![]() |
المشاركة رقم: 9 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
عين مشتاقة للجنة
المنتدى :
بـاب شهـــر رمضــان
![]()
![]() ![]() افتخر النهار على الليل قائلاً: أنا وقت النشاط والعمل والبناء والنماء بل أنا الحياة على الحقيقة في ساعاتي انتصر جند الله على مر العصور فسائل عني طلائع الفتوح وبشائر النصر وبي أقسم الله في كتابه فقال: {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ} [الليل:٢]. اغتر النهار بصمت الليل وسكونه فتمادى في الفخر وحقره قائلاً: أما أنت فزمان الكسل والخمول والدعة فأوقاتك تُعمر بالنائمين الخاملين، أنت بيت الذعر والخوف فبك يفرح اللصوص وأرباب الجرائم. انتفض الليل من سكونه ونطق قائلاً: أنا زمن السكون والراحة جعلني الله سكناً ولباساً لعباده، أنا مأوى العُبَّاد وأرباب الإحسان فلهم معي أحاديث وأسمار. كم فرح بي الأنبياء والأتقياء والصالحون وكم كان سوادي ستراً لمسرى الأنبياء أحرسهم من أعين الأعداء، أسحاري لذة العارفين وسلوة الخائفين وملاذ المذنبين. أقسم الله بي في القرآن بل سميت بي سورة من سوره، في ثلثي الأخير ينزل الرب جل وعلا. طأطأ النهار رأسه خجلاً و حياءً واتجه إلى الليل يقبل رأسه ويعترف له بالفضل. إنه الليل مضمار الصالحين فيه يصفُّ أهل الحب الصادق أقدامهم بين يدي سيدهم جل ذكره، فيه تكون لذة المناجاة وجميل التضرع وحلاوة الاستغفار: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران:١٧]، وفيه يفرح المخلصون فهو وقتهم الذهبي للمسارة بالعمل. فيه أزمنة شريفة، فيه ينزل الرب إلى السماء الدنيا جل وعز، فتفتح أبواب الرحمات وتجاب الدعوات، وتقال العثرات. قلت لليل هل بجوفك ســــر *** عابق بالحديث والأسرار قال لي: لم ألق في حياتي حديثاً *** كحديث السمار في الأسحار يا ليل كم من توبة فيك رفعت وقبلت يا ليل كم من رقبة فيك أعتقت يا ليل كم من هائم فيك وجد بغيته يا ليل كم للمحبين فيك من أسرار وللصادقين فيك من أخبار ![]() الليل له مع النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه والصالحين والأخيار من بعدهم قصص وأخبار يقول عز وجل لرسوله ومصطفاه {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} [الإسراء:٧٩] فامتثل الحبيب عليه الصلاة والسلام أمر ربه فقام وأطال في القيام، وبكى وأطال في البكاء. عن عطاء قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة ![]() ![]() وصف الله الصالحين من عباده في الليل فقال: {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴿١٧﴾ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:17-١٨] فكانت بيوتهم في ظلام الليل مدارس تلاوة وجامعات تربية ومعاهد إيمان حتى أن أحدهم يكون في حراسة جيش المسلمين فيأسره سواد الليل فلا يملك نفسه إلا أن يصف قدميه متهجداً لله. فهذا عباد بن بشر يكون حارساً للجيش في الخلاء فيسحره سكون الليل وهدأة الناس فلا يملك نفسه من أن يصف قدميه لله قائماً وساجداً يترنم بالقرآن، فيبصره العدو ويرسل إليه سهماً وعباد يترنم بسورة الكهف فيصيبه السهم فينزعه ويسترسل في صلاته. فتتابعت عليه السهام فيوقظ صاحبه فيقول له: سبحان الله أفلا أيقظتني. قال: كنت في سورة أقرأها فلم أحب أن أقطعها حتى أنفذها، وأيم الله لولا أن أضيع ثغراً أمرني رسول الله بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفذها. وعن عائشة ![]() وعن أسلم أن عمر بن الخطاب ![]() قال الحافظ ابن كثير عن ليل عمر: "كان يصلي بالناس العشاء ثم يدخل بيته، فلا يزال يصلي إلى الفجر". ![]() لقد كان الصالحون يتلذذون بالليل وقدومه فلا تسل عن فرحهم إذا ظفروا به لسان حالهم " حبيب جاء على فاقة " . قال أبو سليمان الدارني رحمه الله: "أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم و لولا الليل ما أحببت الدنيا". وقال ثابت البناني رحمه الله: "ما شيء أجده في قلبي ألذ عندي من قيام الليل". وقال بعض السلف: "إني لأفرح بالليل حين يقبل لما يلّتذ به عيشي وتقر به عيني من مناجاة من أحب وخلوتي بخدمته والتذلل بين يديه". وقال عمر بن ذر رحمه الله : "لما رأى العابدون الليل قد هجم عليهم ونظروا إلى أهل السآمة والغفلة قد سكنوا إلى فرشهم ورجعوا إلى ملاذهم من الضجعة والنوم قاموا إلى الله فرحين مستبشرين بما قد وهب لهم من حسن عبادة السهر وطول التهجد، فاستقبلوا الليل بأبدانهم وباشروا ظلمته بصفاح وجوههم فانقضى عنهم الليل وما انقضت لذتهم من التلاوة ولا ملت أبدانهم من طول العبادة". فأصبح الفريقان وقد ولى عنهم الليل بربح وغبن أصبح هؤلاء قد ملوا النوم والراحة وأصبح هؤلاء متطلعين إلى مجيء الليل للعبادة شتان ما بين الفريقين . قيل للحسن: ما بال المتهجدين أحسن الناس وجوهاً؟! فقال: "لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره". وقيل لحسان بن سنان رحمه الله: ما تشتهي؟ قال: "ليلة بعيدة الطرفين أحيي ما بين طرفيها".
وقال ابن المنكدر رحمه الله: "ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث: قيام الليل، ولقاء الإخوان، والصلاة في الجماعة". ![]() أخي! تلك نعمة ولذة ربما حرمنها على مدار العام ومن رحمة الله بنا أن بلّغنا شهر رمضان لنتذوق ذلك النعيم فلا أقل من أن نتشبه بأولئك القوم في شهر رمضان لعل الله أن يلحقنا بهم فدونك شهر رمضان. دونك وقت السحر وقت النزول الإلهي، دونك مضمار الربح فلا تضيع الفرصة فقد كان ![]() شائع محمد الغبيشي يا له من دين |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
لا يوجد أعضاء |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|