بيت موسوعة طالب العلم كـل مايخص طالب العلم ومنها الفتــاوى |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
27-12-11, 03:36 AM | المشاركة رقم: 31 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
فصل في بُطلان ِ صَلاةِ مَنْ صَلى عِنْدَ قبْرٍ اتفاقا مِنْ غيْرِ قصْدٍ له
أَمّا مَنْ صَلى عِنْدَ قبْرٍ اتفاقا مِنْ غيْرِ قصْدٍ لهُ ، وَهُوَ عَالِمٌ بهِ وَباِلحكمِ : فلا تجُوْزُ صَلاتهُ أَيضًا وَلا تصِحُّ ، كمَا لا يَجُوْزُ السُّجُوْدُ للهِ سُبْحَانهُ بيْنَ يَدَيْ صَنَمٍ أَوْ نارٍ، أَوْ غيْرِ ذلِك َ مِمّا يُعْبَدُ مِنْ دُوْن ِ اللهِ عَزَّ وَجَلّ . لِمَا في ذلِك َ مِنَ التَّشَبُّهِ بعُبّادِ الأَوْثان ِ، وَفتْحِ بَابٍ لِلصَّلاةِ عِنْدَهَا ، وَاتهَامِ مَنْ يَرَاهُ أَنهُ قصَدَ الصَّلاة َ عِنْدَهَا ، أَوْ أَنْ يَقتَدِيَ بَعْضُ الجهّالُ بهِ إنْ كانَ مَتْبُوْعًا . وَلأَنَّ ذلِك َ مَظِنة ُ تِلك َ المفسَدَةِ ، فيعلقُ الحكمُ بهَا ، لأَنَّ الحِكمَة َ قدْ لا تنْضَبط ُ، وَلأَنَّ في ذلِك َ حَسْمًا لِهَذِهِ المادَّةِ ، وَتَحْقِيْقَ الإخْلاص ِ وَالتَّوْحِيْدِ ، وَزَجْرًا لِلنفوْس ِ أَنْ تتعَرَّضَ لِلقبوْرِ بعِبَادَةٍ ، وَتقبيْحًا لِحَال ِ مَنْ يَفعَلُ ذلك . وَلِهَذَا نهَى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن ِ الصَّلاةِ عِنْدَ طلوْعِ الشَّمْس ِ، لأَنَّ الكفارَ يَسْجِدُوْنَ لِلشَّمْس ِحِيْنَئِذٍ ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ في«صَحِيْحِهِ»(832) إبْعَادًا لِلمُؤْمِنِيْنَ عَنْ مُشابَهَةِ المشْرِكِيْنَ ، وَحَذَرًا مِنْ سُلوْكِ طرِيْقِهمْ المهيْن . قالَ شَيْخُ الإسْلامِ في«شَرْحِ العُمْدَةِ» بَعْدَ أَنْ ذكرَ مَا سَبقَ (2/461) وَكذَلِك َ قصْدُهُ – أَي القبْرَ – لِلصَّلاةِ فِيْهِ ، وَإنْ كانَ أَغلظ َ، لكِنْ هَذَا البَابُ سَوَّى في النَّهْيِّ فِيْهِ بَيْنَ القاصِدِ وَغيْرِ القاصِدِ ، سَدًّا لِبَابِ الفسَاد). وَقالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمية َ رَحِمَهُ الله ُ في مَوْضِعٍ آخَرَ - كمَا في «مَجْمُوْعِ الفتَاوَى»(27/489)- وَقدْ نهَى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن ِ الصَّلاةِ عِنْدَ طلوْعِ الشَّمْس ِ وَعِنْدَ غرُوْبهَا ، وَعِنْدَ وُجُوْدِهَا فِي كبدِ السَّمَاءِ ، وَقالَ:«إنهُ حِيْنَئِذٍ يَسْجُدُ لهَا الكفار»[م(832)] فنَهَى عَنْ ذلِك َ، لِمَا فيْهِ مِنَ المشابهَةِ لهمْ ، وَإنْ لمْ يَقصِدِ المصَلي السُّجُوْدَ إلا َّ لِلوَاحِدِ المعْبُوْد)اه .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:38 AM | المشاركة رقم: 32 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
فصل في اسْتِوَاءِ الحكمِ في الصَّلاةِ عِنْدَ قبْرٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكثرَ ، وَأَنهَا صَلاة ٌ بَاطِلة ٌ عَلى كلِّ حَال قدْ فرَّقَ بَعْضُ أَهْل ِ العِلمِ ، المحَرِّمِيْنَ لِلصَّلاةِ في المقابرِ وَعِنْدَ القبوْرِ ، بَيْنَ صَلاةِ مَنْ صَلى عِنْدَ قبْرٍ وَاحِدٍ أَوْ قبْرَيْن ِ، وَبَيْنَ مَنْ صَلى عِنْدَ أَكثرَ مِنْ ذلِك َ، فخصُّوْا التَّحْرِيْمَ بثلاثةٍ فصَاعِدًا ! وَهَذَا قوْلٌ مُطرَحٌ ، وَالصَّوَابُ خِلافهُ ، وَأَنهُ لا فرْقَ بَيْنَ الصَّلاةِ في مَوْضِعٍ فِيْهِ قبْرٌ أَوْ قبْرَان ِ، وَبَيْنَ أَكثرَ مِنْ ذلك . وَعِلة ُ النَّهْيِّ وَالتَّحْرِيْمِ - كمَا عَلِمْتَ - مُتَحَققة ٌ وَمُعَلقة ٌ بوُجُوْدِ القبْرِ، وَلا تعَلقَ لهَا باِلعَدَد . وَليْسَ في الأَحَادِيْثِ النبَوِيةِ النّاهِيَةِ عَنْ ذلِك َ، هَذَا الفرْقُ ، وَالأَصْلُ بَقاءُ عُمُوْمِهَا مَا لمْ يأْتِ مُقيِّدٌ أَوْ مُخصِّص . وَمَنْ قيَّدَهَا أَوْ خَصَّصَهَا دُوْنَ ذلِك َ: لزِمَهُ الدَّلِيْلُ ، وَقدْ عَلِمْتَ أَنْ لا دَلِيْل . كمَا أَنهُ ليْسَ في كلامِ الإمَامِ أَحْمَدَ وَعَامَّةِ أَصْحَابهِ : هَذَا الفرْقُ . بَلْ عُمُوْمُ كلامِهمْ وَتَعْلِيْلِهمْ وَاسْتِدْلالِهمْ : يُوْجِبُ مَنْعَ الصَّلاةِ عِنْدَ كلِّ قبْرٍ ، وَاحِدًا كانَ أَوْ أَكثر . وَالمفسَدَة ُ المخوْفة ُ في الصَّلاةِ عِنْدَ قبوْرٍ كثِيْرَةٍ : مُتَحَققة ٌ في الصَّلاةِ عِنْدَ قبْرٍ فرْدٍ مُنْفرِد . بَلْ رُبمَا كانتْ فِيْهِ أَعْظمَ وَأَشَدَّ ، لِشُبْهَةِ اخْتِصَاص ِ ذلِك َ القبْرِ بمَزِيدِ فضْل ٍ وَنفعٍ ، ليْسَ في عَامَّةِ القبوْرِ غيْرِه . قالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمية َ في«شَرْحِ العُمْدَةِ»(2/461) فمَنْ صَلى عِنْدَ شَيْءٍ مِنَ القبوْرِ ، فقدِ اتخذَ ذلك القبْرَ مَسْجِدًا ، إذِ المسْجدُ في هَذَا البابِ المرَادُ بهِ : مَوْضِعُ السُّجُوْدِ مُطلقا . لا سِيَّمَا وَمُقابلة ُ الجمْعِ باِلجمْعِ ، يَقتضِي توْزِيْعَ الأَفرَادِ عَلى الأَفرَادِ ، فيكوْنُ المقصُوْدُ : لا يُتخذُ قبْرٌ مِنَ القبوْرِ مَسْجِدًا مِنَ المسَاجِدِ ، وَلأَنهُ لوِ اتخِذَ قبْرُ نبيٍّ ، أَوْ قبْرُ رَجُل ٍ صَالِحٍ مَسْجِدًا : لكانَ حَرَامًا باِلاتفاق ِ، كمَا نهَى عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فعُلِمَ أَنَّ العَدَدَ لا أَثرَ له)اه.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:41 AM | المشاركة رقم: 33 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
فصل في حُكمِ الصَّلاةِ في عُلوِّ المقبَرَةِ ، وَبيان ِ أَنهَا باطِلة ٌ، لِتَحَقق ِ العِلةِ وَعُمُوْمِ الأَدِلة أَمّا الصَّلاة ُ في عُلوِّ المقبَرَةِ ، وَعُلوِّ بقِيَّةِ الموَاضِعِ المنْهيِّ عَن ِ الصَّلاةِ فِيْهَا : فقدِ اخْتَلفَ مُحَرِّمُو الصَّلاةِ فِيْهَا في ذلك : فقالَ مُحَققوْهُمْ : لا فرْقَ بَيْنَ سُفلِهَا وَعُلوِّهَا ، لأَنَّ الاسْمَ يتناوَلُ الجمِيْعَ ، وَالحكمُ مُعَلقٌ باِلاسْم . وَقالوْا : وَيَدْخُلُ في كلِّ مَوْضِعٍ مِنْهَا ، مَا يَدْخُلُ فِيْهِ مُطلقُ البَيْعِ وَالهِبَةِ مِنْ حُقوْق ٍ، مِنْ سُفلِهِ وَعُلوِّهِ ، اعْتِبَارًا بمَا يقعُ عَليْهِ الاسْمُ عِنْدَ الإطلاق ِ، فمَنْ باعَ دَارًا : دَخَلَ في ذلِك َ سُفلهَا وَعُلوُّهَا ، لِوُقوْعِ الاسْمِ عَلى الجمِيْعِ عِنْدَ الإطلاق ِ، وَلأَنَّ الحكمَ تَعَبُّدٌ ، فيناط ُ بمَا يَدْخُلُ في الاسْم . ثمَّ قالَ المحَرِّمُوْنَ لِلصَّلاةِ في عُلوِّ المقابرِ: إنْ كانَ قدْ بُنِيَ عَلى المقابرِ : · بناءٌ مَنْهيٌّ عَنْهُ كمَسْجِدٍ ، · أَوْ بناءٌ في مَقبَرَةٍ مُسَبَّلةٍ : كانتِ الصَّلاة ُ في عُلوِّ هَذَيْن ِ المبْنَيَيْن ِ : صَلاة ً مُحَرَّمَة ً غيْرَ صَحِيْحَةٍ ، لأَنهُمَا مَوْضِعَان ِ مُحَرَّمَان . أَمّا الأَوَّلُ : فلأَنهُ صَلى في مَسْجِدٍ في القبوْرِ ، وَاتخاذ ٌ لِلقبوْرِ مَسَاجِدَ ، وَدُخُوْلٌ في لعْن ِالنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الكِتَابِ عَليْهِ . فإنهُمْ لمّا اتخذُوْا الأَبنِيَة َ عَلى قبوْرِ أَنْبيَائِهمْ وَصَالِحِيْهمْ : لعِنوْا عَلى ذلِك