بيت موسوعة طالب العلم كـل مايخص طالب العلم ومنها الفتــاوى |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
27-12-11, 03:03 AM | المشاركة رقم: 16 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
وَفِي هَذَا إبْطالُ قوْل ِمَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّهْيَ عَن ِ الصَّلاةِ فِيْهَا : لأَجْل ِ النَّجَاسَةِ ، فهَذَا أَبعَدُ شَيْءٍ عَنْ مَقاصِدِ الرَّسُوْل ِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ بَاطِلٌ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ :
1- مِنْهَا : أَنَّ الأَحَادِيْثَ كلهَا ، ليْسَ فِيْهَا فرْقٌ بَيْنَ المقبَرَةِ الحدِيْثةِ وَالمنْبُوْشَةِ ، كمَا يَقوْلُ المعَللوْنَ باِلنَّجَاسَة . 2- وَمِنْهَا : أَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَنَ اليَهُوْدَ وَالنَّصَارَى عَلى اتخاذِ قبوْرِ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِدَ . وَمَعْلوْمٌ قطعًا أَنَّ هَذَا ليْسَ لأَجْل ِ النَّجَاسَةِ ، فإنَّ ذلِك َ لا يَخْتَصُّ بقبوْرِ الأَنبيَاءِ ، وَلأَنَّ قبوْرَ الأَنبيَاءِ مِنْ أَطهَرِ البقاعِ ، وَليْسَ لِلنَّجَاسَةِ عَليْهَا طرِيْقٌ البتة َ، فإنَّ الله َ حَرَّمَ عَلى الأَرْض ِ أَنْ تأْكلَ أَجْسَادَهُمْ ، فهُمْ في قبوْرِهِمْ طرِيوْن . 3- وَمِنْهَا : أَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهَى عَن ِ الصَّلاةِ إليْهَا . 4- وَمِنْهَا : أَنهُ أَخْبَرَ أَنَّ «الأَرْضَ كلهَا مَسْجِدٌ ، إلا َّ المقبَرَة َ وَالحمّام». وَلوْ كانَ ذلِك َ لأَجْل ِ النَّجَاسَةِ ، لكانَ ذِكرُ الحشوْش ِ وَالمجَازِرِ وَنحْوِهَا أَوْلىَ مِنْ ذِكرِ القبوْر . 5- وَمِنْهَا : أَنَّ مَوْضِعَ مَسْجِدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كانَ مَقبَرَة ً لِلمُشْرِكِيْنَ ، فنبشَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبوْرَهُمْ وَسَوّاهَا ، وَاتخذَهُ مَسْجِدًا . وَلمْ يَنْقلْ ذلِك َ التُّرَابَ ، بَلْ سَوَّى الأَرْضَ وَمَهَّدَهَا ، وَصَلى فِيْهِ ، كمَا ثبتَ في «الصَّحِيْحَيْن» عَنْ أَنس ِ بْن ِمَالِكٍ رَضِيَ الله ُ عَنْه). ثمَّ قالَ شَيْخُ الإسْلامِ : (6- وَمِنْهَا :أَنَّ فِتْنَة َ الشِّرْكِ باِلصَّلاةِ فِي القبوْرِ، وَمُشَابَهَةِ عُبّادِ الأَوْثان ِ، أَعْظمُ بكثِيْرٍ مِنْ مَفسَدَةِ الصَّلاةِ بَعْدَ العَصْرِ وَالفجْر . فإذا نهى عَنْ ذلِك َ سَدًّا لِذَرِيْعَةِ التَّشَبُّهِ التِي لا تَكادُ تَخْطرُ ببال ِ المصَلي ، فكيْفَ بهَذِهِ الذّرِيْعَةِ القرِيْبَةِ ، التِي كثِيْرًا مَا تدْعُوْ صَاحِبَهَا إلىَ الشِّرْكِ ، وَدُعَاءِ الموْتى وَاسْتغاثتِهمْ ، وَطلبِ الحوَائِجِ مِنْهُمْ ، وَاعْتِقادِ أَنَّ الصَّلاة َ عِنْدَ قبوْرِهِمْ أَفضَلُ مِنْهَا فِي المسَاجِدِ ، وَغيْرِ ذلِك َ مِمّا هُوَ مُحَادَّة ٌ ظاهِرَة ٌ للهِ وَرَسُوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فأَينَ التَّعْلِيْلُ بنَجَاسَةِ البُقعَةِ مِنْ هَذِهِ المفسَدَة ؟! وَمِمّا يَدُلُّ عَلى أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصَدَ مَنْعَ هَذِهِ الأُمَّةِ مِنَ الفِتْنَةِ باِلقبوْرِ ، كمَا افتتَنَ بهَا قوْمُ نوْحٍ وَمَنْ بَعْدَهُمْ .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:06 AM | المشاركة رقم: 17 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
7- وَمِنْهَا : أَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَنَ المتَّخِذِيْنَ عَليْهَا مَسَاجِدَ ، وَلوْ كانَ ذلِك َ لأَجْل ِالنَّجَاسَةِ ، لأَمْكنَ أَنْ يُتَّخَذَ عَليْهَا المسْجِدُ مَعَ تَطييْنِهَا بطيْن ٍ طاهِرٍ ، فتَزُوْلُ اللعْنَة ُ! وَهُوَ بَاطِلٌ قطعًا . 8- وَمِنْهَا : أَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرَنَ في اللعْن ِ بَيْنَ مُتَّخِذِي المسَاجِدِ عَليْهَا ، وَمُوْقِدِي السُّرُجِ عَليْهَا ، فهُمَا في اللعْنَةِ قرِيْنَان ِ، وَفي ارْتِكابِ الكبيْرَةِ صِنْوَان ِ، فإنَّ كلَّ مَا لعَنَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهُوَ مِنَ الكبائِر . وَمَعْلوْمٌ أَنَّ إيْقادَ السُّرُجِ عَليْهَا ، إنمَا لعِنَ فاعِلهُ ، لِكوْنِهِ وَسِيْلة ً إلىَ تَعْظِيْمِهَا ، وَجَعْلِهَا نصُبًا يُوْفضُ إليْهِ المشْرِكوْنَ ، كمَا هُوَ الوَاقِعُ ، فهَكذَا اتخاذُ المسَاجِدِ عَليْهَا . وَلِهَذَا قرَنَ بَيْنَهُمَا ، فإنَّ اتخاذَ المسَاجِدِ عَليْهَا تَعْظِيْمٌ لهَا ، وَتَعْرِيْضٌ لِلفِتْنةِ بهَا ، وَلِهَذَا حَكى الله ُ سُبْحَانهُ وَتَعَالىَ عَن ِ المتغَلبيْنَ عَلى أَمْرِ أَصْحَابِ الكهْفِ أَنهُمْ قالوْا " لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ". [ الكَهْفُ : 21 ] . 9- وَمِنْهَا : أَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ :«اللهُمَّ لا تَجْعَلْ قبْرِي وَثنا يُعْبَدُ ، اشْتَدَّ غضَبُ اللهِ عَلى قوْمٍ اتخذُوْا قبوْرَ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِد». فذِكرُهُ عَقِيبَ قوْلِهِ«اللهُمَّ لا تَجْعَلْ قبْرِي وَثنا يُعْبَدُ»: تَنْبيْهٌ مِنْهُ عَلى سَبَبِ لحُوْق ِ اللعْن ِ لهمْ ، وَهُوَ تَوَصُّلهُمْ بذَلك َ إلىَ أَنْ تَصِيْرَ أَوْثانا تعْبَد . وَبالجمْلةِ : فمَنْ لهُ مَعْرِفة ٌ باِلشِّرْكِ وَأَسْبَابهِ وَذرَائِعِهِ ، وَفهمَ عَن ِالرَّسُوْل ِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقاصِدَهُ : جَزَمَ جَزْمًا لا يَحْتَمِلُ النَّقِيْضَ ، أَنَّ هَذِهِ المبالغة َ مِنْهُ باِللعْن ِ، وَالنَّهْيِّ بصِيْغتيْهِ : صِيْغةِ«لا تفعَلوْا» ، وَصِيْغةِ«إني أَنهَاكمْ» ، ليْسَ لأَجْل ِ النَّجَاسَةِ ، بَلْ هُوَ لأَجْل ِ نَجَاسَةِ الشِّرْكِ اللاحِقةِ بمَنْ عَصَاهُ ، وَارْتكبَ مَا عَنْهُ نهَاهُ ، وَاتبعَ هَوَاهُ ، وَلمْ يَخْشَ رَبهُ وَمَوْلاهُ ، وَقلَّ نَصِيْبُهُ ، أَوْ عَدِمُ تَحْقِيْقَ شَهَادَةِ أَنْ لا إلهَ إلا َّ الله .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:07 AM | المشاركة رقم: 18 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
