يارافلينَ برغد العيشِ يُزعجهم..شهر التحول يونيو أو حزيرانُ
ياسادرينَ بدربِ الغيي يُسعدهمُ..شرابُ صهباء(1) في ليلٍ و ألحانُ
وراتعينَ جوارَ الشامِ في دعةٍ..لهم بأولادهم شُغلٌ وسلوانُ
وضاحكينَ ونهرُ الأمنِ يغمرهم..ودون صحوتهم رمشٌ وأجفانُ
ياحالمينَ وطولُ النومِ يعقبهُ.. سهدٌ طويلٌ وفي الآكامِ تبيانُ
أعندكم نبأ من أهل سورية فقد سرى بحديث الشعبِ ركبان؟
كم تُستباحُ بيوتٌ حال رقدتها..وكم يُداسُ ببيتِ الله قرآنُ
تلبيسةٌ وحرابُ القهر نازفةٌ..وفي الشوارعِ أوباشٌ وشيطانُ
وفي الشمالِ تذيبُ القلبَ مجزرةٌ..وفي المعرة هزَّ الهولُ نعمانُ
بنياسُ زلزلها البركانُ في غلسٍ..وأوقدَ العِز في الأريافِ حورانُ
ياللطفولة والأحداثُ تحطمهم..فما يثورُ لأهل الشامِ إنسانُ
أما نفوسٌ أبياتٌ لها هممٌ..أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ؟!!
حتامَ يهتكُ أهلُ الرفضِ في بلدٍ..قد كانَ يوماً بأهلِ الدينِ مُزدانُ؟!!
واليومَ تنهشهُ الآلامُ في صلفٍ..وتحرقُ العشبَ والأشجار نيرانُ
في تل كلخٍ يصولُ الضبعُ مُنتشياً..ويهجر التلَ بالآلافِ ثكلانُ
ولوسمعتَ نحيبَ العجز ترفعهُ ..بالشغر يافعةٌ والطهر عريانُ
لفتت القهر شريانا وأوردةً ..إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
ولو رأيتَ صغيراً وسط أسرهمُ..لهالك الوجدُ واغتالتكَ أحزانُ
ياللنفوسِ عزيزات يُجرجرها شبيحةُ بمهينِ السوقِ إمعانُ
ياللدماء زكيات يُهرِقها..بلا حسابٍ بأرضِ الشامِ أخدانُ
ياللحرائر قاد العِرُ(2) طاهرها..فنالها من صروف الذلِ ألوانُ
يارُبَّ شاحبةٍ رعباً يروعها ..عِرٌ خبيثٌ وملءُ القلبِ أشجانُ
وربُ نائحةٍ تبكي لفاجعةٍ..ورب ثكلى تُسجي اليومَ شُبَّانُ
وربَّ طفلٍ رضيعٍ غابَ عائلهُ.. ورّبَّ شيخٍ بغورِ الجُرحِ حيرانُ
أما نفوسٌ أبياتٌ لها هِممٌ..أأيقظ الصوتُ أم في الخدر نعسانُ
حتى البهائمُ طال البغي جانبها..فأحرقت بقفار الشامِ قُطعانُ
ياللشآمِ ببحر النزفِ غارقة..وليسَ يدفعُ موجََ الضيمِ خِلَّانُ
بحمصَ يجثمُ ثُقل القهرِ تُفزعهُ..حناجرٌ برخيم العِزِ تزدانُ
وفي دمشقَ عرينُ الشامِ يخنقها..بكلِ حيٍّ متاريسٌ وسجانُ
وفي حماةَ أُسودُ الدينُ ماانكسرتْ..قناتهم وفتيلُ الأمسِ بركانُ
في اللاذقية قُربَ البحرِ قد نبشتْ..أحداثُ درعا بشطِ البحر مُرجانُ
قدْ غَرَّ من حلبٍ صمتٌ فباغتهمُ ..هديرُ جامعةٍ يتلوهُ طوفانُ
أسماءُ أروقةٍ بالشامِ أرجعها..إلى السماع صريخُ العزِ أزمانُ
أرضُ الخلافة والأمجادِ ياعبقاً..قد كاد يخنقه بالدرسِ(3) نسيانُ
قد كاد يجهل هذا الجيلُ مرحلةً من الزمان فهاجَ الأمسَ أحزانُ
أينَ الصحابةُ فيها ضمهم سكنٌ..أينَ الفتوحُ ثغورُ الشامِ عنوانُ؟
أينَ الملوكُ يزيدٌ أو معاويةٌ..أينَ الوليدُ سليمانٌ ومروانُ؟
أينَ الدروسُ وأينَ الشعر ياوطناً..قد كان مُستنداً للعلمِ سلطانُ؟
أينَ ابن حيوة(4) و الزهريُ أو عمرٌ(5) ..والأوزاعي ومكحولٌ وذكوانُ (6)؟
أينَ الفرزدقُ والخطفي(7) يغلبه..والطائيين(8) ومن في الرهن حبسانُ(9) ؟
أينَ ابن تيمية وابنُ الأثير ومن ..قد كان شاغلها(10) وأينَ حمدانُ (11)؟
وأينَ من كانَ بالشهباء يُطربهُ..صوتُ الجيوشِ إذا ماهزهم شانُ؟
أتى على القومِ أمرٌ لا مردَ لهُ..حتى قضوا فكأن القومَ ماكانوا (12)
ووسدتهمُ منياتٌ بلا فرشٍ..وجاء من بعدهم ظلمٌ وخذلانُ
كأنما الشامُ لم يسكنْ بها ألمٌ..ولم تكن لصروح العز أوطانُ
كأنما الدينُ لم ترسخ لهُ قدمٌ..ولم يعد لجناب الدينِ أعوانُ
فجائعُ الدهرِ أنواعٌ منوعةٌ(13) ..وفي الشعوبِ جراحاتٌ وأحزانُ
وللمصائب مايشفي جراحتها..وما لما حلَّ في الشاآمِ إخوانُ
2/8/1432هـ.... س11 صباحاً
1- اسم من أسماء الخمر
2- اسم للحمار
3- اندرس :انمحى
4- رجاء بن حيوة
5-عمر بن عبد العزيز
6-كلهم من علماء الشام في عصر بني امية
7-جرير بن حذيفة الخطفي اليربوعي التميمي
8-أبو تمام والبحتري
9-أبو العلاء المعري رهين المحبسين
10-المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس-كما يقال عنه-
11- الدولة الحمدانية بحلب
12-من أبيات أبي البقاء الرندي
13-شطر البيت لأبي البقاء الرندي