قام الامام علي خطيبًا وقال: يا أيها الناس، من أشجع الناس؟ فقالوا: أنت يا أمير المؤمنين، فقال: أما إني ما بارزني أحد إلا انتصفت منه، ولكن هو أبو بكر، وإنا جعلنا لرسول الله × عريشًا فقلنا: من يكون مع رسول الله × لئلا يهوي عليه أحد من المشركين؟ فوالله ما دنا منه أحد إلا أبو بكر شاهرًا بالسيف على رأس رسول الله ×، لا يهوي إليه أحد إلا أهوى إليه فهذا أشجع الناس. قال: ولقد رأيت رسول الله وأخذته قريش، فهذا يحادَّه، وهذا يتلتله ويقولون: أنت جعلت الآلهة إلهًا واحدًا، فوالله ما دنا منه أحد إلا أبو بكر يضرب ويجاهد هذا ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم، أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، ثم رفع على بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته، ثم قال: أنشدكم الله أمؤمن آل فرعون خير أم هو؟ فسكت القوم، فقال علي: فوالله لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض من مؤمن آل فرعون، ذاك رجل يكتم إيمانه، وهذا رجل أعلن إيمانه ([1]).
([1]) البداية والنهاية: 3/271، 272.