فإنَّ هَذَا وَأَمْثالهُ مِنَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِيَانة ٌلِحِمَى التَّوْحِيْدِ أَنْ يَلحَقهُ الشِّرْك ُ وَيَغْشَاهُ ، وَتَجْرِيْدٌ لهُ وَغضَبٌ لِرَبهِ أَنْ يُعْدَلَ بهِ سِوَاه . فأَبى المشْرِكوْنَ إلا َّ مَعْصِيَة ً لأَمْرِهِ ، وَارْتِكابًا لِنَهْيهِ ، وَغرَّهُمُ الشَّيْطانُ فقالَ:«بَلْ هَذَا تَعْظِيْمٌ لِقبوْرِ المشَايخِ وَالصّالِحِيْنَ ، وَكلمَا كنْتُمْ أَشَدَّ لهَا تَعْظِيْمًا ، وَأَشَدَّ فِيْهمْ غلوًّا ، كنْتُمْ بقرْبهمْ أَسْعَدَ ، وَمِنْ عِدَائِهمْ أَبعَد». وَلعَمْرُ اللهِ مِنْ هَذَا البابِ بعَيْنِهِ دَخَلَ عَلى عُبّادِ يَغُوْثَ وَيَعُوْقَ وَنسْرٍ . وَمِنْهُ دَخَلَ عَلى عُبّادِ الأَصْنَامِ مُنْذُ كانوْا إلىَ يَوْمِ القِيَامَة . فجَمَعَ المشْرِكوْنَ بَيْنَ الغلوِّ فِيْهمْ ، وَالطعْن ِ في طرِيْقتِهمْ . وَهَدَى الله ُ أَهْلَ التَّوْحِيْدِ لِسُلوْكِ طرِيْقتِهمْ ، وَإنزَالِهمْ مَنَازِلهُمُ التِي أَنزَلهُمُ الله ُ إياهَا ، مِنَ العُبُوْدِيةِ وَسَلبِ خَصَائِص ِ الإلهِيَّةِ عَنْهُمْ ، وَهَذَا غاية ُ تَعْظِيْمِهمْ وَطاعَتِهمْ . فأَمّا المشْرِكوْنَ : فعَصَوْا أَمْرَهُمْ ، وَتنقصُوْهُمْ في صُوْرَةِ التَّعْظِيْمِ لهمْ ، قالَ الشّافِعِيُّ:«أَكرَهُ أَنْ يُعَظمَ مَخْلوْقٌ ، حَتَّى يُجْعَلَ قبْرُهُمَسْجِدًا ، مَخَافة َ الفِتْنَةِ عَليْهِ ، وَعَلى مَنْ بَعْدَهُ مِنَ النّاس»)اه كلامُ شَيْخِ الإسْلامِ ، نقلهُ عَنْهُ العَلامَة ُ ابنُ القيِّمِ في«إغاثةِ اللهْفان»(1/187-189). وَقالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمية َ رَحِمَهُ الله ُ أَيْضًا : (وَهَذِهِ العِلة ُ- التِي لأَجْلِهَا نهَى الشّارِعُ عَن ِ اتخاذِ المسَاجِدِ عَلى القبوْرِ -: هِيَ التي أَوْقعَتْ كثِيْرًا مِنَ الأُمَمِ إمّا في الشِّرْكِ الأَكبَرِ، أَوْ فِيْمَا دُوْنهُ مِنَ الشِّرْك. فإنَّ النُّفوْسَ قدْ أَشْرَكتْ بتَمَاثِيْل ِ القوْمِ الصّالِحِيْنَ ، وَتَمَاثِيْلَ يَزْعُمُوْنَ أَنهَا طلاسِمُ لِلكوَاكِبِ ، وَنحْو ذلك . فإنَّ الشِّرْك َ بقبْرِ الرَّجُل ِ الذِي يُعْتَقدُ صَلاحُهُ ، أَقرَبُ إلىَ النُّفوْس ِ مِنَ الشِّرْكِ بخشبةٍ أَوْ حَجَر .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:09 AM | المشاركة رقم: 19 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
وَلهِذَا نجدُ أَهْلَ الشِّرْكِ كثِيْرًا يَتَضَرَّعُوْنَ عِنْدَهَا ، وَيَخْشَعُوْنَ وَيَخْضَعُوْنَ وَيَعْبُدُوْنهُمْ بقلوْبهمْ عِبَادَة ً لا يَفعَلوْنهَا في بُيُوْتِ اللهِ ، وَلا وَقتَ السَّحَرِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْجُدُ لها ! وَأَكثرُهُمْ يَرْجُوْنَ مِنْ بَرَكةِ الصَّلاةِ عِنْدَهَا وَالدُّعَاءِ ، مَا لا يرْجُوْنهُ في المسَاجِد ! فلأَجْل ِ هَذِهِ المفسَدَةِ : حَسَمَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّتهَا ، حَتَّى نهَى عَن ِ الصَّلاةِ في المقبَرَةِ مُطلقا ، وَإنْ لمْ يقصِدِ المصَلي برَكة َ البقعَةِ بصَلاتهِ ، كمَا يقصِدُ بصَلاتهِ برَكة َ المسَاجِد . كمَا نهَى عَن ِ الصَّلاةِ وَقتَ طلوْعِ الشَّمْس ِ وَغرُوْبهَا ، لأَنهَا أَوْقاتٌ يَقصِدُ المشْرِكوْنَ الصَّلاة َفِيْهَا لِلشَّمْس ِ، فنَهَى أُمَّتَهُ عَن ِ الصَّلاةِ حِيْنَئِذٍ ، وَإنْ لمْ يَقصِدِ المصَلي مَا قصَدَهُ المشْرِكوْنَ ، سَدًّا لِلذَّرِيْعَة . وَأَمّا إذا قصَدَ الرَّجُلُ الصَّلاة َعِنْدَ القبوْرِ ، مُتَبَرِّكا باِلصَّلاةِ في تِلك َ البُقعَةِ : فهَذَا عَيْنُ المحَادَّةِ للهِ وَلِرَسُوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالمخالفةِ لِدِينِهِ ، وَابْتِدَاعُ دِيْن ٍ لمْ يَأْذنْ بهِ الله ُ تَعَالىَ)اه نقلهُ عَنْهُ ابنُ القيِّمِ في «إغاثةِ اللهْفان»(1/184-185). وَقالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمية َ في«شَرْحِ العُمْدَة»(2/448-449): (فإنمَا نهَى عَنْ ذلِك َ لأَنَّ الصَّلاة َ عِنْدَهَا ، وَاتخاذهَا مَسَاجِدَ ، ضَرْبٌ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثان ِ، وَسَبَبٌ إليْهِ ، لأَنَّ عُبّادَ الأَوْثان ِ مَا كانوْا يَقوْلوْنَ «إنَّ تِلك َ الحِجَارَة َ وَالخشَبَ خَلقتْهُمْ» ، وَإنمَا كانوْا يَقوْلوْنَ«إنهَا تَمَاثِيْلُ أَشْخاص ٍ مُعَظمِيْنَ مِنَ الملائِكةِ ، أَوِ النُّجُوْمِ ، أَوِ البَشرِ، وَإنهُمْ بعِبَادَتِهمْ يتوَسَّلوْنَ إلىَ الله». فإذا توَسَّلَ العَبْدُ بالقبْرِ إلىَ اللهِ : فهُوَ عَابدُ وَثن ٍ، حَتَّى يَعْبُدَ الله َ مُخْلِصًا لهُ الدِّينَ ، مِنْ غيْرِ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شُفعَاءَ وَشُرَكاءَ ، كمَا أَمَرَ الله ُ تَعَالىَ بذَلِك َ في كِتَابهِ ، وَيَعْلمَ أَنهُ ليْسَ مِنْ دُوْن ِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيْعٌ كمَا أَخْبَرَ تَعَالىَ .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:10 AM | المشاركة رقم: 20 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
