بيت الكتاب والسنة خاص بتفسير القرآن وأحكامه وتجويده وأيضاً علم الحديث وشرحه |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
24-06-11, 05:51 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
{إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}. نتأمل ما تحت هذه الألفاظ من كنوز العلم ، وكيف تفتح مراعاتها للعبد أبواب العلم والهدى ، وكيف ينغلق باب العلم عنه من إهمالها وعدم مراعاتها ، فإنه سبحانه أمر عباده أن يتدبروا آياته المتلوة المسموعة والمرئية المشهودة بما تكون تذكرة لمن كان له قلب ، فإن من عدم القلب الواعي عن الله لم ينتفع بكل آية تمر عليه ولو مرت به كل آية. ومرور الآيات عليه ، كطلوع الشمس والقمر والنجوم ومرورها على من لا بصر له ، فإذا كان له قلب كان بمنزلة البصير إذا مرت به المرئيات فإنه يراها ، ولكن صاحب القلب لا ينتفع بقلبه إلا بأمرين: أحدهما: أن يحضره ويشهده لما يلقى إليه ، فإذا كان غائبا عنه مسافرا في الأماني والشهوات والخيالات لا ينتفع به ، فإذا أحضره و أشهده لم ينتفع إلا بأن يُلقي سمعه ويصغي بكليته إلى ما يوعظ به ويُرشد إليه. وها هنا ثلاثة أمور: أحدها: سلامة القلب وصحته وقبوله. الثاني: إحضاره وجمعه ومنعه من الشرود والتفرق. الثالث: إلقاء السمع وإصغاؤه ، والإقبال على الذكر. فذكر الله تعالى الأمور الثلاثة في هذه الآية. قال ابن عطية: القلب هنا عبارة عن العقل ، إذ هو محله ، والمعنى لمن كان له قلب واع ينتفع به. قال: وقال الشبلي: قلب حاضر مع الله لا يغفل عنه طرفة عين. وقوله: {أو ألقى السمع وهو شهيد} معناه: صَرَف سمعه إلى هذه الأنباء الواعظة ، وأثبته في سمعه ، فذلك إلقاء له عليها ، ومنه قوله: {وألقيت عليك محبة مني} أي: أثبتها عليك. وقوله: {وهو شهيد} قال بعض المتأولين: معناه: وهو شاهد مقبل على الأمر غير معرض عنه ، ولا مفكر في غير ما يسمع. قال: وقال قتادة: هي إشارة إلى أهل الكتاب، فكأنه قال: إن هذه العبَرَ لتذكرة لمن له فهم فتدبر الأمر ، أو لمن سمعها من أهل الكتاب فشهد بصحتها لعلمه بها من كتاب التوراة وسائر كتب بني إسرائيل. قال: فـ{شهيد} على التأويل الأول من المشاهدة ، وعلى التأويل الثاني من الشهادة. وقال الزجّاج: معنى {من كان له قلب}: من صرف قلبه إلى التفهم، ألا ترى أن قوله: {صم بكم عمي} أنهم لم يستمعوا استماع مستفهم مسترشد ، فجُعلوا بمنزلة من لم يسمع ، كما قال الشاعر: ..................... أصم عما ساءه سميع ومعنى {أو ألقى السمع} استمع ولم يشغل قلبه بغير ما يستمع ، والعرب تقول: ألقِ إلىّ سمعك ، أي: استمع مني، {وهو شهيد} أي: قلبه فيما يسمع . قال: وجاء في التفسير أنه يعني به أهل الكتاب الذين عندهم صفة النبي صلى الله عليه و سلم. فالمعنى: أو ألقى السمع وهو شهيد ، أن صفة النبي صلى الله عليه و سلم في كتابه. وهذا هو الذي حكاه ابن عطية عن قتادة وذكر أن شهيدا فيه بمعنى شاهد ، أي: مخبر. وقال صاحب "الكشاف": لمن كان له قلب واع؛ لأن من لا يعي قلبه فكأنه لا قلب له ، وإلقاء السمع والإصغاء ،{وهو شهيد} أي: حاضر بفطنته ؛ لأن من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب ؛ أو هو مؤمن شاهد على صحته وأنه وحي من الله ، وهو بعض الشهداء في قوله: {لتكونوا شهداء على الناس} ، وعن قتادة: وهو شاهد على صدقه من أهل الكتاب لوجود نعته عنده. فلم يُختلف في أن المراد بالقلب القلب الواعي ، وأن المراد بإلقاء السمع إصغاؤه وإقباله على الذكر وتفريغ سمعه له. واختُلِف في الشهيد على أربعة أقوال: أحدها: أنه من المشاهدة ، وهي الحضور، وهذا أصح الأقوال ، ولا يليق بالآية غيره. الثاني: أنه شهيد من الشهادة . وفيه على هذا ثلاثة أقوال: أحدها: أنه شاهد على صحة ما معه من الإيمان. الثاني: أنه شاهد من الشهداء على الناس يوم القيامة. الثالث: أنه شهادة من الله عنده على صحة نبوة رسول الله صلى الله عليه و سلم بما علمه من الكتب المنزلة. والصواب القول الأول ، فإن قوله: {وهو شهيد} جملة حالية، والواو فيها واو الحال، أي: ألقى السمع في هذه الحال ، وهذا يقتضى أن يكون حال إلقائه السمع شهيدا وهذا من المشاهدة والحضور. ولو كان المراد به الشهادة في الآخرة أو الدنيا لما كان لتقييدها بإلقاء السمع معنى ، إذ يصير الكلام: إن في ذلك لآية لمن كان له قلب أو ألقي السمع حال كونه شاهدا بما معه في التوراة ، أو حال كونه شاهدا يوم القيامة! ولا ريب أن هذا ليس هو المراد بالآية. وأيضا فالآية عامة في كل من له قلب وألقى السمع، فكيف يُدّعى تخصيصها بمؤمني أهل الكتاب الذين عندهم شهادة من كتبهم على صفة النبي صلى الله عليه و سلم؟! وأيضا فالسورة مكية والخطاب فيها لا يجوز أن يختص بأهل الكتاب ، ولا سيما مثل هذا الخطاب الذي علق فيه حصول مضمون الآية ومقصودها بالقلب الواعي وإلقاء السمع، فكيف يقال: هي في أهل الكتاب؟! فإن قيل: المختص بهم قوله: {وهو شهيد}! فهذا أفسد وأفسد، لأن قوله: {وهو شهيد} يرجع الضمير فيه إلى جملة من تقدم وهو: من له قلب أو ألقى السمع ، فكيف يُدّعى عوده إلى شيء غايته أن يكون بعض المذكور أولا، ولا دلالة في اللفظ عليه ، وأيضا فإن المشهود به محذوف ، ولا دلالة في اللفظ عليه ، فلو كان المراد به: وهو شاهد بكذا، لذكر المشهود به ، إذ ليس في اللفظ ما يدل عليه ، وهذا بخلاف ما إذا جعل من الشهود - وهو الحضور - فإنه لا يقتضى مفعولا مشهودا به ، فيتم الكلام بذكره وحده. وأيضا ، فإن الآية تضمنت تقسيما وترديدا بين قسمين، أحدهما: من كان له قلب ، والثاني: من ألقى السمع وحضر بقلبه ولم يغب ، فهو حاضر القلب شاهده لا غائبه ؛ وهذا -والله أعلم- سر الإتيان بأو دون الواو ، لأن المنتفع بالآيات من الناس نوعان: أحدهما: ذو القلب الواعي الزكي الذي يُكتفى بهدايته بأدنى تنبيه ، ولا يحتاج إلى أن يستجلب قلبه ويحضره ويجمعه من مواضع شتاته ، بل قلبه واع زكي قابل للهدى غير معرض عنه ، فهذا لا يحتاج إلا إلى وصول الهدى إليه فقط ، لكمال استعداه وصحة فطرته ، فإذا جاءه الهدى سارع قلبه إلى قبوله كأنه كان مكتوبا فيه ، فهو قد أدركه مجملا ثم جاء الهدى بتفصيل ما شهد قلبه بصحته مجملا . وهذه حال أكمل الخلق استجابة لدعوة الرسل ،كما هي حال الصديق الأكبر - - . والنوع الثاني: من ليس له هذا الاستعداد والقبول ، فإذا ورد عليه الهدى أصغى إليه بسمعه وأحضر قلبه وجمع فكرته عليه وعلم صحته وحسنه بنظره واستدلاله ، وهذه طريقة أكثر المستجيبين ، ولهم نُوِّعَ ضرب الأمثال وإقامة الحجج وذكر المعارضات والأجوبة عنها ؛ والأولون هم الذين يدعون بالحكمة ، وهؤلاء يدعون بالموعظة الحسنة ، فهؤلاء نوعا المستجيبين. الموضوع الأصلي: تفسير أية (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أوألقى السمع وهو شهيد) || الكاتب: Al3sjd || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد
المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد jtsdv Hdm (Yk td `g; g`;vn glk ;hk gi rgf H,Hgrn hgslu ,i, aid])
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1 : | |
عبق الشام |
|
|