كان للنبي صلوات الله عليه خصوصية في أمر تعدد الزوجات، جازت له قبل سريان حكم التقييد بعدد لا يزيد على أربع لسائر المسلمين، وقد ارتبطت تلك الخصوصية بمصلحة الدعوة في وقتها.
إن الرجل الذي يملك الجزيرة العربية لم يكن ليمد يده لاغتراف الثروة التي تكفي زوجاته، بل كان بيته يشكو قلة المؤونة والزينة.
وكان دخول النساء ببيته شرفا لا يعلوه شرف، وقد جمعت المصاهرة أبا بكر وعمر وعثمان وعليا في رسالة واحدة هي الإسلام.
وكانت كل سيدة من أمهات المؤمنين تأوي إلى البيت الطاهر، اعتصاما من الارتداد والوقوع في أيدي الحاقدين عليها من ذويها، أو لإكرامها عن منزلة دون منزلتها، وكان فيهن العاقر ومن لا مال لها، أو العرض المستكره على أشراف القوم من أندادها.
ولم يحدث أن اختار النبي زوجة واحدة لأنها مليحة أو وسيمة، ولم يبن بعذراء قط إلا التي علم قومه جميعا أنه اختارها لأنها بنت صديقه وصفيه وخليفته من بعده: أبي بكر الصديق . [الموسوعة الإسلامية لعباس العقاد]
رغم الغيرة كشعور طبيعي عند المرأة، لكن ليس من بين أزواجه ، من دخلت بيته وفي حسابها أن تنفرد به، فقد كانت مسألة التعدد تبدو طبيعية في حسابها أن تنفرد به، إلى حد يسهل علينا تصوره، لو ذكرنا أن "خولة بنت حكيم" اقترحت على المصطفى أن يخطب عائشة بنت أبي بكر وسودة بنت زمعة، في وقت واحد، وأن أم المؤمنين "ميمونة بنت الحارث" هي التي عرضت أن يتزوجها المصطفى وفي بيته ثماني زوجات.
ولو خيرت زوجات الرسول بين حياتهن تلك المشتركة في بيت واحد، ومع زوج واحد، وبين حياة أخرى منفردة في غير ذلك البيت، لما رضين عن حياتهن بديلًا.