وَلِهَذَا جَمَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَحْق ِالتَّمَاثِيْل ِ، وَتَسْوِيةِ القبوْرِ المشْرِفةِ ، إذْ كانَ بكليْهمَا يتوَسَّلُ بعِبَادَةِ البَشَرِ إلىَ اللهِ ، قالَ أَبوْ الهيّاجِ الأَسَدِيُّ : قالَ لِي عَلِيٌّ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ :«أَلا أَبْعَثُك َ عَلى مَا بَعَثنِي عَليْهِ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ أَلا َّ تدَعَ تِمْثالا ً إلا َّ طمَسْتهُ ، وَلا قبْرًا مُشْرِفا إلا َّ سَوَّيته»، رَوَاهُ الجمَاعَة ُ إلا َّ البُخارِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ [حم(1/129،89) م(969) د(3218) ت(1049) ن(2031)])اه. وَقالَ أَيْضًا رَحِمَهُ الله ُفي«شَرْحِ العُمْدَةِ»(2/450-451) : وَأَمّا مَنْ يُصَلي عِنْدَ القبْرِ اتفاقا مِنْ غيْرِ أَنْ يَقصِدَهُ : فلا يَجُوْزُ أَيضًا ، كمَا لا يَجُوْزُ السُّجُوْدُ بَيْنَ يَدَيْ الصَّنَمِ وَالنارِ وَغيْرِ ذلِك َ مِمّا يُعْبَدُ مِنْ دُوْن ِ اللهِ ، لِمَا فِيْهِ مِنَ التَّشبهِ بعُبّادِ الأَوْثان ِ، وَفتْحِ بَابِ الصَّلاةِ عِنْدَهَا ، وَاتهَامِ مَنْ يَرَاهُ أَنهُ قصَدَ الصَّلاة َ عِنْدَهَا . وَلأَنَّ ذلِك َ مَظِنَّة ُ تِلك َ المفسَدَةِ ، فعُلقَ الحكمُ بهَا ، لأَنَّ الحِكمَة َ قدْ لا تَنْضَبط ُ، وَلأَنَّ في ذلِك َ حَسْمًا لِهَذِهِ المادَّةِ ، وَتَحْقِيْقَ الإخْلاص ِ وَالتَّوْحِيْدِ ، وَزَجْرًا لِلنُّفوْس ِ أَنْ تتعَرَّضَ لها بعِبَادَةٍ ، وَتَقبيْحًا لِحَال ِ مَنْ يَفعَلُ ذلِك َ، وَلِهَذَا نهَى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن ِ الصَّلاةِ عِنْدَ طلوْعِ الشَّمْس ِ، لأَنَّ الكفارَ يسْجُدُوْنَ لِلشَّمْس ِحِيْنَئِذٍ). ثمَّ قالَ رَحِمَهُ الله ُ(2/452-453) فهَذِهِ هِيَ العِلة ُ المقصُوْدَة ُ لِصَاحِبِ الشَّرْعِ في النَّهْيِّ عَن ِ الصَّلاةِ في المقبَرَةِ ، وَاتخاذِ القبوْرِ مَسَاجِدَ ، لِمَنْ تَأَمَّلَ الأَحَادِيْثَ وَنظرَ فِيْهَا ، وَقدْ نصَّ الشّارِعُ عَلى هَذِهِ العِلةِ كمَا تقدَّم . فأَمّا الترَابُ إنْ كانَ نجسا : فهَذِهِ عِلة ٌ أُخْرَى ، قدْ تُجَامِعُ الأُوْلىَ ، لكِنَّ المفسَدَة َ النّاشِئَة َ مِنَ اتخاذِهَا أَوْثانا ، أَعْظمُ مِنْ مَفسَدَةِ نجاسَةِ الترَاب . فإنَّ تِلك َ تقدَحُ في نفس ِ التَّوْحِيْدِ وَالإخْلاص ِ، الذِي هُوَ أَصْلُ الدِّين ِ، وَجِمَاعُهُ وَرَأْسُهُ ، وَالذِي بُعِثَتْ بهِ جَمِيْعُ المرْسَلِيْنَ ... وَقدْ تفارِقُ الأُوْلىَ إذا كانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الترَابِ حَائِلٌ مِنَ البسَاطِ وَنحْوِهِ ، أَوْ كانتِ المقبَرَة ُ جَدِيْدَة ً، لا سِيَّمَا المسْجدُ المبْنِيُّ عَلى قبْرِ نبيٍّ أَوْ رَجُل ٍ صَالِحٍ ، فإنَّ ترْبتهُ لمْ يُدْفنْ فِيْهَا غيْرُهُ ، فلا نجَاسَة َ هُنَاك َ البَتَّة َ، مَعَ مَا فِيْهِ مِنْ نهْي الشّارِع).
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:12 AM | المشاركة رقم: 21 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
ثمَّ قالَ (2/458-459) وَقدْ بَينا أَنهُ لا يَجُوْزُ أَنْ يُرَادَ بتِلك َ الأَحَادِيْثِ ، المقبَرَة َ العَتِيْقة َالمنْبُوْشة َ فقط ، لأَنهُ نهَى عَن ِ الصَّلاةِ في المقبَرَةِ ، وَنهَى عَن ِ اتخاذِ القبوْرِ مَسَاجِدَ ، وَنهَى عَن ِ اتخاذِ قبْرِ النَّبيِّ أَوِ الرَّجُل ِ الصّالِحِ مَسْجِدًا . وَمَعْلوْمٌ أَنَّ قبوْرَ الأَنبيَاءِ لا تنبش . وَلأَنَّ عَامَّة َ مَقابرِ المسْلِمِيْنَ في وَقتِهِ كانتْ جَدِيْدَة ً، وَلا يَجُوْزُ أَنْ يُطلقَ اسْمُ المقبَرَةِ ، وَيرِيْدُ بهَا مَقابرَ المشْرِكِيْنَ العُتَّق ِ، مَعَ أَنَّ المفهُوْمَ عِنْدَهُمْ مَقابرُهُمْ ، وَلا يَجُوْزُ أَنْ يُرِيْدَ بهَا مَا يتجدَّدُ مِنَ القبوْرِ العُتَّق ِ ، دُوْنَ المقابرِ الموْجُوْدَةِ في زَمَانِهِ وَبَلدِهِ ، فإنَّ مَا يَعْرِفهُ المتكلمُ مِنْ أَفرَادِ العَامِّ ، هُوَ أَوْلىَ باِلدُّخُوْل ِ في كلامِه . ثمَّ إنهُ لوْ أَرَادَ القبوْرَ المنْبُوْشة َ وَحْدَهَا : لوَجَبَ أَنْ يَقرِنَ بذَلِك َ قرِينة ً تدُلُّ عَليْهِ ، وَإلا َّ فلا دَلِيْلَ يَدُلُّ عَلى أَنَّ المرَادَ هُوَ هَذَا . وَمِنَ المحَال ِ أَنْ يُحْمَلَ الكلامُ عَلى خِلافِ الظاهِرِ المفهُوْمِ مِنْهُ ، مِنْ غيْرِ أَنْ يُنْصَبَ دَلِيْلٌ عَلى ذلك . ثمَّ إنهُ نهَانا عَمّا كانَ يَفعَلهُ أَهْلُ الكِتَابيْن ِ ، مِنَ اتخاذِ القبوْرِ مَسَاجِد . وَأَكثرُ مَا اتخذُوْهُ مِنَ المسَاجدِ مقبَرَة ً جَدِيدَة ً، بَلْ لا يَكوْنُ إلا َّ كذَلِك . ثمَّ هُمْ يَفرُشوْنَ في تِلك َ الأَرْض ِ مَفارِشَ تَحُوْلُ بيْنَهُمْ وَبيْنَ ترْبتهَا ، فعلمَ أَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهانا عَنْ ذلك . وَباِلجمْلةِ : فمَنْ جَعَلَ النَّهْيَ عَن ِ الصَّلاةِ في المقبَرَةِ لأَجْل ِ نَجَاسَةِ الموْتى فقط : فهُوَ بَعِيْدٌ عَنْ مَقصُوْدِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كمَا تَقدَّم).
