بيت الكتاب والسنة خاص بتفسير القرآن وأحكامه وتجويده وأيضاً علم الحديث وشرحه |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
22-08-12, 11:50 PM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
التغني بالقرآن الكريم[1]
1- علمنا أن قراءة القرآن بالألحان؛ تنافي الاتعاظ به، والاهتداء بهديه، والاعتبار بقصصه؛ وقلنا «ليست مذاكرة القرآن بما ابتدعنا فيها من ألحان نطرى بها الصوت، وننغمه، وتتمايل الأعناق طربا للنغم، وتتصايح الأصوات استطابة للحن، والقارئ يترنم بنغمه، ويهتز للحنه، ولا يراعي معنى، فيخفض صوته في آيات الترهيب، ويشتد في آيات الترغيب، يلين في آيات القتال، ويجلجل في آيات السلام». وقد اتصل بنا بعض القراء فطلب إلينا بيانه، فإن هذا موضوع لا يغني فيه الإجمال عن التفصيل، ولا تقوم فيه الإشارة مقام العبارة؛ وخصوصاً أن البلوى فيه عامة، والبدعة فيه حسبها الناس سنة، وتعلقوا بآثار واردة عن النبي تبيح التغني بالقرآن وتزيينه بحسن الصوت، فحق علينا أن نزيل الاشتباه، ونبين الفرق بين ما كان يستحسنه الرسول الكريم، وما ابتدعه الناس من بعده، معتمدين في ذاك على المنقول والمعقول، لا نتزيد على علم السلف، ولا نسلك غير سبيلهم القويم. 2- فإننا لا نحارب البدعة، إلا بما يثبت لدينا أنه السنة، والسنة في هذا المقام هي قراءة النبي للقرآن، وقد جاء وصفها في صحاح السنة، والثابت من الآثار. فقد كان لرسول الله حزب من القرآن يقرؤه، ولا يخل به، وكانت قراءته ترتيلا، لا هذاً[2] ولا عجلة، بل قراءة مفسره، حرفاً حرفاً، وكان يقطع قراءته، آية، آية، وكان يمد عند حرف المد، فيمد الرحمن، ويمد الرحيم، وكان يقرأ القرآن قائماً وقاعداً ومضطجعاً ومتوضئاً ومحدثاً، وكان يترنم به، ويرجع صوته به أحياناً، كما رجع يوم الفتح في قراءته ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ﴾ [الفتح: 1] وكان يحب أن يسمع القرآن من غيره، وقد أمر عبد الله بن مسعود مرة أن يقرأ عليه؛ فلما سمعه خشع، حتى ذرفت عيناه، وقد استمع ليلة لقراءة أبي موسى الأشعري من غير أن يعلمه ثم أخبره، فقال : «لو كنت أعلم أنك تسمعه لحبرته لك تحبيراً[3]». ولقد روى أن رسول الله قال: «زينوا القرآن بأصواتكم». وروى أنه قال: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن» وقال : «ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن». 3- فهذه الآثار كلها تدل على أنه أباح التغني بالقرآن، وأباح ترجيع الكلمات مترنماً بمعانيها مردداً لها بترديد ألفاظها، كما يفعل الأديب عند ترديد بيت من الشعر أدرك معناه واستطابه، فردده استحساناً له، ولجودة التعبير وسلامته؛ وكما فعل عند ترجيعه ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ﴾ [الفتح: 1] فإن ترديد ذلك في عام الفتح إنما هو من شكر المنعم به؛ وهو استذكار للانتقال من الضعف إلى القوة، ومن الفتنة في الدين إلى جعل الكلمة العليا لدين رب العالمين. وإذا كان الترجيع ليس إلا ترديداً للمعنى، وتذوقاً له واستطابة، واعتباراً به، فكذا يكون التغني الذي استحسنه النبي ؛ إذ أن العرب الذين كانوا يقرءون القرآن كانوا على علم بأساليب البيان، ومعاني الفرقان؛ فكانوا يترنمون بالألفاظ ترجيعاً لمعناها، وتذوقاً لجمالها؛ واستحساناً لأسلوبها. وعلى ذلك يكون تحسين القراءة بالصوت الجميل، الغرض منه. أن يسهل على السامع فهم المعنى وتذوقه، وإدراك جمال الأسلوب، وجمال الألفاظ. 