َ، سَوَاءٌ صَلوْا في قرَارِ المبْنَى أَوْ عُلوِّه . أَمّا الثانِي: فلأَنَّ الصَّلاة َ فِيْهِ صَلاة ٌعَلى مَكان ٍ مَغْصُوْبٍ ، وَالخِلافُ في صِحَّةِ الصَّلاةِ في المكان ِ المغْصُوْبِ مَعْلوْمٌ مَشْهُوْرٌ ، مَعَ تَحَقق ِ العِلةِ الأُوْلىَ فِيْهِ كذَلِك . أَمّا إنْ كانَ الميِّتُ مَدْفوْنا في دَارٍ ، أَعْلاهَا باق ٍ عَلى الإعْدَادِ لِلسُّكنَى : فذَكرَ بَعْضُ الأَصْحَابِ جَوَازَ الصَّلاةِ فِيْه . وَالذِي عَليْهِ المحَققوْنَ مِنْ أَهْل ِ العِلمِ ، حَنَابلة ً وَغيْرَهُمْ ، وَالذِي يَدُلُّ عَليْهِ كلامُ الإمَامِ أَحْمَدَ ، وَأَكثرِ أَصْحَابهِ : أَنهُ لا يُصَلى فِيْهِ ، لأَنَّ هَذَا البناءَ مَنْهيٌّ عَنْهُ ، وَهُوَ تابعٌ لِلقرَارِ في الاسْم . وَلأَنَّ الصَّلاة َ في عُلوِّ هَذَا المكان ِ باِلنِّسْبةِ إلىَ الميِّتِ ، كالصَّلاةِ في أَسْفلِه . وَلأَنَّ حِكمَة َ النَّهْيِّ عَن ِ الصَّلاةِ عِنْدَ القبْرِ : هُوَ مَا فِيْهِ مِنَ فتْحِ ذرِيْعَةٍ لِلشِّرْكِ ، وَمُشابهَةِ أَهْل ِ الكِتَابِ ، باِلتَّعْظِيْمِ المفضِي إلىَ اتخاذِ القبوْرِ أَوْثانا . وَهَذِهِ الحِكمَة ُ مَوْجُوْدَة ٌ باِلصَّلاةِ في قرَارِ الأَبنِيَةِ وَعُلوِّهَا ، سَوَاءٌ قصَدَ المصَلي ذلِك َ، أَوْ تشَبَّهَ بمَنْ يَقصِدُ ذلِك َ، وَخِيْفَ أَنْ يَكوْنَ ذرِيْعَة ً إلىَ ذلك . وَقدْ ذكرَ ذلِك َ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمية َ في«شَرْحِ العُمْدَةِ» ، وَرَجَّحَهُ بمَا سَبَقَ (2/471-475). وَكذَلِك َ الحالُ في كلِّ مَا دَخَلَ في اسْمِ المقبَرَةِ ، مِمّا حَوْلَ القبوْرِ : لا يُصَلى فِيْه . فعَلى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكوْنَ المنْعُ مُتَنَاوِلا ً لِحَرِيْمِ القبْرِ المفرَدِ ، وَفِنَائِهِ المضافِ إليْهِ ، قالهُ الأَصْحَابُ ، وَذكرَهُ وَرَجَّحَهُ شَيْخُ الإسْلامِ في «شَرْحِ العُمْدَةِ»(2/461). وَهُوَ الذِي تَدُلُّ عَليْهِ الأَدِلة ُ كمَا سَبَقَ ، وَإخْرَاجُ هَذِهِ الموَاضِعِ مِنْ عُمُوْمِ الأَدِلةِ ، تَحَكمٌ غيْرُ مَقبوْل .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:43 AM | المشاركة رقم: 34 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
فصل في حُكمِ الصَّلاةِ إلىَ القبوْر أَمّا الصَّلاة ُ إلىَ القبْرِ : فصَلاة ٌ مُحَرَّمَة ٌ غيْرُ صَحِيْحَةٍ كذَلِك َ، لِحَدِيْثِ أَبي مَرْثدٍ الغنوِيِّ عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ :«لا تُصَلوْا إلىَ القبوْرِ ، وَلا تَجْلِسُوْا عَليْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ في«صَحِيْحِه»(972). وَبهَذَا قالَ كثِيْرٌ مِنَ الأَصْحَابِ ، مِنْهُمُ الآمِدِيُّ ، وَأَبوْ عَبْدِ اللهِ ابنُ حَامِدٍ ، وَأَبوْ محمَّدٍ ابنُ قدَامَة َ، وَشَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمية َ رَحِمَهُمُ الله . وَذكرَ القاضِي أَبُوْ يَعْلى مُحَمَّدُ بْنُ الحسَين ِ ابْنُ الفرّاءِ البَغدَادِيُّ (ت458ه):أنَّ حُكمَهُ حُكمُ المصَلي فِيْهَا ، لأَنَّ الهوَاءَ تابعٌ لِلقرَارِ ، فيَثبتُ فِيْهِ حُكمُهُ ، وَلِذَلِك َ لوْ حَلفَ لا يدْخُلُ دَارًا ، فدَخَلَ سَطحَهَا : حَنِثَ . وَلوْ خَرَجَ المعْتكِفُ إلىَ سَطحِ المسْجِدِ : كانَ لهُ ذلِك َ، لأَنَّ حُكمَهُ حُكمُ المسْجِد)([1]). وَجَوَّزَ بَعْضُ أَهْل ِ العِلمِ الصَّلاة َ في عُلوِّ الموَاضِعِ المنْهيِّ عَنْهَا ، وَقالوْا الصَّحِيْحُ قصْرُ النَّهْيِّ عَلى مَا تناوَلهُ ، وَأَنهُ لا يُعَدَّى إلىَ غيْرِهِ ، لأَنَّ الحكمَ إنْ كانَ تَعَبُّدِيًّا : فالقِيَاسُ فِيْهِ مُمْتَنِعٌ ، وَإنْ عُللَ : فإنمَا يُعَللُ بكوْنهِ لِلنجَاسَةِ ، وَلا يتخيلُ هَذَا في سَطحِهَا). وَكلامُهُمْ هَذَا مَرْدُوْدٌ إنْ أُطلِقَ ، فإنهُ لا يَصِحُّ إطلاقهُ إلا َّ عَلى الموَاضِعِ التِي عِلة ُ النَّهْيِّ فِيْهَا النَّجاسَة ُ، مَعَ مَنْعِ جَمَاعَاتٍ مِنْ أَهْل ِ العِلمِ إطلاقهُ فِيْهَا ، وإنْ كانتِ العِلة ُ النَّجَاسَة ُ كمَا تقدَّمَ في كلامِ القاضِي وَكلامِ غيْرِه . إلا َّ أَنهُ لا يَصِحُّ إدْخَالُ عُلوِّ المقبَرَةِ في ذلِك َ البتة َ، لاخْتِلافِ العِلةِ ، وَتَحَقق ِ عِلةِ النَّهْيِّ الحقِيْقِيَّةِ عَن ِالصَّلاةِ في المقبَرَةِ في العُلوِّ وَفي السُّفل . وَقدْ قرَّرْنا في فصْل ٍ تقدَّمَ(ص27-43): أَنَّ عِلة َ النَّهْيِّ عَن ِ الصَّلاةِ في المقابرِ وَعِنْدَهَا ، هُوَ مَا في ذلك مِنْ فتْحِ بَابٍ لِلشِّرْكِ وَذرِيْعَةٍإليْهِ ، وَمَا فِيْهِ مِنْ مُشَابَهَةِ اليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى المتخِذِيْنَ قبوْرَ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِد . قالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمية َفي«شَرْحِ العُمْدَةِ»(2/480-481): (وَذهَبَتْ طائِفة ٌ مِنْ أَصْحَابنا إلىَ جَوَازِ الصَّلاةِ إلىَ هَذِهِ الموَاضِعِ مُطلقا – أَي الموَاضِعَ المنْهيَّ عَن ِالصَّلاةِ فِيْهَا- مِنْ غيْرِ كرَاهَةٍ ! وَهُوَ قوْلٌ ضَعِيْفٌ ، لا يَلِيْقُ باِلمذْهَب . وَمِنْهُمْ : مَنْ لمْ يَكرَهْ ذلِك َ إلا َّ في القبْرِ خَاصَّة ً، لأَنَّ النَّهْيَ عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنمَا صَحَّ في الصَّلاةِ إلىَ القبوْرِ كمَا تقدَّم . وَلأَنهَا هِيَ التِي يُخافُ أَنْ تُتَّخذَ أَوْثانا ، فالصَّلاة ُ إليْهَا شَبيْهَة ٌ باِلصَّلاةِ بيْنَ يَدَيْ الصَّنَمِ ، وَذلِك َ أَعْظمُ مِنَ الصَّلاةِ بَيْنَهَا . وَلِهَذَا يَكرَهُوْنَ مِنَ الصَّلاةِ إلىَ القبْرِ ، مَا لا يَكرَهُوْنهُ مِنَ الصَّلاةِ إلىَ المقبَرَة . وَهَذِهِ حُجَّة ُ مَنْ رَأَى التَّحْرِيْمَ وَالإبطالَ ، مُخْتَصًّا باِلصَّلاةِ إلىَ القبْرِ ، وَإنْ كرِهَ الصَّلاة َ إلىَ تِلك َ الأَشْيَاءِ ، وَهُوَ قوْلٌ قوِيٌّ جِدًّا ، وَقدْ قالهُ كثِيْرٌ مِنْ أَصْحَابنا . وَوَجْهُ الكرَاهَةِ في الجمِيْعِ : مَا تقدَّمَ عَن ِ الصَّحَابةِ وَالتابعِيْنَ مِنْ غيْرِ خِلافٍ عَلِمْنَاهُ بَيْنَهُمْ ، وَلأَنَّ القبوْرَ قدِ اتخِذَتْ أَوْثانا وَعُبدَتْ ، وَالصَّلاة ُ إليْهَا يُشبهُ الصَّلاة َ إلىَ الأَوْثان ِ، وَذلِك َ حَرَامٌ ، وَإنْ لمْ يقصِدْهُ المرْءُ ، وَلِهَذَا لوْ سَجَدَ إلىَ صَنَمٍ بَيْنَ يدَيهِ لمْ يَجُزْ ذلك)اه. وَقالَ الشَّيْخُ العَلامَة ُ عَبْدُ الرَّحْمَن ِ بْنُ حَسَن ِ بْن ِ مُحَمَّدِ بْن ِ عَبْدِ الوَهّابِ آل الشَّيْخِ رَحِمَهُمُ الله ُ في«فتْحِ المجِيْدِ»(ص207): (قوْلهُ:«وَالذِيْنَ يَتَّخِذُوْنَ القبوْرَ مَسَاجِدَ» أَي : وَإنَّ مِنْ شِرَارِ النّاس ِ الذِيْنَ يَتَّخِذُوْنَ القبوْرَ مََسَاجِدَ ، أَي باِلصَّلاةِ عِنْدَهَا وَإليْهَا ، وَبناءِ المسَاجِدِ عَليْهَا، وَتقدَّمَ في الأَحَادِيْثِ الصَّحِيْحَةِ أَنَّ هَذَا مِنْ عَمَل ِاليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى) اه. [1] - «المغْني» لابْن ِ قدَامَة (1/474).