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:13 AM | المشاركة رقم: 22 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
ثمَّ قالَ (2/480-481) وَمِنْهُمْ : مَنْ لمْ يَكرَهْ ذلِك َ إلا َّ في القبْرِ خَاصَّة ً، لأَنَّ النَّهْيَ عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنمَا صَحَّ في الصَّلاةِ إلىَ القبوْرِ كمَا تقدَّم . وَلأَنهَا هِيَ التِي يُخافُ أَنْ تُتَّخذَ أَوْثانا ، فالصَّلاة ُ إليْهَا شَبيْهَة ٌ باِلصَّلاةِ بَيْنَ يَدَيْ الصَّنَمِ ، وَذلِك َ أَعْظمُ مِنَ الصَّلاةِ بَيْنَهَا . وَلِهَذَا يَكرَهُوْنَ مِنَ الصَّلاةِ إلىَ القبْرِ ، مَا لا يَكرَهُوْنهُ مِنَ الصَّلاةِ إلىَ المقبَرَة . وَهَذِهِ حُجَّة ُ مَنْ رَأَى التَّحْرِيْمَ وَالإبطالَ ، مُخْتَصًّا باِلصَّلاةِ إلىَ القبْرِ ، وَإنْ كرِهَ الصَّلاة َ إلىَ تِلك َ الأَشْيَاءِ ، وَهُوَ قوْلٌ قوِيٌّ جِدًّا ، وَقدْ قالهُ كثِيْرٌ مِنْ أَصْحَابنا . وَوَجْهُ الكرَاهَةِ في الجمِيْعِ : مَا تقدَّمَ عَن ِ الصَّحَابةِ وَالتابعِيْنَ مِنْ غيْرِ خِلافٍ عَلِمْنَاهُ بَيْنَهُمْ ، وَلأَنَّ القبوْرَ قدِ اتخِذَتْ أَوْثانا وَعُبدَتْ ، وَالصَّلاة ُ إليْهَا يُشبهُ الصَّلاة َ إلىَ الأَوْثان ِ، وَذلِك َ حَرَامٌ ، وَإنْ لمْ يقصِدْهُ المرْءُ ، وَلِهَذَا لوْ سَجَدَ إلىَ صَنَمٍ بَيْنَ يدَيهِ لمْ يَجُزْ ذلك) . وَقالَ رَحِمَهُ الله فِي مَوْضِعٍ آخَرَ(21/321) وَكذلك تَعْلِيْلُ النَّهْيِّ عَن ِ الصَّلاةِ فِي المقبَرَةِ بنَجَاسَةِ التُّرَابِ ، وَهُوَ ضَعِيْفٌ ، فإنَّ النَّهْيَ عَن ِ المقبَرَةِ مُطلقا ، وَعَن ِ اتخاذِ القبوْرِ مَسَاجِدَ وَنَحْو ذلِك َ، مِمّا يُبيِّنُ أَنَّ النَّهْيَ لِمَا فِيْهِ مِنْ مَظِنَّةِ الشِّرْكِ ، وَمُشَابهَةِ المشْرِكِيْن) اه . وَقالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابْنُ تَيْمية َ رَحِمَهُ الله ُ(27/159) وَقدْ ظنَّ طائِفة ٌمِنْ أَهْل ِالعِلمِ : أَنَّ الصَّلاة َ فِي المقبرَةِ ، نهيَ عَنْهَا مِنْ أَجْل ِ النَّجَاسةِ ... وَالتَّعْلِيْلُ بهذَا ليْسَ مَذْكوْرًا فِي الحدِيْثِ ، وَلم يدُلَّ عَليْهِ الحدِيْثُ ، لا نصًّا وَلا ظاهِرًا ، وَإنمَا هِيَ عِلة ٌ ظنوْهَا .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:15 AM | المشاركة رقم: 23 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
وَالعِلة ُالصَّحِيْحَة ُعِنْدَ غيْرِهِمْ : مَا ذكرَهُ غيْرُ وَاحِدٍ مِنَ العُلمَاءِ مِنَ السَّلفِ وَالخلفِ ، فِي زَمَن ِمَالِكٍ وَالشّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغيْرِهِمْ : إنما هُوَ مَا فِي ذلِك َ مِنَ التَّشَبُّهِ بالمشْرِكِيْنَ ، وَأَنْ تَصِيْرَ ذرِيْعَة ً إلىَ الشِّرْك . وَلهِذَا نهَى عَن ِ اتِّخاذِ قبوْرِ الأَنْبيَاءِ مَسَاجِدَ ، وَقالَ:«إنَّ أُوْلئِكَِ إذا مَاتَ فِيْهمُ الرَّجُلُ الصّالِحُ ، بنوْا عَلى قبْرِهِ مَسْجدًا ، وَصَوَّرُوْا فِيْهِ تِلك َ التَّصَاوِيْر» [خ(427)،(1341)،(3873) م(528)] . وَقالَ:«إنَّ مَنْ كانَ قبْلكمْ ، كانوْا يَتَّخِذُوْنَ القبُوْرَ مَسَاجِدَ ، أَلاَ فلا تَتَّخِذُوْا القبوْرَ مَسَاجِد»[م(532)] ، وَنهَى عَن ِ الصَّلاةِ إليْهَا). ثمَّ قالَ رَحِمَهُ الله ُ(27/160) بَلْ قدْ ذكرَ الشّافِعِيُّ وَغيْرُهُ النَّهْيَ عَن ِ اتِّخاذِ المسَاجِدِ عَلى القبوْرِ ، وَعَللَ ذلِك َ بخشْيَةِ التَّشَبُّهِ بذَلِك . وَقدْ نصَّ عَلى النَّهْيِّ عَنْ بنَاءِ المسَاجِدِ عَلى القبوْرِ: غيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلمَاءِ المذَاهِبِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ، وَمِنْ فقهَاءِ الكوْفةِ أَيْضًا ، وَصَرَّحَ غيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بتَحْرِيْمِ ذلك . وَهَذَا لا رَيْبَ فِيْهِ ، بَعْدَ لعْن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُبالغتِهِ فِي النَّهْيِّ عَنْ ذلك). وَقالَ شَيْخُ الإسْلامِ وَمِمَّنْ عَللَ باِلشِّرْكِ وَمُشَابَهَةِ اليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى : الأَثرَمُ فِي«كِتَابِ ناسِخِ الحدِيْثِ وَمَنْسُوْخِهِ» فقالَ بَعْدَ أَنْ ذكرَ حَدِيْثَ أَبي سَعِيْدٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:«جُعِلتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا إلا َّ المقبَرَة َ وَالحمّامَ»، وَحَدِيْثَ زَيْدِ بْن ِ جُبَيْرٍ عَنْ دَاوُوْدِ بْن ِ الحصَيْن ِ عَنْ نافِعٍ عَنْ ابْن ِعُمَرَ : أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهَى عَن ِ الصَّلاةِ فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ، وَذكرَ مِنْهَا المقبَرَة َ، قالَ الأَثرَمُ :«إنمَا كرِهَتِ الصَّلاة ُ فِي المقبَرَةِ ، لِلتَّشَبُّهِ بأَهْل ِ الكِتَابِ ، لأَنهُمْ يَتَّخِذُوْنَ قبوْرَ أَنْبيَائِهمْ وَصَالِحِيْهمْ مَسَاجِد)اه كلامُ شَيْخِ الإسْلامِ ، نقلهُ عَنْهُ ابْنُ القيِّمِ في«إغاثةِ اللهْفان»(1/189).
