22-12-11, 02:08 AM
|
المشاركة رقم: 1
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
عضو |
الرتبة |
|
الصورة الرمزية |
|
البيانات |
التسجيل: |
May 2011 |
العضوية: |
3823 |
العمر: |
47 |
المشاركات: |
1,460 [+] |
الجنس: |
|
المذهب: |
|
بمعدل : |
0.30 يوميا |
اخر زياره : |
[+] |
معدل التقييم: |
17 |
نقاط التقييم: |
147 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
من أسرار القرآن :
(377-ب) - ( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِوَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَاوَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىوَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَاوَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ *) بقلم الأستاذ الدكتور/ زغلول راغب النجار
في المقال السابق استعرضنا عددا من الدروس التربوية الهامة المستقاة من هجرة الرسول- - وصاحبه أبي بكر الصديق- - من مكة المكرمة إلى يثرب؛ وذكرنا أن هذا الحدث الذي غير مجرى التاريخ بانتقال المسلمين من مرحلة الاستضعاف والاضطهاد والإيذاء التي عاشوها في مكة إلى مرحلة العزة والقوة والمنعة والتمكين في الأرض التي بدأوها في المدينة . وقلنا أن على مسلمي اليوم معاودة الدراسة لحدث الهجرة النبوية في ضوء الآية القرآنية الكريمة التي اخترناها عنوانا لهذا المقال , واستخلاصالدروس التربوية الهامة المستقاة منها , إذا أرادوا الخروج من مرحلة الاستضعاف والاضطهاد والإذلال التي يعيشونها اليوم, والعودة إلى دورهم الرائد في قيادة البشرية الضالة التائهة من جديد, والتي أغرتها غلبتها المادية بالجور والظلم والإفساد في الأرض, في غيبة من الإيمان بالله, وبالآخوة الإنسانية مما أدى إلى إغراق الأرض ببحار من الدماء والأشلاء والخراب والدمار !!!
وعرضنا من الدروس المستفادة ما يلي :
أولا : ضرورة الإيمان الصادق بالله- تعالى-, وهذا الإيمان يربي أبناء وبنات المسلمين على حتمية التوكل على الله- تعالى- حق التوكل, وعلى بذل الجهد والمال والفكر من أجل نصرة دين الله في الأرض, وضرورة التحرك المخلص بذلك, مع الاستعداد للتضحية بالنفس والنفيس من أجل تحقيق ذلك النصر, والوثوق التام بأن النصر من الله- تعالى- والاستبشار الفرح بقرب تحققه إن شاء الله .
ثانيا : مع الإيمان بحقيقة الأخوة الإنسانية , لا بد من التسليم بحتمية الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل , وكان واقع المسلمين في مكة خير شاهد على ذلك , كما أن واقع المسلمين اليوم وهم يتعرضون لمؤامرات أعوان الشيطان من كل حدب وصوب لا يكاد يختلف كثيرا عن واقع الذين آمنوا مع رسول الله- - من أهل مكة وتعرضوا لاضطهاد كفار قريش .
ثالثا : ضرورة إحكام التخطيط لكل أمر من أمور المسلمين – وقد فقدوا مرجعيتهم الدينية الموحدة في هذه الأيام-, ولقد كان في تخطيط رسول الله- - لرحلة الهجرة درسا لكل مسلم ومسلمة لا يجوز أن ينسى خاصة في أيام المحن الشديدة التي يتعرض لها مسلو اليوم .
وفي مقال اليوم نواصل استعراضنا لعدد لعدد آخر من الدروس المستفادة من هذا الحدث الهام وذلك في النقاط التالية :
أولا : ضرورة اليقين في رعاية الله – تعالى – لعباده المؤمنين :
في العتمة من ليلة الهجرة النبوية الشريفة، طوق بيت النبي- - أحد عشر شاباً من كفار قريش المتوشحين بالسيوف، وأخذوا يرصدون كل حركة فيه. وعند منتصف الليل قام النبي - صلوات ربي وسلامه عليه – ليخلفه علي بن أبي طالب- - في فراشه، وخرج رسول الله من بين المطوقين للبيت دون أن يشعروا به، لأن الله – تعالى – كان قد أغشى أبصارهم بالكامل فلم يروه، وأخذ رسول الله- - حفنة من تراب في يده الشريفة, وجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو قوله- تعالى- (يس * وَالْقُرْآنِ الحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * تَنزِيلَ العَزِيزِ الرَّحِيمِ * لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ * لَقَدْ حَقَّ القَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ * وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَداًّوَمِنْ خَلْفِهِمْ سَداًّ فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ * وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ *) حتى فرغ من هذه الآيات , ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا, ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب , فأتاهم آت ممن لم يكن معهم , فقال:" ما تنتظرون ههنا؟ قالوا : محمدا ؛ قال : خيبكم الله! قد والله خرج عليكم محمد, ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا, وانطلق لحاجته, أفما ترون ما بكم؟ فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب , ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله- - فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائما عليه برده , فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي- - عن الفراش, فقالوا: والله لقد صدقنا الذي حدثنا" (سيرة ابن هشام) ثم تحرك رسول الله- - للقاء أبي بكر كي ينطلقا في رحلة الهجرة، عامدين إلى غار ثور.