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:55 AM | المشاركة رقم: 35 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
فصل في فسَادِ ظنِّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الفِتْنَة َ قدْ أُمِنَتْ مِنْ تَعْظِيْمِ أَصْحَابِ القبوْرِ ، وَتَصْوِيْرِ التَّمَاثِيْل ِ، وَبيان ِأَنهَا فِتْنَة ٌ عَمْيَاءُ خَطِيْرَة ٌ لا تؤْمَن قدْ ظنَّ بَعْضُ مَنْ لمْ يَعْرِفْ مَلة َ إبْرَاهِيْمَ الحنِيْفِيَّة َ حَقَّ المعْرِفةِ([1])، عَليْهِ وَعَلى نبيِّنَا أَفضَلُ الصَّلاةِ وَالتَّسْلِيْمِ : أَنَّ مَا خَشِيَه ُ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلى أُمَّتِهِ مِنْ تَعْظِيْمِ القبوْرِ وَآثارِ الصّالِحِيْنَ ، وَتَصْوِيْرِ تمَاثِيْلِهمُ المفضِي إلىَ عِبَادَتِهَا وَعِبَادَتِهمْ : إنمَا كانَ ذلِك َ في أَوَّل ِ الأَمْرِ ، لِقرْبِ العَهْدِ بعِبَادَةِ الأَوْثان . أَمّا اليوْمَ : فلا ، فقدْ أُمنَتْ هَذِهِ الفِتْنَة ! وَهَذَا باطِلٌ ، بَلْ إنْ كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدْ خَشِيَ تِلك َ الفِتْنة َ عَلى أُمَّتِهِ وَصَحَابتهِ ، وَهُوَ فِيْهمْ بيْنَ أَظهُرِهِمْ ، وَفِيْهمْ أَصْحَابهُ ، وَهُمْ حَدِيثو عَهْدٍ باِلوَحْيِّ ، وَقدْ ظهرَ التَّوْحِيْدُ وَاسْتَقرَّ ، وَزَهَقَ الباطِلُ وَالشِّرْك ُ وَاندَحَرَ : فمَا يُخْشَى عَلى مَنْ بَعْدَهُمْ – بَعْدَ وَفاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذهَابِ أَصْحَابهِ ، وَتصَرُّمِ القرُوْن ِ المفضَّلةِ ، وَتخرُّمِ أَئِمَّةِ الإسْلامِ فِيْهَا – لهُوَ أَكثرُ وَأَكبر . لِهَذَا لمّا حَذَّرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ مِنْ فِتْنَةِ المسِيْحِ الدَّجّال ِ، وَبالغَ في التَّحْذِيْرِ حَتَّى قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«مَا بَعَثَ الله ُمِنْ نبيٍّ إلا َّ أَنذَرَ أُمَّتَهُ ، أَنذَرَهُ نوْحٌ وَالنَّبيُّوْنَ مِنْ بَعْدِهِ ، وَإنهُ يَخْرُجُ فِيْكمْ فمَا خَفِيَ عَليْكمْ مِنْ شَأْنِهِ ، فليْسَ يَخْفى عَليْكمْ أَنَّ رَبَّكمْ ليْسَ عَلى مَا يَخْفى عَليْكمْ (ثلاثا). إنَّ رَبَّكمْ ليْسَ بأِعْوَرَ ، وَإنهُ أَعْوَرُ عَيْن ِ اليمْنَى ، كأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَة ٌ طافِيَة» رَوَاهُ البُخارِيُّ في«صَحِيْحِهِ»(4403)،(3057) ، (3337) وَمُسْلِمٌ (169) مِنْ حَدِيْثِ ابن ِ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا . فلمّا حَذَّرَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ ، وَخَشِيَ أَصْحَابهُ عَلى أَنفسِهمْ فِتْنَتهُ وَشَرَّهُ : قالَ لهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُطمْئِنًا:«غيْرُ الدَّجّال ِ أَخْوَفنِي عَليْكمْ ، فإنْيخْرُجْ وَأَنا فِيْكمْ فأَنا حَجِيْجُهُ دُوْنكمْ . وَإنْ يَخْرُجْ وَلسْتُ فِيْكمْ ، فامْرُؤٌ حَجِيْجُ نفسِهِ ، وَالله ُ خَلِيْفتِي عَلى كلِّ مُسْلم . إنهُ شَابٌّ جَعْدٌ قطط ٌ، عَيْنُهُ طافِيَة ٌ، وَإنهُ يَخْرُجُ مِنْ خلةٍ بينَ الشّامِ وَالعِرَاق ِ، فعاثٍ يَمِيْنًا وَشِمَالا ً، يَا عِبَادَ اللهِ اثبتوْا» رَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ في«مُسْنَدِهِ»(4/181) وَمُسْلِمٌ في«صَحِيْحِهِ»(2937) وَالتِّرْمِذِيُّ(2240) وَأَبوْ دَاوُوْدَ(4321) وَابنُ مَاجَهْ(4075) مِنْ حَدِيْثِ النوّاس ِ بْن ِسَمْعَانَ رَضِيَ الله ُ عَنْه . [1] - كأَحْمَدِ بْن ِمُحَمَّدِ بْن ِ الصِّدِّيْق ِالغمَارِيِّ المغرِبيّ(ت1380ه) في كِتَابهِ «إحْيَاءِ المقبوْر، مِنْ أَدِلةِ اسْتِحْبَابِ بناءِ المسَاجِدِ وَالقِبَابِ عَلى القبوْر». وَقدْ بيَّنَ الشَّيْخُ الأَلبَانِيُّ رَحِمَهُ الله ُ في كِتَابهِ «تَحْذِيْرِ السّاجِد ، مِنَ اتِّخاذِ القبوْرِ مَسَاجِد»: فسَادَ ذلِك َ الكِتَابِ وَضَعْفهُ وَتنَاقضَ مُؤَلفِه . وَمِنْ ذلِك َ: أَنَّ الغمَارِيَّ زَعَمَ فِيْهِ(ص18-19): أَنَّ الأَئِمَّة َ اتفقوْا عَلى تَعْلِيْل ِ النَّهْيِّ عَن ِ اتِّخَاذِ المسَاجِدِ عَلى القبوْرِ بعِلتَيْن ِ، قالَ: (إحْدَاهُمَا : أَنْ يُؤَدِّيَ إلىَ تَنْجِيْس ِ المسْجِد . وَثانِيْهمَا – وَهُوَ قوْلُ الأَكثرِيْنَ ، بَل ِ الجمِيْعِ حَتَّى مَنْ نصَّ عَلى العِلةِ السّابقةِ-: أَنَّ ذلِك َ قدْ يُؤَدِّي إلىَ الضَّلال ِ وَالفِتنةِ باِلقبْر). ثمَّ زَعَمَ الغمَارِيُّ (ص20-21): أَنَّ هَذِهِ العِلة َ الأَخِيْرَة َ، قدِ انتفتْ برُسُوْخِ الإيْمَان ِ في نفوْس ِ المؤْمِنِيْنَ ، وَنشأَتِهمْ عَلى التَّوْحِيْدِ الخالِص ِ، وَاعْتِقادِهِمْ نفيَ الشَّرِيْكِ مَعَ اللهِ تَعَالىَ ، وَأَنهُ سُبْحَانهُ المنْفرِدُ باِلخلق ِ وَالإيْجَادِ وَالتَّصْرِيْف . ثمَّ قالَ وَباِنتِفاءِ العِلةِ ، يَنْتفِي الحكمُ المترَتبُ عَليْهَا : وَهُوَ كرَاهَة ُ اتخاذِ المسَاجِدِ وَالقِبَابِ عَلى قبوْرِ الأَوْلِيَاءِ وَالصّالحِين). وَقدْ رَدَّ عَليْهِ الشَّيْخُ الأَلبانِيُّ في كِتَابهِ السّابق ِ(ص112-134) ، وَبيَّنَ بُطلانَ زَعْمِهِ هَذَا، وَأَنَّ اعْتِقادَ الرَّجُل ِ انفِرَادَ اللهِ باِلخلق ِ وَالإيْجَادِ وَالتَّصْرِيْفِ ، دُوْنَ إفرَادِهِ وَحْدَهُ سُبْحَانهُ باِلعِبَادَةِ : لا يَنْفعُهُ ، كمَا أَنَّ إيْمَانَ مُشْرِكِي العَرَبِ المتقدِّمِيْنَ بذَلِك َ لمْ يَنْفعْهُمْ ، لِصَرْفِهمْ شَيْئًا مِنَ العِبَادَةِ لِغيْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قالَ سُبْحَانهُ:{ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ }. وَقالَ سُبْحَانهُ: { قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ }. فإنَّ كفرَهُمْ لمْ يَأْتِهمْ مِنْ إخْلالهِمْ بتوْحِيْدِ الرُّبوْبيَّةِ ، وَإنمَا جَاءَهُمْ مِنْ إشْرَاكِهمْ في تَوْحِيْدِ العِبَادَة . ثمَّ بيَّنَ الشَّيْخُ الأَلبَانِيُّ(ص115) تنَاقضَ الغمَارِيِّ ، وَأَنهُ مَعَ زَعْمِهِ رُسُوْخَ الإيْمَان ِ في نفوْس ِ النّاس ِ، وَنشْأَتِهمْ عَلى التَّوْحِيْدِ الخالِص ِ: ناقضَ نفسَهُ بَعْدَ زَعْمِهِ ذلِك َ بصَفحَاتٍ ، فذَكرَ أَنَّ كثِيْرًا مِنَ العَامَّةِ باِلمغرِبِ ، يَعْتقِدُوْنَ وَينْطقوْنَ في حَقِّ جُمْلةٍ مِنَ الصّالحِيْنَ بمَا هُوَ كفرٌ صَرِيْحٌ مُخْرِجٌ مِنَ المِلة ! وَمِنْ ذلِك َ: قوْلُ الغمَارِيِّ(ص22) فإنَّ عِنْدَنا باِلمغرِبِ مَنْ يَقوْلُ عَن ِ القطبِ الأَكبَرِ مَوْلانا عَبْدِ السَّلامِ بْن ِمشّيْش رَضِيَ الله ُ عَنْهُ:«إنهُ الذِي خَلقَ الدِّيْنَ وَالدُّنيَا». وَمِنْهُمْ : مَنْ قالَ وَالمطرُ نازِلٌ بشِدَّةٍ:«يَا مَوْلانا عَبْدَ السَّلامِ أُلطفْ بعِبَادِك»!: فهَذَا كفرٌ)اه كلامُه. فمَعَ وُقوْفِ الغمَارِيِّ عَلى مَا تقدَّمَ ، وَسَمَاعِهِ لهُ: زَعَمَ مَا زَعَمَ! وَادَّعَى مَا ادَّعَى! فأَينَ توْحِيْدُ أُوْلئِك َ الخالِصُ ، وَشِرْكهُمْ باِللهِ ظاهِر؟! بَلْ إنَّ شِرْكهُمْ أَعْظمُ مِنْ شِرْكِ مُشْرِكِي العَرَبِ القدَامَى ، فالمشْرِكوْنَ القدَامَى سَالمِوْنَ في تَوْحِيْدِ الرُّبوْبيَّةِ كمَا تقدَّمَ ، وَإشْرَاكهُمْ إنمَا هُوَ في تَوْحِيْدِ العِبَادَة . أَمّا إذا اضْطرُّوْا وَضَاقتْ عَليْهمُ السُّبُلُ : فيُخْلِصُوْنَ التَّوْحِيْدَ وَالعِبَادَة َللهِ ، كمَا قالَ عَنْهُمْ سُبْحَانهُ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } . أَمّا مُشْرِكو زَمَانِنَا : فشِرْكهُمْ مُطرِدٌ مَعَهُمْ في أَحْوَالهِمْ كلهَا ! بَلْ إنهُمْ يُخْلِصُوْنَ الشِّرْك َ باِللهِ في شَدَائِدِهِمْ ، فإنهُمْ رُبَّمَا دَعَوا الله َوَمَعَهُ غيْرَهُ في الرَّخَاءِ ، فإذا اشْتَدَّ بهمُ الكرْبُ ، وَبعُدَ عَنْ ظنِّهمُ الفرَجُ : أَخْلصُوْا الدُّعَاءَ لِشُرَكائِهمْ مِنْ دُوْن ِ اللهِ ، وَلمْ يَدْعُوْهُ سُبْحَانه . بَلْ إنَّ كثِيْرًا مِنْهُمْ : قدْ فسَدَ عِنْدَهُ تَوْحِيْدُ الرُّبوْبيَّةِ أَيضًا – فصَارَ شِرْكهُ وَكفرُهُ أَعْظمَ مِنْ كفرِ المتقدِّمِيْنَ مِنْ غيْرِ وَجْهٍ –: فيزْعُمُ أَنَّ فلانا لهُ تَصَرُّفٌ في الكوْن ِ! أَوْ خَلقُ الدُّنيا وَالدِّين ِ! كمَا في قوْل ِ ذلِك َ المشْرِكِ الذِي حَكى قوْلهُ الغمَارِيّ.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 04:04 AM | المشاركة رقم: 36 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