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:17 AM | المشاركة رقم: 24 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
وَقالَ العَلامة ُ أَبوْ عَبْدِ اللهِ ابْنُ قيِّمِ الجوْزِيةِ رَحِمَهُ الله ُ في«إغاثةِ اللهْفان»(1/182183) وَمِنْ أَعْظمِ مَكايدِهِ التِي كادَ بهَا أَكثرَ النّاس ِ، وَمَا نجَا مِنْهَا إلا َّ مَنْ لمْ يُرِدِ الله ُ تَعَالىَ فِتْنَتهُ : مَا أَوْحَاهُ قدِيْمًا وَحَدِيْثا إلىَ حِزْبهِ وَأَوْلِيَائِهِ ، مِنَ الفِتْنَةِ باِلقبوْرِ ، حَتَّى آلَ الأَمْرُ فِيْهَا إلىَ أَنْ عُبدَ أَرْبابهَا مِنْ دُوْن ِ اللهِ ، وَعُبدَتْ قبوْرُهُمْ ، وَاتخِذَتْ أَوْثانا ، وَبُنيَتْ عَليْهَا الهيَاكِلُ ، وَصُوِّرَتْ صُوَرُ أَرْبَابهَا فِيْهَا ، ثمَّ جُعِلتْ تِلك َ الصُّوَرُ أَجْسَادًا لها ظِلٌّ ، ثمَّ جُعِلتْ أَصْنَامًا وَعُبدَتْ مَعَ اللهِ تَعَالىَ . وَكانَ أَوَّلُ هَذَا الدّاءِ العَظِيْمِ ، فِي قوْمِ نوْحٍ كمَا أَخْبَرَ سُبْحانهُ عَنْهُمْ في كِتَابهِ حَيْثُ يَقوْلُ : " قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا * وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا * وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا " ) . [ نُوحٌ : 21 – 32 ] ثمَّ قالَ وَقالَ البُخارِيُّ (4920): حَدَّثنَا إبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى حَدَّثنَا هِشَامٌ عَن ِابن ِجُرَيْجٍ قالَ : وقالَ عَطاءٌ عَن ِابن ِ عَبّاس ٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا :«صَارَتِ الأَوْثانُ التي كانتْ في قوْمِ نوْحٍ في العَرَبِ بَعْدُ : أَمّا وَدٌّ فكانتْ لِكلبٍ بدُوْمَةِ الجنْدَل ِ، وَأَمّا سُوَاعٌ فكانتْ لِهُذَيْل ٍ، وَأَمّا يَغوْثُ فكانتْ لِمُرَادٍ ، ثمَّ لِبَني غطيْفٍ بالجرْفِ عِنْدَ سَبَإٍ ، وَأَمّا يَعُوْقُ فكانتْ لِهَمْدَانَ ، وَأَمّا نسْرٌ فكانتْ لِحِمْيَرَ ، لآل ِ ذِي الكلاع .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:18 AM | المشاركة رقم: 25 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
أَسْمَاءُ رِجَال ٍ صَالِحِيْنَ مِنْ قوْمِ نوْحٍ ، فلمّا هَلكوْا أَوْحَى الشَّيْطانُ إلىَ قوْمِهمْ : أَن ِ انْصبوْا إلىَ مَجَالِسِهمُ التي كانوْا يَجْلِسُوْنَ أَنصَابًا ، وَسَمُّوْهُمْ بأَسْمَائِهمْ ففعَلوْا ، فلمْ تعْبَدْ ، حَتَّى إذا هَلك َ أُوْلئِك َ، وَنسِيَ العِلمُ عُبدَتْ». وَقالَ غيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلفِ :«كانَ هَؤُلاءِ قوْمًا صَالِحِيْنَ فِي قوْمِ نوْحٍ عَليْهِ السَّلامُ ، فلمّا مَاتوْا : عَكفوْا عَلى قبورِهِمْ ، ثمَّ صَوَّرُوْا تمَاثِيْلهُمْ ، ثمَّ طالَ عَليْهمُ الأَمدُ فعَبَدُوْهُمْ». فهَؤُلاءِ جَمَعُوْا بَيْنَ الفِتْنَتَيْن ِ: فِتْنَةِ القبوْرِ، وَفِتْنَةِ التَّمَاثِيْل ِ، وَهُمَا الفِتْنَتَان ِ اللتان ِأَشارَ إليْهمَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الحدِيْثِ المتَّفق ِ عَلى صِحَّتِهِ عَنْ عَائِشَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهَا : أَنَّ أُمَّ سَلمَة َ رَضِيَ الله ُعَنْهَا ذكرَتْ لِرَسُوْل ِاللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كنِيْسَة ً رَأَتهَا بأَرْض ِ الحبشةِ يُقالُ لها «مَارِيََةَ» ، فذَكرَتْ لهُ مَا رَأَتْ فِيْهَا مِنَ الصُّوَر. فقالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«أُوْلئِكَِ قوْمٌ إذا مَاتَ فِيْهمُ العَبْدُ الصّالِحُ ، أَوِ الرَّجُلُ الصّالِحُ : بنوْا عَلى قبْرِهِ مَسْجِدًا ، وَصَوَّرُوْا فِيْهِ تِلك َ الصُّوَرَ ، أُوْلئِكَِ شِرَارُ الخلق ِ عِنْدَ اللهِ تعَالىَ». وَفِي لفظٍ آخَرَ فِي«الصَّحِيْحَيْن»:«أَنَّ أُمَّ حَبيْبَة َ وَأُمَّ سَلمَة َ ذكرَتا كنيْسَة ً رَأَينهَا». فجَمَعَ فِي هَذَا الحدِيْثِ ، بَيْنَ التَّمَاثِيل ِ وَالقبوْرِ ، وَهَذَا كانَ سَبَبَ عِبَادَةِ اللاتِ ... فقدْ رَأَيْتَ أَنَّ سَبَبَ عِبَادَةِ وَدٍّ وَيَغوْثَ وَيَعُوْقَ وَنسْرٍ وَاللاتِ ، إنمَا كانتْ مِنْ تَعْظِيْمِ قبوْرِهِمْ ، ثمَّ اتخذُوْا لهَا التَّمَاثِيْلَ وَعَبَدُوْهَا ، كمَا أَشَارَ إليْهِ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )اه. وَقالَ العَلامَة ُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ القادِرِ الأَقحِصَارِيُّ الحنَفِيُّ ، المعْرُوْفُ باِلرُّوْمِيِّ(ت1041ه) في كِتَابهِ الكبيْرِ«مَجَالِس ِالأَبْرَار، وَمَسَالِكِ الأَخْيَار»([1]) في«المجْلِس ِ السّابعَ عَشَرَ» في شَرْحِهِ حَدِيْثَ عَائِشَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهَا مَرْفوْعًا «لعْنة ُ اللهِ عَلى اليهُوْدِ وَالنَّصَارَى ، اتخذُوْا قبوْرَ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِدَ»قالَ هَذَا الحدِيْثُ مِنْ صِحَاحِ «المصَابيْحِ» ، رَوَتهُ أَمُّ المؤْمِنِيْنَ عَائِشَة ُ رَضِيَ الله ُ عَنْهَا . وَسَببُ دُعَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلى اليهُوْدِ وَالنَّصَارَى باِللعْنَةِ : أَنهُمْ كانوْا يُصَلوْنَ في الموَاضِعِ التِي دُفِنَ فِيْهَا أَنبيَاؤُهُمْ : ·إمّا نظرًا مِنْهُمْ ، بأَنَّ السُّجُوْدَ لِقبوْرِهِمْ تعْظِيْمٌ لها ، وَهَذَا شِرْك ٌ جَلِيٌّ ، وَلهِذَا قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«اللهُمَّ لا تَجْعَلْ قبْرِي وَثنا يُعْبَد». · أَوْ ظنًّا مِنْهُمْ ، بأَنَّ التَّوَجُّهَ إلىَ قبوْرِهِمْ باِلصَّلاةِ أَعْظمُ وَقعًا عِنْدَ اللهِ تعَالىَ - لاشْتِمَالِهِ عَلى أَمْرَيْن ِ: عِبَادَةِ اللهِ تعَالىَ ، وَتَعْظِيْمِ أَنبيَائِهِ –وَهَذَا شِرْك ٌ خَفِيّ . وَلهِذَا نهَى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتهُ عَن ِ الصَّلاةِ في المقابرِ احْتِرَازًا عَنْ مُشابهَتِهمْ بهمْ ، وَإنْ كانَ القصْدَان ِ مُخْتَلِفيْن . [1]- كِتَابٌ مُفِيْدٌ ، انتَقى مُؤَلفهُ مِئَة َ حَدِيْثٍ مِنْ أَحَادِيْثِ «مَصَابيْحِ السُّنَّةِ» لِلبَغوِيِّ ، ثمَّ شَرَحَهَا فِيْهِ ، في مِئَةِ مَجْلِس ٍ، وَأَطالَ في شَرْحِهَا . لهُ نسَخٌ خَطية ٌ كثِيْرَة ٌ في العَالمِ ، مِنْهَا اثنتَا عَشْرَة َ نسْخة ً خَطية ً أَصْلِيَّة ً في «مَرْكزِ الملِكِ فيْصَل لِلبحُوْثِ وَالدِّرَاسَاتِ الإسْلامِيَّةِ» باِلرِّياض ِ، مَحْفوْظة ً باِلأَرْقامِ 00408)،(02278)،(03325) ،(04245) ، (06542)،(07993)،(08009)، (08798)،(09001)، (09442)،(09770)،(11559). وَنسْخة ٌ مُصَوَّرَة ٌ عَن ِ«المتْحَفِ البرِيْطانِيّ» ، مَحْفوْظة ٌ بالمرْكزِ أَيْضًا برَقمِ ب9164-9169)، وَلا أَعْلمُ أَنهُ مَطبوْع . وَقدْ طبعَتْ رِسَالة ٌ فِيْهَا:أَرْبَعَة ُ مَجَالِسَ مِنْهُ فقط ، وَسُمِّيَتْ «المجَالِسُ الأَرْبَعَة ُ مِنْ مَجَالِس ِ الأَبْرَارِ»، كانَ المجْلِسُ الأَوَّلُ مِنْهَا «في بَيَان ِ عَدَمِ جَوَازِ الصَّلاةِ عِنْدَ القبوْرِ ، وَالاسْتِمْدَادِ مِنْ أَهْلِهَا ، وَاتِّخَاذِ السُّرُوْجِ وَالشُّمُوْعِ عَليْهَا» ، وَهَذَا هُوَ المجْلِسُ السَّابعَ عَشَرَ في الأَصْل ِ، وَفِيْهِ شَرْحُ حَدِيْثِ عَائِشَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهَا السّابق.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:25 AM | المشاركة رقم: 26 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
وَقالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«أَلا َإنَّ مَنْ كانَ قبْلكمْ ، كانوْا يتَّخِذُوْنَ القبوْرَ مَسَاجِدَ ، أَلا َفلا تتَّخِذُوْا القبوْرَ مَسَاجِدَ ، إني أَنهَاكمْ عَنْ ذلك»)اه. وَقالَ العَلامَة ُ الشَّرِيْفُ الحسَنُ بْنُ خَالِدٍ الحازِمِيُّ الحسَنِيُّ (ت1234ه) في كِتَابهِ «قوْتُ القلوْب ، في تَوْحِيْدِ عَلاّمِ الغيوْب» (ص130) بَعْدَ أَنْ ذكرَ سَببَ شِرْكِ قوْمِ نوْحٍ عَليْهِ السَّلامُ فقدْ رَأَيْتَ أَنَّ سَببَ عِبَادَةِ وَدٍّ وَيَغُوْثَ وَيَعُوْقَ وَنسْرٍ وَاللاتِ : كانَ مِنْ تَعْظِيْمِهمُ المخْلوْقَ ، بمَا لمْ يَأْذنْ بهِ الله ُ، حَتَّى عَظمُوْا قبوْرَهُمْ ، وَجَعَلوْا لها تَمَاثِيْل . وَلهِذَا نهَى الشّارِعُ الحكِيْمُ عَن ِ اتِّخاذِ المسَاجِدِ عَلى القبوْرِ ، وَلعَنَ عَلى ذلك). ثمَّ قالَ رَحِمَهُ الله ُ(ص131) فاتخاذُ المسَاجِدِ عَلى القبوْرِ تَعْظِيْمٌ لها ، وَلِذَا حَكى الله ُ عَن ِ الذِيْنَ غلبوْا عَلى أَمْرِ أَصْحَابِ الكهْفِ أَنهُمْ قالوْا " لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ". [ الكَهْفُ : 21 ] . قدْ صَارَ هَذَا التَّعْظِيْمُ لها : وَسِيْلة ً إلىَ الفِتْنَةِ بهَا ، وَلهِذَا نهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ آخِرَ حَيَاتِهِ ، وَلعَنَ – وَهُوَ في السِّيَاق ِ– فاعِلَ ذلك . لأَنَّ هَذِهِ العِلة َ، هِيَ التي أَوْقعَتْ كثِيْرًا مِنَ الأُمَمِ في الشِّرْكِ الأَكبَرِ وَالأَصْغر. وَلِذَا تَجِدُ أَقوَامًا يَتَضَرَّعُوْنَ عِنْدَهَا ، وَيَخْشَوْنَ بعِبَادَةٍ لا يَفعَلوْنهَا في مَوَاضِعِ العِبَادَاتِ ، وَلا أَوْقاتِ الإجَابةِ ، وَيَرْجُوْنَ مِنْ بَرَكةِ ذلِك َ مَا لا يَرْجُوْنَ في المسَاجِدِ الثلاثةِ التي تشدُّ إليْهَا الرِّحَال). ثمَّ قالَ (ص132) وَلأَجْل ِهَذِهِ المفسَدَةِ النّاشِئَةِ مِنْ تَعْظِيْمِ المخْلوْق ِ بمَا لا يَسْتَحِقهُ : حَسَمَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّتهَا ، حَتَّى نهَى عَن ِ الصَّلاةِ في المقبَرَةِ مُطلقا ، وَقالَ:«الأَرْضُ كلهَا مَسْجِدٌ إلا َّ المقبَرَة» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبّانَ(1699)،(2316)،(2321) وَالحاكِمُ(1/251)، وَإليْهِ مَالَ ابْنُ دَقِيْق ِالعِيْدِ في«الإمَام» . وَأَوْضَحُ مِنْ هَذَا : أَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهَى عَن ِ الصَّلاةِ إلىَ القبْرِ ، فرَوَى مُسْلِمٌ في«الصَّحِيْحِ»(972) عَنْ أَبي مَرْثدٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «لا تَجْلِسُوْا عَلى القبوْرِ، وَلا تصَلوْا إليْهَا» ، وَإنْ لمْ يَقصِدِ المصَلي بَرَكة َ البقعَةِ ، فذَاك َ في لعْنَةِ رَسُوْل ِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )اه كلامُ الحازِمِيّ.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:27 AM | المشاركة رقم: 27 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
