يوم الجمعة .. يوم عيد

**جارة المصطفى** · 10-11-11, 04:20 PM

يوم الجمعة .. يوم عيد

الحمد لله الذي جعل في تعاقب الليل والنهار عبرة لأولي الأبصار , أحمده وأشكره على نعمه الغزار , وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد .

فلا تزال الشعوب تحتفي بأعيادهم وتفرح بتكرارها , وتسر بذكر اسمها ..
كيف إذا كان العيد لأمة الإسلام وتتعبد الله عز وجل به ..
إن عيد الأسبوع لأهل الإسلام هو ** يوم الجمعة ** الذي أكرم الله به هذه الأمة بعد أن أضل عنه اليهود والنصارى , قال : " أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا , فكان لليهود يوم السبت , وكان للنصارى يوم الأحد , فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة , فجعل الجمعة والسبت والأحد , وكذلك هم لنا تبعٌ يوم القيامة , نحن الآخرونمن أهل الدنيا , والأولون يوم القيامة المقتضي بينهم قبل الخلائق " . رواه مسلم .
ويوم الجمعة هو اليوم الذي قال عنه الرسول : " خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة " . رواه مسلم .
وقد اختلف العلماء .. هل هو أفضل أم يوم عرفة ..
وقد عد ابن القيم أكثر من ثلاثين مزية وفضل لهذا اليوم العظيم , ومن تلك الخصائص والفضائل :
1-أنه يوم عيد متكرر .. فيحرم صومه منفرداً , مخالفة لليهود والنصارى , وليتقوى العبد على الطاعات الخاصة به من صلاة ودعاء وغيرها .
2-أنه يوم المزيد .. يتجلى الله فيه للمؤمنين في الجنة , قال تعالى : (وَلَدَينَا مَزِيدٌ ) قال أنس : " يتجلى لهم في كل جمعة " .
3-أنه خير الأيام , قال : " خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة " . رواه مسلم .
4-فيه ساعة الإجابة .. قال : " فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله – تعالى – شيئاً إلا أعطاه إياه " وأشار بيده يقللها . رواه البخاري ومسلم .
5- فضل الأعمال الصالحة فيه .. قال : " خمس من عملهن في يوم كتبه الله من أهل الجنة : من عاد مريضاً , وشهد جنازة , وصام يوماً , وراح إلى الجمعة , وأعتق رقبة " . صححه الألباني
والمراد : أن صيامه وافق يوم جمعة بدون قصد .
6- أنه يوم تقوم فيه الساعة .. لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : " ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة " . رواه مسلم .
7- أنه يوم تُكفَر فيه السيئات , والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما وزيادة ثلاثة أيام .. فعن سلمان رضيالله عنه قال : قال رسول الله : " لا يغتسل رجل يوم الجمعة , ويتطهر ما استطاع من طهر , ويدهن من دهنه , أو يمس من طيب بيته , ثم يخرج فلا يفرقبين اثنين , ثم يصلي ما كتب له , ثم ينصت إذا تكلم الإمام , إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى " . رواه البخاري . وفي رواية لمسلم .. " .. وفضل ثلاثة أيام " .
8- أن للماشي إلى الجمعة أجر عظيم .. قال : " من غسَّل يوم الجمعة واغتسل ثم بكّر وابتكر ومشى ولم يركب , ودنا من الإمام فاستمع ولم يَلغُ , كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها " . رواه أبو داود .
9- أن الوفاة يوم الجمعة أو ليلتها من علامات حسن الخاتمة لقوله : " من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وُقِيَ فتنة القبر " . رواه أحمد .
10- أن الصدقة فيه خير من الصدقة في غيره من الأيام , قال ابن القيم : " والصدقة فيه بالنسبة إلى سائر أيام الأسبوع كالصدقة في شهر رمضان بالنسبة إلى سائر الشهور " .
وهناك فضائل ومزايا أخرى لهذا اليوم العظيم , ولو لم يكن فيه إلا مزية واحدة مما ذكرنا لكفى بالمرء حفظاً له وحرصاً عليه , فكيف وقد اجتمعت فيه فضائل عظيمة وخصال كثيرة ؟!
ولهذا اليوم العظيم آداب وسُننٌ منها : ( وهذه الآداب بعضها مشتركة للمسلمين والمسلمات , وبعضها خاص لمنو أوجب عليهم صلاة الجمعة وهم الرجال ):
1- التبكير إلى الصلاة .. وقد ورد في الحث على ذلك أن رسول الله صلى الله عليهوسلم قال : " إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبونالأول فالأول , فإذا جلس الإمام طووا صحفهم وجلسوا يستمعون الذكر , ومثل المُهجِّر ( أي المبكر ) كمثل الذي يهدي بدنة , ثم كالذي يهدي بقرة , ثم كبشاً , ثم دجاجة , ثم بيضة " . رواه مسلم
وكان من عادة السلف رضوان الله عليهم التبكير إلى الصلاة كما قال بعض العلماء : " كان يُرى في القرون الأولى في السحر وبعد الفجر الطرقات مملوءة يمشون في السرج ويزدحمون بها إلى الجامع كأيام العيد , حتى اندرس ذلك " .
2- الإكثار من الصلاة على النبي قال عليه الصلاة والسلام : " إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم , وفيه قبض , وفيه النفخة , وفيه الصعقة , فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه , فإن صلاتكم معروضة عليَّ إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " . رواه أحمد
3- الاغتس اليوم الجمعة .. لحديث الرسول : " إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل " . متفق عليه
واختلف العلماء في حكمه بين الوجوب والاستحباب , والجمهور على الاستحباب فيستحب الاغتسال , إدراكاً للفضل .
4- التطيب , والتسوك , ولبس أحسن الثياب .. قال رسول الله : " غُسل يوم الجمعة على كل محتلم , وسواك , ويمس من الطيب ما قدر عليه " . رواه مسلم
5- يستحب قراءة سورة الكهف .. لحديث الرسول : " من قرأسورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين " . رواه الحاكم
6- وجوب الإنصات للخطبة والحرص على فهمها والاستفادة منها .. قال صلى الله عليه وسلم : " إذا قلت لصاحبك : أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب , فقد لغوت " . متفق عليه
7- الحذر من تخطي الرقاب , وإيذاء المصلين .. فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم لرجل تخطى رقاب الناس يوم الجمعة وهو يخطب : " اجلس فقد آذيت وآنيت " . رواه أحمد
وأخيراً أيها المسلم :
أما وقد انصرفت من المسجد وقد اخذت بحظك من الدرجات والخيرات – إن شاء الله - تأمل في قول ابن رجب – رحمه الله - : " كان بعضهم إذا رجعمن الجمعة في حر الظهيرة يذكر انصراف الناس من موقف الحساب إلى الجنة أو النار , فإن الساعة تقوم في يوم الجمعة , ولا ينتصف ذلك النهار حتى يقيل أهل الجنة في الجنة , وأهل النار في النار .. قاله ابن مسعود وتلا قوله : ( أصْحَابُ الجَنَّةِ يَوْمَئذٍ خَيرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأحْسَنُ مَقِيلاً ) .

أخي المسلم .. أختي المسلمة :

تحرَّوا ساعة الإجابة , وأرجح الأقوال فيها : أنها آخر ساعة من يوم الجمعة .. فادع ربك , وتضرع إليه وأسأله حاجتك , وأره من نفسك خيراً , فإنها ساعة قال عنها النبي : " إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه " . متفق عليه .

جعلنا الله وإياكم ممن يعبد الله حق عبادته
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

منقول بتصرف ..