وَهَذَا باطِلٌ ، بَلْ إنْ كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدْ خَشِيَ تِلك َ الفِتْنة َ عَلى أُمَّتِهِ وَصَحَابتهِ ، وَهُوَ فِيْهمْ بيْنَ أَظهُرِهِمْ ، وَفِيْهمْ أَصْحَابهُ ، وَهُمْ حَدِيثو عَهْدٍ باِلوَحْيِّ ، وَقدْ ظهرَ التَّوْحِيْدُ وَاسْتَقرَّ ، وَزَهَقَ الباطِلُ وَالشِّرْك ُ وَاندَحَرَ : فمَا يُخْشَى عَلى مَنْ بَعْدَهُمْ – بَعْدَ وَفاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذهَابِ أَصْحَابهِ ، وَتصَرُّمِ القرُوْن ِ المفضَّلةِ ، وَتخرُّمِ أَئِمَّةِ الإسْلامِ فِيْهَا – لهُوَ أَكثرُ وَأَكبر . لِهَذَا لمّا حَذَّرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ مِنْ فِتْنَةِ المسِيْحِ الدَّجّال ِ، وَبالغَ في التَّحْذِيْرِ حَتَّى قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«مَا بَعَثَ الله ُمِنْ نبيٍّ إلا َّ أَنذَرَ أُمَّتَهُ ، أَنذَرَهُ نوْحٌ وَالنَّبيُّوْنَ مِنْ بَعْدِهِ ، وَإنهُ يَخْرُجُ فِيْكمْ فمَا خَفِيَ عَليْكمْ مِنْ شَأْنِهِ ، فليْسَ يَخْفى عَليْكمْ أَنَّ رَبَّكمْ ليْسَ عَلى مَا يَخْفى عَليْكمْ (ثلاثا). إنَّ رَبَّكمْ ليْسَ بأِعْوَرَ ، وَإنهُ أَعْوَرُ عَيْن ِ اليمْنَى ، كأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَة ٌ طافِيَة» رَوَاهُ البُخارِيُّ في«صَحِيْحِهِ»(4403)،(3057) ، (3337) وَمُسْلِمٌ (169) مِنْ حَدِيْثِ ابن ِ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا . فلمّا حَذَّرَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ ، وَخَشِيَ أَصْحَابهُ عَلى أَنفسِهمْ فِتْنَتهُ وَشَرَّهُ : قالَ لهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُطمْئِنًا:«غيْرُ الدَّجّال ِ أَخْوَفنِي عَليْكمْ ، فإنْيخْرُجْ وَأَنا فِيْكمْ فأَنا حَجِيْجُهُ دُوْنكمْ . وَإنْ يَخْرُجْ وَلسْتُ فِيْكمْ ، فامْرُؤٌ حَجِيْجُ نفسِهِ ، وَالله ُ خَلِيْفتِي عَلى كلِّ مُسْلم . إنهُ شَابٌّ جَعْدٌ قطط ٌ، عَيْنُهُ طافِيَة ٌ، وَإنهُ يَخْرُجُ مِنْ خلةٍ بينَ الشّامِ وَالعِرَاق ِ، فعاثٍ يَمِيْنًا وَشِمَالا ً، يَا عِبَادَ اللهِ اثبتوْا» رَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ في«مُسْنَدِهِ»(4/181) وَمُسْلِمٌ في«صَحِيْحِهِ»(2937) وَالتِّرْمِذِيُّ(2240) وَأَبوْ دَاوُوْدَ(4321) وَابنُ مَاجَهْ(4075) مِنْ حَدِيْثِ النوّاس ِ بْن ِسَمْعَانَ رَضِيَ الله ُ عَنْه .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 04:11 AM | المشاركة رقم: 37 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
فخشْيَة ُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العُظمَى كانتْ عَلى أُمَّتِهِ بَعْدَ وَفاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا في حَيَاتِه . مَعَ أَنَّ الدَّجّالَ يدَّعِي الإلهِيَّة َ! وَدَعْوَاهُ ظاهِرَة ُ البطلان ِ عِنْدَ المؤْمِنِينَ لا رَيْبَ فِي فسَادِهَا عِنْدَهُمْ وَلا شَك ّ. فإذا كانتْ فِتْنتهُ عَظِيْمَة ً مَعَ ظهُوْرِ فسَادِهَا ، فكيْفَ بمَثيْلتِهَا شَرًّا وَخُبْثا ، مَعَ خفائِهَا عَلى كثِيرٍ مِنَ المسْلِمِينَ ، وَرَوَاجِهَا عِنْدَ طوَائِفَ مِنْهُمْ ؟! وَقدْ خَشِيَ فِتْنَة َ الشِّرْكِ أَنبيَاءُ اللهِ وَرُسُلهُ – صَلوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَليْهمْ- عَلى أَنفسِهمْ ، فكيْفَ بمَنْ دُوْنهُمْ؟! قالَ خَلِيْلُ الرَّحْمَن ِ إبْرَاهِيْمُ:{ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ }. لِهَذَا كانَ يَقوْلُ إبْرَاهِيْمُ التَّيْمِيُّ رَحِمَهُ الله ُ:«مَنْ يَأْمَنُ مِنَ البَلاءِ بَعْدَ خَلِيْل ِاللهِ إبْرَاهِيْمَ حِيْنَ يَقوْلُ: رَبِّ { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ } » رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ جَرِيْرٍ الطبَرِيُّ في«تفسِيْرِه» عِنْدَهَا . قالَ شَيْخُ الإسْلامِ في«شَرْحِ العُمْدَةِ»(2/452) وَلعَلَّ بَعْضُ النّاس ِ يُخيَّلُ إليْهِ : أَنَّ ذلِك َ كانَ أَوَّلَ الأَمْرِ ، لِقرْبِ العَهْدِ بعِبَادَةِ الأَوْثان ِ، وَأَنَّ هَذِهِ المفسَدَة َ قدْ أُمِنَتِ اليَوْمَ ! وَليْسَ الأَمْرُ كمَا تخيَّله . فإنَّ الشِّرْك َ وَتعَلقَ القلوْبِ بغيرِ اللهِ عِبَادَة ً وَاسْتغاثة ً، غالِبٌ عَلى قلوْبِ النّاس ِ في كلِّ وَقتٍ ، إلا َّ مَنْ عَصَمَ الله . وَالشَّيْطانُ سَرِيْعٌ إلىَ دُعَاءِ النّاس ِ إلىَ ذلِك َ، وَقدْ قالَ الحكِيْمُ الخبيْرُ:{ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ }. وَقالَ إمَامُ الحنفاءِ : { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي } ... وَسَيَعُوْدُ الدِّينُ غرِيبا كمَا بدَأَ ، وَيَصِيْرُ الصَّغِيْرُ كبيْرًا ، فكيْفَ تؤْمَنُ الفِتْنَة؟! بَلْ هِيَ وَاقِعة ٌ كثِيْرَة . فهَذِهِ هِيَ العِلة ُ المقصُوْدَة ُ لِصَاحِبِ الشَّرْعِ في النَّهْيِّ عَن ِ الصَّلاةِ في المقبَرَةِ ، وَاتخاذِ القبوْرِ مَسَاجِدَ لِمَنْ تأَمَّلَ الأَحَادِيْثَ وَنظرَ فِيْهَا ، وَقدْ نصَّ الشّارِعُ عَلى هَذِهِ العِلةِ كمَا تقدَّم)اه كلامُهُ رَحِمَهُ الله . وَكمَا أَبطلتِ الأَدِلة ُ ظنَّ أُوْلئِك َ الظانيْنَ –لِجَهْلِهمْ- أَمْنَ الفِتْنَةِ : فقدْ أَبطلَ ظنَّهُمْ أَيضًا ، حَالُ المسْلِمِيْنَ بَعْدَ وَفاةِ نبيِّهمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتأَخُّرِ سِنِيِّهمْ . فوَقعَ كثِيْرٌ مِنْهُمْ فِيْمَا حَذَّرَ مِنْهُ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَشِيَهُ ، حَتَّى عَمَّ ذلِك َ كثِيْرًا مِنْ بلادِ المسْلِمِيْنَ ، فبُنِيَتِ المشاهِدُ عَلى القبوْرِ ، وَعُظمَ مَنْ فِيْهَا مِنْ مَقبُوْرٍ ، وَصُرِفتْ لهُ أَنوَاعٌ مِنَ العِبَادَاتِ ، فهُمْ يَدْعُوْنهُ ! وَيَسْتَغِيْثوْنَ وَيَسْتَشْفِعُوْنَ ، وَيتوَسَّلوْنَ إلىَ اللهِ بهِ ! وَيطوْفوْنَ حَوْلهُ ! وَيَذْبَحُوْنَ وَينْذُرُوْنَ لهُ ! وَيَحْلِفوْنَ بهِ ! يَرْجُوْنَ رَحْمَتَهُ وَيَخافوْنَ عِقابهُ ! حَتَّى أَصْبَحَ الرَّجُلُ لا يكادُ يجدُ في بلادٍ كثِيْرَةٍ مِنْ بلادِ المسْلِمِيْنَ ، مَسْجِدًا خالِيًا مِنْ قبْر . بَلْ بَلغَ الحالُ بكثِيْرٍ مِنْ أَصْحَابهَا : أَنْ حَجُّوْا إليْهَا ، وَعَظمُوْا تُرْبتهَا ، وَتبرَّكوْا بجَنَبَاتِهَا ، وَفضلوْا الصَّلاة َ فِيْهَا عَلى كثِيْرٍ مِنْ بيوْتِ اللهِ الخالِيَةِ مِنْ ذلك . بَلْ إنَّ حَالَ جَمَاعَاتٍ مِنْهُمْ ، يَقتضِي تفضِيْلهَا عَلى المسَاجِدِ الثلاثةِ التِي لا تشَدُّ الرِّحَالُ إلا َّ إليْهَا ، فمِنْهُمْ مَنْ يَحُجُّ إليْهَا كلَّ عَامٍ ، وَلمْ يَحُجَّ حَجَّة َ الإسْلامِ ! أَوْ حَجَّ مَرَّة ً وَكفته . أَمّا مَشَاهِدُ المشْرِكِيْنَ وَمَعَابدُهُمْ حَوْلَ القبوْرِ وَفِيْهَا : فلا تكفِيْهِ فِيْهَا مَرَّة ٌ، عِيَاذاً باِللهِ مِنَ الخذْلان . وَمِمّا زَادَ مِنْ ضَلال ِهَؤُلاءِ وَإغوَائِهمْ ، وَتحَكمِ أَدْوَائِهمْ بأِبدَانِهمْ : عُلمَاءُ السُّوْءِ ، وَشُيُوْخُ الضَّلالةِ ، نوّابُ إبْلِيْسَ ، وَأَئِمَّة ُ كلِّ مُفلِس ٍ بَئِيْس ٍ، الذِيْنَ زَينوْا لهمْ سُوْءَ أَعْمَالِهمْ ، وَقبيْحَ أَفعَالِهمْ . إمّا تعَبُّدًا مِنْهُمْ للهِ تَعَالىَ بهَذِهِ الأَعْمَال ِ الشِّرْكِيَّةِ ، مِنْ جِنْس ِ تعَبُّدِ مُشْرِكِي الجاهِلِيَّة . وَإمّا تكسُّبًا ، وَأَكلا ً لأَمْوَال ِ النّاس ِ باِلبَاطِل ِ، حِيْنَ يبْذُلوْنهَا لِتِلك َ الأَجْدَاثِ ، فإذا انصَرَفوْا – مُفلِسِيْنَ مِنْ دِيْنِهمْ وَمِنْ كرَائِمِ أَمْوَالهِمْ – خلصَ أُوْلئِكَ اللصُوْصُ المبْطِلوْنَ إليْهَا ، فأَخذُوْهَا وَاسْتَأْثرُوْا بهَا . * * *
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:10 PM | المشاركة رقم: 38 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
فصل في بيان ِ وَاجِبِ المسْلِمِيْنَ تِجَاهَ المشاهِدِ المبْنِيَّةِ عَلى القبور إذا تقرَّرَ مَا سَبَقَ بدَلِيْلِهِ ، وَعَلِمْتَ أَنَّ سَببَ شِرْكِ قوْمِ نوْحٍ وَكثِيْرٍ مِنَ الأُمَمِ بَعْدَهُمْ : هُوَ غلوُّهُمْ في الصّالِحِيْنَ ، باِتخاذِهِمْ قبُوْرَهُمْ مَسَاجِدَ ، يُصَلوْنَ فِيْهَا وَإليْهَا ، أَوْ تَصْوِيْرِ تمَاثِيْلِهمْ مِمّا تقدَّمَ تَفصِيْلهُ ، حَتَّى بَالغَ وَشَدَّدَ الشّارِعُ في النَّهْيِّ عَنْ ذلِك َ، وَلعَنَ فاعِلهُ ، وَأَغلظ َ في الوَعِيْدِ ، وَزَادَ في التَّهْدِيد . بَلْ بَلغتْ شِدَّة ُ خَطرِهِ إلىَ أَنْ حَذّرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ مِنْ ذلِك َ، قبيْلَ وَفاتِهِ بخمْس ِ ليال ٍ وَهُوَ في السِّيَاق ِ، مَعَ مَا كانَ يُعَانِيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تِلك َ الحال ِ، وَكانَ يُوْعَك ُ كمَا يُوْعَك ُ الرَّجُلان ِ مِنْ أُمتِهِ ، قالتْ أُمُّ المؤْمِنِيْنَ عَائِشَة ُ رَضِيَ الله ُ عَنْهَا : لمّا نزِلَ برَسُوْل ِاللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طفِقَ يَطرَحُ خَمِيْصَة ً لهُ عَلى وَجْههِ ، فإذا اغتمَّ بهَا كشفهَا عَنْ وَجْههِ ، فقالَ وَهُوَ كذَلِك َ:«لعْنَة ُ اللهِ عَلى الْيَهُوْدِ وَالنَّصَارَى، اتخذُوْا قبوْرَ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِد» يحَذِّرُ مَا صَنعُوْا، وَلوْلا ذلِك َ أُبرِزَ قبْرُهُ ، غيْرَ أَنهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخذَ مَسْجِدًا) رَوَاهُ البُخارِيُّ فِي«صَحِيْحِهِ»(435) ، (1330)، (1390)،(3453)،(4441)،(5815) ومُسْلِم(531). وَعَنْ جُنْدُبِ بْن ِ عَبْدِ اللهِ البجَلِيِّ رَضِيَ الله ُعَنْهُ قالَ : سَمِعْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبْلَ أَنْ يَمُوْتَ بخمْس ٍ وَهُوَ يَقوْلُ : «إني أَبرَأُ إلى اللهِ أَنْ يَكوْنَ لِي مِنْكمْ خَلِيْلٌ ، فإنَّ الله َ تَعَالىَ قدِ اتخذَني خَلِيْلا ً، كمَا اتخذَ إبْرَاهِيْمَ خَلِيْلا ً، وَلوْ كنتُ مُتخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيْلا ً، لاتخذْتُ أَبا بَكرٍ خَلِيْلا ً، أَلا وَإنَّ مَنْ كانَ قبْلكمْ كانوْا يتخذُوْنَ قبوْرَ أَنْبيَائِهمْ وَصَالِحِيْهمْ مَسَاجِدَ ، أَلا فلا تتخِذُوا الْقبُوْرَ مَسَاجِدَ ، إني أَنهَاكمْ عَنْ ذلك» رَوَاهُ مُسْلِمٌ في«صَحِيْحِه»(532). قالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابْنُ تَيْمية َ في«شَرْحِ العُمْدَةِ»(2/448-449): (فإنمَا نهَى عَنْ ذلِك َ، لأَنَّ الصَّلاة َ عِنْدَهَا ، وَاتخاذهَا مَسَاجِدَ ، ضَرْبٌ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثان ِ، وَسَبَبٌ إليْهِ ، لأَنَّ عُبّادَ الأَوْثان ِ مَا كانوْا يقوْلوْنَ : إنَّ تِلك َ الحِجَارَة َ وَالخشَبَ خَلقتْهُمْ ! وَإنمَا كانوْا يقوْلوْنَ إنهَا تمَاثِيْلُ أَشْخاص ٍ مُعَظمِيْنَ مِنَ الملائِكةِ أَوِ النُّجُوْمِ أَوِ البشرِ ، وَإنهُمْ بعِبادَتِهمْ ، يتوَسَّلوْنَ إلىَ الله . فإذا توَسَّلَ العَبْدُ باِلقبْرِ إلىَ اللهِ : فهُوَ عَابدُ وَثن ٍ، حَتَّى يَعْبُدَ الله َ مُخْلِصًا لهُ الدِّينَ ، مِنْ غيْرِ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شُفعَاءَ وَشُرَكاءَ ، كمَا أَمَرَ الله ُ تَعَالىَ بذَلِك َ في كِتَابهِ ، وَيَعْلمَ أَنهُ ليْسَ مِنْ دُوْن ِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيْعٌ كمَا أَخْبَرَ تعَالىَ . وَلهذَا جَمَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيْنَ مَحْق ِ التَّمَاثِيْل ِ، وَتسْوِيةِ القبوْرِ المشْرِفةِ ، إذْ كانَ بكليْهمَا يتوَسَّلُ بعِبَادَةِ البَشَرِ إلىَ الله . قالَ أَبوْ الهيّاجِ الأَسَدِيُّ : قالَ لِي عَلِيٌّ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ :«أَلا أَبعَثك َ عَلى مَا بعَثنِي عَليْهِ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ أَلا َّ تدَعَ تِمْثالا ً إلا َّ طمَسْتهُ ، وَلا قبْرًا مُشْرِفا إلا َّ سَوَّيته» رَوَاهُ الجمَاعَة ُ إلا َّ البخارِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ ([1]))اه. [1] - رَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ في«مُسْنَدِهِ»(1/89و129) وَمُسْلِمٌ في«صَحِيْحِهِ»(969) وَأَبوْ دَاوُوْدَ(3218) وَالتِّرْمِذِيُّ(1049) وَالنَّسَائِيّ(2031).
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:14 PM | المشاركة رقم: 39 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
وَقالَ شَيْخُ الإسْلامِ أَبوْ العَبّاس ِ ابْنُ تَيْمية َ في«اخْتِيَارَاتِهِ»(ص133): (وَيَحْرُمُ الإسْرَاجُ عَلى القبوْرِ ، وَاتّخاذُ المسَاجِدِ عَليْهَا ، وَبَيْنَهَا ، وَيتعَينُ إزَالتهَا ، وَلا أَعْلمُ فِيْهِ خِلافا بَيْنَ العُلمَاءِ المعْرُوْفِين)اه. وَقالَ أَيضًا رَحِمَهُ الله ُ- كمَا في«مَجْمُوْعِ فتاوَاهُ»(17/454)-: (كذَلِك َ قالَ العُلمَاءُ : يَحْرُمُ بناءُ المسَاجِدِ عَلى القبوْرِ ، وَيَجِبُ هَدْمُ كلِّ مَسْجِدٍ بُنيَ عَلى قبر). وَقالَ العَلامَة ُ أَبوْ عَبْدِ اللهِ ابْنُ قيِّمِ الجوْزِيةِ رَحِمَهُ الله ُ في«إغاثةِ اللهْفان»(1/209-210) فمِنَ الأَنْصَابِ: مَا قدْ نصَبهُ الشَّيْطانُ لِلمُشْرِكِيْنَ ، مِنْ شَجَرَةٍ ، أَوْ عَمُوْدٍ ، أَوْ وَثن ٍ، أَوْ قبْرٍ ، أَوْ خَشَبَةٍ ، أَوْ عَيْن ٍ وَنحْوِ ذلك . وَالوَاجِبُ : هَدْمُ ذلِك َ كلهِ ، وَمَحْوُ أَثرِهِ ، كمَا أَمَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا رَضِيَ الله ُ عَنْهُ بهَدْمِ القبوْرِ المشْرِفةِ وَتَسْوِيَتِهَا باِلأَرْض ِ، كمَا رَوَى مُسْلِمٌ في«صَحِيْحِهِ»(969) عَنْ أَبي الهيّاجِ الأَسَدِيِّ قالَ:قالَ لِي عَلِيٌّ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ:«أَلا أَبعَثك َعَلى مَا بَعَثنِي عَليْهِ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْ لا أَدَعَ تِمْثالا ً إلا َّ طمَسْتهُ ، وَلا قبْرًا مُشْرِفا إلا َّ سَوَّيته». وَعَمَّى الصَّحَابة ُبأَمْرِ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قبْرَ دَانيالَ وَأَخْفوْهُ عَن ِالنّاس . وَلما بَلغهُ أَنَّ النّاسَ يَنْتَابوْنَ الشَّجَرَة َ التي بَايَعَ تَحْتَهَا رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابهُ : أَرْسَلَ فقطعَهَا . رَوَاهُ ابْنُ وَضّاحٍ في كِتَابهِ فقالَ:سَمِعْتُ عِيْسَى بْنَ يُوْنسَ يَقوْلُ:«أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الخطابِ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ بقطعِ الشَّجَرَةِ التي بوْيعَ تَحْتَهَا النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقطعَهَا ، لأَنَّ النّاسَ كانوْا يَذْهَبُوْنَ فيصَلوْنَ تَحْتَهَا ، فخافَ عَليْهمُ الفِتْنة».
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-11, 03:28 PM | المشاركة رقم: 40 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
قالَ عِيْسَى بْنُ يُوْنسَ:«وَهُوَ عِنْدَنا مِنْ حَدِيْثِ ابْن ِ عَوْن ٍ عَنْ نافِعٍ : أَنَّ النّاسَ كانوْا يَأْتوْنَ الشَّجَرَة َ، فقطعَهَا عُمَرُ رَضِيَ الله ُعَنْه» ([1]). فإذا كانَ هَذَا فِعْلُ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ باِلشَّجَرَةِ التي ذكرَهَا الله ُ تَعَالىَ في القرْآن ِ، وَبايعَ تَحْتَهَا الصَّحَابة ُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فمَاذا حُكمُهُفِيْمَا عَدَاهَا مِنْ هَذِهِ الأَنْصَابِ وَالأَوْثان ِ، التي قدْ عَظمَتِ الفِتنة ُبهَا ، وَاشْتَدَّتِ البَلِيَّة ُ بهَا. وَأَبلغُ مِنْ ذلِك َ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدَمَ مَسْجِدَ الضِّرَارِ ، ففِي هَذَا دَلِيْلٌ عَلى هَدْمِ مَا هُوَ أَعْظمُ فسَادًا مِنْهُ ، كالمسَاجِدِ المبْنِيَّةِ عَلى القبوْر . فإنَّ حُكمَ الإسْلامِ فِيْهَا : أَنْ تهْدَمَ كلهَا حَتَّى تُسَوَّى باِلأَرْض ِ، وَهِيَ أَوْلىَ باِلهدْمِ مِنْ مَسْجِدِ الضِّرَار. وَكذَلِك َ القِبَابُ التي عَلى القبوْرِ : يَجِبُ هَدْمُهَا كلهَا ، لأَنهَا أُسِّسَتْ عَلى مَعْصِيَةِ الرَّسُوْل ِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لأَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدْ نهَى عَن ِ البنَاءِ عَلى القبوْرِ كمَا تقدَّم . فبنَاءٌ أُسِّسَ عَلى مَعْصِيَتِهِ وَمُخالفتِهِ : بناءٌ غيْرُ مُحْتَرَمٍ ، وَهُوَ أَوْلىَ باِلهدْمِ مِنْ بناءِ الغاصِبِ قطعًا . وَقدْ أَمَرَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهَدْمِ القبوْرِ المشْرِفةِ كمَا تقدَّم . فهَدْمُ القِبَابِ وَالبناءِ وَالمسَاجِدِ التي بُنِيَتْ عَليْهَا أَوْلىَ وَأَحْرَى ، لأَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَنَ مُتَّخِذِي المسَاجِدِ عَليْهَا ، وَنهَى عَن ِ البناءِ عَليْهَا . فيَجِبُ المبادَرَة ُ وَالمسَاعَدَة ُ إلىَ هَدْمِ مَا لعَنَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاعِلهُ ، وَنهَى عَنْه. وَالله ُ عَزَّ وَجَلَّ يُقِيْمُ لِدِينِهِ وَسُنةِ رَسُوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَنْصُرُهُمَا ، وَيَذُبُّ عَنْهُمَا ، فهُوَ أَشدُّ غيْرَة ً ، وَأَسْرَعُ تَغْييْرًا . وَكذَلِك َ يَجِبُ إزَالة ُ كلِّ قِنْدِيْل ٍ، أَوْ سِرَاجٍ عَلى قبْرٍ وَطفيه . فإنَّ فاعِلَ ذلِك َ مَلعُوْنٌ بلعْنَةِ رَسُوْل ِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا يَصِحُّ هَذَا الوَقفُ ، وَلا يَحِلُّ إثباتهُ وَتنْفِيْذُه). وَقالَ ابْنُ القيِّمِ رَحِمَهُ الله ُ أَيْضًا في«زَادِ المعَادِ» عِنْدَ ذِكرِهِ وَتعْدَادِهِ فوَائِدَ غزْوَةِ تبوْكٍ وَشَيْئًا مِنْ فِقههَا(3/571-572) قالَ: (وَمِنْهَا: تَحْرِيْقُ أَمْكِنَةِ المعْصِيَةِ التي يُعْصَى الله ُ وَرَسُوْلهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْهَا وَهَدْمُهَا ، كمَا حَرَقَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدَ الضِّرَارِ ، وَأَمَرَ بهَدْمِهِ . وَهُوَ مَسْجِدٌ يُصَلى فِيْهِ ، وَيُذْكرُ اسْمُ اللهِ فِيْهِ ، لمّا كانَ بناؤُهُ ضِرَارًا ، وَتفرِيْقا بَيْنَ المؤْمِنِيْنَ ، وَمَأْوَىً لِلمُنَافِقِيْن . [1]- «مَا جَاءَ في البدَعِ»(ص91) لابْن ِ وَضّاحٍ القرْطبيِّ رَحِمَهُ الله(ت287ه). وَقالَ ابْنُ وَضّاحٍ بَعْدَهُ (ص91-92) وَكانَ مَالِك ُ بْنُ أَنس ٍ وَغيْرُهُ مِنْ عُلمَاءِ المدِيْنَةِ : يَكرَهُوْنَ إتيانَ تِلك َ المسَاجِدِ ، وَتِلك َ الآثارِ لِلنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَا عَدَا قباءً وَاحِدًا . وَسَمِعْتُهُمْ يَذْكرُوْنَ : أَنَّ سُفيَانَ الثوْرِيَّ دَخَلَ مَسْجِدَ بَيْتِ المقدِس ِ فصَلى فِيْهِ ، وَلمْ يَتبعْ تِلك َ الآثارَ ، وَلا الصَّلاة َ فِيْهَا . وَكذَلِك َ فعَلَ غيْرُهُ مِمَّنْ يُقتدَى به . وَقدِمَ وَكِيْعٌ أَيْضًا مَسْجِدَ بَيْتِ المقدِس ِ، فلمْ يَعْدُ فِعْلَ سُفيَان . فعَليْكمْ باِلاتباعِ لأَئِمَّةِ الهدَى المعْرُوْفِيْنَ ، فقدْ قالَ بَعْضُ مَنْ مَضَى:«كمْ مِنْ أَمْرٍ هُوَ اليوْمَ مَعْرُوْفٌ عِنْدَ كثِيْرٍ مِنَ النّاس ِ: كانَ مُنْكرًا عِنْدَ مَنْ مَضَى ، وَمُتَحَبَّبٍ إليْهِ بمَا يُبْغِضُهُ عَليْهِ ، وُمُتقرَّبٍ إليْهِ بمَا يُبْعِدُهُ مِنْه» ، وَكلُّ بدْعةٍ عَليْهَا زِينة ٌ وَبَهْجَة)اه كلامُهُ رَحِمَهُ الله . فإذا كانَ هَذَا حَالُ أَئِمَّةِ السَّلفِ ، وَأَئِمَّةِ الإسْلامِ أَئِمَّةِ الهدَى رَحِمَهُمُ الله ُ مَعَ آثارِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآثارِ الأَنبيَاءِ صَلوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَليْهمْ : فكيْفَ بحَال ِ أُوْلئِك َ المبْطِلِينَ مَعَ آثارِ أَصَاغِرِهِمْ وَضُلاّلهِمْ؟!
