البيــت العـــام للمواضيع التي ليس لها قسم محدد |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
25-07-19, 12:23 AM | المشاركة رقم: 151 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
13-11-19, 02:45 PM | المشاركة رقم: 152 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
تفسير قوله تعالى [وما يعلم تأويله إلا الله] لشيخ الإسلام ابن تيمية الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأله وبعد:: فإن لهذا الموضوع أهمية بالغة جداً فإنها صيحة تحذير من الإغترار بأهل البدع والمنافقين الكفرة وتضليلهم للناس فكثير من الناس يشتبه عليه فهم هذه الأية كما ينبغى ولفهم هذه الأية وما يشابهها شأن عظيم لدى كل مسلم ليعرف خطر علماء السلطة المنافقين النفاق الأكبر وعدم الإنخداع بهم وبليهم لأعناق النصوص واستدلالاتهم على باطلهم وكذا أهل البدع فالكثير ينخدع ويغره كلام الشيعة وباقى أهل البدع والمنافقين ممن ينتسب للعلم ينخدع باستدلالهم بالقرآن والسنة فهم يستدلون ويخدعون العامة بمتشابه من القرآن والسنة ليخدم باطلهم ويتركون المحكم مما يدعوا المسلم لمعرفة المحكم والمتشابه وهذا بحث فريد لعالم فريد حبر بحر جبل كلام نفيس جداً يحتاجه كل طالب علم عظيم النفع فتأمله جيداً ينفتح لك أبواب عظيمة ويحميك من مكائد شياطين الإنس المنافقين وأهل البدع ويحمى غيرك فإنه بين كيفية الوقوع فى شراك الألفاظ المشتركة المجملة المشتبهه وكيف ضل فيها خلق ومعنى القاء الشيطان ومعنى التأويل وغيره كثير قال شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن تيمية الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم فصل قوله تعالى { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته } إلى قوله : { ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد } { وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم } . قلت هناك قولان فى تفسير قوله تعالى ألقى الشيطان فى أمنيته أولاً تمنى بمعنى قرأ وأمنيته قراءته القول الأول هو إلقاء كلام على لسان النبى من عند الشيطان نفسه والقول الثانى هو إلقاء الشيطان تفسير لكلام الله يغير المعنى قال شيخ الإسلام جعل الله القلوب ثلاثة أقسام : قاسية وذات مرض ومؤمنة مخبتة ; وذلك لأنها إما أن تكون يابسة جامدة لا تلين للحق اعترافا وإذعانا أو لا تكون يابسة جامدة . ف " الأول " هو القاسي وهو الجامد اليابس بمنزلة الحجر لا ينطبع ولا يكتب فيه الإيمان ولا يرتسم فيه العلم ; لأن ذلك يستدعي محلا لينا قابلا . و " الثاني " لا يخلو إما أن يكون الحق ثابتا فيه لا يزول عنه لقوته مع لينه أو يكون لينه مع ضعف وانحلال . فالثاني هو الذي فيه مرض والأول هو القوي اللين . وذلك أن القلب بمنزلة أعضاء الجسد كاليد مثلا فإما أن تكون جامدة يابسة لا تلتوي ولا تبطش أو تبطش بعنف فذلك مثل القلب القاسي أو تكون ضعيفة مريضة عاجزة لضعفها ومرضها فذلك مثل الذي فيه مرض أو تكون باطشة بقوة ولين فهو مثل القلب العليم الرحيم فبالرحمة خرج عن القسوة وبالعلم خرج عن المرض ; فإن المرض من الشكوك والشبهات . ولهذا وصف من عدا هؤلاء بالعلم والإيمان والإخبات . وفي قوله : { وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم } دليل على أن العلم يدل على الإيمان ليس أن أهل العلم ارتفعوا عن درجة الإيمان - كما يتوهمه طائفة من المتكلمة - بل معهم العلم والإيمان كما قال تعالى : { لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك } وقال تعالى : { وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله } الآية . وعلى هذا فقوله : { والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا } نظير هذه الآية فإنه أخبر هنا أن الذين أوتوا العلم يعلمون أنه الحق من ربهم وأخبر هناك أنهم يقولون في المتشابه : { آمنا به كل من عند ربنا } وكلا الموضعين موضع ريب وشبهة لغيرهم ; فإن الكلام هناك في المتشابه وهنا فيما يلقي الشيطان مما ينسخه الله ثم يحكم الله آياته وجعل المحكم هنا ضد الذي نسخه الله مما ألقاه الشيطان ; ولهذا قال طائفة من المفسرين المتقدمين : إن " المحكم " هو الناسخ و " المتشابه " المنسوخ . أرادوا والله أعلم قوله : { فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته } . والنسخ هنا رفع ما ألقاه الشيطان لا رفع ما شرعه الله . وقد أشرت إلى وجه ذلك فيما بعد وهو : أن الله جعل المحكم مقابل المتشابه تارة ومقابل المنسوخ أخرى . والمنسوخ يدخل فيه في اصطلاح السلف - العام - كل ظاهر ترك ظاهره لمعارض راجح كتخصيص العام وتقييد المطلق فإن هذا متشابه لأنه يحتمل معنيين ويدخل فيه المجمل فإنه متشابه وإحكامه رفع ما يتوهم فيه من المعنى الذي ليس بمراد وكذلك ما رفع حكمه فإن في ذلك جميعه نسخا لما يلقيه الشيطان في معاني القرآن ; ولهذا كانوا يقولون : هل عرفت الناسخ من المنسوخ ؟ فإذا عرف الناسخ عرف المحكم . وعلى هذا فيصح أن يقال : المحكم والمنسوخ كما يقال المحكم والمتشابه . وقوله بعد ذلك { ثم يحكم الله آياته } جعل جميع الآيات محكمة محكمها ومتشابهها كما قال : { الر } { كتاب أحكمت آياته ثم فصلت } وقال : { تلك آيات الكتاب الحكيم } على أحد القولين . وهنالك جعل الآيات قسمين : محكما ومتشابها كما قال : { منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات } . وهذه المتشابهات مما أنزله الرحمن لا مما ألقاه الشيطان ونسخه الله . فصار المحكم في القرآن تارة يقابل بالمتشابه والجميع من آيات الله وتارة يقابل بما نسخه الله مما ألقاه الشيطان . ومن الناس من يجعله مقابلا لما نسخه الله مطلقا حتى يقول : هذه الآية محكمة ليست منسوخة ويجعل المنسوخ ليس محكما وإن كان الله أنزله أولا اتباعا لظاهر قوله : { فينسخ الله } و { يحكم الله آياته } . فهذه ثلاث معان تقابل المحكم ينبغي التفطن لها . وجماع ذلك أن " الإحكام " تارة يكون في التنزيل فيكون في مقابلته ما يلقيه الشيطان فالمحكم المنزل من عند الله أحكمه الله أي فصله من الاشتباه بغيره وفصل منه ما ليس منه ; فإن الإحكام هو الفصل والتمييز والفرق والتحديد الذي به يتحقق الشيء ويحصل إتقانه ; ولهذا دخل فيه معنى المنع كما دخل في الحد فالمنع جزء معناه لا جميع معناه . وتارة يكون " الإحكام " في إبقاء التنزيل عند من قابله بالنسخ الذي هو رفع ما شرع وهو اصطلاحي أو يقال - وهو أشبه بقول السلف - كانوا يسمون كل رفع نسخا سواء كان رفع حكم أو رفع دلالة ظاهرة . وإلقاء الشيطان في أمنيته قد يكون في نفس لفظ المبلغ وقد يكون في سمع المبلغ وقد يكون في فهمه كما قال : { أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها } الآية . ومعلوم أن من سمع النص الذي قد رفع حكمه أو دلالة له فإنه يلقي الشيطان في تلك التلاوة اتباع ذلك المنسوخ فيحكم الله آياته بالناسخ الذي به يحصل رفع الحكم وبيان المراد . وعلى هذا التقدير فيصح أن يقال : المتشابه المنسوخ بهذا الاعتبار والله أعلم . وتارة يكون " الإحكام " في التأويل والمعنى وهو تمييز الحقيقة المقصودة من غيرها حتى لا تشتبه بغيرها . وفي مقابلة المحكمات الآيات المتشابهات التي تشبه هذا وتشبه هذا فتكون محتملة للمعنيين . قال أحمد بن حنبل " المحكم " الذي ليس فيه اختلاف والمتشابه الذي يكون في موضع كذا وفي موضع كذا . ولم يقل في المتشابه لا يعلم تفسيره ومعناه إلا الله وإنما قال : { وما يعلم تأويله إلا الله } وهذا هو فصل الخطاب بين المتنازعين في هذا الموضع فإن الله أخبر أنه لا يعلم تأويله إلا هو . والوقف هنا على ما دل عليه أدلة كثيرة وعليه أصحاب رسول الله وجمهور التابعين وجماهير الأمة . ولكن لم ينف علمهم بمعناه وتفسيره بل قال : { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته } وهذا يعم الآيات المحكمات والآيات المتشابهات وما لا يعقل له معنى لا يتدبر : وقال : { أفلا يتدبرون القرآن } ولم يستثن شيئا منه نهى عن تدبره . والله ورسوله إنما ذم من اتبع المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله فأما من تدبر المحكم والمتشابه كما أمره الله وطلب فهمه ومعرفة معناه فلم يذمه الله بل أمر بذلك ومدح عليه . يبين ذلك أن التأويل قد روى أن من اليهود الذين كانوا بالمدينة على عهد النبي كحيي بن أخطب وغيره من طلب من حروف الهجاء التي في أوائل السور تأويل بقاء هذه الأمة كما سلك ذلك طائفة من المتأخرين موافقة للصابئة المنجمين وزعموا أنه ستمائة وثلاثة وتسعون عاما لأن ذلك هو عدد ما للحروف في حساب الجمل بعد إسقاط المكرر وهذا من نوع تأويل