4- أما إذا كان التغني بالقرآن لمجرد النغم من غير نظر إلى المعاني، ومن غير أن يدرك السامع جمال اللفظ وجمال الأسلوب، بل يستطيب الألحان من غير تفرقة بين أن تكون الألحان في ألفاظ التنزيل، أو تكون في شعر عربي فصيح أو أوزان عامية مستحدثة، فذلك هو الذي لا نعتقد أن النبي أقره؛ بل نؤمن بأنه نهى عنه، وتنبأ بوقوعه وحذر منه. فقد روى الترمذي أن رسول الله قال: «اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الكتاب والفسق، فإنه سيجيء بعدي أقوام يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والنوح لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم». ولقد ذكر الرسول صلوات الله وسلامه عليه «أن من علامات الساعة أن يتخذ القرآن مزامير يقدمون أحدهم (ليس بأقرئهم، ولا أفضلهم) ليغنيهم غناء». فهذان الحديثان فيهما بيان أن قراءة القرآن بالألحان ليست من السنة في شيء، وهي غير التغني الذي أباحه النبي واستحسنه، وقد بيّن النبي الحد الفاصل بين التغني المستحسن، والتلحين المستهجن، في الحديث الأول؛ فقد ذكر أن التغني المستحسن هو الذي يجيء على لحون العرب؛ ولحون العرب كانت تقوم على إخراج الحروف من مخارجها، والمد في موضع المد وهمز المهموز، ووصل الموصول؛ ونحو ذلك من المبين في علم التجويد، فهذه ألحان العرب، وتحسينها هو بالصوت الجميل، لا بتوقيع القرآن على موسيقى الأعاجم. والترنم به هو ترديد المعنى المفهوم في اللفظ الجميل بحيث يكون الصوت مصوراً للمعنى أولا وبالذات، ولعل هذا هو التحبير الذي كان يتجه إليه أبو موسى الأشعري عندما كان يريد تحبير قراءته. 5- لقد بيّن النبي إذاً الفرق بين التغني المقبول، والتلحين المرذول، وتنبأ بوحي من ربه بما يكون، ثم لم يمض زمن طويل على انتقاله إلى الرفيق الأعلى، حتى ظهرت لحون الأعاجم، فإنه في صدر الدولة الأموية قد ظهر الغناء الفارسي، وأخذه العرب، ولحنوا به أشعارهم، ثم سرت العدوى من الأشعار إلى القرآن؛ فكان من القراء من يقرأ القرآن بهذه الألحان الأعجمية التي لا تتفق مع اللحن العربي؛ وأدرك ذلك بعض الصحابة الذين عمروا إلى الدولة الأموية، فإنه يروى أن قارئاً جاء إلى أنس بن مالك، خادم رسول الله صلى عليه وسلم، فقرأ وطرب، فقال له صاحب الرسول : «ما هكذا كانوا يفعلون» واستنكر صنيع ذلك القارئ، وعده بدعة. 6- ولذلك قال التابعون الذين سمعوا تلك الألحان الأعجمية ورأوها تذهب بالروعة القرآنية: إن القراءة بالألحان مكروهة، وكلمة مكروهة يراد بها في أكثر الأحوال عند هؤلاء التابعين التحريم، ولكن لعدم النص الصريح بالتحريم لم يصرحوا به، ومن هؤلاء سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والقاسم بن محمد، والحسن البصري، وابن سيرين، وإبراهيم النخعي، ثم جاءت الطبقة التي وليت التابعين من الفقهاء المحدثين، فكان منهم كثيرون أفتوا بالكراهة، ومن هؤلاء سفيان بن عيينة، ومالك بن أنس. فقد روى ابن القاسم «أنه سئل الألحان فقال لا تعجبني، وإنما هو غناء يتغنون به ليأخذوا عليه الدراهم» ولقد جاء في الطبقات لابن السبكي «أن الربيع بن سليمان الجيزي الأزدي المتوفى سنة 257 روى عن الشافعي أن قراءة القرآن بالألحان مكروهة». ولقد تضافرت الروايات عن الإمام أحمد أنه قال: «القراءة بالألحان بدعة لا تسمع». فهذه نقول كثيرة عن الأقدمين تبين أن التطريب بالقرآن من غير نظر إلى المعنى حرام أو مكروه أو بدعة، ولعل الذين لم يفتوا بشيء من هذا لم تصخ أسماعهم قراءة بالألحان تبعد المعنى، وما سمعوه من التغني بالقرآن كان في دائرة ألحان العرب التي استحسنها النبي ، وأجازها، ولم تكن من ألحان الأعاجم التي تهوش المعاني في نفوس السامعين. 