بيت الكتاب والسنة خاص بتفسير القرآن وأحكامه وتجويده وأيضاً علم الحديث وشرحه |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
25-12-11, 11:32 PM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , , بسم الله الرحمن الرحيم , , يقول الله عز وجل في كتابه الكريم : (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) هذه سلسلة الإقتداء بوزراء الاسلام الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين ، وهي بعض النماذج عن صدقهم لدينهم ووفائهم لعهدربهم وإقتدائهم بنبيهم وإحسانهم الىالعبادوالبلاد والدواب، ومن أجل ذلك سادوا العباد والبلاد وأورثهم الله تعالى الأرض ليكونوا خلفاءه وشهداءه الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على من اصطفى وعلى آله وصحبه ومن سار على آثارهم واقتفى. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وكشف الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين. وبعد أوصيكم ونفسي بتقوى الله فاتقوا الله عباد الله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء1 {وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }البقرة48. اللهم اجعلنا من المتقين، اللهم لا تمتنا إلا ونحن مسلمون، اللهم آمين. ما أكثر مشاكل هذا الزمان، فقد توالت المحن، وانهالت الفتن، وأصبحت كقطع الليل المظلم، يمسي و يصبح المؤمن من هولها كافرا ، الناس في تخبط، والأمة في ضياع شبابها في تيه ولهو ومشيبها في زيغ ولغو، ونساؤها في انحراف، أصبح الدين غريبا في بلاده، وأهله غرباء في أوطانهم وبين أحضان ذويهم، تكالبت علينا الهموم فضعف الحال وقلت الحيلة،فتداعت علينا الأمم، وتحالف ضدنا الأعداء،كل ينهش من الأمة ويأخذ منها ما لذ له وطاب. فلا حول ولا قوة إلا بالله. ولكن الحق الحق يقال أن ما نحن فيه من الضعف والوهن هو مما كسبت أيدينا، وبابتعادنا عن دين الله وعن صراطه المستقيم، وعن منهجه القويم، وابتغينا العزة في غيره، كلا ورب العزة والملكوت فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله، ونحن قوم لا نعتز إلا بالإسلام، هكذا كان حال من سبقنا، ومنوال من سلفنا. وأمام هذا الوضع المخزي، وهذا الحال المتدني وجب علينا العود إلى ما كان عليه سلف الأمة الصالح، والتمسك به والثبات عليه رغم هول الخطر، وجسامة المسؤولية. وإن لنا في سلف هذه الأمة أروع الصور في ثباتهم على الحق متحدين الصعاب مواجهين هول الأخطار، فكانوا كما يقال رجالا في المواقف الحرجة، وعلى رأسهم خير السلف رسول الله ، فمواقفه كثيرة يصعب حصرها ، وضرب لنا أحسن الأمثال في الثبات والإصرار، ومن سار على دربه ممن رباهم فأحسن تربيتهم، صحابته رضوان الله عليهم، وعلى وجه الخصوص الخلفاء الراشدون الأربعة. فمناقبهم كثيرة وشواهدهم غزيرة. لكنني في هذا المقال اخترت أن أتحدث عن شخصية بعينها ممن صوروا لنا ابهى الصور وكانت لحياتهم أبلغ العبر، وجب علينا الاقتداء به، والتحلي بما تحلى به، والتخلي عما تخلى عنه. إنه خير من طلعت عليه الشمس بعد الأنبياء والرسل، إنه أول من آمن برسول الله من الرجال، إنه من افتدى بماله من أجل الإسلام، أسم على يديه ستة من المبشرين بالجنة، إنه من أعتق بماله عشرة من الصحابة وأنقذهم من عذاب قريش، إنه ثاني اثنين صاحب رسول الله في الغار، ومرافقه في الهجرة، إنه أول الخلفاء الأربعة، والله يصعب على الإنسان حصر مناقبه، لكني أظنكم عرفتموه. فعلا هو عبد الله بن أبي قحافة الملقب بأبي بكر الصديق وأرضاه. فهذا الصحابي ضرب الأمثال في ثباته على الحق رغم شدة المحن عليه، جمع في خصاله بين رقة عجب لها كل من سمع عنه وشدة استغرب لها من كان مقربا منه. أسيف تهز الآيات قلبه والكيان، شديد عندما راى فيمن حوله الخذلان. كيف وهو من أثبت الله صحبته لرسول الله في كتاب يتلى إلى يوم القيامة، يقول الله تعالى : {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة40 وكان له من أعماله أن يكون خير البشر في هذه الأمة بعد نبيها . ففي صحيح البخاري عن ابن عمر ا أنه قال : كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان . وكثيرا ما أثنى عليه وذب عنه رسول الله ، فقد روى البخاري عن أبي الدرداء قال : كنت جالسا عند النبي إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي : أما صاحبكم فقد غامر . وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ ، فأقبلت إليك فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر - ثلاثا - ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل : أثَـمّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فجعل وجه النبي يتمعّر ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله والله أنا كنت أظلم - مرتين - فقال النبي : إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صَدَق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي – مرتين - فما أوذي بعدها إن جرد فضائل أبي بكر وأرضاه ليس بالأمر الهين، ولا يتسع لها المقال ، في مثل هذا المقام ، ولكن نكتفي بعرض بعض مواقفه الدالة على ثباته على الحق رغم شدة الأحوال، وضخامة الأهوال من حوله. *** وكان من أشهر هذه المظاهر إبان إسراء النبي ومعراجه، فقد افتتن الناس في إيمانهم حينها، وهناك من ارتد بسببها، ووجدها كبار قريش فرصة لاتهام النبي في مصداقيته، فبدأوا يشيعون الخبر في الناس استخفافا به. لكن انظروا إخواني إلى موقف أبي بكر وأرضاه. فقد روى الحاكم في المستدرك عن عائشة قالت : لما أسري برسول الله إلى المسجد الأقصى أصبح يحدث الناس بذلك فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه وسعوا بذلك إلى أبي بكر فقالوا هل لك في صاحبك يزعم أنه أسرى به الليلة إلى بيت المقدس فقال أو قال ذلك قالوا نعم قال لئن كان قال ذلك لقد صدق قالوا فتصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح قال نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدقه في خبر السماء في غدوة أو روحة ، فلذلك سمي أبو بكر الصديق. أي يقين هذا الذي جعله لا يتوانى في التصديق برسول الله وجعله ثابتا، إنه الإيمان الذي وقر في القلب فطمأنه ، وصدقه العمل فأحسنه زينه . فلننظر إخواني إلى أنفسنا ولنلاحظ البون الشاسع، والفرق الواسع، شتان ثم شتان بينا وبينه ، فنحن إن عرض لنا شيء من خبر رسول الله ما نظنه بدى على ظاهره الغرابة يهتز ايماننا ويصدع يقيننا وتراودنا الشكوك والالتباس،ونضعف أمامها فإما نرتد وإما نسلم بها على سبيل المجاملة، أما التصديق الكامل فلا يكاد يكون موجودا إلا عند من تولاه الله برحمته. نسأل الله الثبات حتى الممات، والزاد قبل الميعاد، اللهم آمين. **** صورة أخرى تمثلت عندما اهتزت الأمة لخبر وفاة نبيها عليه الصلاة والسلام، وأي خطب هو كما قال أحد أهل السيرة : (وكان موته خطبا كالحا ، ورزءا لأهل الإسلام فادحا ، كادت تهد له الجبال وترجف الأرض وتكسف النيرات لانقطاع خبر السماء وفقد من لا عوض منه مع ما آذن به موته - عليه الصلاة والسلام - من الفتن السحم والحوادث الوهم والكرب المدلهمة والهزاهز المضلعة فلولا ما أنزل الله تبارك وتعالى من السكينة على المؤمنين وأسرج في قلوبهم من نور اليقين وشرح له صدورهم من فهم كتابه المبين لانقصمت الظهور وضاقت عن الكرب الصدور ولعاقهم الجزع عن تدبير الأمور فقد كان الشيطان أطلع إليهم رأسه ومد إلى إغوائهم مطامعه فأوقد نار الشنآن ونصب راية الخلاف ولكن أبى الله تبارك وتعالى إلا أن يتم نوره ويعلي كلمته وينجز موعوده فأطفأ نار الردة وحسم قادة الخلاف والفتنة على يد الصديق ولذلك قال أبو هريرة : لولا أبو بكر لهلكت أمة محمد بعد نبيها). نعم فلولا أبو بكر لهلكت أمة الإسلام، والحمد لله أن خلق رجالا ينقذون الدين من المحالك، ويخرجونه من المهالك، فقد روى البخاري عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمْ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَتَيَمَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدِ حِبَرَةٍ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ اجْلِسْ فَأَبَى فَقَالَ اجْلِسْ فَأَبَى فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَالَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَتَرَكُوا عُمَرَ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ إِلَى الشَّاكِرِينَ) قال ونشج الناس يبكون . وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهَا حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ فَمَا يُسْمَعُ بَشَرٌ إِلَّا يَتْلُوهَا قال