الحوادث التي أخبر بها القرآن في اليوم الآخر . وروي أن من النصارى الذين وفدوا على النبي في وفد نجران من تأول ( إنا و ( نحن على أن الآلهة ثلاثة لأن هذا ضمير جمع . وهذا تأويل في الإيمان بالله فأولئك تأولوا في اليوم الآخر وهؤلاء تأولوا في الله . ومعلوم أن : ( إنا و ( نحن من المتشابه فإنه يراد بها الواحد الذي معه غيره من جنسه ويراد بها الواحد الذي معه أعوانه وإن لم يكونوا من جنسه ويراد بها الواحد المعظم نفسه الذي يقوم مقام من معه غيره لتنوع أسمائه التي كل اسم منها يقوم مقام مسمى فصار هذا متشابها لأن اللفظ واحد والمعنى متنوع . و " الأسماء المشتركة في اللفظ " هي من المتشابه وبعض " المتواطئة " أيضا من المتشابه ويسميها أهل التفسير " الوجوه والنظائر " وصنفوا " كتب الوجوه والنظائر " فالوجوه في الأسماء المشتركة والنظائر في الأسماء المتواطئة . وقد ظن بعض أصحابنا المصنفين في ذلك أن الوجوه والنظائر جميعا في الأسماء المشتركة فهي نظائر باعتبار اللفظ ووجوه باعتبار المعنى وليس الأمر على ما قاله بل كلامهم صريح فيما قلناه لمن تأمله . والذين في قلوبهم زيغ يدعون المحكم الذي لا اشتباه فيه مثل { وإلهكم إله واحد } { إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني } { ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله } { ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك } { لم يلد ولم يولد } { ولم يكن له كفوا أحد } ويتبعون المتشابه ابتغاء الفتنة ليفتنوا به الناس إذا وضعوه على غير مواضعه وابتغاء تأويله وهو الحقيقة التي أخبر عنها . وذلك أن " الكلام نوعان " : إنشاء فيه الأمر وإخبار فتأويل الأمر هو نفس الفعل المأمور به كما قال من قال من السلف إن السنة هي تأويل الأمر . { قالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن } تعني قوله : { فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } . وأما الإخبار فتأويله عين الأمر المخبر به إذا وقع ليس تأويله فهم معناه . وقد جاء اسم " التأويل " في القرآن في غير موضع وهذا معناه قال الله تعالى : { ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون } { هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق } فقد أخبر أنه فصل الكتاب وتفصيله بيانه وتمييزه بحيث لا يشتبه ثم قال : { هل ينظرون } أي ينتظرون { إلا تأويله يوم يأتي تأويله } إلى آخر الآية . وإنما ذلك مجيء ما أخبر القرآن بوقوعه من القيامة وأشراطها : كالدابة ويأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها ومجيء ربك والملك صفا صفا وما في الآخرة من الصحف والموازين والجنة والنار وأنواع النعيم والعذاب وغير ذلك فحينئذ يقولون : { قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل } وهذا القدر الذي أخبر به القرآن من هذه الأمور لا يعلم وقته وقدره وصفته إلا الله ; فإن الله يقول : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } ويقول : { أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر } وقال ابن عباس : ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء ; فإن الله قد أخبر أن في الجنة خمرا ولبنا وماء وحريرا وذهبا وفضة وغير ذلك ونحن نعلم قطعا أن تلك الحقيقة ليست مماثلة لهذه بل بينهما تباين عظيم مع التشابه كما في قوله : { وأتوا به متشابها } على أحد القولين أنه يشبه ما في الدنيا وليس مثله فأشبه اسم تلك الحقائق أسماء هذه الحقائق كما أشبهت الحقائق الحقائق من بعض الوجوه . فنحن نعلمها إذا خوطبنا بتلك الأسماء من جهة القدر المشترك بينهما ولكن لتلك الحقائق خاصية لا ندركها في الدنيا ولا سبيل إلى إدراكنا لها لعدم إدراك عينها أو نظيرها من كل وجه . وتلك الحقائق على ما هي عليه هي تأويل ما أخبر الله به . وهذا فيه رد على اليهود والنصارى والصابئين من المتفلسفة وغيرهم فإنهم ينكرون أن يكون في الجنة أكل وشرب ولباس ونكاح ويمنعون وجود ما أخبر به القرآن . ومن دخل في الإسلام ونافق المؤمنين تأول ذلك على أن هذه أمثال مضروبة لتفهيم النعيم الروحاني إن كان من المتفلسفة الصابئة المنكرة لحشر الأجساد . وإن كان من منافقة الملتين المقرين بحشر الأجساد تأول ذلك على تفهيم النعيم الذي في الجنة من الروحاني والسماع الطيب والروائح العطرة . فكل ضال يحرف الكلم عن مواضعه إلى ما اعتقد ثبوته . وكان في هذا أيضا متبعا للمتشابه إذ الأسماء تشبه الأسماء والمسميات تشبه المسميات ولكن تخالفها أكثر مما تشابهها . فهؤلاء يتبعون هذا المتشابه { ابتغاء الفتنة } بما يوردونه من الشبهات على امتناع أن تكون في الجنة هذه الحقائق { وابتغاء تأويله } ليردوه إلى المعهود الذي يعلمونه في الدنيا . قال الله تعالى : { وما يعلم تأويله إلا الله } فإن تلك الحقائق قال الله فيها : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } لا ملك مقرب ولا نبي مرسل . وقوله : { وما يعلم تأويله } إما أن يكون الضمير عائدا على الكتاب أو على المتشابه ; فإن كان عائدا على الكتاب كقوله ( منه و ( منه { فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله } فهذا يصح ; فإن جميع آيات الكتاب المحكمة والمتشابهة التي فيها إخبار عن الغيب الذي أمرنا أن نؤمن به لا يعلم حقيقة ذلك الغيب ومتى يقع إلا الله . وقد يستدل لهذا أن الله جعل التأويل للكتاب كله مع إخباره أنه مفصل بقوله { ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون } { هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله } فجعل التأويل الجائي للكتاب المفصل . وقد بينا أن ذلك التأويل لا يعلمه وقتا وقدرا ونوعا وحقيقة إلا الله وإنما نعلم نحن بعض صفاته بمبلغ علمنا لعدم نظيره عندنا وكذلك قوله : { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله } وإذا كان التأويل للكتاب كله والمراد به ذلك ارتفعت الشبهة وصار هذا بمنزلة قوله : { يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض } إلى قوله : { إنما علمها عند الله } وكذلك قوله : { يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا } فأخبر أنه ليس علمها إلا عند الله وإنما هو علم وقتها المعين وحقيقتها وإلا فنحن قد علمنا من صفاتها ما أخبرنا به . فعلم تأويله كعلم الساعة والساعة من تأويله وهذا واضح بين . ولا ينافي كون علم الساعة عند الله أن نعلم من صفاتها وأحوالها ما علمناه وأن نفسر النصوص المبينة لأحوالها فهذا هذا . وإن كان الضمير عائدا إلى ما تشابه كما يقوله كثير من الناس فلأن المخبر به من الوعد والوعيد متشابه بخلاف الأمر والنهي ولهذا في الآثار : " العمل بمحكمه والإيمان بمتشابهه " لأن المقصود في الخبر الإيمان وذلك لأن المخبر به من الوعد والوعيد فيه من التشابه ما ذكرناه بخلاف الأمر والنهي ; ولهذا قال بعض [ العلماء ] : " المتشابه " الأمثال والوعد [ والوعيد ] و " المحكم " الأمر والنهي فإنه متميز غير مشتبه بغيره فإنه أمور نفعلها قد علمناها بالوقوع وأمور نتركها لا بد أن نتصورها . ومما جاء من لفظ " التأويل " في القرآن قوله تعالى { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله } والكناية عائدة على القرآن أو على ما لم يحيطوا بعلمه وهو يعود إلى القرآن . قال تعالى : { وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين } { أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين } { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين } { ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين } . فأخبر سبحانه أن هذا القرآن ما كان ليفترى من دون الله وهذه الصيغة تدل على امتناع المنفي كقوله : { وما كان ربك ليهلك القرى بظلم } وقوله : { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } لأن الخلق عاجزون عن الإتيان بمثله كما تحداهم وطالبهم لما قال : { أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين } فهذا تعجيز لجميع المخلوقين . قال تعالى : { ولكن تصديق الذي بين يديه } أي مصدق الذي بين يديه { وتفصيل الكتاب } أي مفصل الكتاب فأخبر أنه مصدق الذي بين يديه ومفصل الكتاب والكتاب اسم جنس وتحدى القائلين : ( افتراه ودل على أنهم هم المفترون قال : { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله } أي كذبوا بالقرآن الذي لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله . ففرق بين الإحاطة بعلمه وبين إتيان تأويله . فتبين أنه يمكن أن يحيط أهل العلم والإيمان بعلمه ولما يأتهم تأويله وأن الإحاطة بعلم القرآن ليست