آخر يوم في حياة الشيخ :: حياة الشيخ التي بدأت بالعبادة وختمت بالشهادة::
إنها الساعات التي سبقت رحيل الشيخ الشهيد,ميزها أن صاحبها رفض أن يمكث في سرير المرض الذي اشتد عليه,رفض أن يبقى في المستشفى,حيث صعب عليه أن يفارق حياة الدعوة والجهاد ولو للحظات قليلة.
الشيخ أصر صبيحة آخر يوم من حياته أن يغادر مستشفى الشفاء,رغم الدعوات والنصائح التي وجهت إليه للبقاء فيها ليستكمل رحلة علاجه من الوعكة الصحية الشديدة,وكأن الشيخ الجليل يريد أن يكون آخر ساعاته في ساحات المعارك وغرف القرار بدل أن يكون بين جدران المستشفى,وبعد إصرار الشيخ وإلحاحه تم نقله إلى بيته.
نقل الشيخ إلى بيته صبيحة ذلك اليوم,ولما اقتربت الساعة من الحادية عشر صباحاً,طلب الشيخ أن يرتاح ,فنقل الشيخ إلى سريره,وكأنه قبل أن يغمض عينيه,تأمل سقف غرفته المتواضعة فتذكر تلك السنوات من حياته بآلامها وآمالها.وعندما آذن الظهر استعد مرافقو الشيخ للصلاة,وأرادوا أن يصلي الشيخ معهم كعادته,إلا أن شدة الإعياء الذي ألم بالشيخ جعلت مرافقيه الشهيد ويتركوه في نومه.
وبعد أن أفاق الشيخ من نومه صلى الظهر ثم طلب من سكرتير مكتبه أن يحضر أوراق الناس ومشاكلهم,فقرأهم,وأعطى للسكرتير مبلغا من المال ليوزعه على أصحاب الحاجات في هذه الأوراق ثم انتقل الشيخ بعدها ليقرأ التقرير اليومي عن الأحداث في غزة,وفجأة ابتسم الشيخ وأخذ يقول لم حوله ,تعالوا انظروا ,وأخذ يقرأ يقول:شاب يبلغ من العمر12 عاما وجد بجوار إحدى المستوطنات ومعه زجاجة من البنزين وحينما سئل ماذا تفعل قال:أريد أن أحرق المستوطنة.فابتسم الشيخ لهذا الموقف وعقب قائلاً أنا أعجب من هذه الروح وإن شعباً فيه هؤلاء الأطفال لا بد أن ينتصر.في هذه الأثناء أحضر للشيخ طعام الغداء فأخذ الشيخ يتناوله مع مرافقيه لينضم أليهم بعد لحظات القيادي في حماس الأستاذ الشهيد سعيد صيام الذي حضر لمقابلة الشيخ حيث جلسا معاً بعد تناول الطعام.
بعد أن أدى صلاة العشاء وركعتي قيام ليل خلف إمام المسجد علي الطرشاوي.غادر المصلون وبقي الشيخ فيه ليقضي تلك الليل بين تلاوة القران الكريم,وقيام الليل والدعاء والذكر,وما بين هذا وتلك كان الشيخ يتجاذب أطراف مع من حوله ,حيناً يحدثهم عن الأسرى وحيناً عن حياته,وحيناً يوجه لهم النصيحة,ويجب على تساؤلاتهم واستشاراتهم في ما يخصهم ويخص دعوتهم.
بقي الشيخ في حالته تلك حتى قبيل الفجر حيث تناول الشيخ طعام السحور ونوى صيام الاثنين تقرباً إلى الله عز وجل,وبقي الشيخ في مصلاه بين أبنائه وأحبائه ومرافقيه حتى أذن المؤذن لصلاة فجر الاثنين 22-3-2004م.
صلى الشيخ الشهيد فجر الاثنين يوم الشهادة,وبقي في مصلاه ينصت باهتمام إلى الصغير والكبير ممن التف حوله من رواد المسجد وأهله.وما بين العبادة وتفقد أحوال الأبناء والأحباء في تلك الليلة وذاك الفجر,لم يغفل الشيخ حرصه على إصلاح ذات البين فسأل الشيخ يومها مسئول لجنة الإصلاح بالمنطقة "مختار عبد العال"واطمأن عن العمل الجاري لحل إحدى المشكلات,وسأل الشيخ عن سير الحل وما يتعلق بتلك المشكلة.
بعدها طلب الشيخ أن يتوجه إلى البيت فخرج الشيخ من المسجد وحوله مرافقيه وأبناؤه,وما هي إلا خطوات حتى هوت صواريخ الغدر والظلم على رؤوسهم ,أصابت تلك الصواريخ جسد الشيخ الجليل مباشرة فسقط الجسم الهامد عن الكرسي,وصعدت الروح إلى ملكوت الله لتلحق بركب النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.