البيــت العـــام للمواضيع التي ليس لها قسم محدد |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
08-05-11, 09:55 PM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
البيــت العـــام
الاختلاف والخلاف وعلم الخلاف:
الاختلاف والمخالفة أن ينهج كل شخص طريقاً مغايراً للآخر في حاله أو في قوله. والخلاف أعم من "الضد " لأن كل ضدين مختلفان، وليس كلُّ مختلفين ضدين، ولما كان الاختلاف بين الناس في القول قد يفضي إلى التنازع استعير ذلك للمنازعة والمجادلة، قال تعالى: ((فاخْتَلفَ الأحْزابُ مِنْ بينِهم… )) [مريم:37] ((وَلا يزَالُون مُخْتلِفين )) [هود:118] ((إنَّكُم لفِي قولٍ مُخْتلِف )) [الذاريات:8] ((إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بينهم يوْم القِيامةِ فيما كانوا فيهِ يخْتلِفون )) [يونس:93]. وعلى هذا يمكن القول بأن "الخلاف والاختلاف " يراد به مطلق المغايرة في القول أو الرأي أو الحالة أو الهيئة أو الموقف. وأما ما يعرف لدى أهل الاختصاص بـ "علم الخلاف " فهو علم يمكِّن من حفظ الأشياء التي استنبطها إمام من الأئمة، وهدم ما خالفها دون الاستناد إلى دليل مخصوص، إذ لو استند إلى الدليل، واستدل به لأصبح مجتهداً وأصولياً، والمفروض في الخلاف ألاّ يكون باحثاً عن أحوال أدلة الفقه، بل حسبه أن يكون متمسكاً بقول إمامه لوجود مقتضيات الحكم - إجمالاً - عند إمامه كما يظن هو، وهذا يكفي عنده لإثبات الحكم، كما يكون قول إمامه حجة لديه لنفي الحكم المخالف لما توصل إليه إمامه كذلك. الجــدل و "علم الجـــدل": إذا اشتد اعتداد أحد المخالفين أو كليهما بما هو عليه من قول أو رأي أو موقف، وحاول الدفاع عنه، وإقناع الآخرين به، أو حملهم عليه سميت تلك المحاولة بالجدل. فالجدل في اللغة "المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة " مأخوذ من "جدلت الحبل " إذا فتلته وأحكمت فتله، فإن كل واحد من المتجادلين يحاول أن يفتل صاحبه ويجدله بقوة وإحكام على رأيه الذي يراه. وأما "علم الجدل " فهو: علم يقوم على مقابلة الأدلة لإظهار أرجح الأقوال الفقهية(4). وعرَّفه بعض العلماء بأنه "علم يقتدر به على حفظ أي وضع يراد ولو باطلاً وهدم أي وضع يراد ولو حقا ً" (5). ويظهر في هذا التعريف أثر المعنى اللغوي للجدل، لأنه - على هذا - علم لا يتعلق بأدلة معينة، بل هو قدرة أو ملكة يؤتاها الشخص ولو لم يحط بشيء من الكتاب والسنة ونحوهما. الشــــقــاق: فإذا اشتدت خصومة المتجادلين، وآثر كل منهما الغلبة بدل الحرص على ظهور الحق ووضوح الصواب، وتعذر أن يقوم بنما تفاهم أن اتفاق سميت تلك الحالة بـ "الشقاق" و "الشقاق" أصله: أن يكون كل واحد في شق من الأرض أي نصف أو جانب منها، فكأن أرضاً واحدة لا تتسع لهما معاً، وفي التنزيل ((وَإنْ خِفْتُم شِقاق بيْنِهِما )) [النساء:35] أي خلافاً حاداً يعقبه نزاع يجعل كل واحد منهما في شق غير شق صاحبه، ومثله قوله تعالى ((فَإِنّما هُمْ فِي شِقاق ٍ)) [البقرة:137]. المقبول والمـردود مـن الاختــلاف: قضت مشيئة الله تعالى خلق الناس بعقول ومدارك متباينة، إلى جانب اختلاف