الحمد لله ناصرالمستضعفين، وقاصم الجبارين، القائل: (إن فِرْعَوْنَ عَلَا فِى ٱلْأَرْضِوَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًۭا يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةًۭ مِّنْهُمْيُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْىِۦ نِسَآءَهُمْ ۚ إِنَّهُۥ كَانَمِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴿٤﴾ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَٱسْتُضْعِفُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةًۭ وَنَجْعَلَهُمُٱلْوَٰرِثِينَ ﴿٥﴾ ) ( القصص: 4، 5). والصلاة والسلام على رسوله الأمينالقائل: ( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُوَلَا يَحْقِرُهُ ).
أما بعد
فها هي سنة الله في هلاكالظالمين، وزوال حكم المفسدين، والانتقام من الطغاة المجرمين، تحل علىالنظام السوري أعتى نظام طاغوتي في العالم العربي، بل وربما في العالمكله، إذ لم يعرف في التاريخ أن حاكماً جمع من الدواهي والطوام والرزاياوالبلايا ما اجتمع في طاغية سوريا، فمن عداوة مكشوفة للدين وحقد دفين علىالمتدينين واستخفاف بإنسانية الإنسان وتدنيس للأعراض وانتهاك للحرمات ووأدللكرامات وقمع للحريات وتفنن في سوم الناس أقصى أنواع القهر والإهاناتووصل به الإجرام إلى ارتكاب مجازر لم يرتكبها حتى اليهود كما فعل بحماةالتي ذبح من سكانها أكثر من أربعين ألف إنسان دون تمييز بين شيخ أو طفل أوامرأة فضلا عن الأسارى والمشردين ناهيك عن خيانته لأمة العرب والإسلامبالتواطؤ مع أعداء الأمة من فرس ويهود وصليبيين.
فأصبح السعي في إزالة هذاالطاغوت الجاثم على صدر الأمة منذ ما يقارب الخمسة عقود والعمل على إسقاطهبكل الوسائل المتاحة لترتاح منه البلاد والعباد من أوجب الواجبات وألزمالمطلوبات. وإذا كان العلماء يقولون: ( فكاك الأسارى من أعظم الواجبات،وبذل المال الموقوف وغيره في ذلك من أعظم القربات )، فكيف إذا كان المأسوربلد كامل؛ بل بلاد يعد أهلها بعشرات الملايين؟ لذا؛ وحيث إن الله ساقللأمة هذه الثورات العربية من حيث لم تخطر لأحد على بال، وإنما هي محضتدبير إلهي، وأثبتت هذه الثورات نجاحها ونجاعتها في أكثر من قطر عربي بأقلكلفة تذكر، ثم وصلت رياحها إلى سوريا، لذا تود جبهة علماء الشام بيانالأمور التالية:
1) يجب على كافة علماءالمسلمين وعلماء سوريا خصوصا الصدع بالحق والوقوف مع المطالب المشروعةللشعب وقيادة الشارع والجماهير نحو تحقيق العدالة ورفع الظلم وعدمالانجرار وراء الدفاع عن الطغيان مهما كان الثمن، لأنهم ورثة الأنبياء،وقد فرض الله عليهم أن يبينوا الحق ولا يكتموه، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَيُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًاإِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾(الأحزاب: 39).
2) يجب على كل المدنوالأرياف السورية أن يهبوا هبة رجل واحد للمطالبة بالحرية وإلغاء حالةالطوارئ وإطلاق سراح المسجونين وإلا فيخشى أن يتفرد النظام المجرم بدرعاوغيرها من المدن والبلدات التي انتفضت ويفتك بها لا قدر الله ويوئد الحلمبالتخلص من الظلم والظالمين.
3) يجب على كل مسلممناصرة إخوانه في سوريا والوقوف معهم بكافة وسائل الدعم المشروعة كل بحسبه... فالعالم بفتواه وتشجيعه، والسياسي بميدانه، والتاجر بماله ودعمه،والإعلامي بنقله، والصحفي بقلمه، والشاعر بشعره... والأديب بأدبه... والإمام بقنوته في مسجده وجامعه... والأم في تشجيع أولادها على المناصرةوالمشاركة. هذا على مستوى الأفراد. أما على مستوى الحكومات فالواجب علىالدول الإسلامية عموما الوقوف مع الشعب السوري الأبي لرفع الظلم عنهومساندته بكل الإمكانات الممكنة والمتاحة.
4) إن كل من يتخلف منالقادرين من أهل سوريا عن نصرة إخوانه يعد آثما خاذلا لإخوانه وللإسلاموالمسلمين، ومضيعاً لأعظم فرصة تلوح، ننتظرها منذ خمسين عاما. ونذكرهبقوله : ( ما من امرئ يخذل مسلما في موطن ينتقص فيه منعرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته ). رواهأبو داود.
5) إن كل جهد مادي أومعنوي يبذل في هذا الخصوص قربة من أعظم القرب إلى الله، ولون من ألوانالجهاد إذا خلصت النية. وكل من يسقط في هذه المواجهات يعد شهيدا بإذنالله، لقوله صلى الله عيه وسلم: ( من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دوندينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد) رواه الترمذي وصححه. فهنيئا له ثواب الشهداء، ونرجو أن يتحقق فيه قوله صلىالله عليه وسلم: ( سيد الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب ورجل قامإلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله). رواه الترمذي والحاكم.
6) نؤكد على ضرورة أنتبقى المظاهرات سلمية، وألا تنجر إلى استخدام أي وسيلة من وسائل العنفمهما استفزت وسقط منها شهداء، لأن هذا ما يطمح إليه النظام ليبرر إجرامهوقمعه. ونذكر بواجب التحمل والصبر والمضي قدما برفع الصوت عاليا، وعدمالانخداع بالوعود الكاذبة بالإصلاح، كما نؤكد على ضرورة حشد كل الطاقاتوتوحيدها، وعدم الدخول في معارك جانبية، وعدم استعداء أحد من الطوائفالأخرى. والمطلوب أن نكسب الجميع لمصلحة العباد والبلاد.
نسأل الله العظيم ربالعرش العظيم أن يحفظ شعبنا، وأن يعجل بالنصر والفرج، وأن يحقن الدماء،ويتقبل الشهداء، ويشافي الجرحى. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آلهوصحبه أجمعين.
صدر في دمشق عن
جبهة علماء الشام