إتيان تأويله فإن الإحاطة بعلمه معرفة معاني الكلام على التمام وإتيان التأويل نفس وقوع المخبر به وفرق بين معرفة الخبر وبين المخبر به فمعرفة الخبر هي معرفة تفسير القرآن ومعرفة المخبر به هي معرفة تأويله . و " نكتة ذلك " أن الخبر لمعناه صورة علمية وجودها في نفس العالم كذهن الإنسان مثلا ولذلك المعنى حقيقة ثابتة في الخارج عن العلم واللفظ إنما يدل ابتداء على المعنى الذهني ثم تتوسط ذلك أو تدل على الحقيقة الخارجة فالتأويل هو الحقيقة الخارجة وأما معرفة تفسيره ومعناه فهو معرفة الصورة العلمية . وهذا هو الذي بيناه فيما تقدم أن الله إنما أنزل القرآن ليعلم ويفهم ويفقه ويتدبر ويتفكر فيه محكمه ومتشابهه وإن لم يعلم تأويله . ويبين ذلك أن الله يقول عن الكفار : { وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا } { وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا } فقد أخبر - ذما للمشركين - أنه إذا قرئ عليهم القرآن حجب بين أبصارهم وبين الرسول بحجاب مستور وجعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا . فلو كان أهل العلم والإيمان على قلوبهم أكنة أن يفقهوا بعضه لشاركوهم في ذلك . وقوله : { أن يفقهوه } يعود إلى القرآن كله . فعلم أن الله يحب أن يفقه ; ولهذا قال الحسن البصري : ما أنزل الله آية إلا وهو يحب أن يعلم في ماذا أنزلت وماذا عنى بها وما استثنى من ذلك لا متشابها ولا غيره . وقال مجاهد : عرضت المصحف على ابن عباس من أوله إلى آخره مرات أقف عند كل آية وأسأله عنها . فهذا ابن عباس حبر الأمة وهو أحد من كان يقول : لا يعلم تأويله إلا الله يجيب مجاهدا عن كل آية في القرآن . وهذا هو الذي حمل مجاهدا ومن وافقه كابن قتيبة على أن جعلوا الوقف عند قوله { والراسخون في العلم } فجعلوا الراسخين يعلمون التأويل لأن مجاهدا تعلم من ابن عباس تفسير القرآن كله وبيان معانيه فظن أن هذا هو التأويل المنفي عن غير الله . وأصل ذلك أن لفظ " التأويل " فيه اشتراك بين ما عناه الله في القرآن وبين ما كان يطلقه طوائف من السلف وبين اصطلاح طوائف من المتأخرين فبسبب الاشتراك في لفظ التأويل اعتقد كل من فهم منه معنى بلغته أن ذلك هو المذكور في القرآن . ومجاهد إمام التفسير . قال الثوري : إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به . وأما التأويل فشأن آخر . ويبين ذلك أن الصحابة والتابعين لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله ولا قال هذه من المتشابه الذي لا يعلم معناه ولا قال قط أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة المتبوعين : إن في القرآن آيات لا يعلم معناها ولا يفهمها رسول الله ولا أهل العلم والإيمان جميعهم وإنما قد ينفون علم بعض ذلك عن بعض الناس وهذا لا ريب فيه . وإنما وضع هذه المسألة المتأخرون من الطوائف بسبب الكلام في آيات الصفات وآيات القدر وغير ذلك . فلقبوها : " هل يجوز أن يشتمل القرآن على ما لا يعلم معناه " . وما " تعبدنا بتلاوة حروفه بلا فهم " فجوز ذلك طوائف متمسكين بظاهر من هذه الآية وبأن الله يمتحن عباده بما شاء ومنعها طوائف ليتوصلوا بذلك إلى تأويلاتهم الفاسدة التي هي تحريف الكلم عن مواضعه . والغالب على كلا الطائفتين الخطأ أولئك يقصرون في فهم القرآن بمنزلة من قيل فيه : { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني } وهؤلاء معتدون بمنزلة الذين يحرفون الكلم عن مواضعه .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
18-12-19, 04:34 AM | المشاركة رقم: 153 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
يقول شيخ الإسلام رحمه الله وغالب ذلك [يقصد أقول التفسير فيما ليس فيه فائدة ] مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرا ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف ولون كلبهم وعدتهم وعصا موسى من أي الشجر كانت ؟ وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى إلى غير ذلك مما أبهمه الله في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز كما قال تعالى : { سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا } . فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا . فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث فدل على صحته ؛ إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما ثم أرشد إلى أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته فيقال في مثل هذا : { قل ربي أعلم بعدتهم } فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس ممن أطلعه الله عليه ؛ فلهذا قال : { فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا } أي لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب . انتهى تحصل مما قال أن الله تعالى لا يذكر فى ما قص علينا إلا ما له فائدة لنا وما ليس فيه فائدة لا يذكره فمن باب أولى أن ما لم يذكره غير موجود إذ لو كان موجوداً ولنا فيه فائدةلذكره فذكر الله لنا كل شيء وما عتب به على الصحابة وما صوبهم فيه وما صوب فيه فعل النبى الكريم معهم وكيف يكلمونه وينادونه ويتأدبون معه ولم يذكر أهم شيء وهو نفاق خواصه وأهل سره؟ ولم يذكر كل عقائد الشيعة!!!!!
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
09-05-20, 10:06 PM | المشاركة رقم: 154 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
كورونا والذنوب قال الإمام العلامة ابن قيّم الجوزيّة ـ رحمه الله ـ: فى زاد المعاد (ومن له معرفة بأحوال العالم ومبدئه يعرف أن جميع الفساد في جوه ونباته وحيوانه، وأحوال أهله حادث بعد خلقه بأسباب اقتضت حدوثه، ولم تزل أعمال بني آدم ومخالفتهم للرسل تحدث لهم من الفساد العام والخاص ما يجلب عليهم من الآلام، والأمراض، والأسقام، والطواعين والقحوط، والجدوب، وسلب بركات الأرض، وثمارها، ونباتها، وسلب منافعها، أو نقصانها أمورًا متتابعة يتلو بعضها بعضًا، فإن لم يتسع علمك لهذا فاكتف بقوله تعالى: { ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس } [الروم: 41]، ونزّل هذه الآية على أحوال العالم، وطابق بين الواقع وبينها، وأنت ترى كيف تحدث الآفات والعلل كل وقت في الثمار والزرع والحيوان، وكيف يحدث من تلك الآفات آفات أخر متلازمة، بعضها آخذ برقاب بعض، وكلما أحدث الناس ظلمًا وفجورًا، أحدث لهم ربهم تبارك وتعالى من الآفات والعلل في أغذيتهم وفواكههم، وأهويتهم ومياههم، وأبدانهم وخلقهم، وصورهم وأشكالهم وأخلاقهم من النقص والآفات، ما هو موجب أعمالهم وظلمهم وفجورهم. ولقد كانت الحبوب من الحنطة وغيرها أكثر مما هي اليوم، كما كانت البركة فيها أعظم. وقد روى الإمام أحمد بإسناده أنه وجد في خزائن بعض بني أمية صرة فيها حنطة أمثال نوى التمر مكتوب عليها هذا كان ينبت أيام العدل. وهذه القصة، ذكرها في مسنده ، على أثر حديث رواه. وأكثر هذه الأمراض والآفات العامة بقية عذاب عذبت به الأمم السالفة، ثم بقيت منها بقية مرصدة لمن بقيت عليه بقية من أعمالهم، حكمًا قسطًا، وقضاء عدلًا، وقد أشار النبي ـ ـ إلى هذا بقوله في الطاعون (إنه بقية رجز أو عذاب أرسل على بني إسرائيل). وكذلك سلط الله سبحانه وتعالى الريح على قوم سبع ليال وثمانية أيام، ثم أبقى في العالم منها بقية في تلك الأيام، وفي نظيرها عظة وعبرة. وقد جعل الله سبحانه أعمال البر والفاجر مقتضيات لآثارها في هذا العالم اقتضاء لا بد منه، فجعل منع الإحسان والزكاة والصدقة سببًا لمنع الغيث من السماء، والقحط والجدب، ..وجعل ظلم المساكين، والبخس في المكاييل والموازين، وتعدي القوي على الضعيف سببًا لجور الملوك والولاة الذين لا يرحمون إن استرحموا، ولا يعطفون إن استعطفوا، قلت يقصد حديث رواه ابن ماجه (يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم) قال وهم في الحقيقة أعمال الرعايا ظهرت في صور ولاتهم، فإن الله سبحانه بحكمته وعدله يظهر للناس أعمالهم في قوالب وصور تناسبها، فتارة بقحط وجدب، وتارة بعدو، وتارة بولاة جائرين، وتارة بأمراض عامة، وتارة بهموم وآلام وغموم تحضرها نفوسهم لا ينفكون عنها، وتارة بمنع بركات السماء والأرض عنهم، وتارة بتسليط الشياطين عليهم تؤزهم إلى أسباب العذاب أزًا، لتحق عليهم الكلمة، وليصير كل منهم إلى ما خلق له، والعاقل يسيّر بصيرته بين أقطار العالم، فيشاهده، وينظر مواقع عدل الله وحكمته، وحينئذ يتبين له أن الرسل وأتباعهم خاصة على سبيل النجاة، وسائر الخلق على سبيل الهلاك سائرون، وإلى دار البوار صائرون، والله بالغ أمره، لا معقب لحكمه، ولا راد لأمره، وبالله التوفيق ).
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
24-07-20, 10:12 PM | المشاركة رقم: 155 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيمن ترك الصلاة والصيام سنين بعدم وجوب القضاء عند التوبة النصوح لوجود الحرج والشدة المرفوعان فى الدين وكذا أفتى فيمن سرق مال كثير وشق عليه رده عند التوبة فإن العلماء وضعوا من شروط التوبة رد الحقوق لأصحابها ومنها المال فأفتى رحمه الله فيمن تاب من السرقة وأخذ الحقوق كالنصابين والحرامية ثم أنفق المال وصعب عليه رده عند التوبة وكان من الحرج فى الدين فقال بعدم لزوم الرد بخلاف ما كان سهلاً عليه ولا يصعب رده وقال من الحكمة من وراء هذا هو تييسر التوبة على الناس فلو علم أنه سيكلف أن يكون مديوناً مثلاً طوال حياته يسدد المال يصده ذلك عن التوبة وهذا الآن يكثر جداً السؤال عنه مع كثرة المعاصى وترك الصلاة والصيام وأكل الحرام وكثرة من يتوب بفضل الله فيسأل عما يلزمه شرعاً فربما أفتاه البعض بعزيمة لا تلزمة أو بورع قال شيخ الإسلام عمن أُفتى بمثل هذا فى عصره وأصبح صالحاً أنه ود أنه كان تاب من الكفر حتى يمحى عنه هذا ولا يكلفه قال فكيف تكون توبة الكافر من الكفر رحمه وتوبة المسلم عذاب يا له من إمام بحر عجيب والله أعلم قال تعالى [ويضع عنهم إصرهم ] الإصر هو الثقل وهو الوجوب الشديد الصعب فأين من يتهمون شيخ الإسلام بالتشدد فكم أفتى برخص تفرد بها عن علماء كثيرحين اقتضى الدليل الترخص
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
10-12-20, 02:18 AM | المشاركة رقم: 156 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
قال فى مجموع الفتاوى مجلد 22 وقد أمر الله تعالى المؤمنين بالإجتماع والإئتلاف ونهاهم عن الإفتراق والإختلاف فقال تعالى يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون وإعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا إلى قوله لعلكم تهتدون إلى قوله يوم تبيض وجوه وتسود وجوه قال إبن عباس رضى الله عنهما تبيض وجوه أهل السنة والجماعة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة فأئمة الدين هم على منهاج الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين والصحابة كانوا مؤتلفين متفقين وإن تنازعوا فى بعض فروع الشريعة فى الطهارة أو الصلاة أو الحج أو الطلاق او الفرائض او غير ذلك فإجماعهم حجة قاطعة ومن تعصب لواحد بعينه من الأئمة دون الباقين فهو بمنزلة من تعصب لواحد بعينه من الصحابة دون الباقين كالرافضى الذى يتعصب لعلى دون الخلفاء الثلاثة وجمهور الصحابة وكالخارجى الذى يقدح فى عثمان وعلى رضى الله عنهما فهذه طرق اهل البدع والأهواء الذبن ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أنهم مذمومون خارجون عن الشريعة والمنهاج الذى بعث الله به رسوله فمن تعصب لواحد من الأئمة بعينه ففيه شبه من هؤلاء سواء تعصب لمالك أو الشافعى أو أبى حنيفة او أحمد أو غيرهم ثم غاية المتعصب لواحد منهم أن يكون جاهلا بقدره فى العلم والدين وبقدر الآخرين فيكون جاهلا ظالما والله يأمر بالعلم والعدل وينهى عن الجهل والظلم قال تعالى وحملها الإنسان أنه كان ظلوما جهولا ليعذب الله المنافقين والمنافقات إلى آخر السورة وهذا أبويوسف ومحمد أتبع الناس لأبى حنيفة وأعلمهم بقوله وهما قد خالفاه فى مسائل لا تكاد تحصى لما تبين لهما من السنة والحجة ما وجب عليهما إتباعه وهما مع ذلك معظمان لإمامهما لا يقال فيهما مذبذبان بل أبوحنيفة وغيره من الأئمة يقول القول ثم تتبين له الحجة فى خلافه فيقول بها ولا يقال له مذبذب فإن الانسان لا يزال يطلب العلم والإيمان فإذا تبين له من العلم ما كان خافيا عليه إتبعه وليس هذا مذبذبا بل هذا مهتد زاده الله هدى وقد قال تعالى وقل رب زدني علما فالواجب على كل مؤمن موالاة المؤمنين وعلماء المؤمنين وإن يقصد الحق ويتبعه حيث وجده ويعلم أن من إجتهد منهم فأصاب فله أجران ومن إجتهد منهم فأخطأ فله أجر لإجتهاده وخطؤه مغفور له وعلى المؤمنين أن يتبعوا إمامهم إذا فعل ما يسوغ فإن النبى قال إنما جعل الإمام ليؤتم به وسواء رفع يديه أو لم يرفع يديه لا يقدح ذلك فى صلاتهم ولا يبطلها لا عند أبى حنيفة ولا الشافعى ولا مالك ولا أحمد ولو رفع الإمام دون المأموم أو المأموم دون الإمام لم يقدح ذلك فى صلاة واحد منهما ولو رفع الرجل فى بعض الأوقات دون بعض لم يقدح ذلك فى صلاته وليس لأحد أن يتخذ قول بعض العلماء شعارا يوجب إتباعه وينهى عن غيره مما جاءت به السنة بل كل ما جاءت به السنة فهو واسع مثل الأذان والإقامة فقد ثبت فى الصحيحين عن النبى أنه أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة وثبت عنه فى الصحيحين أنه علم أبا محذورة الإقامة شفعا شفعا كالأذان فمن شفع الإقامة فقد أحسن ومن أفردها فقد أحسن ومن أوجب هذا دون هذا فهو مخطىء ضال ومن والى من يفعل هذا دون هذا بمجرد ذلك فهو مخطىء ضال وبلاد الشرق من أسباب تسليط الله التتر عليها كثرة التفرق والفتن فى المذاهب وغيرها حتى تجد المنتسب إلى الشافعى يتعصب لمذهبه على مذهب أبى حنيفة حتى يخرج عن الدين والمنتسب إلى أبى حنيفة يتعصب لمذهبه على مذهب الشافعى وغيره حتى يخرج عن الدين والمنتسب إلى احمد يتعصب لمذهبه على مذهب هذا او هذا وفى المغرب تجد المنتسب إلى مالك يتعصب لمذهبه على هذا أو هذا وكل هذا من التفرق والإختلاف الذى نهى الله ورسوله عنه وكل هؤلاء المتعصبين بالباطل المتبعين الظن وما تهوى الأنفس المتبعين لأهوائهم بغير هدى من الله مستحقون للذم والعقاب وهذا باب واسع لا تحتمل هذه الفتيا لبسطه فإن الإعتصام بالجماعة والإئتلاف من أصول الدين والفرع المتنازع فيه من الفروع الخفية فكيف بقدح فى الأصل بحفظ الفرع وجمهور المتعصبين لا يعرفون من الكتاب والسنة إلا ما شاء الله بل يتمسكون بأحاديث ضعيفة أو آراء فاسدة او حكايات عن بعض العلماء والشيوخ قد تكون صدقا وقد تكون كذبا وإن كانت صدقا فليس صاحبها معصوما يتمسكون بنقل غير مصدق عن قائل غير معصوم ويدعون النقل المصدق عن القائل المعصوم وهو ما نقله الثقات الإثبات من أهل العلم ودونوه فى الكتب الصحاح عن النبى فإن الناقلين لذلك مصدقون بإتفاق أئمة الدين والمنقول عنه معصوم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى قد أوجب الله تعالى على جميع الخلق طاعته وإتباعه قال تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما وقال تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب أليم والله تعالى يوفقنا وسائر إخواننا المؤمنين لما يحبه ويرضاه من القول والعمل والهدى والنية والله أعلم والحمد لله وحده
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
10-12-20, 02:22 AM | المشاركة رقم: 157 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