الألسنة والألوان والتصورات والأفكار، وكل تلك الأمور تفضي إلى تعدد الآراء والأحكام، وتختلف باختلاف قائليها، وإذا كان اختلاف ألسنتنا وألواننا ومظاهر خلقنا آية من آيات الله تعالى، فإن اختلاف مداركنا وعقولنا وما تثمره تلك المدارك والعقول آية من آيات الله تعالى كذلك، ودليل من أدلة قدرته البالغة، وإن أعمار الكون وازدهار الوجود، وقيام الحياة لا يتحقق أي منها لو أن البشر خلقوا سواسية في كل شيء، وكل ميسر لما خلق له ((وَلوْ شاء ربُّك لجَعل النَّاسَ أمَّةً واحِدةً، ولا يزالون مُخْتلِفين إلاّ مَنْ رَحِم ربُّك ولذلِك خَلقهم )) [هود:118-119]. إن الاختلاف الذي وقع في سلف هذه الأمة - ولا يزال واقعاً - جزء من هذه الظاهرة الطبيعية، فإن لم يتجاوز الاختلاف حدوده بل التزمت آدابه كان ظاهرة إيجابية كثيرة الفوائد. بعض فوائد الاختلاف المقبول: وكما أسلفنا فإنه إذا التزمت حدود الاختلاف، وتأدب الناس بآدابه كان له بعض الإيجابيات منها: (أ ) أنه يتيح - إذا صدقت النوايا - التعرف على جميع الاحتمالات التي يمكن أن يكون الدليل رمى إليها بوجه من وجوه الأدلة. (ب ) وفي الاختلاف - بالوصف الذي ذكرناه - رياضة للأذهان، وتلاقح للآراء، وفتح مجالات التفكير للوصول إلى سائر الافتراضات التي تستطيع العقول المختلفة الوصول إليها. (ت ) تعدد الحلول أمام صاحب كل واقعة ليهتدي إلى الحل المناسب للوضع الذي هو فيه بما يتناسب ويسر هذا الدين الذي يتعامل مع الناس من واقع حياتهم. تلك الفوائد وغيرها يمكن أن تتحقق إذا بقي الاختلاف ضمن الحدود والآداب التي يجب الحرص عليها ومراعاتها، ولكنه إذا جاوز حدوده، ولم تراع آدابه فتحول إلى جدال وشقاق كان ظاهرة سلبية سيئة العواقب تحدث شرخاً في الأمة - وفيها ما يكفيها - فيتحول الاختلاف من ظاهرة بناء إلى معاول للهدم. أقســام الخــلاف من حيث الدوافـــع: 1 - خلاف أملاه الهوى: قد يكون الخلاف وليد رغبات نفسية لتحقيق غرض ذاتي أو أمر شخصي، وقد يكون الدافع للخلاف رغبة التظاهر بالفهم أو العلم أو الفقه. وهذا النوع من الخلاف مذموم بكل أشكاله، ومختلف صوره لأن حظ الهوى فيه غلب الحرص على تحري الحق، والهوى لا يأتي بخير، فهو مطية الشيطان إلى الكفر، قال تعال: ((أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رسولٌ بِما لا تهوى أنفسكُم استكْبرتُم فَفريقاً كذّبْتُم وفريقاً تقْتُلون )) [البقرة:87] وبالهوى جانب العدل مَنْ جانبه من الظالمين. ((فَلا تتَّبِعوا الهوى أن تَعْدِلوا )) [النساء:135] وبالهوى ضل وانحرف الضالون ((قُلْ لا أتّبع أهْواءكُم قَدْ ضَلَلْتُ إذَنْ وما أنا مِن المُهْتدين )) [الأنعام:56] والهوى ضد العلم ونقيضه، وغريم الحق، ورديف الفساد، وسبيل الضلال: ((وَلا تتَّبع الهوى فيُضِلَّك عنْ سبيل الله )) [ص:26]. ((وَلَوِ اتّبع الحقُّ أهْواءَهُم لفَسَدتِ السماواتُ والأرضُ ومَنْ فيهِنَّ )) [المؤمنون:71]. ((وإِنَّ كَثِيراً ليُضِلُّون بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْم ٍ)) [الأنعام:119]. وأنواع الهوى متعددة، وموارده متشعبة، وإن كانت في مجموعها ترجع إلى "هوى النفس وحب الذات" فهذا الهوى منبت كثير من الأخطاء وحشد من الانحرافات، ولا يقع إنسان في شباكه حتى يزين له كل ما من شأنه الانحراف عن الحق، والاسترسال في سبيل الضلال، حتى يغدو الحق باطلاً والباطل حقاً والعياذ بالله. ويمكن رد خلاف أهل الملل والنحل ودعاة البدع في دين الله تعالى إلى آفة الهوى، ومن نعم الله على عبده ورعايته - سبحانه - أن يكشف له عن مدى ارتباط مذاهبه وأفكاره ومعتقداته بهوى نفسه، قبل أن تهوي به في مزالق الضلال، حيث يضيء المولى - سبحانه - مشاعل الإيمان في قلبه فتكشف زيف تلك المذاهب أو الأفكار أو المعتقدات ذلك لأن حسنها في نفسه لم يكن له وجد حقيقي، بل هو وجود ذهني أو خيالي أو صوري صوره الهوى وزينه في النفس ولو كان قبيحاً في واقعه، أو لا وجود له إلا في ذهن المبتلى به. ولاكتشاف تأثير الهوى في فكرة ما طرق كثيرة: بعضها خارجي، وبعضها ذاتي: (أ) فالطرق الخارجية لاكتشاف أن الهوى وراء الفكرة -موضع الاختلاف- أن تكون مناقضة لصريح الوحي من كتاب وسنة، ولا ينتظر ممن يزعم في نفسه الحرص على الحق أن يلهث وراء فكرة تناقض كتاب الله وسنة نبيه . ومما يكشف كون الفكرة وليدة الهوى: تصادمها مع مقتضيات العقول السليمة التي يقبل الناس الاحتكام إليها، ففكرة تدعو إلى عبادة غير الله، أو تحكيم غير شريعته في حياة الناس، وفكرة تدعو إلى إباحة الزنا، أو تزيين الكذب، أو تحض على التبذير لا يمكن أن يكون لها مصدر غير الهوى، ولا يدعو لها إلاّ من بيد الشيطان زمامه. (ب) أما الطرق الذاتية لاكتشاف ما إذا كان الهوى محضن الفكرة فتكون بنوع من التأمل والتدبر في مصدر تلك الفكرة، ومساءلة النفس بصدق حول سبب تبنيها لتلك الفكرة دون غيرها، وما تأثير الظروف المحيطة بصاحب الفكرة، ومدى ثباته عليها إن تبدلت؟ وهل هناك من ضغوط وجهت المسار دونما شعور؟ ثم الغوص في أعماق الفكرة نفسها، فإن كانت قلقة غير ثابتة، تتذبذب بين القوة والضعف تبعاً لمشاعر معينة، فاعلم أنها وليدة الهوى ونزغ من الشيطان فاستعذ بالله السميع العليم، واحمده على أن بصّرك بالحقيقة قبل أن يسلسل قيادك لهوى النفس. 2 - خلاف أمـــلاه الحـــق: قد يقل الخلاف دون أن يكون للنفس فيه حظ أو للهوى عليه سلطان، فهذا خلاف أملاه الحق، ودفع إليه العلم، واقتضاه العقل، وفرضه الإيمان، فمخالفة أهل الإيمان لأهل الكفر والشرك والنفاق خلاف واجب لا يمكن لمؤمن مسلم أن يتخلى عنه، أو يدعو لإزالته لأنه خلاف سداه الإيمان ولحمته الحق. وكذلك اختلاف المسلم مع أهل العقائد الكافرة والملحدة، كاليهودية والنصرانية والوثنية والشيوعية، ولكن الاختلاف مع أهل تلك الملل وهذه العقائد لا يمنع من الدعوة إلى إزالة أسبابه بدخول الناس في دين الله أفواجاً وتخليهم عن دواعي الخلاف من الكفر والشرك والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق والإلحاد والبدع والترويج للعقائد الهدامة. 