فصل في اخْتِلافِ الأَئِمَّةِ في صِحَّةِ الصَّلاةِ في المقبَرَةِ ، مَعْ قوْلِهمْ بتَحْرِيْمِهَا قدِ اخْتَلفَ الأَئِمَّة ُ مِنَ المحَرِّمِيْنَ للصَّلاةِ في المقابرِ في صِحَّتِهَا فِيْهَا ، مَعَ اتفاقِهمْ عَلى إثمِ فاعِلِهَا . فعَن ِ الإمَامِ أَحْمَدَ رِوَايتان ِ فِيْهَا : إحْدَاهُمَا : أَنهَا مُحَرَّمَة ٌ وَلا تَصِحُّ ، وَهِيَ ظاهِرُ المذْهَب . وَالثانِيَة ُ: أَنهَا تُكرَهُ ، وَتُسْتَحَبُّ الإعَادَة . وَمِنْ أَصْحَابنَا مَنْ يَحْكِي هَذِهِ الرِّوَاية َ باِلتَّحْرِيْمِ مَعَ الصِّحَّة . وَلفظ ُ أَحْمَدَ فِيْهَا هُوَ الكرَاهَة ُ ، وَقدْ يُرِيْدُ بهَا تارَة ً التَّحْرِيْمَ ، وَتارَة ً التَّنْزِيه . وَلِذَلِك َ اخْتَلفوْا في كرَاهِيتهِ المطلقةِ عَلى وَجْهَيْن ِ مَشْهُوْرَيْن ِ، قالهُ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْميةَ في«شَرْحِ العُمْدَة»(2/434-435). ثمَّ قالَ شَيْخُ الإسْلامِ رَحِمَهُ الله ُ بَعْدَ ذلك(2/435-436):(وَالأَوَّلُ أَصَحُّ ، لأَنَّ قوْلهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الأَرْضُ كلهَا مَسْجِدٌ ، إلا َّ المقبَرَة َ وَالحمّام»: إخْرَاجٌ لها عَنْ أَنْ تَكوْنَ مَسْجِدًا، وَالصَّلاة ُ لا تَصِحُّ إلا َّ في مَسْجِدٍ ، أَعْنِي فِيْمَا جَعَلهُ الله ُ لنا مَسْجِدًا . وَهَذَا خِطابُ وَضْعٍ وَإخْبَارٌ ، فِيْهِ أَنَّ المقبَرَة َ وَالحمّامَ ، لمْ يُجْعَلا مَحَلا ًّ للسُّجُوْدِ ، كمَا بيَّنَ أَنَّ مَحَلَّ السُّجُوْدِ ، هُوَ الأَرْضُ الطيبة . فإذا لمْ تَكنْ مَسْجِدًا : كانَ السُّجُوْدُ وَاقِعًا فِيْهَا فِي غيْرِ مَوْضِعِهِ ، فلا يَكوْنُ مُعْتَدًّا بهِ ، كمَا لوْ وَقعَ في غيْرِ وَقتهِ ، أَوْ إلىَ غيْرِ جِهَتِهِ ، أَوْ فِي أَرْض ٍ خَبيْثة . وَهَذَا الكلامُ مِنْ أَبلغِ مَا يدُلُّ عَلى الاشْتِرَاطِ ، فإنهُ قدْ يتوَهَّمُ أَنَّ العِبَادَة َ تَصِحُّ مَعَ التَّحْرِيْمِ ، إذا كانَ الخِطابُ خِطابَ أَمْرٍ وَتَكلِيْف . أَمّا إذا وَقعَتْ في المكان ِ أَوِ الزَّمَان ِ الذِي بينَ أَنهُ ليْسَ مَحِلا ًّ لها وَلا ظرْفا : فإنهَا لا تَصِحُّ إجْمَاعًا . وَأَيضًا ، فإنَّ نهْيَهُ عَنْ صَلاةِ المقبَرَةِ ، وَأَعْطان ِ الإبل ِ، وَالحمّامِ ، مَرَّة ً بَعْدَ مَرَّة : أَوْكدُ شَيْءٍ في التَّحْرِيْمِ وَالفسَادِ ، لا سِيَّمَا وَهُوَ نهْيٌ يَخْتَصُّ الصَّلاة َ بمعْنى فِي مَكانِهَا . فإنَّ الرَّجُلَ إذا صَلى في مَكان ٍ نهَاهُ الله ُ وَرَسُوْلهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَليَ فِيْهِ ، نهْيًا يَخْتَصُّ الصَّلاة َ: لمْ يَفعَلْ مَا أَمَرَهُ الله ُ بهِ ، فيبْقى فِي عُهْدَةِ الأَمْرِ ، بلْ قدْ عَصَى الله َ وَرَسُوْلهُ ، وَتعَدَّى حُدُوْدَه . وَأَيضًا ، لعْنتهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يتخِذُ القبوْرَ مَسَاجِدَ ، وَوَصِيَّتُهُ بذَلِك َ في آخِرِ عُمْرِهِ وَهُوَ يُعَالِجُ سَكرَاتِ الموْتِ ، بَعْدَ أَنْ نهَى عَنْ ذلِك َ قبْلَ مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخمْس . وَبيانهُ أَنَّ فاعِلِي ذلِك َ شِرَارُ الخلق ِ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ ، وَمِنَ الأُمَمِ قبْلهَا : بيانٌ عَظِيْمٌ لِقبْحِ هَذَا العَمَل ِ، وَدَلالة ٌ عَلى أَنهُ مِنَ الكبائِرِ ، وَأَنهُ مُقارِبٌ لِلكفرِ ، بَلْ رُبمَا كانَ كفرًا صَرِيْحًا . وَأَيضًا ، فإنَّ قوْلهُ «لا تَجُوْزُ الصَّلاة ُ فِيْهَا»: صَرِيْحٌ فِي التَّحْرِيْمِ ، وَالتَّحْرِيْمُ يَقتَضِي الفسَادَ ، خُصُوْصًا هُنَا ، وَلِذَلِك َ لا يَصِحُّ أَنْ يُقالَ هُنَا باِلتَّحْرِيْمِ مَعَ الصِّحَّة). ثمَّ قالَ (2/437) وَأَيْضًا ، فإنَّ الصَّلاة َ فِي المكان ِ النَّجِس ِ فاسِدَة ٌ، مَعَ أَنهُ لمْ يَنْطقْ كِتَابٌ وَلا سُنَّة ٌ بأَنهَا فاسِدَة ٌ، وَلا أَنهَا غيْرُ مُجْزِئة . وَإنمَا فهمَ المسْلِمُوْنَ ذلِك َ مِنْ نهْي الشّارِعِ عَن ِ الصَّلاةِ فِيْهَا ، وَتَخْصِيْصُ الإباحَةِ باِلأَرْض ِ الطيبة . فهذِهِ الموَاضِعُ التِي سُلِبَتِ اسْمَ المسْجِدِ ، وَترَادَفتْ أَقاوِيْلُ رَسُوْل ِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باِلنَّهْيِّ عَن ِالصَّلاةِ فِيْهَا : أَوْلىَ أَنْ لا تُجْزِئَ الصَّلاة ُ فِيْهَا)اه.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:29 AM | المشاركة رقم: 28 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
فصل في بَيان ِ بُطلان ِ الصَّلاةِ في كلِّ مَسْجِدٍ بُنِيَ عَلى قبْرٍ ، أَوْ كانَ فِيْهِ قبْر وَلا تَجُوْزُ الصَّلاة ُ في كلِّ مَسْجِدٍ بُنِيَ عَلى قبْرٍ كمَا تَقدَّمَ ، وَلا تَصِحُّ الصَّلاة ُ فِيْهِ بحَال ٍ، لأَنَّ أَرْضَهُ جُزْءٌ مِنَ المقبَرَةِ ، إلا َّ أَنْ يُنْبَش . سَوَاءٌ صَلى خَلفَ القبْرِ أَوْ أَمَامَهُ ، بغيْرِ خِلافٍ في المذْهَبِ ، لأَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:«إنَّ مَنْ كانَ قبْلكمْ ، كانوْا يَتَّخِذُوْنَ قبوْرَ أَنبيَائِهمْ وَصَالِحِيْهمْ مَسَاجِدَ ، أَلا فلا تتَّخِذُوْا القبوْرَ مَسَاجِدَ ، فإني أَنهَاكمْ عَنْ ذلك» ، وَغيْرَ ذلِك َ مِنَ الأَحَادِيْثِ المتقدِّمةِ في النَّهْيِّ عَنْ ذلك . وَسَوَاءٌ كانَ لِذَلِك َ المسْجِدِ حِيْطانُ تحْجزُ بيْنَهُ وَبينَ القبوْرِ ، أَمْ كانَ مَكشُوْفا . فإنْ كانَ المسْجِدُ خَارِجَ المقبَرَةِ ، مُنْفصِلا ً عَنْهَا ، إلا َّ أَنَّ المقبَرَة َخلفهُ ، أَوْ عَنْ يَمِيْنِهِ ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ : جَازَتِ الصَّلاة ُ فِيْه . إلا َّ أَنْ يَكوْنَ المسْجدُ قدْ بُنِيَ لأَجْل ِ مُجَاوَرَتِهِ المقبرَة َ، أَوْ لأَحَدٍ فِيْهَا : فالصَّلاة ُ فِيْهِ حِيْنَئِذٍ مُحَرَّمَة ٌ فاسِدَة ٌ ، غيْرُ صَحِيْحَةٍ وَلا مُجْزِئة . وَهَذَا هُوَ بعَيْنِهِ مَا نهَى عَنْهُ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإنْ كانَ المسْجِدُ مُنْفصِلا ً عَن ِ المقبَرَةِ . ذكرَ ذلِك َ كلهُ وَقرَّرَهُ ، شَيْخُ الإسْلامِ في«شَرْحِ العُمْدَة»(2/459و461). كمَا أَنهُ لا فرْقَ فِي ذلِك َ، بَينَ الصَّلاةِ فِي مَسْجِدٍ بنِيَ عَلى قبرٍ ، وَبَينَ الصَّلاةِ فِي مَسْجِدٍ أُحْدِثَ دَاخِلهُ قبرٌ ، لِتَحَقق ِ عِلةِ النَّهْيِّ والتَّحْرِيْمِ فِي المسْجِدَيْن ِ وَالحالين ِ، وَالصَّلاة ُفِيْهمَا مُحَرَّمَة ٌ باطِلة . غيرَ أَنَّ القبرَ إنْ كانَ طارِئا عَلى المسْجِدِ : وَجَبَ نبشهُ وَإخْرَاجُهُ مِنْهُ . وَإنْ كانَ المسْجِدُ هُوَ الطارِئَ عَلى القبرِ : وَجَبَ هَدْمُهُ وَإزَالته . * * *
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:31 AM | المشاركة رقم: 29 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
فصل في حُكمِ صَلاةِ مَنْ صَلى عِنْدَ قبْرٍ غيْرَ عَالمٍ باِلنَّهْيّ أَمّا مَنْ صَلى عِنْدَ قبْرٍ ، أَوْ فِي مَقبَرَةٍ جَاهِلا ً باِلحكمِ ، غيْرَ عَالِمٍ باِلنَّهْيِّ : فقدِ اخْتَلفَ العُلمَاءُ فِي صِحَّةِ صَلاتِهِ تلِك َ: أَتصِحُّ أَمْ تجِبُ عَليْهِ إعَادَتهَا ؟ فعَن ِالإمَامِ أَحْمَدَ رِوَايتان ِ في ذلِك َ، وَكثيرٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابنَا يَنْصُرُوْنَ البُطلانَ مُطلقا ، لِلعُمُوْمَاتِ لفظا وَمَعْنَى . وَالذِي ذكرَهُ الخلالُ : أَنْ لا إعَادَة َ عَليْهِ ، وَهَذِهِ أَشْبَهُ ، لا سِيَّمَا عَلى قوْل ِ مَنْ يَخْتَارُ مِنْهُمْ أَنَّ مَنْ نسِيَ النَّجَاسَة َ أَوْ جَهلهَا ، لا إعَادَة َ عَليْهِ . فيَكوْنُ الجهْلُ باِلحكمِ ، كالجهْل ِ بوُجُوْدِ النَّجَاسَةِ ، إذا كانَ مِمَّنْ يُعْذَر . وَلأَنَّ النَّهْيَ لا يَثْبُتُ حُكمُهُ فِي حَقِّ المنْهيِّ حَتَّى يَعْلمَ ، فمَنْ لمْ يَعْلمْ : فهُوَ كالنّاسِي وَأَوْلىَ . وَلأَنهُ لوْ صَلى صَلاة ً فاسِدَة ً ، لِنَوْعِ تأْوِيْل ٍ، ثمَّ تبينَ لهُ رُجْحَانُ مَا اخْتَارَهُ حِيْنَ صَلى تِلك َ الصَّلاة َ: لمْ تَجِبْ عَليْهِ الإعَادَة ُ مَعَ سَمَاعِهِ لِلحُجَّةِ ، وَبُلوْغِهَا إياه . فالذِي لمْ يَسْمَعِ الحجَّة َ: يَجِبُ أَنْ يُعْذَرَ لِذَلِك َ، إذْ لافرْقَ بَيْنَ أَنْ يتجَدَّدَ لهُ فهْمٌ لِمَعْنًى لمْ يَكنْ قبْلَ ذلِك َ، أَوْ سَمَاعٍ لِعِلمٍ لمْ يَكنْ قبْلَ ذلِك َ إذا كانَ مَعْذُوْرًا بذَلِك َ، بخلافِ مَنْ جَهلَ بُطلانَ الصَّلاةِ فِي الموْضِعِ النَّجِس ِ، فإنَّ هَذَا مَشْهُوْرٌ ، قالهُ شَيْخُ الإسْلامِ في«شَرْحِ العُمْدَة»(2/441) وَرَجَّحَه . * * *
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:35 AM | المشاركة رقم: 30 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
فصل في حُكمِ صَلاةِ مَنْ صَلى عِنْدَ قبْرٍ ، غيْرَ عَالِمٍ به أَمّا لوْ صَلى فِي مَوْضِعٍ لمْ يَعْلمْ أَنهُ مقبَرَة ٌ، أَوْ أَنَّ فِيْهِ قبْرًا ، ثمَّ عَلِمَ بهِ ، مَعَ عِلمِهِ بتَحْرِيْمِ الصَّلاةِ : فحُكمُ صَلاتِهِ ، كحُكمِ صَلاةِ مَنْ صَلى فِي مَوْضِعٍ نجس ٍ، لمْ يَعْلمْ بنجَاسَتِهِ ، ثمَّ عَلِمَ بَعْدَ ذلك . وَقدْ تقدَّمَ قوْلُ عُمَرَ لأَنس ٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا مُنبهًا لهُ عَن ِ الصَّلاةِ عِنْدَ قبْرٍ لمْ يَعْلمْ بهِ:«القبْرَ القبْرَ» وَلمْ يَأْمُرْهُ باِلإعَادَةِ ، لأَنهُ لمْ يَكنْ يَعْلمُ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ قبْرًا ، ذكرَ هَذَا شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمية َ في«شَرْحِ العُمْدَة»(2/441). وَيُحْتَجُّ لهِذَا وَمَا قبْلهُ أَيْضًا ، بحدِيْثِ أبي سَعِيْدٍ الخدْرِيِّ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلى فخلعَ نعْليْهِ ، فخلعَ النّاسُ نِعَالهمْ ، فلمّا انْصَرَفَ قالَ:«لِمَ خَلعْتُمْ نِعَالكمْ؟!». فقالوْا : يَارَسُوْلَ اللهِ ، رَأَينَاك َ خَلعْتَ فخلعْنَا . قالَ:«إنَّ جِبْرِيْلَ أَتانِي فأَخْبَرَنِي أَنَّ بهمَا خبثا ، فإذا جَاءَ أَحَدُكمُ المسْجِدَ ، فليقلِبْ نعْلهُ ، فلينْظرْ فِيْهمَا ، فإنْ رَأَى بهَا خبثا ، فليَمْسَحْهُ باِلأَرْض ِ، ثمَّ لِيصَلِّ فِيْهمَا». رَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ في«مُسْنَدِهِ»(3/20) وَأَبوْ دَاوُوْدَ في«سُننِهِ»(650) وَابنُ أَبي شيبة َفي«مُصَنفِهِ»(2/417) وَالبَيْهَقِيُّ في«سُننِهِ الكبْرَى» (2/402-403)، وَصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَة َ(1/384)،(2/107)، وَالحاكِمُ في«مُسْتَدْرَكِهِ»(1/260)، وَقالَ : حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ عَلى شَرْطِ مُسْلِمٍ ، وَلمْ يُخْرِجَاه) ، وَهُوَ كمَا قال . * * *
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1 : | |
الشـــامـــــخ |
|
|