) ابن العطار، تحفة الطالبين، (ص53 ــ 57). (15) ابن العطار، تحفة الطالبين، (ص58). (16) السخاوي، المنهل العذب الروي، (ص19). (17) ابن العطار، تحفة الطالبين، (ص: 58 ـــ 59). (18) ينظر: السخاوي، المنهل العذب الروي، (ص38 ـــ 39). السيوطي، المنهاج السوي، (ص51). (19) ابن العطار، تحفة الطالبين، (ص: 96 ـــ 98). الموضوع الأصلي: ترجمة موجزة للإمام النووي رحمه الله || الكاتب: الشـــامـــــخ || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد
المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد jv[lm l,[.m ggYlhl hgk,,d vpli hggi l,[.m hggi hgk,,d jv[lm
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 3 : | |
السليماني, الشـــامـــــخ, خواطر موحدة |
|
|