قال فالمنتسبون إلى العلم والنظر وما يتبع ذلك يخاف عليهم إذا لم يعتصموا بالكتاب والسنة من القسم الأول والمنتسبون إلى العبادة والنظر والإرادة وما يتبع ذلك يخاف عليهم إذا لم يعتصموا بالكتاب والسنة من القسم الثانى وقد أمرنا الله أن نقول فى كل صلاة إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آمين وصح عن النبى أنه قال اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون قال سفيان بن عيينة كانوا يقولون من فسد من العلماء ففيه شبه من اليهود ومن فسد من العباد ففيه شبه من النصارى وكان السلف يقولون إحذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون فطالب العلم أن يقترن بطلبه فعل ما يجب عليه وترك ما يحرم عليه من الإعتصام بالكتاب والسنة وإلا وقع فى الضلال وأهل الإرادة إن لم يقترن بإرادتهم طلب العلم الواجب عليهم الإعتصام بالكتاب والسنة وإلا وقعوا فى الضلال والبغى ولو إعتصم رجل بالعلم الشرعي من غير عمل بالواجب كان غاويا وإذا إعتصم بالعبادة الشرعية من غير علم بالواجب كان ضالا والضلال سمة النصارى والبغى سمة اليهود مع أن كلا من الأمتين فيها الضلال والبغى ولهذا تجد من إنحرف عن الشريعة فى الأمر والنهى من أهل الإرادة والعبادة والسلوك والطريق ينتهون إلى الفناء الذى لا يميزون فيه بين المأمور والمحظور فيكونون فيه متبعين أهواءهم وإنما الفناء الشرعى أن يفنى بعبادة الله عن عبادة ما سواه وبطاعته عن طاعة ما سواه وبالتوكل عليه عن التوكل على ما سواه وبسؤاله عن سؤال ما سواه وبخوفه عن خوف ما سواه وهذا هو إخلاص الدين لله وعبادته وحده لا شريك له وهو دين الإسلام الذى أرسل الله به الرسل وأنزل به الكتاب وتجد أيضا من إنحرف عن الشريعة من الجبر والنفى والإثبات من أهل العلم والنظر والكلام والبحث ينتهى أمرهم إلى الشك والحيرة كما ينتهى الأولون إلى الشطح والطامات فهؤلاء لا يصدقون بالحق وأولئك يصدقون بالباطل وإنما يتحقق الدين بتصديق الرسول فى كل ما أخبر وطاعته فى كل ما أمر باطنا وظاهرا من المعارف والأحوال القلبية وفى الأقوال والأعمال الظاهرة ومن عظم مطلق السهر والجوع وأمر بهما مطلقا فهو مخطىء بل المحمود السهر الشرعى والجوع الشرعى فالسهر الشرعى كما تقدم من صلاة أو ذكر أو قراءة أو كتاب علم أو نظر فيه أو درسه أو غير ذلك من العبادات والأفضل يتنوع بتنوع الناس فبعض العلماء يقول كتابة الحديث أفضل من صلاة النافلة وبعض الشيوخ يقول ركعتان أصليهما بالليل حيث لا يرانى أحد أفضل من كتابة مائة حديث وآخر من الأئمة يقول بل الأفضل فعل هذا وهذا والأفضل يتنوع بتنوع أحوال الناس فمن الأعمال ما يكون جنسه أفضل ثم يكون تارة مرجوحا أو منهيا عنه كالصلاة فإنها أفضل من قراءة القرآن وقراءة القرآن أفضل من الذكر والذكر أفضل من الدعاء ثم الصلاة فى أوقات النهى كما بعد الفجر ووقت الخطبة منهى عنها والإشتغال حينئذ إما بقراءة أو ذكر أو دعاء أوإستماع أفضل من ذلك وكذلك قراءة القرآن أفضل من الذكر ثم الذكر فى الركوع والسجود هو المشروع دون قراءة القرآن وكذلك الدعاء فى آخر الصلاة هو المشروع دون القراءة والذكر وقد يكون الشخص يصلح دينه على العمل المفضول دون الأفضل فيكون أفضل فى حقه كما أن الحج فى حق النساء أفضل من الجهاد ومن الناس من تكون القراءة أنفع له من الصلاة ومنهم من يكون الذكر أنفع له من القراءة ومنهم من يكون إجتهاده فى الدعاء لكمال ضرورته أفضل له من ذكر هو فيه غافل والشخص الواحد يكون تارة هذا أفضل له وتارة هذا أفضل له ومعرفة حال كل شخص شخص وبيان الأفضل له لا يمكن ذكره فى كتاب بل لا بد من هداية يهدى الله بها عبده إلى ما هو أصلح وما صدق الله عبد إلا صنع له
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
10-12-20, 02:28 AM | المشاركة رقم: 158 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
قال فمن خصائصه ما كان من خصائص نبوته ورسالته فهذا ليس لأحد أن يقتدى به فيه فإنه لا نبى بعده وهذا مثل كونه يطاع فى كل ما يؤمر به وينهى عنه وإن لم يعلم جهة أمره حتى يقتل كل من أمر بقتله وليس هذا لأحد بعده فولاة الأمور من العلماء والأمراء يطاعون إذا لم يأمروا بخلاف أمره ولهذا جعل الله طاعتهم فى ضمن طاعته قال الله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فقال وأطيعوا الرسول وأولى الأمر لأن أولى الأمر يطاعون طاعة تابعة لطاعته فلا يطاعون إستقلالا ولا طاعة مطلقة وأما الرسول فيطاع طاعة مطلقة مستقلة فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله فقال تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإذا أمرنا الرسول كان علينا أن نطيعه وأن لم نعلم جهة أمره وطاعته طاعة الله لا تكون طاعته بمعصية الله قط بخلاف غيره
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
11-12-20, 08:14 PM | المشاركة رقم: 159 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
قال والمقصود هنا أن كل عبد فهو مفتقر دائما إلى حصول هذه الهداية وأما سؤال من يقول : فقد هداهم إلى الإيمان فلا حاجة إلى الهدى . وجواب من يجيب بأن المطلوب دوام الهدى . فكلام من لم يعرف حال الإنسان وما أمر به ؛ فإن الصراط المستقيم حقيقته : أن تفعل كل وقت ما أمرت به في ذلك الوقت من علم وعمل ولا تفعل ما نهيت عنه وإلى أن يحصل له إرادة جازمة لفعل المأمور وكراهة جازمة لترك المحذور . وهذا العلم المفصل والإرادة المفصلة لا يتصور أن يحصل للعبد في وقت واحد بل كل وقت يحتاج أن يجعل الله في قلبه من العلوم والإرادات ما يهدى به في ذلك الوقت . نعم حصل له هدى مجمل بأن القرآن حق ودين الإسلام حق والرسول حق ونحو ذلك ولكن هذا الهدى المجمل لا يغنيه إن لم يحصل هدى مفصل في كل ما يأتيه ويذره من الجزئيات التي يحار في كثير منها أكثر عقول الخلق ويغلب الهوى والشهوات أكثر الخلق لغلبة الشبهات والشهوات على النفوس . والإنسان خلق ظلوما جهولا . فالأصل فيه عدم العلم وميله إلى ما يهواه من الشر فيحتاج دائما إلى علم مفصل يزول به جهله وعدل في محبته وبغضه ورضاه وغضبه وفعله وتركه وإعطائه ومنعه وكل ما يقوله ويعمله يحتاج فيه إلى عدل ينافي ظلمه فإن لم يمن الله عليه بالعلم المفصل والعدل المفصل كان فيه من الجهل والظلم ما يخرج به عن الصراط المستقيم . وقد قال الله تعالى لنبيه بعد صلح الحديبية وبيعة الرضوان : { إنا فتحنا لك فتحا مبينا } { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما } { وينصرك الله نصرا عزيزا } فأخبر أنه فعل هذا ؛ ليهديه صراطا مستقيما فإذا كان هذا حاله فكيف بحال غيره . والصراط المستقيم قد فسر بالقرآن والإسلام وطريق العبودية فكل هذا حق فهو موصوف بهذا وبغيره فحاجته إلى هذه الهداية ضرورية في سعادته ونجاته بخلاف الحاجة إلى الرزق والنصر فإن الله يرزقه فإذا انقطع رزقه مات والموت لا بد منه فإن كان من أهل الهداية كان سعيدا بعد الموت وكان الموت موصلا له إلى السعادة الدائمة الأبدية فيكون رحمة في حقه . وكذلك النصر إذا قدر أنه قهر وغلب حتى قتل فإذا كان من أهل الهداية والاستقامة مات شهيدا وكان القتل من تمام نعمة الله عليه فتبين أن حاجة العباد إلى الهدى أعظم من حاجتهم إلى الرزق والنصر بل لا نسبة بينهما ؛ فلهذا كان هذا الدعاء هو المفروض عليهم . وأيضا فإن هذا الدعاء يتضمن الرزق والنصر . لأنه إذا هدي الصراط المستقيم كان من المتقين { ومن يتق الله يجعل له مخرجا } { ويرزقه من حيث لا يحتسب } وكان من المتوكلين { ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره } وكان ممن ينصر الله ورسوله ومن ينصر الله ينصره الله وكان من جند الله وجند الله هم الغالبون . فالهدى التام يتضمن حصول أعظم ما يحصل به الرزق والنصر . فتبين أن هذا الدعاء هو الجامع لكل مطلوب يحصل به كل منفعة ويندفع به كل مضرة فلهذا فرض على العبد . وهذا مما يبين أن غير الفاتحة لا يقوم مقامها أصلا وأن فضلها على غيرها من الكلام أعظم من فضل الركوع والسجود على سائر أفعال الخضوع فإذا تعينت الأفعال فهذا أولى . والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
11-12-20, 08:26 PM | المشاركة رقم: 160 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