3 - خــلاف يتردد بين المدح والذم، ولا يتمحض لأحدهما، وهو خلاف في أمور فرعية تتردد أحكامها بين احتمالات متعددة يترجح بعضها على بعضها الآخر بمرجحات وأسباب سنأتي على ذكرها - إن شاء الله - ومن أمثلة هذا التقسيم: اختلاف العلماء في انتقاض الوضوء من الدم الخارج من الجرح، والقيء المتعمد، واختلافهم في حكم القراءة خلف الإمام وقراءة البسملة قبل الفاتحة والجهر بـ "آمين " وغير ذلك من أمثلة تضيق عن الحصر، وهذا النوع من الاختلاف مزلة الأقدام، إذ يمكن فيه أن يلتبس الهوى بالتقوى، والعلم بالظن، والراجح بالمرجوح، والمردود بالمقبول، ولا سبيل إلى تحاشي الوقوع في تلك المزالق إلا باتباع قواعد يحتكم إليها في الاختلاف، وضوابط تنظمه، وآداب تهيمن عليه، وإلاّ تحول إلى شقاق وتنازع وفشل، وهبط المختلفان فيه عن مقام التقوى إلى درك الهوى، وسادت الفوضى، وذر الشيطان قرنه. رأي العلماء في الاختلاف: ومع ما تقدم فإن العلماء قد حذروا من الاختلاف بكل أنواعه، وأكدوا على وجوب اجتنابه. يقول ابن مسعود : "الخلاف شر " (6)، وقال السبكي رحمه الله: "…إن الرحمة تقتضي عدم الاختلاف، " قال تعالى: ((ولكنِ اخْتلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَر… )) [البقرة:253]، وكذا السنة: قال عليه الصلاة والسلام: "إنما هلكت بنو إسرائيل بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم "(7)، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة، هذا وقد أدرج السبكي رحمه الله تحت النوع الثالث من الاختلاف (الذي يتردد بين المدح والذم ) أقساماً ثلاثة، فقال: "…والاختلاف على ثلاثة أقسام، أحدهما في الأصول، وهو المشار إليه في القرآن، ولا شك أنه بدعة وضلال. والثاني في الآراء والحروب هو حرام أيضاً لما فيه من تضييع المصالح، والثالث في الفروع، كالاختلاف في الحل والحرمة ونحوهما "(8) والذي قطع به أن الاتفاق فيه - أي: في الثالث خير من الاختلاف. كما نبه رحمه الله إلى كلام ابن حزم في ذم الاختلاف في ذلك أيضاً، إذ لم يجعل ابن حزم رحمه الله شيئاً من الاختلاف رحمة، بل اعتبره - كله - عذاباً. ويكفي لمعرفة أضرار الاختلاف وخطورته أن نبي الله هارون عدّ الاختلاف أكبر خطراً، وأشد ضرراً من عبادة الأوثان. فحين صنع السامري لقومه عجلاً من الذهب وقال لهم: ((هذا إلهُكُم وَ إلهُ مُوسى )) [طه:88] التزم جانب الصمت وبقي ينتظر أخاه موسى ، ولما وصل موسى ورأى القوم عاكفين على العجل وجه أشد اللوم إلى أخيه، فما كان عذر أخيه إلا أن قال: ((يا ابن أمّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيتي ولا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أنْ تَقُولَ فرَّقْتَ بيْنَ بَنِي إسْرائيل وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي… )) [طه:94] فجعل من خوف الفرقة والاختلاف بين قومه عذراً له في عدم التشديد في الإنكار، ومقاومة القوم والانفصال عنهم حين لا ينفع الإنكار!! وصلى الله على سيدنا محمد وعلى الة وصحبية وسلم الموضوع الأصلي: الاختلاف والخلاف وعلم الخلاف || الكاتب: علي السلفي || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد
المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد hghojght ,hgoght ,ugl hgoght
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
|
|