بقلم الأستاذ طارق عبده إسماعيل باحث في الطب النبوي
الحمد لله رب العالمين القائل (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر: 7]، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم. سوف نتناول في هذه المقالة إحدى المعجزات النبوية الشريفة في مجال طب الأسنان.
حدثنا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام حديثاً يبين طريقة متطورة لوقاية أجزاء
اللسان من الالتهابات التي قد تصيبه نتيجة تراكم البكتريا من تعفن الطعام بشقوق اللسان. فقد رُوي عن أبي بردة، عن أبيه قال: (أتيت النبي
فوجدته يستن بسواك بيده، يقول: أع أع، والسواك في فيه كأنه يتهوع)[رواه البخاري ومسلم]. وعن أبي بردة أيضاً، عن أبي موسى قال: (دخلت على النبي
وطرف السواك على لسانه)[رواه مسلم].
شرح الحديث
ورد في كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني
(جعل رسول الله السواك على طرف لسانه كما عند مسلم والمراد طرفه الداخلي كما عند أحمد يستن إلى فوق, ولهذا قال هنا كأنه يتهوع, والتهوع التقيؤ أي له صوت كصوت المتقيّئ على سبيل المبالغة ويستفاد منه مشروعية السواك على
اللسان طولا أما الأسنان فالأحبّ فيها أن تكون عرضاً) . [فتح الباري ج1 ص356]. ومن هنا ظهر معنى قوله على طرف لسانه انه الطرف الداخلي لأن هذا الجزء إن وضعت عليه شيء دفعك إلى الميل للتقيؤ وهذا ما حدث مع رسول الله في قوله (أع أع).
التفسير العلمي للحديث
يلاحظ بالعين المجردة أن
اللسان بكامل سطحه العلوي به شقوق واضحة غائرة ولا شك أن هذه الشقوق يلتصق بها الكثير من بقايا فتات الطعام والشراب الدقيقة مما ينتج عنه بعد ذلك تعفنها وخروج رائحة كريهة.
وقد ثبت علمياً أن
اللسان أخصب مكان في الفم لنمو شتى أنواع البكتريا الضارة من جراء هذا التعفن لاسيما المنطقة الخلفية (قاعدة اللسان) لأن المنطقة الأماميه من
اللسان تحتكّ دائماً بالأسنان وسقف الفم مما يعمل على تنظيفها من هذه البكتريابصفة دائمة. كما أن الحليمات الذوقية التي تغلفها شقوقها أقل غوراً وأقل تجعداً بعكس المنطقة الخلفية (قاعدة اللسان) التي تفتقد لهذا وشقوقها أكثر غوراً وتجعداً ولا شك أن هذه البكتريا الضارة تندفع إلى داخل جسم الإنسان مع أي وجبة قادمة وقد تسبب هذه البكتريا بعض التقرحات للسان.
ماذا يقول الطب الحديث؟
أما كيفية تنظيف
اللسان فقد ورد في وهو أحد المواقع العلمية المتخصصة في أمراض الفم والأسنان قولهم حول أفضل الطرق لتنظيف وصيانة الفم والأسنان:
"هناك طرق متعددة يمكن من خلالها تنظيف المنطقة الخلفية للسان لكن كل منها لها نفس الهدف، هو قشط البكتيريا والأوساخ التي تجمعت على سطح اللسان. عندما تنظف لسانك، ليست المشكلة في الطريقة التي اخترت استعمالها ولكن يجب عليك أن تحاول تنظيف المنطقة الخلفية البعيدة في لسانك. لا تتفاجأ إذا وجدت شعوراً بالغثيان (رغبة في التقيؤ)، إن شعورك بالغثيان هو رد فعل طبيعي سوف يزول مع الوقت".
وجه الإعجاز في الحديث
لقد سبق الحديث الشريف كل العلماء بالتأكيد على تنظيف الفم جيداً لدرجة الإحساس بالتقيؤ، وأن هذه الطريقة ضرورية لإزالة أي أثر للبكتريا الضارة من
اللسان والتي تسبب مختلف أنواع الالتهابات للثة والفم.
وقفة تأمل
وهنا نقف ونتأمل ونتساءل: من علّم النبي
أن ينظّف لسانه بهذا الأسلوب المتطور والذي لم تصل اليه الأساليب العلمية إلا حديثاً؟ إنه رب العالمين الذي خلق السماوات والأرض وأرسله رحمة للعالمين.
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