|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
04-09-24, 08:29 PM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت المهتدون إلى الإسلام ومنهج الحق
بسم الله الرحمن الرحيم
قصة تحولي من مذهب الإباضية ، إلى مذهب أهل الحق أهل السنة والجماعة الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد : فهذه قصة رجوعي من مذهب الإباضية ، إلى مذهب أهل الحق ، وطريقة أهل الاستقامة ، وقد سبق لي أن ذكرت شيئا من هذا في السبلة الإباضية ، ولكن تعجل بعض من هناك بالتكذيب ، وكأنهم لا يعلمون أن كثيرا من الإباضية في عمان وخارجها قد تركوا مذهب آبائهم إلى مذهب أهل السنة والجماعة ، وهذا أمر معلوم لكل من يعيش في عمان تقريبا ، بل لا أظن أحدا من أهل عمان إلا ويعرف واحدا أو أكثر ممن ترك المذهب الإباضي ورجع إلى مذهب الحق ، ثم إن الله – عز وجل – أراد أن يكشف تسرع أولئك المكذبين ، فدخل السبلة بعض من يعرفني شخصيا ، وهو من الإباضية ، فصرح بأني كنت إباضيا ، ثم رجعت إلى مذهب أهل السنة والجماعة ، فالحمد لله أن جعل لي من يصدقني . على أية حال ، فليس المراد من سياق هذه القصة أن يصدق الناس أني كنت إباضيا أولا ، ولكن المراد أن يطلع المنصف على السبب الذي جعلني أترك مذهب الآباء والأجداد ، لعله إن سلك طريقي أن يصل إلى نفس القناعة التي وصلت إليها . وأول ذلك أني كنت يوما من الأيام أصلي في مسجد حينا على الهيئة الإباضية ، فجاءني رجل من أهل المسجد وقال : " يا أخي لم لا تكبر تكبيرة الإحرام ، فالصلاة لا تصح إلا بتكبيرة الإحرام " ، طبعا أنا كنت أكبر تكبيرة الإحرام ، لكني لم أكن أرفع يدي مع التكبير لأن هذا هو المذهب الإباضي ، مع أن أحاديث الرفع كثيرة وكثيرة جدا ، منها في الصحيحين وغيرها ، بل هي متواترة ، على أية حال قلت له : " بل أنا أكبر تكبيرة الإحرام ، ولكن سرا " ، فقال لي : " إذن لا أراك ترفع يديك ! " ، قلت له : " نحن الإباضية لا نرفع أيدينا في تكبيرة الإحرام " ، وظننت أن هذا الجواب كاف له ليتركني وشأني ، ولكنه قال : " أنت إباضي ! " ، قلت : " نعم " ، قال : " لا يمكن أن أتركك على هذا المذهب ، هذا من المذاهب الضالة " ، فكبرت هذه الكلمة عليَ ، واستعظمتها جدا ، ولذلك ينبغي الرفق في الدعوة ، خاصة مع الذين لا يعلمون شيئا فذكر لي كلاما يستدل به على ذلك ، لكني لا أذكر منه شيئا الآن ، لأني لم أكن أفهم ما يقول ، على أية حال ، أحدث هذا عندي شكا ، فلما ذهبت إلى عمان جئت أحد أخوالي فقصصت له ما سبق ، فأعطاني كتاب الحق الدامغ ، ولكني أيضا لم أفهم منه شيئا ، لأنه كان فوق المستوى ، ولكن رأى أحد طلبة العلم عندي الكتاب ، فأخذه وقرأه ، ثم أعطاني محاضرة حوله ، لكني أيضا لم أفهم شيئا ، لأن ذلك كله كان فوق المستوى ، وفي هذا فائدة مهمة للداعية ، وهي أن يحدث الناس على قدر عقولهم ، لأن المراد هداية الناس ، فلو كلم الناس بما لا يفهمونه لم يستفد الناس من فعله شيئا . ثم إني في أحد سفراتي إلى عمان جلست مع خال لي فسألته عن الخلاف بين أهل السنة والإباضية ، حيث كنت أظن سابقا أن الخلاف إنما هو في الصلاة فقط ، الإباضية يسدلون أيديهم وأهل السنة يكفتونها ، يضعونها على صدورهم ، فأعلمني أن الخلاف أوسع من ذلك ، وأن أهل السنة مشبهة ، فقلت له : " وما معنى مشبهة ؟ " ، قال : " أي أنهم يشبهون الله بعباده ، فيقولون : الله له يد كيد البشر " ، فاستعظمت هذا ورأيت أن مذهب أهل السنة من أبطل ما يكون ، وطبعا فرحت بهذا من قرارة نفسي ، لأني كنت أريد أن يكون الإباضية هم على الحق ، لأنه المذهب الذي ولدت عليه ، والذي رأيت كل أهلي عليه ، بل كنت إذا جاءنا ضيف فصلى على مذهب أهل السنة استنكرت فعله جدا ، فذهبت إلى أهل السنة ، وعرضت على أحد طلبة العلم ما علمته من خالي ، وقلت له : " أنتم مشبهة ، لأنكم تقولون : إن لله يدا كأيدي الناس " ، فقال لي : " أعوذ بالله ، بل نحن نقول : الله له يد تليق به ، كما أن للمخلوق يدا تليق به " ، ثم طرح علي هذا السؤال : " هل الله يسمع ؟ " ، قلت : " نعم " ، قال : " يسمع كسمعنا ؟ " قلت له : " لا " قال : " كذلك الله له يد لا كأيدنا " ، وأعطاني الدليل على ذلك وهو قوله تعالى : " بل يداه مبسوطتان " ، وقوله تعالى لإبليس : " ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي " . فاطمأنت نفسي لذلك جدا ، ووقع كلامه في قلبي موقعا عظيما ، ورأيت أنه كلام سلس مفهوم واضح موافق للفطرة ، فقنعت به ، وصرت من يومها أصلي على مذهب أهل السنة ، ثم إني ذهبت إلى عمان مرة أخرى ، فقلت لخالي : " أهل السنة ليسوا مشبهة ، بل يقولون : الله له صفات تليق به ، كما أن للمخلوق صفات تليق به ، وصفة الله لا تشبه صفة المخلوق " ، فلم يعرف ما يقول ، لأنه كان مبتدئا في العلم ، ولكنه حول مجرى الكلام فقال : " هل تعلم أن ابن تيمية يقول : إن الله يستوي على جناح بعوضة ؟ " ، فقلت : له : " وما معنى يستوي ؟ " ، قال : " يجلس " ، قلت : " ومن ابن تيمية هذا ؟ " ، قال : " عالم من علماء السنة " ، فانقدح في نفسي أن هذا الرجل يتبرأ منه أهل السنة ، لأنه لا يمكن لأحد أن يقبل مثل هذه المقولة ، فرجعت إلى طلاب العلم من أهل السنة فسألتهم عن ذلك ، فقال لي أحدهم : " ليس بصحيح ، ابن تيمية لا يقول ذلك ، ومن زعم أن ابن تيمية يقوله فليأت بكلامه " ، وفهمني أن ابن تيمية إمام عظيم ، وأن العلماء اتفقوا على توثيقه [ طبعا إلا من شذ ] ، ثم إني بعد أن قرأت كتب ابن تيمية عرفت أصل المسألة ، وهو أن ابن تيمية نقل عن عثمان بن سعيد الدارمي في رده على المريسي أنه – أي المريسي – أنكر أن يكون الله فوق العرش ، فقال الدارمي : " ولو قد شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته " [ انظر نقض تأسيس الجهمية (1/568) ] ، وهذا أولا : ليس من كلام ابن تيمية ، بل نقله عن الدارمي ، وثانيا : هذا من باب فرض ما لم يكن ، كقوله تعالى : " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " ، وكقوله : " ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض " ، وكقوله : " قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين " ، ونحوها من الآيات ، فكل هذا من باب التنزل وفرض المستحيل ، فهذا كما ترى ليس فيه غضاضة على الإطلاق ، والله قد استوى على العرش وهو مخلوق من مخلوقاته جل وعلا ، فهو لا يسأل عما يفعل وهم يسألون . على أية حال هذه كان بداية سلسة كذبات سمعتها على هذا الإمام العظيم ، ليس من خالي ، إنما من غيره فيما بعد ، وكثير منها تولى كبرها بعض من يكتب في السبلة العمانية ، وفي النية إن يسر الله أن أجمع بعض ذلك وأرد عليه ، ذبا عن عرض هذا الإمام العظيم ، فيعلم الله كم له من فضل علي خاصة ، وعلى المسلمين عامة ، اللهم اجزه عنا خير الجزاء ، اللهم اجمعنا به في دار كرامتك . بعد ذلك ما زلت أتردد بين الفريقين ، فأسمع حجة هؤلاء ، وحجة هؤلاء ، ثم أقارن ، وأذكر أن من الأمور التي استوقفتني مسألة نزول الرب – عز وجل – إلى السماء الدنيا ، فإن خالي قال لي مرة : " إن أهل السنة يثبتون أن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا " ، وكنت قد حضرت محاضرة لأحد أهل السنة تكلم فيها عن هذه المسألة ، ووضح أنهم يؤمنون بأن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا ، وأن هذا هو نص كلام النبي – – كما ثبت في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة – - أن رسول الله - - قال : " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، يقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له " . فقلت لخالي : " نعم أهل السنة يثبتون ذلك على ما جاء به الحديث " ، فقال لي : " ولكن قال الشيخ أحمد الخليلي : إن ثلث الليل يدور حول العالم ، فحين ينتهي ثلث من منطقة يذهب إلى التي تليها من جهة الغرب ، وهكذا ، فثلث الليل لا يزال حول العالم يدور ، فهل معنى هذا أن الله يبقى نازلا إلى الأبد ؟ " فرأيت أن هذا الدليل قوي جدا ، ولم أستطع الانفكاك عنه ، فغيرت مذهبي على الفور إلى مذهب الإباضية ، وصرت أصلي مسبلا يدي ، وصرت على يقين أن هذا الدليل لا مدفع له ، وشعرت حينها أني قوي ، كالجندي الذي معه سلاح يجزم أن عدوه لا يمكنه أن يمتلك سلاحا يقاومه ، فصرت كلما لقيت أحدا شرحت له هذا الدليل الذي وصلني من قبل الخليلي ، من شدة فرحي بما سمعت . حتى قابلت مرة أحد أهل السنة العوام فأخبرته بما قاله الخليلي ، فقال : " أنا لا أعرف الجواب ، ولكن سآخذك إلى من هو أعلم مني " ، فقلت : " نعم " ، وكنت على يقين أنه سيفاجأ بهذا الجواب ، وكنت أظن أن هذه الحجة من عند الخليلي لم يسبقه إليها أحد ، فلما ذهبنا عند الرجل ، وكان من طلبة العلم الحريصين ، شرح له صاحبي المسألة ، وسمع الرجل الدليل مني ، إلا أنه فاجأني بأن قال : " هذه شبهة قديمة معروفة ، وقد أجاب عليها الشيخ ابن عثيمين في فتاواه ، وسأهديك منها نسخة " ، وواعدني أن آتيه بالغد ، وفي اليوم التالي حضر إلى المسجد فعلا ، وأعطاني نسخة من فتاوى الشيخ ابن عثيمين ، وكتبا أخرى ، ويعلم الله ، كم كانت فرحتي بتلك الهدية ، وهذه لفتة مهمة إلى الدعاة ، فإن النبي – – قال : " تهادوا تحابوا " ، فكم أثرت هديته في نفسي ، ولما شعرت أنها تخصني زاد اهتمامي بالكتاب ، وكنت أول مرة أسمع فيها بالشيخ ابن عثيمين ، فأراني الرجل مكان الفتوى المطلوبة ، ثم قال لي : " اقرأ الكتاب فسيفيدك جدا " ، وفعلا قرأت الكتاب من أوله إلى آخره ، واستفدت منه أمورا عظيمة ، منها : تعريف أهل السنة والجماعة ، ومنها : تقسيم التوحيد ومعاني كل قسم ، ومنها : طريقة أهل السنة في الإثبات ، والأدلة على ذلك ، وأنهم غير مشبهة ، بل ينكرون على المشبهة ، ومنها : تحريم التصوير ، وأنه وسيلة إلى الشرك ، ومنها : تحريم البناء على القبور ، والغلو فيها ، إلى غير ذلك من الفوائد العظيمة ، ومما كان يزيدني اهتماما بالكتاب تمكن صاحبه ، وسهولة عبارته ، وقوة أدلته ، ولم أكن أتصور حينها أن يقدر الله لي التتلمذ علي يدي هذا الرجل العظيم ، وأني سأكون ممن يجلس في حلقاته ، ويسمع منه مباشرة ، ولكن لله على عباده ألطاف كثيرة ، ويعلم الله أني من يومها لم أحب عالما من العلماء الذين التقيت بهم كما أحببت ذلك الشيخ العظيم ، الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله رحمة واسعة - . وهنا لفتة مهمة أيضا إلى الدعاة : وهي أن نشر كتب أمثال هؤلاء العلماء فيه من الخير الشيء الكثير ، وخاصة كتب الفتاوى ، لأنها تتناول أسئلة الناس التي تدور بينهم ، والتي يكثر السؤال عنها ، ولأنها تراعي مستوى العوام ، أو المبتدئين ، وفيها تعليق الناس بأهل العلم الكبار ، فيعلم الله كم لذلك الرجل الذي أعطاني كتاب الشيخ ابن عثيمين من فضل علي بما أهداني . والمقصود ، أني قرأت فتوى الشيخ حول الشبهة المذكورة ، وإليكم نص السؤال ، وجوابه : جاء في مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (1/102) سؤال رقم (102) ما نصه : " سئل الشيخ – أعلى الله درجته في الهديين - : من المعلوم أن الليل يدور على الكرة الأرضية ، والله – عز وجل – يزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فمقتضى ضلك أن يكون كل الليل في السماء الدنيا ، فما الجواب عن ذلك ؟ فأجاب بقوله : الواجب علينا أن نؤمن بما وصف الله وسمى به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله – – من غير تحرف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل ، فالتحريف في النصوص ، والتعطيل في المعتقد ، والتكييف في الصفة ، والتمثيل أيضا في الصفة ، إلا أنه أخص من التكييف ؛ لأنه تكييف مقيد بمماثلة ، فيجب أن تبرأ عقيدتنا من هذه المحاذير الأربعة ، ويجب على الإنسان أن يمنع نفسه عن السؤال بـ ( لم ) ؟ وكيف ؟ فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته ، وكذا يمنع نفسه عن التفكير في الكيفية ، وهذا الطريق إذا سلكه الإنسان استراح كثيرا ، وهذه حال السلف – رحمهم الله - ، ولهذا جاء رجل إلى مالك بن أنس – رحمه الله – قال : يا أبا عبد الله " الرحمن على العرش استوى " ، كيف استوى ؟ ، فأطرق برأسه وعلته الرحضاء ، وقال : " الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا مبتدعا " ، وهذا الذي يقول : إن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة ، فيلزم من هذا أن يكون كل الليل في السماء الدينا ؛ لأن الليل يدور على جميع الأرض ، فالثلث ينتقل من هذا المكان إلى هذا المكان الآخر ؟ . جوابنا عليه أن نقول : هذا سؤال لم يسأله الصحابة – رضوان الله عليهم - ، ولو كان هذا يرد على قلب المؤمن المستسلم لبينه الله ورسوله – - ، ونقول : ما دام ثلث الليل الأخير في هذه الجهة باقيا فالنزول فيها محقق ، ومتى انتهى الليل انتفى النزول ، ونحن لا ندرك كيفية نزول الله ، ولا نحيط به علما ، ونعلم أنه سبحانه ليس كمثله شيء ، وعلينا أن نستسلم ، وأن نقول : سمعنا ، وآمنا ، واتبعنا ، وأطعنا ، هذه وظيفتنا " اهـ . وهذا الجواب كاف شاف كما ترى ، فالله – عز وجل – أخبرنا على لسان نبيه ، أنه ينزل في الثلث الأخير من الليل ، فنحن نؤمن بهذا ، فأينما كان الثلث الأخير فهنالك النزول ، ثم إنه من المتفق عليه بيننا وبين الإباضية أنه لا ينبغي للإنسان أن يخوض في صفات الله – عز وجل – بالتفكير ، والتكييف ، بل ينبغي عليه أن يكف عن هذا ، فما بال علماء الإباضية يعرضون مثل هذه الشبه ، مع أننا جميعا متفقون أنه ينبغي عدم الخوض فيها ؟!! على أية حال عرفت حينها أن أهل السنة يقولون إزاء النصوص : سمعنا وأطعنا ، فإذا لم تتقبل عقولهم شيء اتهموها ، وآمنوا بالنص ، ولم يردوا النص لأجل شيء يقوم في عقولهم ، وأن هذه الطريقة أسلم ، وأحكم ، وأعلم ، وهي طريقة الصحابة ، ومن بعدهم من علماء الأمة ، ومن سلكها نجا ، ومن تنكبها هلك ، فلو عرضنا نصوص الكتاب والسنة على عقولنا لرددنا الكثير مما لا يقبله عقل كثير من الناس ، والواجب عدم معارضة النصوص إذا ثبتت . ومن يومها استفدت درسا عظيما ، وهو التسليم لكتاب الله ، وسنة رسوله - عليه الصلاة والسلام - ، وعدم الاعتراض عليهما ، فصار عندي قناعة تامة بمذهب أهل السنة في صفات الله – عز و جل - ، وذلك بفضل قراءتي لفتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى - . ورجعت بعدها أصلي صلاة أهل السنة ، أكفت يدي ، كما يكفتون . بعدها تزايد حضوري لحلقات طلاب العلم من أهل السنة والجماعة عندنا في الإمارات ، وصرت أواظب على الدروس في أيام معينة من الأسبوع ، فدرست كتاب الأصول الثلاثة ، وبعض كتاب التوحيد ، كلاهما للشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله - ، وحضرت بعض حلقات العقيدة ، وأظن أنها كانت حول كتاب العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية ، فعرفت الكثير من مبادئ أهل السنة والجماعة في الصفات ، ومن القواعد المفيدة التي درستها : ( أن القول في الصفات كالقول في الذات ) ، فالصفات تابعة للذات ، فمن أثبت لله ذاتا لا تشبه الذوات فليثبت له صفات لا تشبه الصفات ، فلله – عز وجل – يد لا كيدنا ، وله وجه لا كوجهنا ، وله سمع لا كسمعنا ، وله بصر لا كبصرنا ، وله علم لا كعلمنا ، وله عزة لا كعزتنا ، كما أن له ذاتا ليست كذواتنا ، كل ذلك سواء . ومن القواعد المفيدة التي درستها : ( أن كل معطل مشبه ) ، فكل من عطل صفة من صفات الله إنما عطلها لأنه فهم منها التشبيه ، ولو أنه ما فهم التشبيه من تلك الصفة لأثبتها ، فهو حين يقرأ قوله تعالى : " ما منعك أن تسجد لما خلقت يدي " ، يفهم أن هاتين اليدين كيدي المخلوق ، فلأجل هذا يضطر إلى أن يؤول ، ويقول : ليست اليد هنا على معناها الحقيقي ، بل هي بمعنى المباشرة ، أو بمعنى القوة ، أو غير ذلك من المعاني ، والذي جعله يتؤل الآية أنه فهم منها التشبيه ، وليس كذلك ، فليس الأمر على ما ذكر ، بل القرآن ليس ظاهره تشبها ، حاشا وكلا ، قال نعيم بن حماد الخزاعى شيخ البخارى : " من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيها " . على أية حال : كانت