الحلقة الثامنة والعشرون
قبل قیام الجمھوریة الإسلامیة في إیران كان رجال الدین الشیعة
یمثلون مثلث ماركسي خطیر على عامة الشعب ، وكان ھذا المثلث كما
قال الدكتور شریعتي المعاصر للشھید محمد الصدر ( الملك والمالك
والملاّ ) أو بالشفرة المعروفة حسب رسالة الشھید المطھري للإمام
الخمیني ( السیف والذھب والمسبحة .. )
وقد اغتاظ رجال الدین الشیعة الإمامیة من مقالات علي شریعتي
وانتقاداتھ حتى بعث الشھید المطھري رسالة إلى الإمام الخمیني یقول
لھ فیھا ( : أُقسم باالله ، إن اقتضت المصلحة یوماً تمحیص عقائد ھذا
الشخص ، فاستُخرجت جذورھا وقِیست بالأفكار الإسلامیة ، الأصیلة
لظھرت مئات المطالب المضادّة لأسس الإسلام ومبادئھ ، مضافاً إلي
كونھا تفتقر إلي الأساس الذي ، تستند إلیھ ولستُ أعلم أمِن واجب أن ي
أفعل أم ذلك لا، إلاّ أ نّي أري أنّ التزامي بخصـوص ھذا الشـخص یعدّ
مُلغيً في المستقبل ، مع أنّي أُشاھد أنّھم یصوغون منھ صنماً ، وأنا
أنتظر أمركم وإذنكم في ذلك .. )
ھذه الرسالة المترجمة من الفارسیة مشھورة جداً في كتاب نور
ملكوت القرآن للسید محمد الحسیني الطھراني العلامة المعروف .
لماذا اغتاظ المطھري من شریعتي .؟
شریعتي لھ توجھات مخالفة ، وقد انشق منھ جماعات كثیرة مناھضة
للتشیع الصفوي ، حتى إنھ ألف كتاب ممنوع جداً اسمھ التشیع العلوي
والتشیع الصفوي ..
أصبحت جماعات منظمة مجاھدي خلق منبوذة ، فھاجرت إلى
العراق ، وأیضاً منظمات أخرى كانت ترى الفرس على أنھم منظمة
یساریة صفویة دینیة جداً ولیست ثقافیة ..
المھم في المبحث أن شریعتي والذي كان في عصر ما قبل الثورة
الإیرانیة ، قال عنھ الشھید العلامة المطھري في الرسالة إلى الإمام
الخمیني التي سقنا مصدرھا : (( « حسنا،ً من الضروريّ أن یطالع
سماحتكم شخصاً مجمو عة مقالات ھذا الشخص في » مجلّة » كیھان
التي نشرت قبل سنة ونصف السنة للتعرّف علي ، ماھیّتھ وھذه
المقالات علي قسمین، أحدھما ضدّ الماركسیّة ، وھي مقالات جیّدة
تنطوي علي إشكالات قلیلة بلحاظ المعارف الإسلامیة ، إلاّ أنّ القسم
الثاني منھ ا ھي مقالات عن القومیّة الإ ( یرانیة وقد طُبعت علي الآلة
الطابعة منفصلةً) ، وھي في حقیقة الأمر فلسفة للقومیّة ، الإیرانیة
وقطعاً فإنّ أحداً لم یُدافع حتى الآن عن القومیّة الإیرانیة بمثل ھذا
الدفاع الجیّد المستند إلي فلسفةٍ مقبولة في ھذا العصر ، ومن أن اللائق
ندعوھا بـ « الفلسفة الثوریّة» ))
واستمر المطھري في رسالتھ للخمیني یقول : (( ولدینا نحن الإیرانیون
ثقافة تمتد إلي ألفین وخمسمائة سنة ھي ملاك شخصیّتنا الوجودیّة
وھویّتنا الواقعیّة وذاتنا ، الأصیلة وقد حصلت علي مدي االت ریخ
حوادث أرادت تغریبنا عن ھویّتنا الحقیقیّة، إلاّ أنّ نا عُدنا إلي أنفسنا كلّ
مرّة، واسترجعنا ھویّتنا الحقیقیّة .
وتلك ال الحوادث ثلاث : ھي ھجمة الإ سكندر، ھجمة العرب ، وھجمة
. المغول
ثمّ إنّھ بحث عن ھجوم العرب أكثر مـن ، غیره مقدّساً النھضة
الشعـوبیّة : ، ثمّ قال إنّ الإسلام بالنسـبة لنا یمثّل ( النظریّة الأیدیولوجیة)
لا الثقافة. إنّ الإ لم سلام یأتِ لیبدّل ثقافتنا فیوجد ثقافة بل ، موحّدة إنّھ
یعترف ، بتعدّد الثقافات كما أ ھنّ یعدّ تعدّد العروق والعناصر أمراً
واقعیّاً وا ، لآیة الكریمة إِنَّا خَلَقْنَـ كُما مِّن ' ذَكَرٍ وَأُنثَي وَجَعَلْنَـاكُمْ شُعُوبًا
وَقَبَآ لَئ ... في أنّ الاختلافات العرقیّة ولیدة الطبیعة، وا لاختلافات الثقافیة
االت ولیدة ریخ أن ، ینبغي تُحفظ في موضعھا .
وقد ادّعي أنّ أیدیولوجیتنا ( نظریّتنا) قد أثّرت علي ثقافتنا، وأنّ
ثقافتنا قد أثّرت علي أیدیولوجیتنا ، لذا أضحت إیرانیّتنا إیرانیّة ، إسلامیّة
وأضحي إسلامنا إیرانیّاً ، وقد أنكر بھذا البیان عملاً وضمناً ـ دون
تصریح وجود ثقافة واحدة باسم الثقافة الإسلامیة .
وق د صرّح بأن شخصیّات من أمثال ابن سینا وأبي ریحان والخواجة
نصیر الدین والملاّ صدرا كانت تتعلّق بالثقافة الإیرانیة ، أي أنّ ثقافة
تلك الشخصیّات كانت ثقافة إیرانیّة .
ثم نبھ المطھري بأن ھذه المقالات ھي لشریعتي بلا شك ولا یستطیع
جحدھا وقال في نھایة رسالتھ للإمام الخمیني :
(( وھذه المقالات شیّقة جدّا،ً ولیس من شكّ في ، انتسابھا إلیھ وقد قال
للبعض، مثل السیّد الخامنئيّ والسیّد البھشتي:ّ ھي ! لي إلاّ أنّھ ادّعي أنّھ
كتبھا قبل عدّة سنین، وَأنّ ا لبعض قد عثر علیھا وقام بطبعھا ، في حین
أنّ ھناك أدلّة كافیة في أنّ المقالات ، جدیدة وعلي أیّة حال فإنّ مطالعة
سماحتكم لھا مفیدة جدّاً .. ))
لنا متابعة حول أدلة أخرى تفید بان التشیع لیس تصدیر للتشیع الدیني ،
وإنما ھو تصدیر للإمبراطوریة الفارسیة على ظھور الشیعة وتحت
مظلھ الدین الأثنى عشري ....
----------------------------------------