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
28-12-11, 02:08 PM | المشاركة رقم: 41 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
وَكذَلِك َ القِبَابُ التي عَلى القبوْرِ : يَجِبُ هَدْمُهَا كلهَا ، لأَنهَا أُسِّسَتْ عَلى مَعْصِيَةِ الرَّسُوْل ِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لأَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدْ نهَى عَن ِ البنَاءِ عَلى القبوْرِ كمَا تقدَّم . فبنَاءٌ أُسِّسَ عَلى مَعْصِيَتِهِ وَمُخالفتِهِ : بناءٌ غيْرُ مُحْتَرَمٍ ، وَهُوَ أَوْلىَ باِلهدْمِ مِنْ بناءِ الغاصِبِ قطعًا . وَقدْ أَمَرَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهَدْمِ القبوْرِ المشْرِفةِ كمَا تقدَّم . فهَدْمُ القِبَابِ وَالبناءِ وَالمسَاجِدِ التي بُنِيَتْ عَليْهَا أَوْلىَ وَأَحْرَى ، لأَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَنَ مُتَّخِذِي المسَاجِدِ عَليْهَا ، وَنهَى عَن ِ البناءِ عَليْهَا . فيَجِبُ المبادَرَة ُ وَالمسَاعَدَة ُ إلىَ هَدْمِ مَا لعَنَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاعِلهُ ، وَنهَى عَنْه. وَالله ُ عَزَّ وَجَلَّ يُقِيْمُ لِدِينِهِ وَسُنةِ رَسُوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَنْصُرُهُمَا ، وَيَذُبُّ عَنْهُمَا ، فهُوَ أَشدُّ غيْرَة ً ، وَأَسْرَعُ تَغْييْرًا . وَكذَلِك َ يَجِبُ إزَالة ُ كلِّ قِنْدِيْل ٍ، أَوْ سِرَاجٍ عَلى قبْرٍ وَطفيه . فإنَّ فاعِلَ ذلِك َ مَلعُوْنٌ بلعْنَةِ رَسُوْل ِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا يَصِحُّ هَذَا الوَقفُ ، وَلا يَحِلُّ إثباتهُ وَتنْفِيْذُه). وَقالَ ابْنُ القيِّمِ رَحِمَهُ الله ُ أَيْضًا في«زَادِ المعَادِ» عِنْدَ ذِكرِهِ وَتعْدَادِهِ فوَائِدَ غزْوَةِ تبوْكٍ وَشَيْئًا مِنْ فِقههَا(3/571-572) قالَ: (وَمِنْهَا: تَحْرِيْقُ أَمْكِنَةِ المعْصِيَةِ التي يُعْصَى الله ُ وَرَسُوْلهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْهَا وَهَدْمُهَا ، كمَا حَرَقَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدَ الضِّرَارِ ، وَأَمَرَ بهَدْمِهِ . وَهُوَ مَسْجِدٌ يُصَلى فِيْهِ ، وَيُذْكرُ اسْمُ اللهِ فِيْهِ ، لمّا كانَ بناؤُهُ ضِرَارًا ، وَتفرِيْقا بَيْنَ المؤْمِنِيْنَ ، وَمَأْوَىً لِلمُنَافِقِيْن . وَكلُّ مَكان ٍ هَذَا شَأْنهُ : فوَاجِبٌ عَلى الإمَامِ تعْطِيْلهُ : · إمّا بهَدْمٍ وَتَحْرِيْق ٍ ، · وَإمّا بتغْييْرِ صُوْرَتِهِ ، وَإخْرَاجِهِ عَمّا وُضِعَ له . وَإذا كانَ هَذَا شَأْنُ مَسْجِدِ الضِّرَارِ : فمَشَاهِدُ الشِّرْكِ التي تدْعُوْ سَدَنتُهَا إلىَ اتخاذِ مَنْ فِيْهَا أَندَادًا مِنْ دُوْن ِ اللهِ : أَحَقُّ باِلهدْمِ ، وَأَوْجَب)اه كلامُه . إذا عَلِمْتَ ذلِك َ كلهُ : فوَاجِبُ المسْلِمِيْنَ تِجَاهَ هَذِهِ المسَاجِدِ المبنِيَّةِ عَلى قبوْرِ الأَنْبيَاءِ وَالعُلمَاءِ وَالشُّيُوْخِ وَالملوْكِ وَغيْرِهِمْ : أَنْ لا تتخذَ مَسَاجِدَ ، بَلْ يُقطعُ ذلِك َ عَنْهَا ، إمّا بهَدْمِهَا ، أَوْ سَدِّهَا ، أَوْ نحْوِ ذلك مِمّا يَمْنَعُ أَنْ تتخذَ مَسْجِدًا .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
28-12-11, 02:11 PM | المشاركة رقم: 42 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
فصل في بيان ِ تَحْرِيْمِ الوَقفِ لِلمَشاهِدِ وَالنذْرِ لها وَإسْرَاجِهَا وَكمَا لا تَصِحُّ الصَّلاة ُ مُطلقا في شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ المسَاجِدِ المبْنِيَّةِ عَلى القبوْرِ، أَوْ فِيْهَا شَيْءٌ مِنْهَا : فلا يجُوْزُ الوَقفُ عَليْهَا ، وَلا يَصِحُّ ، فإنْ أَوْقفَ : لمْ يُعْمَلْ بهِ ، وَكانَ الوَاقِفُ آثِمًا . وَلا يجُوْزُ إسْرَاجُ ضَوْءٍ فِيْهَا ، لأَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَنَ مَنْ يتَّخِذُ القبوْرَ مَسَاجِدَ ، وَلعَنَ مَنْ يتَّخِذُ عَليْهَا السُّرُج . وَقدْ عَدَّ ابنُ حَجَرٍ الهيْتَمِيُّ في«الزَّوَاجِرِ ، عَن ِ اقتِرَافِ الكبَائِر»(1/320): إيْقادَ السُّرُجِ عَلى القبوْرِ مِنَ الكبَائِرِ العِظامِ ، وَجَعَلهَا كبيْرَة ً في مَوْضِعَيْن ِ مِنْ كِتَابهِ ، فجَعَلهَا الكبيْرَة َ الرَّابعَة َ وَالتِّسْعِيْنَ ، ثمَّ أَعَادَهَا(1/361) وَجَعَلهَا الكبيْرَة َ الثّانِيَة َ وَالعِشْرِيْنَ بَعْدَ المِئَة . وَلا يَصِحُّ النذْرُ لها ، بَلْ هُوَ نذْرُ مَعْصِيَةٍ ، تجبُ فِيْهِ التوْبة ُ وَالكفارَة ُ، وَكفارَتهُ كفارَة ُ يَمِيْن ٍ، كمَا ثبتَ فِي «صَحِيْحِ البُخارِيِّ»(6696) عَنْ عَائِشَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:«مَنْ نذَرَ أَنْ يُطِيْعَ الله َ فليطِعْهُ ، وَمَنْ نذَرَ أَنْ يَعْصِيَ الله َ فلا يَعْصِه». وَذكرَ هَذَا شَيْخُ الإسْلامِ ابْنُ تَيْمية َ رَحِمَهُ الله ُ في«شَرْحِ العُمْدَةِ» وَرَجَّحَهُ ، وَلا يَسَعُ أَحَدًا خِلافه (2/450). وَقالَ العَلامَة ُ أَبوْ عَبْدِ اللهِ ابْنُ قيِّمِ الجوْزِيةِ في كِتَابهِ«زَادِ المعادِ»(3/572) في ذِكرِ فوَائِدِ غزْوَةِ تبوْكٍ وَمِنْهَا: أَنَّ الوَقفَ لا يَصِحُّ عَلى غيْرِ برٍّ وَلا قرْبةٍ ، كمَا لمْ يَصِحَّ وَقفُ هَذَا المسْجِدِ [يَعْني مَسْجِدَ الضِّرَار] . وَعَلى هَذَا : فيُهْدَمُ المسْجِدُ إذا بُني عَلى قبْرٍ ، كمَا يُنْبَشُ الميِّتُ إذا دُفِنَ في المسْجِدِ ، نصَّ عَلى ذلِك َ الإمَامُ أَحْمَدُ وَغيْرُه . فلا يَجْتَمِعُ في دِيْن ِالإسْلامِ مَسْجِدٌ وَقبْرٌ ، بَلْ أَيهُمَا طرَأَ عَلى الآخَرِ : مُنِعَ مِنْهُ ، وَكانَ الحكمُ لِلسّابق . وَلوْ وُضِعَا مَعًا : لمْ يَجُزْ . وَلا يَصِحُّ هَذَا الوَقفُ وَلا يَجُوْز . وَلا تَصِحُّ الصَّلاة ُ في هَذَا المسْجِدِ ، لِنَهْيِّ رَسُوْل ِاللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذلِك َ، وَلعْنِهِ مَن ِ اتخذَ القبْرَ مَسْجِدًا ، أَوْ أَوْقدَ عَليْهِ سِرَاجًا . فهَذَا دِيْنُ الإسْلامِ الذِي بعَثَ الله ُ بهِ رَسُوْلهُ وَنبيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَغرْبتهُ بيْنَ النّاس ِ كمَا ترَى). وَقالَ رَحِمَهُ الله ُ أَيْضًا في«إغاثةِ اللهْفان»(1/210) وَكذَلِك َ يجبُ إزَالة ُ كلِّ قِنْدِيْل ٍ، أَوْ سِرَاجٍ عَلى قبْرٍ وَطفيه . فإنَّ فاعِلَ ذلِك َ مَلعُوْنٌ بلعْنَةِ رَسُوْل ِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا يَصِحُّ هَذَا الوَقفُ ، وَلا يحِلُّ إثباتهُ وَتنْفِيْذُه)اه. وَقالَ الحافِظ ُ العِرَاقِيُّ رَحِمَهُ الله ُ وَالظاهِرُ أَنهُ لا فرْقَ ([1]): فلوْ بَنى مَسْجِدًا يَقصِدُ أَنْ يُدْفنَ في بَعْضِهِ : دَخَلَ في اللعْنَةِ ، بَلْ يَحْرُمُ الدَّفنُ في المسْجِد . وَإنْ شَرَط َ أَنْ يُدْفنَ فِيْهِ : لمْ يَصِحَّ الشَّرْط ُ، لِمُخالفتِهِ وَقفهُ مَسْجِدًا)اه نقلهُ عَنْهُ المنَاوِيُّ في«فيْض ِ القدِيْر»(5/274). [1] - أَي لا فرْقَ بَيْنَ اتّخَاذِ المسْجِدِ عَلى القبْرِ بَعْدَ الدَّفن ِ، وَبَيْنَ بنَاءِ مَسْجِدٍ ثمَّ إدْخَالُ قبْرٍ فِيْه .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
28-12-11, 02:14 PM | المشاركة رقم: 43 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
فصل في بيان ِ ضَلال ِ مَنْ شَدَّ رَحْلهُ إلىَ مَشْهَدٍ أَوْ قبْرٍ ، وَتَحْرِيْمِ شَدِّ الرِّحَال ِ إلىَ كلِّ مَسْجِدٍ غيْرِ المسَاجِدِ الثلاثةِ ، وَالتَّنْبيْهِ عَلى عِلةِ النَّهْيِّ التي غابَتْ عَنْ كثِيْرٍ مِنْ قاصِرِي العِلمِ وَالمعْرِفة رَوَى الإمَامُ أَحْمَدُ في«مُسْنَدِه»(2/234)،(3/34) وَالبُخارِيُّ في«صَحِيْحِهِ»(1189)،(1864)،(1996) وَمُسْلِمٌ في«صَحِيْحِهِ» أَيْضًا (397)، (827) وَجَمَاعَة ٌ، مِنْ حَدِيْثِ أَبي سَعِيْدٍ الخدْرِيِّ وَأَبي هُرَيْرَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:«لا تشَدُّ الرِّحَالُ إلا َّ إلىَ ثلاثةِ مَسَاجِدَ : المسْجِدِ الحرَامِ ، وَمَسْجِدِ الرَّسُوْل ِ، وَالمسْجِدِ الأَقصَى». وَفي هَذَا الحدِيْثِ : تَحْرِيْمُ شَدِّ الرِّحَال ِ إلىَ كلِّ مَسْجِدٍ أَوْ بُقعَةٍ يُظنُّ فضْلهَا بعَيْنِهَا ، سِوَى هَذِهِ المسَاجِدِ الثلاثةِ ، سَوَاءٌ كانتْ تِلك َ البقاعُ مَذْكوْرَة ً بفضْل ٍ أَوْ بَرَكةٍ كالطوْرِ ، أَوْ لمْ تذْكرْ ، وَسَوَاءٌ كانتْ قبْرَ نبيٍّ مِنَ الأَنبيَاءِ ، أَوْ أَثرًا مِنْ آثارِهِ ، وَلوْ كانَ قبْرَ نبيِّنَا محمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَلا شَك َّ أَنَّ زِيَارَة َ القبوْرِ الزِّيارَة َ الشَّرْعِيَّة َ، خَاصة ً قبْرَ نبيِّنَا محمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قرْبة ٌ مِنَ القرَبِ ، وَطاعَة ٌمِنَ الطاعَات . إلا َّ أَنَّ ذلِك َ مَشْرُوْط ٌ بعَدَمِ شَدِّ رَحْل ٍ، وَلا إعْمَال ِ مُطِيٍّ، لِلحدِيْثِ السّابق. فمَنْ شَدَّ رِحَالهُ قاصِدًا المسْجِدَ النَّبَوِيَّ لِلصَّلاةِ فِيْهِ : شُرِعَ لهُ بَعْدَ وُصُوْلِهِ وَسُنَّ ، زِيَارَة ُ قبْرِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالسَّلامُ عَليْهِ ، وَعَلى صَاحِبَيْهِ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا . أَمّا إنْ كانَ شَدُّهُ لِرَحْلِهِ قاصِدًا القبْرَ الشَّرِيْفَ : فهَذَا آثِمٌ ، مُخالِفٌ لِقوْل ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مُرْتكِبًا لِنَهْيه . وَمِنَ المعْلوْمِ : أَنَّ كلَّ مَنْ زَارَ المسْجِدَ النَّبَوِيَّ : زَارَ قبْرَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سَوَاءٌ كانَ بَاعِثهُ عَلى السَّفرِ المسْجِدُ أَوِ القبْرُ ، إلا َّ أَنَّ الأَوَّلَ مُثابٌ لِمُوَافقتِهِ السُّنَّة َ، وَامْتِثالِهِ أَمْرَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالآخرَ آثِمٌ لِمُخالفتِهَا . وَقدْ سُئِلَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمية َ عَمَّنْ شَدَّ رَحْلهُ لِزِيَارَةِ شَيْءٍ مِنْ قبوْرِ الأَنبيَاءِ وَالصّالِحِيْنَ ، أَيَجُوْزُ لهُ ذلك؟ وَهَلْ لهُ التَّرَخُّصُ برُخص ِ المسَافِرِيْنَ أَوْ لا؟ وَمَاصِحَّة ُ مَا جَاءَ في ذلِك َ مِنْ أَحَادِيْثَ بالمنْعِ أَوِ الإبَاحَة؟ فأَجَابَ رَحِمَهُ الله ُ جَوَابًا وَافِيًا شَافِيًا ، هَذَا نصُّهُ : (الحمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ ، أَمّا مَنْ سَافرَ لِمُجَرَّدِ زِيَارَةِ قبوْرِ الأَنبيَاءِ وَالصّالِحِينَ ، فهَلْ يجُوْزُ لهُ قصْرُ الصَّلاةِ؟ عَلى قوْليْن ِ مَعْرُوْفيْن ِ: أَحَدُهُمَا - وَهُوَ قوْلُ مُتَقدِّمِي العُلمَاءِ الذِيْنَ لا يُجَوِّزُوْنَ القصْرَ فِي سَفرِ المعْصِيَةِ ، كأَبي عَبْدِ اللهِ ابْن ِ بَطة َ، وَأَبي الوَفاءِ ابْن ِ عَقِيْل ٍ، وَطوَائِفَ كثِيْرَةٍ مِنَ العُلمَاءِ المتقدِّمِيْنَ-: أَنهُ لا يَجُوْزُ القصْرُ فِي مِثْل ِ هَذَا السَّفرِ ، لأَنهُ سَفرٌ مَنْهيٌّ عَنْه . وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ : أَنَّ السَّفرَ المنْهيَّ عَنْهُ فِي الشَّرِيْعَةِ لا يُقصَرُ فِيْه . وَالقوْلُ الثانِي : أَنهُ يَقصِرُ ، وَهَذَا يَقوْلهُ مَنْ يُجَوِّزُ القصْرَ فِي السَّفرِ المحَرَّمِ ، كأَبي حَنِيْفة . وَيقوْلهُ بَعْضُ المتأَخِّرِيْنَ مِنْ أَصْحَابِ الشّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ، مِمَّنْ يُجَوِّزُ السَّفرَ لِزِيَارَةِ قبوْرِ الأَنبياءِ وَالصّالِحِيْنَ ، كأَبي حَامِدٍ الغزّالِيِّ ، وَأَبي الحسَن ِ ابْن ِعَبْدُوْس ٍ الحرّانِيِّ ، وَأَبي مُحَمَّدٍ ابْن ِ قدَامة َالمقدِسِيّ . وَهَؤُلاءِ يَقوْلوْنَ : إنَّ هَذَا السَّفرَ ليْسَ بمُحَرَّمٍ ، لِعُمُوْمِ قوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«زُوْرُوْا القبوْر»([1]). [1] - رَوَاهُ مُسْلِمٌ في«صَحِيْحِهِ»(976) مِنْ حَدِيْثِ أَبي هُرَيْرَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْه.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
28-12-11, 02:16 PM | المشاركة رقم: 44 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
وَقدْ يَحْتَجُّ بَعْضُ مَنْ لا يَعْرِفُ الحدِيْثَ باِلأَحَادِيْثِ المرْوِيةِ فِي زِيارَةِ قبْرِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كقوْلِهِ«مَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَمَاتِي : فكأَنمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي» رَوَاهُ الدّارَقطنِيّ(2/278). وَأَمّا مَا ذكرَهُ بَعْضُ النّاس ِ مِنْ قوْلِهِ:«مَنْ حَجَّ وَلمْ يَزُرْنِي : فقدْ جَفانِي»: فهَذَا لمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِن العُلمَاء . وَهُوَ مِثْلُ قوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«مَنْ زَارَنِي وَزَارَ أَبي إبْرَاهِيْمَ فِي عَامٍ وَاحِدٍ : ضَمِنْتُ لهُ عَلى اللهِ الجنة». فإنَّ هَذَا أَيضًا باتفاق ِ العُلمَاءِ : لمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ ، وَلمْ يَحْتَجَّ بهِ أَحَدٌ ، وَإنمَا يَحْتَجُّ بَعْضُهُمْ بحدِيْثِ الدّارَقطنِيِّ وَنَحْوِه . وَقدِ احْتَجَّ أَبوْ مُحَمَّدٍ المقدِسِيُّ ([1]) عَلى جَوَازِ السَّفرِ لِزِيارَةِ القبورِ ، بأَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يَزُوْرُ مَسْجِدَ قباء([2]). وَأَجَابَ عَنْ حَدِيثِ «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ» بأَنَّ ذلك مَحْمُوْلٌ عَلى نفي الاسْتِحْبَاب . وَأَمّا الأَوَّلوْنَ فإنهُمْ يَحْتَجُّوْنَ بمَا فِي«الصَّحِيحَيْن»ِ عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنهُ قالَ:«لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلا َّ إلىَ ثلاثةِ مَسَاجِدَ : المسْجدِ الحرَامِ ، وَمَسْجِدِي هَذَا ، وَالمسْجدِ الأَقصَى». وَهَذَا الحدِيْثُ مِمَّا اتفقَ الأَئِمَّة ُ عَلى صِحَّتِهِ وَالعَمَل ِ به . فلوْ نذَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَشُدَّ الرَّحْلَ ، لِيُصَليَ بمَسْجدٍ ، أَوْ مَشْهَدٍ ، أَوْ يَعْتَكِفَ فِيْهِ ، أَوْ يُسَافِرَ إليْهِ غيْرَ هَذِهِ الثلاثةِ : لمْ يَجِبْ عَليْهِ ذلِك َ باتفاق ِ الأَئِمَّة . وَلوْ نذَرَ أَنْ يُسَافِرَ وَيَأْتِيَ المسْجدَ الحرَامَ ، لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ : وَجَبَ عَليْهِ ذلِك َ باتفاق ِ العُلمَاء . وَلوْ نذَرَ أَنْ يَأْتِيَ مَسْجِدَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ المسْجِدَ الأَقصَى ، لِصَلاةٍ أَوِ اعْتِكافٍ : وَجَبَ عَليْهِ الوَفاءُ بهَذَا النَّذْرِ عِنْد مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قوْليْهِ وَأَحْمَدَ . وَلمْ يَجِبْ عَليْهِ عِنْدَ أَبي حَنِيْفة َ، لأَنهُ لا يَجِبُ عِنْدَهُ بالنَّذْرِ إلا َّ مَا كانَ جِنْسُهُ وَاجِبًا باِلشَّرْع . [1]- «المغني» لابْن ِ قدَامَة (3/117-118). [2]- رَوَاهُ البُخَارِيُّ في«صَحِيْحِهِ»(1192)،(1193)،(1194) وَمُسْلِمٌ(1399) مِنْ حَدِيْثِ نافِعٍ عَن ِ ابْن ِ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا قالَ:«كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قباءَ كلَّ سَبْتٍ ، مَاشِيًا وَرَاكِبا»، قالَ نافِعٌ :«وَكانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَفعَله». قلتُ : وَلا وَجْهَ لاسْتِدْلال ِأَبي محمَّدٍ بهِ ، فإنَّ زِيَارَة َمَسْجِدِ قباءَ لأَهْل ِ المدِيْنةِ ، خَالِيَة ٌ مِنْ شَدِّ الرِّحَال ِ لِقرْبه . وَهِيَ مُسْتَحَبَّة ٌ مَسْنُوْنة ٌ لهمْ ، اقتِدَاءًا بفِعْل ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقدْ كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِيْهِ –لِقرْبهِ- مَاشِيًا وَرَاكِبًا . بَلْ قالَ أَنسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ:«كنّا نصَلي العَصْرَ، ثمَّ يَذْهَبُ الذّاهِبُ مِنّا إلىَ قباءَ ، فيَأْتِيْهمْ وَالشَّمْسُ مُرْتفِعَة ٌ» رَوَاهُ البُخارِيُّ في«صَحِيْحِهِ»(551) وَمُسْلِمٌ(621)، وَمَحَلُّ النِّزَاعِ في شَدِّ الرَّحْل ِ لِزِيَارَةِ مَسْجِدٍ غيْرِ المسَاجِدِ الثلاثة . أَمّا جَوَابُ أَبي مُحَمَّدٍ ابْن ِ قدَامَة َ عَلى حَدِيْثِ «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلا َّ إلىَ ثلاثةِ مَسَاجِدَ»، عَلى نفي اسْتِحْبَابِ شَدِّها لِغيْرِهَا ، ثمَّ تَجْوِيْزُهُ شَدَّ الرِّحَال ِ لِلمَسَاجِدِ عَامَّة ً غيرَ المسَاجِدِ الثلاثةِ ، بزِيَارَةِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمِسَجْدِ قباء : غيْرُ مُسَلمٍ ، وَفِيْهِ تعَارُضٌ وَتنَاقض : * فإنهُ إمّا أَنْ يَنْفِيَ اسْتِحْبَابَ زِيَارَةِ مَسْجِدِ قباءَ ، لِيَسْتَقِيْمَ تَأْوِيْلهُ لِحَدِيْثِ «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ»: فيُخالِفَ بذَلِك َ السُّنَّة َ الصَّحِيْحَة َ الصَّرِيْحَة . بَلْ يُخالِفُ مَا وَرَدَ مِنْ عَظِيْمِ فضْل ِ زِيَارَتِهِ ، كقوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحدِيْثِ الصَّحِيْحِ:«مَنْ تطهَّرَ فِي بَيْتهِ ، ثمَّ أَتى مَسْجِدَ قباءَ ، لا يُرِيْدُ إلا َّ الصَّلاة َ فِيْهِ : كانَ كعُمْرَة» رَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ في«مُسْنَدِهِ»(3/487) وَالنَّسَائِيُّ (699) وَابنُ مَاجَهْ (1412) مِنْ حَدِيْثِ سَهْل ِ بْن ِ حُنَيْفٍ رَضِيَ الله ُ عَنْه . وَأَقطعُ بعَدَمِ قوْل ِ ابن ِ قدَامَة َ بذَلِك َ، لِعِلمِهِ بمَا وَرَدَ في سُنِّيَّةِ ذلِك َ، وَبنَاءًا عَلى أُصُوْلِه . * وَإمّا أَنْ يَسْتَحِبَّ زِيَارَة َ مَسْجِدِ قباءَ ، كمَا جَاءَتْ بهِ السُّنَّة ُ: فيَسْقط ُ تأْوِيْلهُ لحدِيْثِ«لا تُشَدُّ الرِّحَال». وَعَلى كلا الحاليْن ِ، فكلامُ أَبي محمَّدٍ غيْرُ مَقبُوْل . وَمَعْنَى الحدِيْثِ الذِي لا رَيْبَ فِيْهِ : هُوَ مَا قرَّرَهُ شَيْخُ الإسْلامِ كمَا سَبَق .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
28-12-11, 02:18 PM | المشاركة رقم: 45 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
أَمّا الجمْهُورُ فيوجِبُوْنَ الوَفاءَ بكلِّ طاعَةٍ ، كمَا ثبتَ فِي «صَحِيْحِ البُخارِيِّ»(6696) عَنْ عَائِشَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:«مَنْ نذَرَ أَنْ يُطِيْعَ الله َ فليطِعْهُ ، وَمَنْ نذَرَ أَنْ يَعْصِيَ الله َ فلا يَعْصِه». وَالسَّفرُ إلىَ المسْجِدَيْن ِ طاعَة ٌ : فلِهَذَا وَجَبَ الوَفاءُ به . وَأَمّا السَّفرُ إلىَ بُقعَةٍ غيْرَ المسَاجِدِ الثلاثةِ : فلمْ يُوْجِبْ أَحَدٌ مِنَ العُلمَاءِ السَّفرَ إليْهِ إذا نذَرَهُ ، حَتَّى نصَّ العُلمَاءُ عَلى أَنهُ لا يُسَافرُ إلىَ مَسْجِدِ قباءَ ، لأَنهُ ليْسَ مِنَ المسَاجِدِ الثلاثةِ . مَعَ أَنّ مَسْجِدَ قباءَ يُسْتحَبُّ زِيارَتهُ لِمَنْ كانَ فِي المدِيْنَةِ ; لأَنَّ ذلِك َ ليْسَ بشَدِّ رَحْل ٍ كمَا فِي الحدِيْثِ الصَّحِيْحِ:«مَنْ تطهَّرَ فِي بَيْتهِ ، ثمَّ أَتى مَسْجِدَ قباءَ ، لا يرِيدُ إلا َّ الصَّلاة َ فِيْهِ ، كانَ كعُمْرَة»([1]). قالوْا : وَلأَنَّ السَّفرَ إلىَ زِيَارَةِ قبوْرِ الأَنبياءِ وَالصّالِحِيْنَ بدْعَة ٌ ، لمْ يَفعَلهَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابةِ وَلا التّابعِيْنَ ، وَلا أَمَرَ بهَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا اسْتَحَبَّ ذلِك َ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ المسْلِمِيْن . فمَن ِ اعْتَقدَ ذلِك َ عِبَادَة ً وَفعَلهُ : فهُوَ مُخالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَلإجْمَاعِ الأَئِمَّة . وَهَذَا مِمَّا ذكرَهُ أَبوْ عَبْدِ اللهِ ابْنُ بَطة َ فِي«الإبانةِ الصُّغْرَى»(ص89) مِنَ البدَعِ المخالِفةِ لِلسُّنَّةِ وَالإجْمَاع . وَبهَذَا يَظهَرُ بُطلانُ حُجَّةِ أَبي مُحَمَّدٍ المقدِسِيِّ ، لأَنَّ زِيَارَة َ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَسْجِدِ قباءَ ، لمْ تَكنْ بشَدِّ رَحْل ٍ، وَهُوَ يُسَلمُ لهُمْ أَنَّ السَّفرَ إليْهِ لا يَجِبُ بالنذْر . وَقوْلهُ بأَنَّ الحدِيْثَ الذِي مَضْمُونهُ «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ» ، مَحْمُوْلٌ عَلى نفي الاسْتِحْبَابِ : يجَابُ عَنْهُ بوَجْهَيْن ِ: أَحَدُهُمَا : أَنَّ هَذَا تَسْلِيْمٌ مِنْهُ أَنَّ هَذَا السَّفرَ ليْسَ بعَمَل ٍ صَالِحٍ ، وَلا قرْبةٍ ، وَلا طاعَةٍ ، وَلا هُوَ مِنَ الحسَنات . فإذنْ مَن ِ اعْتَقدَ أَنَّ السَّفرَ لِزِيَارَةِ قبوْرِ الأَنبياءِ وَالصّالِحِينَ قرْبة ٌ ، وَعِبَادَة ٌ ، وَطاعَة ٌ : فقدْ خَالفَ الإجْمَاع . وَإِذا سَافرَ لاعْتِقادِ أَنَّ ذلِك َ طاعَة ٌ: كانَ ذلك مُحَرَّمًا بإجْمَاعِ المسْلِمِين . فصَارَ التَّحْرِيْمُ مِنْ جهةِ اتخاذِهِ قرْبة ً ، وَمَعْلومٌ أَنَّ أَحَدًا لا يُسَافِرُ إليْهَا إلا َّ لِذَلِك . وَأَمّا إذا نذَرَ الرَّجُلُ أَنْ يُسَافِرَ إليْهَا لِغرَض ٍ مُبَاحٍ : فهَذَا جَائِزٌ ، وَليْسَ مِنْ هَذَا الباب . الوَجْهُ الثانِي: أَنَّ هَذَا الحدِيْثَ يَقتضِي النَّهْيَ ، وَالنَّهْيُ يَقتضِي التَّحْرِيْم . وَمَا ذكرُوْهُ مِنَ الأَحَادِيْثِ فِي زِيارَةِ قبْرِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فكلهَا ضَعِيْفة ٌ، باِتفاق ِ أَهْل ِ العِلمِ باِلأَحَادِيْث . بَلْ هِيَ مَوْضُوْعَة ٌ، لمْ يَرْوِ أَحَدٌ مِنْ أَهْل ِ السُّنَن ِ المعْتَمَدَةِ شَيْئًا مِنْهَا ، وَلمْ يَحْتَجَّ أَحَدٌ مِنَ الأَئِمَّةِ بشَيْءٍ مِنْهَا . بَلْ مَالِك ٌ- إمَامُ أَهْل ِ المدِيْنَةِ النبَوِيةِ ، الذِيْنَ هُمْ أَعْلمُ النّاس ِ بحُكمِ هَذِهِ المسْأَلةِ -: كرِهَ أَنْ يَقوْلَ الرَّجُلُ :«زُرْتُ قبْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ » . وَلوْ كانَ هَذَا اللفظ ُ مَعْرُوْفا عِنْدَهُمْ ، أَوْ مَشْرُوْعًا ، أَوْ مَأْثوْرًا عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لمْ يَكرَهْهُ عَالِمُ أَهْل ِ المدِينة . وَالإمَامُ أَحْمَدُ أَعْلمُ النّاس ِ فِي زَمَانِهِ باِلسُّنَّةِ : لمَّا سُئِلَ عَنْ ذلِك َ، لمْ يَكنْ عِنْدَهُ مَا يَعْتَمِدُ عَليْهِ فِي ذلِك َ مِنَ الأَحَادِيْثِ إلا َّ حَدِيْثُ أَبي هُرَيرَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ :«مَا مِنْ رَجُل ٍ يُسَلمُ عَليَّ إلا َّ رَدَّ الله ُ عَليَّ رُوْحِي حَتَّى أَرُدَّ عَليْهِ السَّلام»، وَعَلى هَذَا اعْتَمَدَ أَبوْ دَاوُوْدَ في«سُنَنِه»(2041). [1]- رَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ في«مُسْنَدِهِ»(3/487) وَالنَّسَائِيُّ(699) وَابْنُ مَاجَهْ(1412) مِنْ حَدِيْثِ سَهْل ِ بْن ِ حُنَيْف.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1 : | |
الشـــامـــــخ |
|
|