وكان في خروج رسول الله- - من طوق المحاصرين لبيته دون أن يشعر به أي منهم معجزة حسية تشهد برعاية الله – تعالى – لأنبيائه وأوليائه والصالحين من خلقه, وهي معجزة وكرامة قابلة للتكرار والإعادة في كل ظرف مشابه حتى قيام الساعة.
ثانيا: التأكيد على أن حب مكة المكرمة (بصفة خاصة) وحب الوطن (بصفة عامة) من صميم الإيمان بالله- تعالى-:
خرج المهاجران الكريمان من خوخة في ظهر بيت أبي بكر، قاصدين جبل "ثور" إلى الجنوب من مكة، ولكن قبل البدء في مسيرة الهجرة وقف رسول الله- - على رابية صغيرة في أحد أسواق مكة، واتجه ببصره إلى الكعبة المشرفة يودع أحب بقاع الأرض إلى الله – تعالى – وإليه قائلاً: "والله إني لأخرج منك وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلي، وأنك أحب أرض الله إلى الله – عز وجل – وأكرمها عليه، وإنك خير بقعة على وجه الأرض، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت". وهذا درس في حب مكة المكرمة (بصفة خاصة) وفي حب الأوطان (بصفة عامة) يجب أن يتأسى به كل مسلم.
ثالثا: ضرورة حب رسول الله- - وحب صحابته الكرام :
سار رسول الله- - ومعه أبو بكر مسافة عشرة كيلو مترات على الأقدام متجهين جنوباً قاصدين غار "ثور"، وقد حمل أبو بكر معه كل ثروته، ولم يترك لأبنائه منها شيئاً، وسار وهو خائف على رسول الله من أن تلمحه عين من أعين كفار ومشركي قريش، فتارة يمشي أمامه وتارة يأتي خلفه، وثالثة عن يمينه، ورابعة عن يساره، فسأله رسول االله عن ذلك فقال: "يا رسول الله! أذكر الرصد فأكون أمامك، وأذكر الطلب فأكون خلفك، ومرة عن يمينك ومرة عن يسارك، لا آمن عليك".
وبعد صعود جبل ثور، وهو جبل شامخ الارتفاع، صعب المرتقى، كثير الأحجار الصلدة، الناتئة، وصل النبي وصاحبه إلى فم الغار، وهم- -بدخوله، فسبقه أبو بكر قائلاً: "لا تدخل يا رسول الله حتى أدخله قبلك، فإن كان فيه شيء أصابني دونك".
دخل أبو بكر إلى جوف الغار، ودار على جوانبه يتفحصها، فوجد فيها جحوراً كثيرة، فشق ثوبه، ومزقه قطعاً دار بها على جوانب الغار يسد جحورها بخرق الثوب حتى نفدت، وبقي جحران متقاربان لم يجد لديه ما يسدهما به، فاستلقي على أرض الغار مواجهاً هذين الجحرين وعمد إلى سدهما بقدميه خشية أن يكون فيهما شيء من الهوام، ثم نادى على رسول الله فدخل، ووضع رأسه الشريفة على أحد فخذي أبي بكر ونام من شدة الإجهاد.
بعد فترة من الزمن فوجئ أبو بكر بحية تلدغه من أحد الجحرين اللذين سدهما بقدميه، فتحمل الألم ولم يحرك قدمه حتى لا تخرج الحية فتؤذي رسول الله, ولكن الألم زاد عليه فبدأ يبكي بكاءً مكتوماً من شدة الألم، وسقط شيء من دموعه على وجه رسول الله فتنبه مستيقظاً سائلاً: "ما لك يا أبا بكر؟" فقال: لدغت يا رسول الله – فداك أبي وأمي – فعالج رسول الله مكان اللدغة فشفيت.
ولما جاء وقت الفجر، ووصل نور النهار إلى قلب الغار لاحظ رسول الله أن أبا بكر لا يلبس الثوب الذي كان عليه حين خرجا من مكة، فسأله عنه فأخبر بأنه مزقه ليسد به جحور الغار خوفاً من الهوام، فرفع النبي- - يديه إلى السماء قائلاً: "اللهم اجعل أبا بكر في درجتي يوم القيامة" (أبو نعيم – حلية الأولياء). وهذا درس لا ينسى في حب رسول الله وفي مقام الصحبة في الله .
|
|
|