هذه المرحلة مرحلة تعلم لمبادئ أهل السنة والجماعة عموما ، ولعقيدتهم في الصفات خصوصا . فكنت إذا ذهبت إلى عمان عند أخوالي أناقشهم في بعض ما تعلمته يعجزون عن مجاراتي ، لأنهم لم يكونوا بدرجة عالية من الدراية بمذهبهم ، وهذا زادني تثبيتا على ما أنا عليه . ثم إنني ذهبت مرة لزيارة أحد طلاب العلم من أهل السنة والجماعة ، فذكرت له قصتي ، وبعض ما كان يجري بيني وبين أخوالي وغيرهم من أهلي ، وقلت له : " أريد أن أذهب إلى الشيخ أحمد الخليلي " ، لعلي أجد عنده شيئا زائدا ، فنصحني ألا أذهب إليه ، ولكني لم أقنع بكلامه ، لأني كنت أرى أنه من تمام الإنصاف أن أسمع حججهم كاملة ، ثم في نهاية المجلس أعارني كتابا نفيسا بعنوان : " إثبات علو الرحمن ، من قول فرعون لهامان " ، لأسامة القصاص ، وهو كتاب نفيس في بابه ، فزدت قناعة بما توصلت إليه من الحق ، والحمد لله . ثم إنه لم يتيسر لي أن أذهب إلى الشيخ أحمد الخليلي – مفتي عمان - ، ولكني كنت أقرأ بعض كتب الإباضية كلما ذهبت إلى عمان ، وأذكر أني كنت إذا أمسكت بكتاب من كتبهم أقول قبل أن أفتحه : " اللهم إن كان الحق في هذا الكتاب فأرني إياه " ، ولكني لم أكن أرى إلا ما يزيد ثقتي بصدق مذهب أهل السنة والجماعة . كل ذلك كان وأنا في مرحلة الثانوية العامة ، وما بعدها بقليل ، وبعد مرحلة الثانوية العامة صرت على مفترق الطرق ، إما أن أذهب إلى إحدى شركات الطيران لأدرس وأتخرج طيارا ، وإما أن أذهب إلى الجامعة الإسلامية ، ولله الحمد قبلت في الجامعة الإسلامية قبل استدعائي إلى معهد الطيران للدراسة ، فلما بدأت بالجامعة ودخل حبها قلبي استدعيت للطيران ، ولكن هيهات وقد تعلق القلب بالمدينة النبوية ، ومسجدها ، وجامعتها ، فلم أبغ بذلك بدلا ، ولله الحمد . مع أن قلبي كان أميل إلى الذهاب للطيران قبل ذلك ، بل كنت أعد ذهابي للجامعة الإسلامية لما ذهبت استغلال وقت فراغ قبل أن أحزم حقائبي وأتوجه إلى الطيران ، ولكن أعان الله بكرمه ، ولطف رحمته بأن نشبت بالجامعة ، فلم أبغ بها بدلا ، ولله الحمد والمنة . وفي الجامعة الإسلامية حصل لي تحول كبير في حياتي ، فهنالك عاشرت علماء أهل السنة ، وتعلمت منهم ، ونهلت من آدابهم ، وكان أخي في الإمارات إذا أشكل عليه شيء كلمني في الهاتف، وسألت له العلماء عن إشكاله فكشفوه لي ، وأذكر أن من أول الإشكالات التي عرضت علي هناك مسألة الحد وإثباتها لله – عز وجل - ، فسألت عنها العلماء ، فكان أول من سألت من أهل العلم الشيخ : ( محمد أمان الجامي – رحمه الله - ) وكان متخصصا في العقيدة ، وكنا قد انتهينا لتونا من صلاة الفجر في المسجد النبوي الشريف ، وكانت للشيخ حلقة في العقيدة بعد صلاة الفجر ، فسألته قبل أن يجلس على كرسيه ، قلت : " يا شيخ هل أهل السنة يثبتون الحد لله – عز وجل - ؟ " ، فقال : " وما الذي تعنيه بالحد ؟ " ، فارتبكت ، فلما رأى مني الارتباك قال لي : " يا ولدي ! اذهب وادرس العقيدة " ، وأمرني أن أركز على الأصول وأن لا أهتم بالمسائل العارضة الآن ، فانصرفت من عنده مهموما ؛ لأني كنت أريد الجواب حالا ، ولكني عرفت أن تلك الكلمة من الشيخ أراد بها أن يربيني ، وخاصة لما رأى عدم فقهي للسؤال الذي سألت عنه ، فما فائدة جواب لإنسان لا يدري معنى السؤال الذي يسأله ؟ ، ولكني لم أدرك ذلك في حينه ، فما زلت أفتش حتى علمت قاعدة أهل السنة في مثل هذا ، وهو ما ذكره ابن أبي العز الحنفي في شرحه للعقيدة الطحاوية (ص218، ط . المكتب الإسلامي ، تخريج الألباني ) قال – عند شرحه لقول الطحاوي : " وتعالى عن الحدود والغايات " - : " أن الناس في إطلاق مثل هذه الألفاظ ثلاثة أقوال : فطائفة تنفيها ، وطائفة تثبتها ، وطائفة تفصل ، وهم المتبعون للسلف ، فلا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا تبين ما أثبت بها فهو ثابت ، وما نفي بها فهو منفي ؛ لأن المتأخرين قد صارت هذه الألفاظ في اصطلاحهم فيها إحمال وإبهام ، كغيرها من الألفاظ الاصطلاحية ، فليس كلهم يستعملها في نفس معناها اللغوي ، ولهذا كان النفاة ينفون بها حقا وباطلا ، ويذكرون عن مثبتيها مالا يقولون به ، وبعض المثبتين لها يدخل لها معنى باطلا مخالفا لقول السلف ، ولما دل عليه الكتاب والميزان ، ولم يرد نص من الكتاب ولا من السنة بنفيها ولا إثباتها ، وليس لنا أن نصف الله تعالى بما لم يصف به نفسه ، ولا وصفه به رسوله نفيا ولا إثباتا ، وإنما نحن متبعون لا مبتدعون ، فالواجب أن يُنظر في هذا الباب – أعني باب الصفات – فما أثبته الله ورسوله أثبتناه ، وما نفاه الله ورسوله نفيناه ، والألفاظ التي ورد بها النص يُعتصم بها في الإثبات والنفي ، فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني ، وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا إثباتها فلا تطلق حتى يُنظر في مقصود قائلها ، فإن كان معنى صحيحا قبل ، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص ، دون الألفاظ المجملة ، إلا عند الحاجة مع قرائن تبين المراد ، والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها ، ونحو ذلك " اهـ كلامه رحمه الله . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – [ مجموع الفتاوى (3/308) ] : " والسلف والأئمة الذين ذموا وبدعوا الكلام في الجوهر ، والجسم ، والعرض تضمن كلامهم ذم من يُدخل المعاني التي يقصدها هؤلاء بهذه الألفاظ في أصول الدين ، في دلائله وفي مسائله نفيا وإثباتا ، فأما إذا عرف المعاني الصحيحة الثابتة بالكتاب والسنة ، وعبر عنها لمن يفهم بهذه الألفاظ ؛ ليتبين ما وافق الحق من معاني هؤلاء وما خالفه ؛ فهذا عظيم المنفعة ، وهو من الحكم بالكتاب بين الناس فيما اختلفوا فيه " اهـ كلامه – رحمه الله - . فلفظة الحد كما ترى ليست من الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة ، فيُستفصل فيها ، فإن كان مراد قائلها حقا فإن الحق يقبل ، ولكن الأولى التعبير به تعبيرا شرعيا ، وإن كان مراد قائلها أمرا باطلا فإنها ترد ، فإن أراد بالحد أن الله مستو على عرشه ، بائن من خلقه ، منفصل عنهم ، كان كلامه حقا ، وإن أراد بالحد أن الله محدود ، وأنه محشور في مكان يحده ، فهذا باطل ولا شك ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، وما أحسن ما نقله الذهبي في السير في ترجمة أبي القاسم التيمي [ السير (20/85) ] قال : " سئل أبو القاسم التيمي - رحمه الله - هل يجوز أن يقال لله حد أو لا ؟ ، وهل جرى هذا الخلاف في السلف ؟ فأجاب : هذه مسألة أستعفي من الجواب عنها لغموضها وقلة وقوفي على غرض السائل منها ، لكني أشير إلى بعض ما بلغني ، تكلَّم أهل الحقائق في تفسير الحد بعبارات مختلفة محصولها : أن حد كل شيء موضع بينونته عن غيره ، فإن كان غرض القائل ليس لله حد : ( لا يحيط علم الحقائق به ) ، فهو مصيب ، وإن كان غرضه بذلك : ( لا يحيط علمه تعالى بنفسه ) ، فهو ضال ، أو كان غرضه أن الله بذاته في كل مكان فهو أيضا ضال . قلت [ والقائل هو الذهبي ] : الصواب الكف عن إطلاق ذلك ؛ إذ لم يأت فيه نص ، ولو فرضنا أن المعنى صحيح ، فليس لنا أن نتفوه بشيء لم يأذن به الله خوفا من أن يدخل القلب شيء من البدعة ، اللهم احفظ علينا إيماننا " اهـ . وهذا كما ترى أمر واضح جلي ، وحقا : " إنما شفاء العي السؤال " . وهكذا استمرت الفوائد تنهال علي من علماء أهل السنة في المدينة ، ومن طلابها ، وأذكر ذات مرة أني قابلت رجلا من أهل عمان إباضيا يصلي في المسجد النبوي الشريف ، فتعرفت عليه ، وتعرف علي ، فلما عرف أني سني جرى بيني وبينه حوار حول استواء الله على العرش ، فقلت له : " يا أخي الكريم الاستواء بمعنى الارتفاع والعلو ، كما قال تعالى : " وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون ، لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه ... " ، وقوله تعالى عن سفينة نوح : " واستوت على الجودي " ، فالاستواء العلو والاستقرار ، والله يقول في سبع مواضع من القرآن إنه استوى على العرش منها قوله تعالى : " الرحمن على العرش استوى " ، وقوله : " ... ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا " ، ويثبت أنه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض " يدبر الأمر من السماء إلى الأرض في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون " ، وأذكر أني استوقفته عند هذه الآية ، فقلت له تأمل سياق الآيات في سورة السجدة ، وشدة وضوحها على استواء الله – عز وجل - ، ففتحت معه المصحف – لأني لم أكن أحفظها – وقرأتها عليه ، يقول تعالى : " الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون ، يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون " . فقلت له : تأمل هذه الآيات كيف هي صريحة في إثبات علو الله ، واستوائه على عرشه ، ففي أولها أثبت لنفسه الاستواء على العرش ، ثم أخبر أنه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ، ثم أخبر أن الأمر يرفع إليه ، فإن كانت هذه الآية يجوز أن يسلط عليها التأويل فليست هناك آية لا يمكن أن تأول ، وعلى هذا يعود القرآن كله مؤولا ، وعليه فلا يستفاد الهدى منه ، بل يتوقف استفادة الهدى من القرآن على أقوال الناس من المشايخ المتبوعين ، ثم الله قد وصف قرآنه بأنه مبين ، كما قال تعالى : " والكتاب المبين " ، وقال : " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر " ، فالقرآن ميسر ، والذي يقول : إن هذه الآيات على خلاف ظاهرها – مع أنها نص في علو الله ، واستوائه – فهذا يزعم أن القرآن غير مبين . واستطرادا هنا أقول : إن الشيخ أحمد الخليلي اشتد نكيره على عبد الرحيم الطحان لما قال : " لا قرآن بلا سنة " ، مع أنه يقصد أن من أخذ القرآن وترك السنة فإنه يضل ، وسياق كلامه كله في هذا المعنى ، فأنكر الشيخ أحمد عليه ، وساق في إنكاره عليه الآيتين التين ذكرت وأمثالها من الآيات التي تدل على أن القرآن فيه الهدى ، وقوله حق لا مرية فيه ، ولكن العجب أنه أيد قول الباحثة التي قدم لرسالتها الموسومة بـ " رؤية الله بين المثبتين والنافين " حيث تقول المؤلفة في (ص26) : " وقد يقول قائل : إنه إذا كان الله تعالى غير مستقر على العرش ، وغير جسمه [ هكذا ] فما معنى الآيات ، والأحاديث التي جاءت في القرآن الكريم ، وعلى لسان سيدنا محمد – – والتي ظاهرها يوهم ذلك ؟ ولعل أبلغ رد على هذا السؤال أن نقول : إن المقصود من ذكر هذه الآيات والأحاديث هو الامتحان ، والاختبار ، هل يفهمها الناس على حقيقتها فيقعون في تشبيه الله بالحوادث فيضلون بذلك ، أو يفهمونها بما يتفق مع النصوص الصريحة الدالة على أن الله منزه عن صفات الحوادث ، وأنه ليس كمثله شيء ، ومع دلالة العقل السليم على أن الله وهو القديم الباقي لو اتصف بالحادث يكون حادثا ، لأن الحادث له أول ، والقديم لا أول له ... " الخ كلامها . وهذا يدل على أن الإباضية يرون أن أكثر آيات القرآن يدل ظاهرها على الضلال ، لأنك لا تكاد تمر على آية من آيات القرآن إلا وفيها صفة من صفات الله ، بل القرآن كله كلام الله ، فإذا كان أكثر أو كثير من آيات القرآن يدل ظاهرها على الضلال فهل يجوز أن يوصف مع هذا بأنه مبين ؟ ثم إن كنا نحتاج إلى تأويل تلكم الآيات الكثيرة فمن يؤلها لنا ؟ لا شك أنهم المشايخ – أعني مشائخ الإباضية – وعلى هذا فلا يؤخذ الهدى من القرآن ، إنما يؤخذ من المشائخ ، فلم ينكر الخليلي إذا على من قال : " لا قرآن بلا سنة " ، وهو أحسن حالا ممن يدل كلامه على أنه ( لا قرآن بلا قول المشائخ ) ؟ . كل هذا استطراد ، ولنرجع إلى صاحبنا ، فإني لما سقت له الآيات التي تدل على العلو ، لم يجد لها مدفعا ، قال لي " أنا لا أسلم بهذا الكلام ، ولا أقول : إن الله فوق السماء " ، قلت له : فأين الله ؟ ، قال : " في كل مكان " ، وهو يظن أن هذه عقيدة الإباضية ، وليست كذلك ، بل عقيدتهم أن الله ليس داخل العالم ولا خارجه ، ولكنه اعتقدها لأنه يظن أنها عقيدة الآباء ، وليس معه في ذلك دليل ، وهذا من العجب !!، أن يتعصب الإنسان لشيء لا دليل عليه ، وهذا حال أكثر الإباضية ، بل أكثر البشر إنما يتعصبون لما ألفوه ، ولما أخذوه من آبائهم ، وإن لم يكن معهم دليل ، وأذكر مرة أن أحد أخوال كان يظن أن أهل السنة يقولون : " إن الله في كل مكان " ، وأن الإباضية يقولون : " إن الله فوق السماء " ، فأنكر علي اعتقادي أن الله في كل مكان ، فقلت له : " أهل السنة لا يعتقدون أن الله في كل مكان ، بل يعتقدون أن الله فوق السماء " ، فقال : " لا ، أنتم تعتقدون أن الله في كل مكان " ، قلت له : " نحن نرد هذه العقيدة " ، فلما تأكد أننا نعتقد أن الله فوق السماء ، وأن الإباضية لا يعتقدون ذلك غير عقيدته على الفور ، وقال لي : " نعم الله في كل مكان ، وهذا هو الحق " ، قلت له : " قبل قليل كنت تقول خلاف هذا " ، قال : " كنت أظنها عقيدة الإباضية " . وهذا حال أكثر الناس ، مجرد أن يعرف أن عقيدتهم كذا يسارع إلى الدفاع عنها من غير بينة ، والله المستعان . نعود إلى صاحبنا الإباضي ، قال لي : " إن الله في كل مكان " ، فقلت له : " هل تعتقد أن الله في الحمام ؟!! " – تعالى الله عما يقول الله الظالمون علوا كبيرا - . فسكت هنيهة ثم قال – كالمعترض على كلامي – : " إن لم يكن الله في الحمام فإني سأذهب إلى الحمام وأشرب الخمر " . فقلت له : " هداك الله ، إن الله فوق سماواته ، مستو على عرشه ، ومع ذلك قريب من خلقه ، يعلم كل ما يكون على الأرض ، ولأجل هذا يقرن الله – عز وجل – دائما علوه بالعلم ، قال تعالى : " الرحمن على العرش استوى ، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى " ، وقال تعالى : " هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير " ، ومثلها قوله تعالى : " هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم " ، فقرن بين اسمه الظاهر وبين اسمه الباطن ، وقد فسر النبي – – معنى الظاهر بقوله : " أنت الظاهر فليس فوقك شيء " ، وفسر معنى الباطن بقوله : " أنت الباطن فليس دونك شيء " ، أي فليس أقرب منك شيء ، فالله قريب في علوه ، بمعنى أنه يعلم كل شيء مع علوه " . فلما سمع هذا مني لم يحر الرجل جوابا ، [ طبعا أنا أسوق ما جرى بيني وبين الرجل بالمعنى ، وإلا فهذه القصة قد مر عليها ما يقارب العشر سنين ] . فقال لي : " أنا لا أعرف الرد عليك ، ولكن معنا شيخ في الحملة لو تأتي وتكلمه " ، فقلت له : " إنني مشغول والله ، وكانت الأيام أيام امتحانات " ، ومع إصراره خفت أن يظن أنني أتهرب فذهبت معه إلى مقر سكنه ، وهناك التقيت بالشيخ المذكور ، فبدأ الحديث وتكلم بكلام لا أذكره الآن ، وأظنه كان يعظ القوم ، ولكنه أثناء كلامه أنكر سنة المسح على الخفين إلا في السفر ، فقلت له : قد ثبتت السنة في البخاري ، ومسلم ، وغيرهما ، وأحاديث المسح متواترة ، فجاوز الكلام عن هذه المسألة وأقحمنا في مسألة الصفات ، فقلت له : " الرحمن على العرش استوى " ، فقال : " استوى بمعنى استولى " ، فقلت له : " هذا خلاف الظاهر ، ولا يجوز تفسير الاستواء هنا بالاستيلاء ، لأن الله قال : " ثم استوى على العرش " ، والعطف بـ " ثم " يقتضي التعقيب مع التراخي ، فيكون معنى هذا أن الله لم يكن مستوليا على العرش ، ثم استولى عليه " ، فقال لي : " إذا قلت إنه مستو على العرش لزم منه التحيز والجهة " ، وكنت يومها ما زلت مبتدأ ، وليست لي القوة العلمية الكافية ، ولا الدراية بأساليب المناظرة ، ولكني ولله الحمد جاوبته بما لدي من أصول سنية سلفية ، فقلت له : " أنا لا أدري ما تقول ، أنا أقول بما قال الله – عز وجل - ، ولا أتدخل بعقلي في شيء من ذلك " ، وهذه قاعدة نافعة جدا ، ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – في كتابه كشف الشبهات ، حيث يقول : " جواب أهل الباطل من طريقين : مجمل ومفصل ، أما المجمل : فهو الأمر العظيم ، والفائدة الكبيرة لمن عقلها ، وذلك قوله تعالى : " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله " ، وقد صح عن رسول الله – – أنه قال : " إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله ، فاحذروهم " ، مثال ذلك : إذا قال لك بعض المشركين : " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " ، وأن الشفاعة حق ، وأن الأنبياء لهم جاه عند الله ، أو ذكر كلاما للنبي – – يستدل به على شيء من باطله ، وأنت لا تفهم معنى الكلام الذي ذكره ، فجاوبه بقولك : إن الله ذكر في كتابه أن الذين في قلوبهم زيغ يتركون المحكم ويتبعون المتشابه ، وما ذكرته لك من أن الله تعالى ذكر أن المشركين يقرون بالربوبية ، وأن كفرهم بتعلقهم على الملائكة والأنبياء والأولياء ، مع قولهم : " هؤلاء شفعاؤنا عند الله " ، هذا أمر محكم بيّن لا يقدر أحد أن يغير معناه ، وما ذكرت لي أيها المشرك من القرآن أو كلام النبي – – لا أعرف معناه ، ولكن أقطع أن كلام الله لا يتناقض ، وأن كلام النبي – – لا يخالف كلام الله . وهذا كلام جيد سديد ، ولكن لا يفهمه إلا من وفقه الله ، فلا تستهن به ، فإنه كما قال تعالى : " وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " . " اهـ كلامه رحمه الله . فهداني الله ساعتها إلى الجواب المجمل ، مع أني ما كنت ساعتها مطلعا على كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى - ، فلما أتاني بكلام مجمل لا أعرف معناه ، رجعت إلى المحكم الذي معي ، وهو أن الله تعالى لا يشبهه شيء ، وأنه تعالى لا يلحقه النقص من وجه من الوجوه ، وأنه أعلم بنفسه من غيره ، وأنه يجب علينا أن نسلم للآيات والأحاديث الصحيحة ، فالله قد أثبت لنفسه العلو ، والاستواء في آيات كثيرة جدا ، ونفى عن نفسه مشابهة خلقه ، فمن فهم من بعض الآيات ما يوهم التشبيه ، أو النقص فالخطأ منه لا من الآيات ، فأنا أثبت ما أثبتته الآيات ، وأتوقف فيما لا أعلم ، فلما قال لي ذلك الشيخ : " إثبات العلو يلزم منه إثبات التحيز ، والجهة " ، قلت له : أنا لا أعلم ما تقول ، ولكني أقول كما قال الله تعالى : " الرحمن على العرش استوى " ، ونحو ذلك من الآيات التي تدل على الاستواء والعلو . فلما رآني قد جاوبته بهذا الجواب استغل الموقف ، وجعل يستطرد في الكلام في صفات الله – عز وجل – بكلام لا أذكره الآن ، وظهر أمام الناس أنه المنتصر ، وأني قد انقطعت حجتي ، مع أني أعلم أنه يعارض القرآن الكريم برأيه ، لأنه فهم من آيات العلو التشبيه ، فأولها ، ولو لم يفهم التشبيه ما أولها . ثم دخل في مسائل كثيرة لا أذكرها ، حتى تكلم في مسألة الصفات هل هي عين الذات أم غيرها ، فقال : " الحق أنها عين الذات " ، قال لي : " وما تقول فيها ؟ " ، قلت : " الله أعلم " ، قال : " الحق أن الصفات عين الذات " ، ثم تكلم بكلام لم أفهمه ساعتها ، ولكني دريت فيما بعد أنه كان يقرر نفي الصفات بناء على تلك القاعدة ، وأقطع أن العوام الذين كانوا في المجلس لم يكونوا يفهمون أكثر كلامه ، لأنه ما كان يتكلم بالآيات والأحاديث ، إنما كان يتكلم بكلام أكثره فلسفي ، ويظهر بذلك أنه منتصر ، وأنه العالم المحرر . ثم خرجت من عنده وأنا مهزوم أمام الحاضرين – ولم يكونوا كثرا - ، ولكنهم فرحوا بشيخهم ، ورأوني مهزوما ، ولذلك نهى العلماء عن مثل هذه المناظرات ، ووضعوا لها شروطا خاصة ، منها : أن يكون عالما بمذهبه ، عالما بمذهب الخصم ، واضح البيان ، وأن تكون المناظرة عند إمام يلزم الطرفين بالقول الحق ، ويشهره ، وأن يكون هذا الإمام الحاكم عالما باللغة ، مريدا للحق . إلى غير ذلك من الشروط في المناظرة ، التي تطلب من مظانها . فمن أخل بمثل هذه الشروط فإنه قد ينتج من فعله شر أكثر من الذي يريد من الخير . والله أعلم ، ثم لما انفض ذلك المجلس أصاب قلبي ما لا يعلمه إلا الله من الحزن والغم ، لأني شعرت أن القوم غير صادقين في طلب الحق ، الله أعلم أكان ذلك حقا أم لا ، لكن شعوري بذلك سبب لي انقباضا وحزنا في صدري . ثم بحثت في بعض المسائل التي جرى النقاش فيها ، ومنها مسألة : هل الصفات عين الذات أم غيرها ؟ فعلمت أن هذه المسألة أراد بها الإباضية أن ينفوا الصفات عن الله – عز وجل - ، فقالوا : الصفات الواردة في الكتاب والسنة لا يراد بها أن ذات الله متصفة بها ، ولكن المراد أنها عين الذات ، أي نفسها ، فمعنى قولهم : الصفات عين الذات ، أي الصفات هي الذات ، وعليه فقدرة الله – عز وجل – هي الله ، وسمع الله هو الله ، وعلمه هو نفسه ، كل ذلك لا فرق بينه ، ومرادهم بهذا نفي جميع الصفات عن الله – عز وجل - ، قال أبو مسلم البهلاني في كتابه نثار الجوهر (1/62) [ ناقلا عن الخليلي أبي محمد سعيد بن خلفان ، ومقرا له ] : " والأصل الذي ذهب إليه أصحابنا في هذا أن صفاته تعالى هي عين ذاته الأزلية ، ولا ينكشف هذا إلا بتجريد الذات المقدسة عن الصفات بالكلية " اهـ المراد منه . وهذا النص موجود في كتاب تمهيد قواعد الإيمان للخليلي نفسه في (1/195) لكن سقط منه قوله : " هي عين ذاته الأزلية ، ولا ينكشف هذا إلا بتجريد الذات المقدسة عن الصفات بالكلية " . وفي تمهيد قواعد الإيمان (1/196) ما نصه : " والحق الذي لا مرية فيه ما قاله أصحابنا من تجريد الصفات عن الذات المقدسة مع اتصافها بها ، فقالوا : إنه يعلم بذاته ، ويقدر بنفسه ، وكذا في يسمع ، ويبصر ، ويقدر ، ويشاء ، ويريد ، وغير هذا ، فهو عالم بذاته ، وقدير بها ، وهكذا ، وهو معنى قولهم في صفاته : إنها عين ذاته ، فليس مرادهم به إلا سلب الصفات عن ذاته الكريمة مع اتصافها بها ، بمعنى : أنه ليس