الزهد فى الدنيا وسبب الخطايا هو ...
لابن القيم رحمه الله .... فى كتابه المتحف عدة الصابرين
قال ...
أما توحيد المطلوب أن لا يتعلق طلبه وارادته بغير الله وما يقرب اليه ويدنى منه وأما توحيده فى الطلب أن يستأصل الطلب والارادة نوازع الشهوات وجواذب الهوى وتسكن الارادة فى أقطار النفس فتملأها فلا يدع فيها فضلا لغير الانجذاب الى جانب الحق جل جلاله فتتمحض الارادة له ومتى تمحضت كان الزهد لصاحبها ضرورة فإنه يفرغه لعمارة وقته وجمع قلبه على ماهو بصدده وقطع مواد طمعه اللاتى هى من أفسد شئ للقلب بل اصل المعاصى والفساد والفجور كله من الطمع فالزهد يقطع مواده ويفرغ البال ويملأ القلب ويستحث الجوارح ويذهب الوحشة التى بين العبد وبين ربه ويجلب الانس به ويقوى الرغبة فى ثوابه إن ضعف عن الرغبة فى قربه والدنو منه وذوق حلاوة معرفته ومحبته فالزاهد أروح
الناس بدنا وقلبا فإن كان زهده وفراغه من الدنيا قوة له فى إرادة الله والدار الآخرة بحيث فرغ قلبه لله وجعل حرصه على التقرب إليه وشحه على وقته أن يضيع منه شئ فى غير ما هو أرضى الله وأحب اليه كان من أنعم الناس عيشا واقرهم عينا وأطيبهم نفسا وأفرحهم قلبا فإن الرغبة فى الدنيا تشتت القلب وتبدد الشمل وتطيل الهم والغم والحزن فهى عذاب حاضر يؤدى الى عذاب منتظر أشد منه وتفوت على العبد من النعم اضعاف ما يروم تحصيله بالرغبه فى الدنيا
وكما أن الرغبة فى الدنيا أصل المعاصىالظاهرة فهى اصل معاصى القلب من التسخط والحسد والكبر والفخر والخيلاء والتكاثر وهذا كله من امتلاء القلب بها لا من كونها فى اليد وامتلاء القلب بها ينافى الشكر ورأس الشكر تفريغ القلب منها وامتداد المال كامتداد العمر والجاه فخيركم فى الدنيا من طال عمره وحسن عمله فهكذا من امتد ماله وكثر به خيره فنعم المرء وماله وجاهه اما أن يرفعه درجات واما أن يضعه درجات