7- والذي يستخلص من مجموع النقول، وهو الذي يتلاقى فيه المختلفون، أن التغني بالقرآن قسمان: (أحدهما) يساعد على المقصود من التلاوة وهو العظة والاعتبار، وفهم معانيه، وتدبر آياته، وتذوق جمال لفظه، وطلاوة أسلوبه، وحلاوة بلاغه. وهذا مستحسن مطلوب. ومن ذلك ما يروى عن عمر بن الخطاب أنه كان يقول لأبي موسى الأشعري: ذكرنا ربنا، فيقرأ أبو موسى ويتلاحن. ومن ذلك أيضاً ما روى من أن عمر قال لعقبة بن عامر وكان من أحسن الناس صوتاً بالقرآن: اعرض علي سورة كذا، فعرض عليه، فبكى عمر، وقال «ما كنت أظن أنها نزلت». وهذا القسم هو الذي يكون المعنى فيه واضحاً جليا، ويزيده حسن الصوت والإلقاء جلاء ووضوحاً، وسماعه يزيد المؤمن إيماناً كما قال تعالى في وصف المؤمنين ﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾[الأنفال: 2]. أما القسم الثاني فهو الذي يكون التوقيع الموسيقي غير متناسب مع المعنى، أو يكون الغرض من التلاوة مجرد التطريب، والغرض من السماع مجرد الطرب، أو يكون الترجيع للتنويع في الموسيقى، أو تستعار القراءات ولو لم تكن شاذة لتنويع الموسيقى، فيكون السامع في جو من الطرب لا في مقام اهتداء واتعاظ واستبصار. وهذا صالح لأن يتخذ تسلية، لا أن يكون تبصرة. وما لهذا كان القرآن، وهو لا يتفق مع المكان الأمثل له. وفوق ذلك فإن الترجيع الموسيقي يذهب بوقاره وجلاله، وقد سمعت قارئا يقرأ سورة «الحاقة»، ويختار قراءة كسر ما قبل التاء المربوطة ملحناً بها، فيكون طرب شديد من الناس للحن، ولكن ذا الإحسان يرى فيه تهزيعاً لقرآن الله العلي الحكيم. وإن هذا القسم هو البدعة التي ابتدعها الناس، وهو الذي كرهه الأئمة، وقال فيه إمام دار الهجرة: «هو غناء يتغنون به ليأخذوا عليه الدراهم». فعلى الذين يستأجرون القراء ليقرءوا القرآن متيمنين بقراءته في أفراحهم، أو راجين المغفرة بها في أحزانهم – أن يتحروا السنة، ويبتعدوا عن البدعة. والله الموفق المصدر: مجلة كنوز الفرقان؛ العدد: (الثامن)؛ السنة: (الأولى) [1] نقلا عن مجلة «لواء الإسلام الغراء». [2] الهذ: سرعة القطع, أي أنه لا يقرأ قراءة يسرع في مقاطعها, فلا يعطى الوقوف حقها, ويفسر ذلك ما جاء بعد. [3] أي يحسن صوته تحسيناً.
hgjykd fhgrvNk
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
23-08-12, 01:29 AM | المشاركة رقم: 2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
عقيدتي نجاتي
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
25-08-12, 01:46 AM | المشاركة رقم: 3 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
عقيدتي نجاتي
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
25-08-12, 01:58 AM | المشاركة رقم: 4 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
عقيدتي نجاتي
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|