بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجزء الثامن
لم فصّل موسى بعض فوائد العصا وأجمل الباقـي
بقوله:(وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى)
ومعلوم أن المنافع التي أجملها
كانت أعجب وأغرب ؟
1ـ كره أن يشتغل بتفصيل منافعها عن سماع كلام الله تعالى ففصل البعض وأجمل الباقي بقوله : (ولي فيها مآرب أخرى) والله أعلم بما أجمله .
2ـ أنه ذكر المنافع التي هي له ألزم , وحاجته إليها أمس وإن كانت المنافع التي أجملها أعجب وأغرب
3-الاستعظام بأنها أكثر من أن تحصى
4-يحتمل أن يكون رجاء أن يسأله الله سبحانه عن تلك المآرب فيستأنس
بكلامه عز وجل مرة أخرى..والله أعلم
قال تعالى : (وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)
السؤال هنا عن سبب العجلة ؟
فإن موسى لما واعده ربه بإنزال التوراة عليه بجانب الطور الأيمن ، وأراد الخروج إلى ميعاد ربه اختار من قومه سبعين رجلا يصحبونه إلى ذلك المكان ثم سبقهم شوقا إلى ربه وأمرهم أن يلحقوا به ، فعاتبه الله عز وجل على ذلك ، فكان الجواب المطابق أن يقول : قصدت زيادة رضاك ، أو الشوق إلى لقائك ،
فكيف قدم مالا يطابق السؤال وهو قوله : (هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي) ؟
يقول العلماء : ما واجهه به ربه تضمن شيئين إنكار العجلة في نفسها والسؤال عن سببها ، فبدأ موسى بالاعتذار عما أنكره الله تعالى عليه بأنه لم يوجد منه إلا تقدم يسير لا يعتد به في العادة ، ثم عقب العذر بجواب السؤال عن السبب بقوله : (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)
قال تعالى : (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى)
الخطاب في الآية الكريمة لآدم وحواء ، فلم قال الحق تبارك وتعالى : (فتشقى) ولم يقل (فتشقيا) ؟
ذكر العلماء وجوها في ذلك نذكر منها :
الأول : أسند الشقاء إليه دونها مراعاة للفاصلة ( فتشقى - تعرى – تضحى) .
الثاني : أن الرجل قيم أهله ، وأميرهم ، فشقاؤه يتضمن شقاءهم ، كما أن سعادته تتضمن سعادتهم ، ومعاداته تتضمن معاداتهم ، فاختصر الكلام بإسناد الشقاء إليه دونها لما كان متضمنا له .
الثالث : أنه أراد بالشقاء الشقاء في طلب القوت , وإصلاح المعاش ، وذلك وظيفة الرجل دون المرأة , قال سعيد ابن جبير : أهبط إلى آدم ثور أحمر يحرث عليه ، ويمسح العرق عن جبينه فذلك شقاؤه
قال تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)
ونحن نرى المعرضين عن الذكر الحكيم والنهج القويم في أرغد معيشة وأخصبها
فكيف قال الحق تبارك وتعالى ذلك ؟
أولا : نقول وبالله التوفيق : يقول ابن عباس ا : المراد بالمعيشة الضنك الحياة في المعصية وإن كان في رخاء ونعمة .
ثانيا : أن المراد بها عيشته في جهنم في الآخرة .
ثالثا : أن المراد بها معيشته في الحياة الدنيا مع الحرص الشديد عليها وعلى أسبابها ..
والله أعلم
إعــداد
الأستاذ : محمد عبد الإله فنديس