قال وأيضا : فقد قال الله تعالى : { واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } . وهذا يقتضي ذم غير الخاشعين . كقوله تعالى : { وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله } وقوله تعالى : { كبر على المشركين ما تدعوهم إليه } . فقد دل كتاب الله عز وجل على من كبر عليه ما يحبه الله . وأنه مذموم بذلك في الدين مسخوط منه ذلك والذم أو السخط لا يكون إلا لترك واجب أو فعل محرم وإذا كان غير الخاشعين مذمومين دل ذلك على وجوب الخشوع . فمن المعلوم أن الخشوع المذكور في قوله تعالى { وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } لا بد أن يتضمن الخشوع في الصلاة . فإنه لو كان المراد الخشوع خارج الصلاة لفسد المعنى إذ لو قيل : إن الصلاة لكبيرة إلا على من خشع خارجها ولم يخشع فيها : كان يقتضي أنها لا تكبر على من لم يخشع فيها وتكبر على من خشع فيها . وقد انتقى مدلول الآية . فثبت أن الخشوع واجب في الصلاة . ويدل على وجوب الخشوع فيها أيضا قوله تعالى { قد أفلح المؤمنون } { الذين هم في صلاتهم خاشعون } { والذين هم عن اللغو معرضون } { والذين هم للزكاة فاعلون } { والذين هم لفروجهم حافظون } { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } { فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } { والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون } { والذين هم على صلواتهم يحافظون } { أولئك هم الوارثون } { الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون } أخبر سبحانه وتعالى أن هؤلاء هم الذين يرثون فردوس الجنة . وذلك يقتضي أنه لا يرثها غيرهم . وقد دل هذا على وجوب هذه الخصال . إذ لو كان فيها ما هو مستحب لكانت جنة الفردوس تورث بدونها لأن الجنة تنال بفعل الواجبات دون المستحبات . ولهذا لم يذكر في هذه الخصال إلا ما هو واجب .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
24-02-21, 12:11 AM | المشاركة رقم: 161 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
ذكر الإمام ابن القيم عن بعض الحكم مما حدث فى غزوة أحد ثُمّ ذَكَرَ حِكْمَةً أُخْرَى فِيمَا أَصَابَهُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَهُوَ تَمْحِيصُ الَّذِينَ آمَنُوا، وَهُوَ تَنْقِيَتُهُمْ وَتَخْلِيصُهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ، وَمِنْ آفَاتِ النُّفُوسِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ خَلَّصَهُمْ، وَمَحَّصَهُمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فَتَمَيَّزُوا مِنْهُمْ، فَحَصَلَ لَهُمْ تَمْحِيصَانِ: تَمْحِيصٌ مِنْ نُفُوسِهِمْ، وَتَمْحِيصٌ مِمَّنْ كَانَ يُظْهِرُ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَهُوَ عَدُوُّهُمْ.ثُمّ ذَكَرَ حِكْمَةً أُخْرَى وَهِي مَحْقُ الْكَافِرِينَ بِطُغْيَانِهِمْ وَبَغْيِهِمْ وَعُدْوَانِهِمْ، ثُمَّ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ حُسْبَانَهُمْ وَظَنَّهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِدُونِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ وَالصَّبْرِ عَلَى أَذَى أَعْدَائِهِ، وَإِنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ بِحَيْثُ يُنْكَرُ عَلَى مَنْ ظَنَّهُ وَحَسِبَهُ.فَقَالَ:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}[آل عمران: 142][آلِ عِمْرَانَ: 142] ، أَيْ وَلَمَّا يَقَعْ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَيَعْلَمُهُ، فَإِنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَعَلِمَهُ فَجَازَاكُمْ عَلَيْهِ بِالْجَنَّةِ، فَيَكُونُ الْجَزَاءُ عَلَى الْوَاقِعِ الْمَعْلُومِ، لَا عَلَى مُجَرَّدِ الْعِلْمِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَجْزِي الْعَبْدَ عَلَى مُجَرَّدِ عِلْمِهِ فِيهِ دُونَ أَنْ يَقَعَ مَعْلُومُهُ، ثُمَّ وَبَّخَهُمْ عَلَى هَزِيمَتِهِمْ مِنْ أَمْرٍ كَانُوا يَتَمَنَّوْنَهُ وَيَوَدُّونَ لِقَاءَهُ.فَقَالَ: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [آل عمران: 143] [آلِ عِمْرَانَ: 143] .قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَمَّا أَخْبَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ بِمَا فَعَلَ بِشُهَدَاءِ بَدْرٍ مِنَ الْكَرَامَةِ رَغِبُوا فِي الشَّهَادَةِ، فَتَمَنَّوْا قِتَالًا يَسْتَشْهِدُونَ فِيهِ، فَيَلْحَقُونَ إخْوَانَهُمْ، فَأَرَاهُمُ اللَّهُ ذَلِكَ يَوْمَ أُحُدٍ وَسَبَّبَهُ لَهُمْ، فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنِ انْهَزَمُوا إلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [آل عمران: 143] .وَمِنْهَا: أَنَّ وَقْعَةَ أُحُدٍ كَانَتْ مُقَدِّمَةً وَإِرْهَاصًا بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَثَبَّتَهُمْ وَوَبَّخَهُمْ عَلَى انْقِلَابِهِمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ إنْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قُتِلَ، بَلِ الْوَاجِبُ لَهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَثْبُتُوا عَلَى دِينِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَيَمُوتُوا عَلَيْهِ أَوْ يُقْتَلُوا، فَإِنَّهُمْ إنَّمَا يَعْبُدُونَ رَبَّ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، فَلَوْ مَاتَ مُحَمَّدٌ أَوْ قُتِلَ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَصْرِفَهُمْ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَمَا جَاءَ بِهِ، فَكُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ، وَمَا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخَلَّدَ لَا هُوَ وَلَا هُمْ، بَلْ لِيَمُوتُوا عَلَى الْإِسْلَامِ وَالتَّوْحِيدِ، فَإِنَّ الْمَوْتَ لَا بُدّ مِنْهُ سَوَاءٌ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَقِيَ، وَلِهَذَا وَبَّخَهُمْ عَلَى رُجُوعِ مَنْ رَجَعَ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ، لَمَّا صَرَخَ الشّيْطَانُ إنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَقَالَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] [آلِ عِمْرَانَ: 144] ، وَالشَّاكِرُونَ هُمُ الَّذِينَ عَرَفُوا قَدْرَ النِّعْمَةِ، فَثَبَتُوا عَلَيْهَا حَتَّى مَاتُوا أَوْ قُتِلُوا، فَظَهَرَ أَثَرُ هَذَا الْعِتَابِ، وَحُكْمُ هَذَا الْخِطَابِ يَوْمَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَارْتَدَّ مَنِ ارْتَدَّ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَثَبَتَ الشَّاكِرُونَ عَلَى دِينِهِمْ، فَنَصَرَهُمُ اللَّهُ وَأَعَزَّهُمْ، وَظَفَّرَهُمْ بِأَعْدَائِهِمْ، وَجَعَلَ الْعَاقِبَةَ لَهُمْ.ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ نَفْسٍ أَجَلًا لَا بُدَّ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ، ثُمَّ تَلْحَقَ بِهِ، فَيَرِدُ النَّاسُ كُلُّهُمْ حَوْضَ الْمَنَايَا مَوْرِدًا وَاحِدًا، وَإِنْ تَنَوَّعَتْ أَسْبَابُهُ وَيَصْدُرُونَ عَنْ مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ مَصَادِرَ شَتَّى، فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ، وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ.ثُمّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ جَمَاعَةً كَثِيرَةً مِنْ أَنْبِيَائِهِ قُتِلُوا وَقُتِلَ مَعَهُمْ أَتْبَاعٌ لَهُمْ
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
24-02-21, 12:19 AM | المشاركة رقم: 162 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
