{ لوثــات شيعيـة /11/ هدية الإمام }
سمعنا صرخة ... ثم تبعها صوت ارتطام في الماء .. فزعنا جميعاً ....... وتفقدتنا أمـّي ..
نقصنا واحداً .. إنه أخي الصغير ذو السنتين .. سقط في النهر ...!!
قفز خالي أبو ياسر خلفه في الماء .. ثم تبعه خالي الآخر أبو غضبان .. أما نحن فلا نعرف
العوم .. اكتفينا بالنظر والصراخ .. (( يــا ألله ... يارب ... يارب سلّــم .. يارب سترك ))
كانت والدتي تنظر إلى السماء وترفع يديها .. ثم تنزلهما ثم ترفعهما مرة أخرى .. حركات
سريعة لاإرادية ..
أقل من دقيقــة ... وكأنها ستـّــون عامــاًًًًًً .... نسينا فيها الكاظم والعباس ....... وتجاهلنا
الحسين وكل الناس ... !!
ألا ما أحلى تلك الدقيقة .. لازلت أشعر بلذتهـــا ... دقيقة تساوي حياةً كاملــة ... إنها لحظات
اللجوء إلى الله ...
ولأن الماء كان كدراً ولم يكن صافياً ... كانوا يبحثون عن الطفل بأقدامهم ..... لأنهم لايرون
شيئاً .. وفجأة ..!!!! ارتطمت أقدام الخال أبو ياســر بجسم ... مــدّ يديه داخل الماء ورفعــه
إلى الأعلى .. فإذا هو أخي ... قد شارف على الهــلاك ..
الحمدلله إنه لم يمُت .. ولكن تنفسه ضعيف .... وقد شرب الكثير من الماء .... وضعوه على
الأرض .. وضغطوا على صدره .. كان يرجـّــع الكثير من الماء .. تركنا طعامنا في مكانه ..
وطرنا به سريعا إلى داخل المدينة ..
وصلنا إلى الطبيب .. وبعد دقائق .. خرج إلينا ........... وهنا حمدنا الله كثيــراً . لقد نجـّاه
رب العزة والجلال .. وهاهو يخرج محمولا بين ذراعي والدتي ... التي كانت تبكي ..
طوال طريق العودة ووالدتي تفكـّر .. وذهنها يشرد بعيداً .. أحياناً أسمع تمتمة ببعض الكلمات
(( ليش يالمعصومين )) (( شنو سويت عندك يالكاظم )) (( بدال ماتفرحوني )) ........
(( هيـّه هاذي هديتكم يالأئمة )) ...
إنها الفطرة التى زغنا عنها ... بدأت تتحرك ... وتبعث بهذه الأسئلة .... لقد أدّت والدتي كل
الواجبات التى كانت تظن أنها من حــق الأئمة .. ولكنها لم ترى شيئاً جميلاً منهم في المقابل ..
زارت وطافت بالقبور وتعبت .. ونذرت .. وطلبت ... خسرت الأموال والوقت والجهد .........
ثم ... لاشيء .. إن الذي يجري على زوار القبور هو نفسه الذي يجرى لبقية البشر ... ظنـت
أنها متميّـزة .. عندما زارت .. فإذا بها تتفاجأ بأن الأمر سواء ... زارت أو لم تـزُر .
أقبلنا على مدينة الشطرة ... فقرر والدي أن يزور أحد اصدقائه القدامى في المدينة .. عارضه
أخوالي .. ولكنه قال نصف ساعة فقط ونحن وقوف ..... فقط نسلّم عليه ولأن لديّ أمانة يجب
تسليمها إليه ... كان الصديق هو أحد السـّـادة .... وكانت الأمانه نذراً مالياًّ من أحد الأشخاص
إلى هذا السيّد بعثه مع والدي .. كان والدي حريصا على إيصال الأمانه وإن كانت شركية ..
وصلنا إلى بيت السيّد .. لم نطل عنده المقام أكثر من عشرة دقائق .. سلمت على السيد المعمم
ثم وقفت .. فأمرني والدي بتقبيل يد السيّد .. رفضت .. فنهرني بصوت منخفض .. (( عيب ))
كان والدي يأخذ الأمر من باب التقدير وليس من باب العبودية ... لأنه لم يتنازل يوما لأحـــــد
السادة أبداً .. ويرى أن في ذلك إهانه ... ولكن لابأس بولدٍ صغير مثلي ..
لاحظت أن في بيت السيد المعمم (( أفعى سوداء كبيرة )) في أحد الزوايا ..... وعندما يسأله
الناس .. كان يقول بأنها لاتؤذي وهي مسلمة أو أنها من الملائكة ....
أنا الآن متيقن جداً من أنه كان يتعامل مع الجن .. وهذا هو ديدن المشعوذين .. الذين يشتغلون
بالدجل ومعالجة السحر ... فهم سحرة أيضاً .. شاهدت الكثير منهم يربون الأفاعي ... ويدعون
أنها من الملائكة ...!!
وشاهد الكثير من الناس هذا الأمر والذي لايزال يفعله المعممّين الذين يشتغلون بالسحر ويلبسّون
على الناس المساكين إلى الآن ..
تركنا السيـّد وأفاعيه .. سريعاً ... ثم سرنا عائدين ...
وصلنا إلى القرية الهادئة ............ إنها قرية تبعد تقريبا20 كيلو متراً عن الطريق الرئيسي
المعبد ..وحتى نصل إليها نجتاز الكثير من القِـرام (( الترع )) وبساتين العنب والتين وحقول
الذرة والقمح .... كانت السيارات في ذلك الوقت قليلة جداً ... ومن النادر أن تدخل سيارة إلى
القرى ... كان الناس ينظرون بفضول .. ليعرفون من هؤلاء القادمون ...[/grade]
وعندما اقتربنا من منازل أخوالي ... إذا بنا نسمع دوي الرّصاص ..!!!
إطلاقات ناريـّة حقيقية بإتجاهنا .. هل هذه معركة بين العشائر .. ؟؟ .... هل علـِقنا بينهم ..؟؟
لأول مـرّة أشاهد مثل هذا المنظر ... عشرات الرجال يحملون الكلاشات ويصوّبون النار علينا ..
وتمــر الطلقات فوق رؤوسنا مباشرة ....!!!!