ثم من صفة زائدة على ذاته المقدسة أبدا " اهـ كلامه ، وقد نقله بنصه مقرا له أبو مسلم البهلاني في نثار الجوهر (1/63) . وهذا الكلام – كما يرى القارئ الكريم – خطير جدا ، إذا معناه : أن الله – عز وجل – ليست له صفة أزلية مطلقا ، لا صفة القدرة ، ولا السمع ، ولا البصر ، ولا العلم ... الخ ، إنما صفاته – جل وعلا – كلها وهمية اعتبارية ، وقد نص على هذا الخليلي نفسه [ وهو طبعا غير المفتي ] في كتابه آنف الذكر في (1/197) حيث يقول : " لكن قولك : عليم بذاته فيه مزيد إيضاح ، وكشف للحقيقة ، ودفع للأغاليط الوهمية من العقيدة الأشعرية في قولهم : إنه تعالى يعلم بعلم ، ويقدر بقدرة ، وإثباتهم له صفات قديمة قائمة بذاته العظيمة ، وبطلان هذا واضح بما سبق " . اهـ . وأقول : بل كلامك هو الذي يتضح بطلانه بمجرد قراءته ، فسبحان الله الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى ، لا كما يقوله المبطلون الذين يزعمون أنه ليست له صفات إطلاقا . وأنقل هنا كلاما نفيسا لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في بيان عقيدة السلفيين أهل السنة والجماعة في هذه المسألة حيث يقول – رحمه الله – [ الفتاوى (6/96) ] : " فإنا لا نطلق على صفاته أنها غيره ، ولا أنها ليست غيره ، على ما عليه أئمة السلف كالإمام أحمد بن حنبل وغيره " . وقال – رحمه الله – في الجواب الصحيح (5/16) : " وقد تنازع المثبتة : هل يقال : الصفات عين الذات ؟ ، أم يقال : ليست عين الذات ؟ ، أم يقال : لا يقال هن غير الذات ولا يقال ليست غير الذات؟ ، وتنازعوا في مسمى الغيرين : هل هما ما جاز مفارقة أحدهما الآخر مطلقا ؟ ، أو ما جاز مفارقته بوجود أو زمان أو مكان ؟ ، أو هما ما جاز العلم بأحدهما مع عدم العلم بالآخر ؟ ، وغاية ذلك منازعات لفظية ، وكثير منهم فرق في الصفات اللازمة بين بعضها وبعض ، فجعل بعضها زائدا على الذات ، وبعضها ليس بزائد على الذات ، وكان الفرق بحسب ما يتصوره لا بحسب ما الأمر عليه في نفسه ، فإذا أمكنهم تصور الذات بدون صفة قالوا : هذه زائدة ، وإلا قالوا : ليست زائدة ، وهذا يقتضي أنها زائدة على ما تصوروه هم من الذات لا أنه في الخارج ذات مجردة عن تلك الصفة ، وصفة زائدة عليها ، بل ليس إلا الذات المتصفة بتلك الصفات ، ولكن يجب الفرق بين أن يقال : إن الصفات غير الذات ، وبين أن يقال : إنها غير الله ، فإن اسم الله متناول لذاته المتصفة بصفاته ، فإذا قال القائل : دعوت الله ، وعبدت الله ، فلم يدع ذاتا مجردة ، ولا صفات مجردة ، بل دعا الذات المتصفة بصفاتها ، فاسمه تعالى يتناول ذلك ، فليست صفاته خارجة عن مسمى اسمه ولا زائدة على ذلك ، وإن قيل إنها زائدة على الذات المجردة ، ومن ظن أنها زائدة على الذات المتصفة بصفاتها التي تدخل صفاتها في مسماها فقد غلط ، ولكن الأذهان والألسنة تزلق في هذا الموضع كثيرا ، فإذا قيل : الصفات مغايرة للذات ، لم يكن في هذا من المحذور ما في قولنا : إن صفات الله غير الله ، فإن اسم الله يتناول صفاته ، فإذا قيل : إنها غيره فُهم من ذلك أنها مباينة له ، وهذا باطل ، ولهذا كان النفاة إذا ناظروا أئمة المسلمين كما ناظروا الإمام حمد بن حنبل في محنته المشهورة فقالوا له : " ما تقول في القرآن وكلام الله ؟ أهو الله أم غير الله ؟ " عارضهم بالعلم وقال لهم : " ما تقولون في علم الله ؟ أهو الله أم غير الله ؟ " ، أجاب أيضا : " أن الرسل لم تنطق بواحد من الأمرين ، فلا حجة لهم في كلام الله ورسوله ، فإن الله لم يقل لكلامه هو أنا ولا قال إنه غيري حتى يقول القائل : إذا كان قد جعل كلامه غيره وسواه فقد أخبر أنه خالق لكل ما سواه " ، فإن كان الاحتجاج بالسمع فلا حجة فيه ، وإن كان الاحتجاج بالعقل فالمرجع في ذلك إلى المعاني لا إلى العبارات ، فإن أراد المريد بقوله : هل كلامه وعلمه غيره أنه مباين له فليس هو غيرا له بهذا الاعتبار ، وإن أراد بذلك أن نفس الكلام والعلم ليس هو العالم المتكلم فهو غير له بهذا الاعتبار ، وإذا كان اللفظ مجملا لم يجز إطلاقه على الوجه الذي يُفهِم المعنى الفاسد ، وأما الذين جعلوا الأعيان القائمة بأنفسها صفات فهم هؤلاء المتفلسفة النفاة للصفات ومن أشبههم " اهـ كلامه – رحمه الله - . وأنت ترى أن أهل السنة سلكوا في هذا مسلكا سليما واضحا ، فإن قول الإباضية ومن وافقهم : " صفات الله – عز وجل – عين ذاته " قول لم يرد في الكتاب ولا السنة ، فأهل السنة يسلكون في هذا مسلك السلامة ، فيقولون : نثبت لله ما أثبته لنفسه ، وننفي عنه ما نفاه عن نفسه ، وما لم يرد في الكتاب والسنة نستفسر عن مراد قائله ، فإن أراد حقا أثبتنا الحق ، وعبرنا عنه بالعبارة الشرعية ، وإن أراد باطلا نفينا الباطل ، وهذا قد سبق بيانه في هذه القصة في مسألة إثبات الحد لله – عز وجل – ومسلك أهل السنة والجماعة في ذلك ، والله أعلم . كتبه : الطارق بخير http://www.saaid.net/muslm/1.htm الموضوع الأصلي: قصة تحولي من مذهب الإباضية ، إلى مذهب أهل الحق أهل السنة والجماعة || الكاتب: عبق الشام || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد
المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد rwm jp,gd lk l`if hgYfhqdm K Ygn Hig hgpr hgskm ,hg[lhum hgpr hgskm
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1 : | |
عبق الشام |
|
|