قال الإمام ابن القيم فى زاد المعاد هُنَاكَ جِهَادٌ ثَالِثٌ هُوَ جِهَادُ الشّيْطَانِ: فَهَذَانِ عَدُوّانِ قَدْ اُمْتُحِنَ الْعَبْدُ بِجِهَادِهِمَا [ يعنى جهاد النفس والعدو الخارجى ] وَبَيْنَهُمَا عَدْوٌ ثَالِثٌ لَا يُمْكِنُهُ جِهَادُهُمَا إلّا بِجِهَادِهِ وَهُوَ وَاقِفٌ بَيْنَهُمَا يُثَبّطُ الْعَبْدَ عَنْ جِهَادِهِمَا وَيَخْذُلُهُ وَيَرْجُفُ بِهِ وَلَا يَزَالُ يُخَيّلُ لَهُ مَا فِي جِهَادِهِمَا مِنْ الْمَشَاقّ وَتَرْكِ الْحُظُوظِ وَفَوْتِ اللّذّاتِ وَالْمُشْتَهَيَ اتِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُجَاهِدَ ذَيْنِكَ الْعَدُوّيْنِ إلّا بِجِهَادِهِ فَكَانَ جِهَادُهُ هُوَ الْأَصْلُ لِجِهَادِهِمَا وَهُوَ الشّيْطَانُ قَالَ تَعَالَى: {إِنّ الشّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوّ فَاتّخِذُوهُ عَدُوّا} [فَاطِرٌ 6] وَالْأَمْرُ بِاِتّخَاذِهِ عَدْوًا تَنْبِيهٌ عَلَى اسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ فِي مُحَارَبَتِهِ وَمُجَاهَدَتِهِ كَأَنّهُ عَدُوّ لَا يَفْتُرُ وَلَا يُقَصّرُ عَنْ مُحَارَبَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَدَدِ الْأَنْفَاسِ. فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَعْدَاءٍ أُمِرَ الْعَبْدُ بِمُحَارَبَتِهَ ا وَجِهَادِهَا وَقَدْ بُلِيَ بِمُحَارَبَتِهَ ا فِي هَذِهِ الدّارِ وَسُلّطَتْ عَلَيْهِ امْتِحَانًا مِنْ اللّهِ لَهُ وَابْتِلَاءً إذَا عُرِفَ هَذَا فَالْجِهَادُ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ: جِهَادُ النّفْسِ وَجِهَادُ الشّيْطَانِ وَجِهَادُ الْكُفّارِ وَجِهَادُ الْمُنَافِقِينَ . نكمل
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
24-02-21, 12:20 AM | المشاركة رقم: 163 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
24-02-21, 12:20 AM | المشاركة رقم: 164 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
قال وَقَوْلُهُ: {الم أَحَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنّا الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنّ اللّهُ الّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنّ الْكَاذِبِينَ أَمْ حَسِبَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ السّيّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللّهِ فَإِنّ أَجَلَ اللّهِ لَآتٍ وَهُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنّ اللّهَ لَغَنِيّ عَنِ الْعَالَمِينَ وَالّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ لَنُكَفّرَنّ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنّه ُمْ أَحْسَنَ الّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ وَوَصّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَالّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنّهُم ْ فِي الصّالِحِينَ وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذَابِ اللّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبّكَ لَيَقُولُنّ إِنّا كُنّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} [الْعَنْكَبُوتُ 1- 11]. ذِكْرُ الِابْتِلَاءِ فِي أَوّلِ الدّعْوَةِ: فَلْيَتَأَمّلْ الْعَبْدُ سِيَاقَ هَذِهِ الْآيَاتِ وَمَا تَضَمّنَتْهُ مِنْ الْعِبَرِ وَكُنُوزِ الْحِكَمِ فَإِنّ النّاسَ إذَا أُرْسِلَ إلَيْهِمْ الرّسُلُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إمّا أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ آمَنّا وَإِمّا أَلّا يَقُولَ ذَلِكَ بَلْ يَسْتَمِرّ عَلَى السّيّئَاتِ وَالْكُفْرِ فَمَنْ قَالَ آمَنّا امْتَحَنَهُ رَبّهُ وَابْتَلَاهُ وَفَتَنَهُ وَالْفِتْنَةُ الِابْتِلَاءُ وَالِاخْتِبَارُ لِيَتَبَيّنَ الصّادِقُ مِنْ الْكَاذِبِ وَمَنْ لَمْ يَقُلْ آمَنّا فَلَا يَحْسِبْ أَنّهُ يُعْجِزُ اللّهَ وَيَفُوتُهُ وَيَسْبِقُهُ فَإِنّهُ إنّمَا يَطْوِي الْمَرَاحِلَ فِي يَدَيْهِ. وَكَيْفَ يَفِرّ الْمَرْءُ عَنْهُ بِذَنْبِهِ إذَا كَانَ تُطْوَى فِي يَدَيْهِ الْمَرَاحِلُ فَمَنْ آمَنَ بِالرّسُلِ وَأَطَاعَهُمْ عَادَاهُ أَعْدَاؤُهُمْ وَآذَوْهُ فَابْتُلِيَ بِمَا يُؤْلِمُهُ وَإِنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِمْ وَلَمْ يُطِعْهُمْ عُوقِبَ فِي الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَحَصَلَ لَهُ مَا يُؤْلِمُهُ وَكَانَ هَذَا الْمُؤْلِمُ لَهُ أَعْظَمَ أَلَمًا وَأَدُومَ مِنْ أَلَمِ اتّبَاعِهِمْ فَلَا بُدّ مِنْ حُصُولِ الْأَلَمِ لِكُلّ نَفْسٍ آمَنَتْ أَوْ رَغِبَتْ عَنْ الْإِيمَانِ لَكِنّ الْمُؤْمِنَ يَحْصُلُ لَهُ الْأَلَمُ فِي الدّنْيَا ابْتِدَاءً ثُمّ تَكُونُ لَهُ الْعَاقِبَةُ فِي الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْمُعْرِضُ عَنْ الْإِيمَانِ تَحْصُلُ لَهُ اللّذّةُ ابْتِدَاءً ثُمّ يَصِيرُ إلَى الْأَلَمِ الدّائِمِ. وَسُئِلَ الشّافِعِيّ رَحِمَهُ اللّهُ أَيّمَا أَفْضَلُ لِلرّجُلِ أَنْ يُمَكّنَ أَوْ يُبْتَلَى؟ فَقَالَ لَا يُمَكّنُ حَتّى يُبْتَلَى وَاللّهُ تَعَالَى ابْتَلَى أُولِي الْعَزْمِ مِنْ الرّسُلِ فَلَمّا صَبَرُوا مَكّنَهُمْ فَلَا يَظُنّ أَحَدٌ أَنّهُ يَخْلُصُ مِنْ الْأَلَمِ الْبَتّةَ وَإِنّمَا يَتَفَاوَتُ أَهْلُ الْآلَامِ فِي الْعُقُولِ فَأَعْقَلُهُمْ مَنْ بَاعَ أَلَمًا مُسْتَمِرّا عَظِيمًا بِأَلَمٍ مُنْقَطِعٍ يَسِيرٍ وَأَشْقَاهُمْ مَنْ بَاعَ الْأَلَمَ الْمُنْقَطِعَ الْيَسِيرَ بِالْأَلَمِ الْعَظِيمِ الْمُسْتَمِرّ. فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَخْتَارُ الْعَاقِلُ هَذَا؟ قِيلَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى هَذَا النّقْدُ وَالنّسِيئَةُ. وَالنّفْسُ مُوَكّلَةٌ بِحُبّ الْعَاجِلِ. .مَنْ أَرْضَى النّاسَ بِسَخَطِ اللّهِ لَمْ يُغْنُوا عَنْهُ مِنْ اللّهِ شَيْئًا: قال تعالى {كَلّا بَلْ تُحِبّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ} [الْقِيَامَةُ 20] {إِنّ هَؤُلَاءِ يُحِبّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا} [الدّهْرُ 27] وَهَذَا يَحْصُلُ لِكُلّ أَحَدٍ فَإِنّ الْإِنْسَانَ مَدَنِيّ بِالطّبْعِ لَابُدّ لَهُ أَنْ يَعِيشَ مَعَ النّاسِ وَالنّاسُ لَهُمْ إرَادَاتٌ وَتَصَوّرَاتٌ فَيَطْلُبُونَ مِنْهُ أَنْ يُوَافِقَهُمْ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُمْ آذَوْهُ وَعَذّبُوهُ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ الْأَذَى وَالْعَذَابُ تَارَةً مِنْهُمْ وَتَارَةً مِنْ غَيْرِهِمْ كَمَنْ عِنْدَهُ دِينٌ وَتُقًى حَلّ بَيْنَ قَوْمٍ فُجّارٍ ظَلَمَةٍ وَلَا يَتَمَكّنُونَ مِنْ فُجُورِهِمْ وَظُلْمِهِمْ إلّا بِمُوَافَقَتِهِ لَهُمْ أَوْ سُكُوتِهِ عَنْهُمْ فَإِنْ وَافَقَهُمْ أَوْ سَكَتَ عَنْهُمْ سَلِمَ مِنْ شَرّهِمْ فِي الِابْتِدَاءِ ثُمّ يَتَسَلّطُونَ عَلَيْهِ بِالْإِهَانَةِ وَالْأَذَى أَضْعَافَ مَا كَانَ يَخَافُهُ ابْتِدَاءً لَوْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ وَخَالَفَهُمْ وَإِنْ سَلِمَ مِنْهُمْ فَلَا بُدّ أَنْ يُهَانَ وَيُعَاقَبَ عَلَى يَدِ غَيْرِهِمْ فَالْحَزْمُ كُلّ الْحَزْمِ فِي الْأَخْذِ بِمَا قَالَتْ عَائِشَةُ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ لِمُعَاوِيَةَ: مَنْ أَرْضَى اللّهَ بِسَخَطِ النّاسِ كَفَاهُ اللّهُ مُؤْنَةَ النّاسِ وَمَنْ أَرْضَى النّاسَ بِسَخَطِ اللّهِ لَمْ يُغْنُوا عَنْهُ مِنْ اللّهِ شَيْئًا وَمَنْ تَأَمّلَ أَحْوَالَ الْعَالَمِ رَأَى هَذَا كَثِيرًا فِيمَنْ يُعِينُ الرّؤَسَاءَ عَلَى أَغْرَاضِهِمْ الْفَاسِدَةِ وَفِيمَنْ يُعِينُ أَهْلَ الْبِدَعِ عَلَى بِدَعِهِمْ هَرَبًا مِنْ عُقُوبَتِهِمْ فَمَنْ هَدَاهُ اللّهُ وَأَلْهَمَهُ رُشْدَهُ وَوَقَاهُ شَرّ نَفْسِهِ امْتَنَعَ مِنْ الْمُوَافَقَةِ عَلَى فِعْلِ الْمُحَرّمِ وَصَبَرَ عَلَى عِدْوَانِهِمْ ثُمّ تَكُونُ لَهُ الْعَاقِبَةُ فِي الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَمَا كَانَتْ لِلرّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ كَالْمُهَاجِرِي نَ وَالْأَنْصَارِ وَمَنْ اُبْتُلِيَ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْعِبَادِ وَصَالِحِي الْوُلَاةِ وَالتّجّارِ وَغَيْرِهِمْ. تَعْزِيَةُ اللّهِ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنّ الْحَيَاةَ الدّنْيَا قَصِيرَةٌ: وَلَمّا كَانَ الْأَلَمُ لَا مَحِيصَ مِنْهُ الْبَتّةَ عَزّى اللّهُ- سُبْحَانَهُ- مَنْ اخْتَارَ الْأَلَمَ الْيَسِيرَ الْمُنْقَطِعَ عَلَى الْأَلَمِ الْعَظِيمِ الْمُسْتَمِرّ بِقَوْلِهِ: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللّهِ فَإِنّ أَجَلَ اللّهِ لَآتٍ وَهُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الْعَنْكَبُوتُ 5] فَضَرَبَ لِمُدّةِ هَذَا الْأَلَمِ أَجَلًا لَابُدّ أَنْ يَأْتِيَ وَهُوَ يَوْمُ لِقَائِهِ فَيَلْتَذّ الْعَبْدُ أَعْظَمَ اللّذّةِ بِمَا تَحَمّلَ أَجْلِهِ وَفِي مَرْضَاتِهِ وَتَكُونُ لَذّتُهُ وَسُرُورُهُ وَابْتِهَاجُهُ بِقَدْرِ مَا تَحَمّلَ مِنْ الْأَلَمِ فِي اللّهِ وَلِلّهِ وَأَكّدَ هَذَا الْعَزَاءَ وَالتّسْلِيَةَ بِرَجَاءِ لِقَائِهِ لِيَحْمِلَ الْعَبْدُ اشْتِيَاقَهُ إلَى لِقَاءِ رَبّهِ وَوَلِيّهِ عَلَى تَحَمّلِ مَشَقّةِ الْأَلَمِ الْعَاجِلِ بَلْ رُبّمَا غَيّبَهُ الشّوْقُ إلَى لِقَائِهِ عَنْ شُهُودِ الْأَلَمِ وَالْإِحْسَاسِ بِهِ وَلِهَذَا سَأَلَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَبّهُ الشّوْقَ إلَى لِقَائِهِ فَقَالَ فِي الدّعَاءِ الّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبّانَ: اللّهُمّ إنّي أَسْأَلُكَ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي إذَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفّنِي إذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ وَأَسْأَلُك كَلِمَةَ الْحَقّ فِي الْغَضَبِ وَالرّضَى وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ وَأَسْأَلُكَ قُرّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ وَأَسْأَلُكَ الرّضَى بَعْدَ الْقَضَاءِ وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَسْأَلُكَ لَذّةَ النّظَرِ إلَى وَجْهِك وَأَسْأَلُكَ الشّوْقَ إلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرّاءَ مُضِرّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلّةٍ اللّهُمّ زَيّنّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ فَالشّوْقُ يَحْمِلُ الْمُشْتَاقَ عَلَى الْجِدّ فِي السّيْرِ إلَى مَحْبُوبِهِ وَيُقَرّبُ عَلَيْهِ الطّرِيقَ وَيَطْوِي لَهُ الْبَعِيدَ وَيُهَوّنُ عَلَيْهِ الْآلَامَ وَالْمَشَاقّ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللّهُ بِهَا عَلَى عَبْدِهِ وَلَكِنْ لِهَذِهِ النّعْمَةِ أَقْوَالٌ وَأَعْمَالٌ هُمَا السّبَبُ الّذِي تُنَالُ بِهِ وَاللّهُ سُبْحَانَهُ سَمِيعٌ لِتِلْكَ الْأَقْوَالِ عَلِيمٌ بِتِلْكَ الْأَفْعَالِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِمَنْ يَصْلُحُ لِهَذِهِ النّعْمَةِ وَيَشْكُرُهَا وَيَعْرِفُ قَدْرَهَا وَيُحِبّ الْمُنْعِمَ عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ فَتَنّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنّ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشّاكِرِينَ} [الْأَنْعَامُ 53] فَإِذَا فَاتَتْ الْعَبْدَ نَعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ رَبّهِ فَلْيَقْرَأْ عَلَى نَفْسِهِ: {أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشّاكِرِينَ} {مَنْ جَاهَدَ فَإِنّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ}: ثُمّ عَزّاهُمْ تَعَالَى بِعَزَاءٍ آخَرَ وَهُوَ أَنّ جِهَادَهُمْ فِيهِ إنّمَا هُوَ لِأَنْفُسِهِمْ وَثَمَرَتُهُ عَائِدَةٌ عَلَيْهِمْ وَأَنّهُ غَنِيّ عَنْ الْعَالَمِينَ وَمَصْلَحَةُ هَذَا الْجِهَادِ تَرْجِعُ إلَيْهِمْ لَا إلَيْهِ سُبْحَانَهُ ثُمّ أَخْبَرَ أَنّهُ يُدْخِلُهُمْ بِجِهَادِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ فِي زُمْرَةِ الصّالِحِينَ. .مَعْنَى فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذَابِ اللّهِ: ثُمّ أَخْبَرَ عَنْ حَالِ الدّاخِلِ فِي الْإِيمَانِ بِلَا بَصِيرَةٍ وَأَنّهُ إذَا أُوذِيَ فِي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ لَهُ كَعَذَابِ اللّهِ وَهِيَ أَذَاهُمْ لَهُ وَنَيْلُهُمْ إيّاهُ بِالْمَكْرُوهِ وَالْأَلَمِ الّذِي لَابُدّ أَنْ يَنَالَهُ الرّسُلُ وَأَتْبَاعُهُمْ مِمّنْ خَالَفَهُمْ جَعَلَ ذَلِكَ فِي فِرَارِهِ مِنْهُمْ وَتَرْكِهِ السّبَبَ الّذِي نَالَهُ كَعَذَابِ اللّهِ الّذِي فَرّ مِنْهُ الْمُؤْمِنُونَ بِالْإِيمَانِ فَالْمُؤْمِنُون َ لِكَمَالِ بَصِيرَتِهِمْ فَرّوا مِنْ أَلَمِ عَذَابِ اللّهِ إلَى الْإِيمَانِ وَتَحَمّلُوا مَا فِيهِ مِنْ الْأَلَمِ الزّائِلِ الْمُفَارِقِ عَنْ قَرِيبٍ وَهَذَا لِضَعْفِ بَصِيرَتِهِ فَرّ مِنْ أَلَمِ عَذَابِ أَعْدَاءِ الرّسُلِ إلَى مُوَافَقَتِهِمْ وَمُتَابَعَتِهِ مْ فَفَرّ مِنْ أَلَمِ عَذَابِهِمْ إلَى أَلَمِ عَذَابِ اللّهِ فَجَعَلَ أَلَمَ فِتْنَةِ النّاسِ فِي الْفِرَارِ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ أَلَمِ عَذَابِ اللّهِ وَغُبِنَ كُلّ الْغَبْنِ إذْ اسْتَجَارَ مِنْ الرّمْضَاءِ بِالنّارِ وَفَرّ مِنْ أَلَمِ سَاعَةٍ إلَى أَلَمِ الْأَبَدِ وَإِذَا نَصَرَ اللّهُ جُنْدَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ قَالَ إنّي كُنْتُ مَعَكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِمَا انْطَوَى عَلَيْهِ صَدْرُهُ مِنْ النّفَاقِ. وَالْمَقْصُودُ أَنّ اللّهَ سُبْحَانَهُ اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ أَنّهُ لَابُدّ أَنْ يَمْتَحِنَ النّفُوسَ وَيَبْتَلِيَهَا فَيُظْهِرُ بِالِامْتِحَانِ طَيّبَهَا مِنْ خَبِيثِهَا وَمَنْ يَصْلُحُ لِمُوَالَاتِهِ وَكَرَامَاتِهِ وَمَنْ لَا يَصْلُحُ وَلْيُمَحّصْ النّفُوسَ الّتِي تَصْلُحُ لَهُ وَيُخَلّصُهَا بِكِيرِ الِامْتِحَانِ كَالذّهَبِ الّذِي لَا يَخْلُصُ وَلَا يَصْفُو مِنْ غِشّهِ إلّا بِالِامْتِحَانِ إذْ النّفْسُ فِي الْأَصْلِ جَاهِلَةٌ ظَالِمَةٌ وَقَدْ حَصَلَ لَهَا بِالْجَهْلِ وَالظّلْمِ مِنْ الْخُبْثِ مَا يَحْتَاجُ خُرُوجُهُ إلَى السّبْكِ وَالتّصْفِيَةِ فَإِنْ خَرَجَ فِي هَذِهِ الدّارِ وَإِلّا فَفِي كِيرِ جَهَنّمَ فَإِذَا هُذّبَ الْعَبْدُ وَنُقّيَ أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِ الْجَنّةِ.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
02-08-22, 08:07 PM | المشاركة رقم: 165 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
أبو بلال المصرى
المنتدى :
البيــت العـــام
نتااابع .....
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 3 : | |
أبو بلال المصرى, أبو روميساء, السليماني |
|
|