عمر : وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا فَعَقِرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلَايَ وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلَاهَا عَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ) . سبحان الله أي قوة هاته التي جعلته يستطيع أن يقول عبارة محمد قد مات، إنه الثبات الناجم عن قوة اليقين، وقوة الإيمان بالله تعالى. فرغم حبه للنبي إلا أن حب الله تعالى أقوى وأشد، ورغم رقته إلا أن الموقف لزم الشدة والحزم، فرضي الله عن أبي بكر وأرضاه. *** صورة أخرى: بخصوص جيش أسامة بن زيد ، فقد جاء في كتاب البداية والنهاية لابن كثير عن الجيش فقال : الذين كانوا قد أمرهم رسول الله بالمسير إلى تخوم البلقاء من الشام حيث قتل زيد بن حارثة وجعفر وابن رواحة فيغتروا على تلك الأراضي فخرجوا إلى الجرف فخيموا به وكان بينهم عمر بن الخطاب ويقال وأبو بكر الصديق فاستثناه رسول الله منهم للصلاة فلما ثقل رسول الله أقاموا هنالك فلما مات عظم الخطب واشتد الحال ونجم النفاق بالمدينة وارتد من ارتد من أحياء العرب حول المدينة وامتنع آخرون من أداء الزكاة إلى الصديق ولم يبق للجمعة مقام في بلد سوى مكة والمدينة وكانت جواثا من البحرين أول قرية أقامت الجمعة بعد رجوع الناس إلى الحق كما في صحيح البخاري عن ابن عباس كما سيأتي وقد كانت ثقيف بالطائف ثبتوا على الإسلام لم يفروا ولا ارتدوا والمقصود أنه لما وقعت هذه الأمور أشار كثير من الناس على الصديق أن لا ينفذ جيش أسامة لاحتياجه إليه فيما هو أهم لأن ما جهز بسببه في حال السلامة وكان من جملة من أشار بذلك عمر بن الخطاب فامتنع الصديق من ذلك وأبى أشد الإباء إلا أن ينفذ جيش أسامة وقال والله لا أحل عقدة عقدها رسول الله ولو أن الطير تخطفنا والسباع من حول المدينة ولو أن الكلاب جرت بأرجل أمهات المؤمنين لأجهزن جيش أسامة وآمر الحرس يكونون حول المدينة فكان خروجه في ذلك الوقت من أكبر المصالح والحالة تلك فساروا لا يمرون بحي من أحياء العرب إلا أرعبوا منهم وقالوا ما خرج هؤلاء من قوم إلا وبهم منعة شديدة فقاموا أربعين يوما ويقال سبعين يوما ثم أتوا سالمين غانمين ثم رجعوا فجهزهم حينئذ مع الأحياء الذين أخرجهم لقتال المرتدة وما نعي الزكاة على ما سيأتي تفصيله قال سيف بن عمر عن هشام بن عروة عن أبيه قال لما بويع أبو بكر وجمع الأنصار في الأمر الذي افترقوا فيه قال ليتم بعث أسامة وقد ارتدت العرب إما عامة وإما خاصة في كل قبيلة ونجم النفاق واشرأبت اليهودية والنصرانية والمسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية لفقد نبيهم وقلتهم وكثرة عدوهم فقال له الناس إن هؤلاء جل المسلمين والعرب على ما ترى قد انتقصت بك وليس ينبغي لك أن تفرق عنك جماعة المسلمين فقال والذي نفس أبي بكر بيده لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته وقد روى هذا عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ومن حديث القاسم وعمرة عن عائشة قالت لما قبض رسول الله ، ارتدت العرب قاطبة وأشربت النفاق والله لقد نزل بي ما لو نزل بالجبال الراسيات لهاضها . والله يعجز اللسان عن وصف المشهد، فعلا رجال صدقوا الله فصدقهم الله، قال الله تعالى : وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ جعلنا الله ممن نسير على دربهم ونقتفي آثارهم اللهم آمين. *** موقف آخر : روى البخاري في صحيحه (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ ( جاء في بعض الروايات أن أبا بكر قال لعمر : يا ابن الخطاب أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام ؟ ) وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ . فَقَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ) . انظروا إخواني إلى هذه الملحمة التي يعجز اللسان عن وصفها، من عرف بالرقة يشد على من عرف بالشدة، لا تستغربوا إخواني هذا حال الإيمان مع الناس، من قوي إيمانه قويت عزيمته، ونصره الله بقوة من عنده. هؤلاء هم المؤمنون حقا آمنوا بما أنزل الله تعالى وقد آمنوا بقوله تعالى : {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }غافر51 كيف وصل إلى هذه الدرجة العالية في الثبات على الحق؟؟؟ فذلك ولا شك يكون بصلاح القلوب وتطهيرها من دنس الشيطان، والثبات على العمل الصالح، وبذل الجهد المضني في فعل الطاعات وترك المعاصي، فالإيمان يزداد بالطاعات، لا يتأتى بتمن أو بتحل، فهو ما وقر في القلب وصدقته الجوارح، والله تعالى يقول : { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً }النساء66 ويقول أيضا : {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ }إبراهيم27 فهل كان أبو بكر وأرضاه من أهل العمل ؟؟؟ روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا قَالَ فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا قَالَ فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ وانظروا إلى التنافس في فعل الخيرات : قال عمر أمرنا رسول الله أن نتصدق فوافق ذلك عندي مالا فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال فجئت بنصف مالي فقال رسول الله ما أبقيت لأهلك قلت مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك قال أبقيت لهم الله ورسوله . قلت والله لا أسبقه إلى شيء أبدا . رواه أبو داوود وحسنه الألباني هكذا كان عمله حتى صار خصلة من خصاله، ولربما كلكم يعرف قصة ابن الدغنة الذي أجاره عندما خرج أبو بكر مهاجرا للحبشة، وقد قال لأشراف قريش : أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق. إن المرء ليتحسر لما يرى هذا الفرق الشاسع الواسع بينما ما كانوا عليه وما نحن عليه، لكن أملنا في مرافقة هذا النسل الطيب الطاهر في الجنة، يذهب حسرتنا، فلعل حبنا لهم يكون سببا في مرافقتهم، والمرء مع من أحب يوم القيامة هكذا أخبرنا الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، فاللهم وقد حرمنا رؤيتهم في الدنيا فاجعلنا من رفقائهم في الجنة. أخيرا نسأل الله الثبات حتى الممات، اللهم ثبتنا وبالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على الإيمان، اللهم آمين . وصلّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
( HE,gQzA;Q hg~Q`AdkQ iQ]Qn hgg~QiE tQfAiE]QhiElE hrXjQ]AiA ) < |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
25-12-11, 11:36 PM | المشاركة رقم: 2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
البارقة
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
25-12-11, 11:43 PM | المشاركة رقم: 3 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
البارقة
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
بارك الله بكم وجزاكم الله خيراَ ورفع الله قدركم وأثابكم خير ثواب .. |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
26-12-11, 01:23 AM | المشاركة رقم: 4 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
البارقة
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
26-12-11, 01:24 AM | المشاركة رقم: 5 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
البارقة
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
26-12-11, 01:31 AM | المشاركة رقم: 6 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
البارقة
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
برالله فيكى ونفع بكى موضوعك ريع
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
26-12-11, 03:16 AM | المشاركة رقم: 7 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
البارقة
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
بــــــــــــــارك الله فـــــيــــك
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
26-12-11, 03:39 AM | المشاركة رقم: 8 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
البارقة
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
بارك الله فيك وسدد خطاك
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
26-12-11, 03:44 AM | المشاركة رقم: 9 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
البارقة
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
جزاك الله خير ورفع قدرك
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
29-12-11, 10:01 AM | المشاركة رقم: 10 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
البارقة
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|