كما فقدنا أحمد بن عبداللطيف الشيخ، الحافظ للقرآن، فقدنا عبدالحميد ومروان وهما من حفظة القرآن، وكما رحل أحمد عنّا بسبب حادث مفجع، رحل عنا عبدالحميد ومروان بسبب حادث مفجع، وكما تقدّم لإمامة الناس في صلاة الجنازة أبوأحمد الشيخ عبداللطيف الشيخ، بكل صبر ويقين واحتساب، تقدّم للإمامة أبوعبدالحميد الشيخ حسن الشيخ بكل صبر ويقين واحتساب
في كلّ جنازة، تجد أبوعبدالحميد مبادراً ومشرفاً على دفن موتى المسلمين في مقبرة المحرّق، محتسباً أجره عند الله، يتابع وينظّم حتى يُدفن الميت، ويوارى الثرى. أمس الأوّل، قدّر الله أن يحتشد في المقبرة الآلاف مع أبوعبدالحميد ولكن ليدفنوا ابنه وصاحب ابنه، والسبب ليس لشهرة اكتسبوها، وليس لمالٍ جمعوه، فمازالت أعمارهم غضّة طريّة، وما زالت حياتهم في بدايتها، ولكنه الموت الذي هو أقرب إلى أحدنا من شراك نعله، كما أخبرنا بذلك النبي الأعظم.
عبدالحميد ومروان شابّان نشآ في طاعة الله، فقد كانا كحمامتي المساجد، حريصان على الطاعة والعبادة وحفظ القرآن الكريم والأحاديث الشريفة. لم يلتفتا إلى ما لوى أعناق شباب هذه الأيام، من عشق إضاعة الأوقات، واللهاث خلف ألوان المغريات البرّاقة، التي هجّنت الكثير من شبابنا، فتجد اسمه عبدالله ومحمد، وهو لا يعرف من الدين إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه!
عبدالحميد ذو 21 ربيعاً، له أصحاب في سنّه، يحبونه ويوقرونه فقد كان إدارياً نشيطا في مسجد أبوحنيفة النعمان بالبسيتين، يؤم الناس أحياناً كما يؤمهم في العمل، سبّاق إلى الخير، رفقته وخلته طاهرة نقيّة، كبياض وجهه الذي لقى به ربه.