الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أمّا بعد:
إليك أخي تلك الكلمات في موضوع كثير من النّاس من ينساه في زحمة الحياة، بالرغم من أنّهم مقدمون عليه، ولا بد أن يتجرعون كأسه، إنّه الموت.. لا يعرف الصغير .. ولا يميز بين الوضيع والوزير.. ولا يحابي صاحب المنصب الكبير..
أخي المسلم: هل خلوت يوما بنفسك فقلت لها: يا نفس إنّك "شيء"، وقد قال تعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [سورة القصص: من الآية 88].
أخي: إنّه هادم اللذات.. دعاك النبي إلى كثرة تذكره، إذ
قال أكثروا من ذكر هادم اللذات رواه البخاري
أخي: أليس من العجيب أن نوّدع كل يوم ميتا ثم لا يحرك ذلك قلبا؟ ولا يثير خوفا أو فزعا؟
بل كأنّ الموت مكتوب على هذا المشيّع وحده، فكم في هذه الغفلة قبيحة؟ وكم هي كريهة وشنيعة، إنّه عمى القلوب وما أسوأه من عمى.. {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [سورة الحج: من الآية 46].
أخي: إذا شغلتك الدنيا، فتذكر الموت.. فإنّك راحل ولن تجد لتلك النفس سوطا أشد عليها من تذكر الموت.
"فهل تفكرت يا ابن آدم في يوم مصرعك وانتقالك من موضعك؟ وإذا نقلت من سعة إلى ضيق، وخانك الصاحب والرفيق، وهجرك الأخ والصديق، وأخذت من فراشك وغطائك إلى غرر، وغطوك من بين لحافك بتراب ومدر، فيا جامع المال والمجتهد في البنيان، ليس لك والله من مال إلاّ الأكفان، بل هي والله الخراب والذهاب، وجسمك للتراب والمآب، فأين الذي جمعته من المال؟ فهل أنقذك من الأهوال؟ كلا بل تركته إلى من لا يحملك، وقدمته بأوزارك على من لا يعذرك". [الإمام القرطبي].
أخي:
كم مضى من الدنيا؟
وكم هلكت من أجيال وأمم؟ كم من ميت من إخوانك وأحبابك أودعته في جوف الثرى؟
كم مرة حدثتك نفسك أنّك قد تموت اليوم أو غدا؟
كم من العمر مضى وأنت تؤمل الآمال العراض؟
وهل بلغت كل ما تؤمّل؟
وإن، هل وقفت بك الآمال عند أملك؟
أخي: تذكر.. ثم تذكر.. وإليك: "للعبد ربّ هو ملاقيه، وبيت هو ساكنه، فينبغي له أن يسترضي ربّه قبل لقائه، ويعمّر بيته قبيل انتقاله إليه". [الإمام ابن القيم].
أخي: كن على حذر، وهل يغني الحذر؟ ما بقي أخي غير العمل الصالح فهو خير زاد..وخير رفيق يوم المعاد.. وروضتك يوم الرقاد.. وأنيسك إذا تفرق عن قبرك العباد..
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
منقول