العودة   شبكــة أنصــار آل محمــد > قســم إسلامنا تاريخٌ ومنهاج > بيت الكتاب والسنة > باب علــم الحــديـث وشرحــه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-10-14, 12:08 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
دعوة الاسلام
اللقب:
عضو


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 11467
المشاركات: 39 [+]
الجنس: ذكر
المذهب: سني
بمعدل : 0.01 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 10
دعوة الاسلام على طريق التميز

الإتصالات
الحالة:
دعوة الاسلام غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : باب علــم الحــديـث وشرحــه


عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ : (إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبَاً وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤْمِنِيْنَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِيْنَ فَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً ) (المؤمنون: الآية51) ، وَقَالَ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) (البقرة: الآية172) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيْلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء،ِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ،وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لذلك)[87] رواه مسلم.


الشرح



-"إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ"

كلمة طيب بمعنى طاهر منزّه عن النقائص، لايعتريه الخبث بأي حال من الأحوال،

لأنّ ضد الطيب
هو الخبيث، كما قال الله عزّ وجل: ( قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ ) (المائدة: الآية100) ، وقال: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَات)(النور: الآية26)

ومعنى هذا أنّه لايلحقه جل وعلا شيء من العيب والنقص. فهو عزّ وجل طيب في ذاته، وفي أسمائه، وفي صفاته، وفي أحكامه، وفي أفعاله، وفي كل ما يصدر منه، وليس فيها رديء بأي وجه.

-"لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبَاً"

فهو سبحانه وتعالى، لا يقبل إلا الطيب من الأقوال، والأعمال وغيرها، وكل رديء فهو مردودٌ عند الله عزّ وجل، فلا يقبل الله إلا الطيب،

ومن ذلك الصدقة بالمال الخبيث لايقبلها الله عزّ وجل، لأنه لايقبل إلا طيباً،

ولهذا جاء في الحديث الصحيح: مَنْ تَصَدَّقَ بِعِدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ طَيِّبٍ وَلاَ يَقْبَلُ اللهَ إِلاَّ الطَّيِّبَ فَإنَّ اللهَ تَعَالَى يَأْخُذُهَا بِيَمِيْنِهِ يُرَبِّيها كما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُوْنَ مِثْلَ الجَبَلِ[88] .

فالطّيب من الأعمال: ما كان خالصاً لله، موافقاً للشريعة.

والطيب من الأموال: ما اكتسب عن طريق حلال، وأما ما اكتسب عن طريق محرّم فإنه خبيث.

-"وَإَنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِينَ بمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِيْنَ"

تَعْلَيةً
لشأن المؤمنين، وأنهم أهلٌ أن يوجّه إليهم ما أمر به الرسل،

فقال عزّ وجل في أمر المرسلين: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً )(المؤمنون: الآية51) فأمر الرسل أن يأكلوا من الطيبات وهي التي أحلها الله عزّ وجل، واكتسبت عن طريق شرعي. فإن لم يحلّها الله كالخمر فإنه لايؤكل، وإن أحلَّه الله ولكن اكتسب عن طريق محرّم فإنه لايؤكل،

وأضرب لذلك مثَلين:

الأول: رجل أكل من شاة ميتة، فهذا لم يأكل من الطيبات، لأن الله تعالى حرّم أكل الميتة.

وهذا محرّم لذاته.

الثاني: رجل غصب شاة وذبحها وأكل منها، فحكمها أنها ليست بطيبة

وهي محرّمة لكسبها.

" وَاعْمَلُوْا صَالحَاً "

أي اعملوا عملاً صالحاً. فأمرهم بالأكل الذي به قوام البدن، ثم أمرهم بالعمل الذي يكون نتيجة للأكل،

لكنه قال: وَاعْمَلُوا صَالِحَاً

وصالح العمل هو ما جمع بين: الإخلاص والمتابعة [متابعة النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا].

ولهذا روي عن بعض السلف أنه قال: العمل الصالح ماكان خالصاً صواباً.

أي خالصاً لله صواباً على شريعة الله.

وقال تعالى في أمر المؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ )(البقرة: الآية172)

كما قال للرسل: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) فأمر المؤمنين بما أمر به المرسلين.

إذاً نقول: المؤمنون مأمورون بالأكل من الطيبات، والمرسلون كذلك مأمورون بالأكل من الطيبات.

-"ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيْلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ ..."

يعني ضرب النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا مثلاً لهذا الرجل:

-"يُطِيْلُ السَّفَرَ"

والسفر من أسباب إجابة الدعاء، ولاسيما إذا أطاله.

-"أَشْعَث أَغْبَرَ"

يعني أشعث في شعره أغبر من التراب، أي أنه لا يهتم بنفسه بل أهم شيء عنده الدعاء.

-"يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء"

ومد اليدين إلى السماء من أسباب إجابة الدعاء،

كما جاء في الحديث: إنَّ اللهَ حَيِيٌّ كَرِيْمٌ يَسْتَحِييْ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفعَ يَديْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرَاً[89] .

-"يَا رَبّ يَا رَبّ"

نداء بوصف الربوبية، لأنّ ذلك وسيلة لإجابة الدعاء، إذ إن إجابة الدعاء من مقتضيات الربوبية.

-"وَ مَطْعَمُهُ حَرَامٌ"

يعني طعامه الذي يأكله حرام، أي حرام لذاته أولكسبه.

-"وَمَشرَبُهُ حَرَامٌ"

يعني شربه الذي يشربه حرام، إما لذاته أو لكسبه.

-"وغُذِيَ بالحَرَامِ"

يعني أنّه تغذّى بالحرام الحاصل من فعل غيره.

-"فَأَنَّى"

اسم استفهام،
والمراد به الاستبعاد، يعني يبعد أن يستجاب لهذا، مع أن أسباب الإجابة موجودة.

وهذا للتحذير
من أكل الحرام، وشربه، ولبسه، والتغذّي به.

من فوائد هذا الحديث:

1- أن من أسماء الله تعالى الطيّب، لقوله: إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ وهذا يشمل طيب ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وأحكامه.

فأسماؤه كلّها حسنى، ولا يوجد في أ سماء الله ما يكون فيه النقص لاحقيقة ولافرضاً، فكلّ أسماء الله تعالى ليس فيها نقصٌ بوجه من الوجوه،

لأن الله تعالى قال:
(وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)(الأعراف: الآية180)

والحسنى اسم تفضيل، يقابلها في المذكر: الأحسن. ولذلك لاتجد في أسماء الله ما يحتمل النقص أبداً،

ولهذا
باب الصفات أوسع من باب الأسماء، لأن كل اسم متضمن لصفة، وأفعاله لامنتهى لها،

كما أن أقواله لامنتهى لها، (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ) [لقمان:27]

فمن صفات الله المجيء، والإتيان والبطش كما قال تعالى: (وَجَاءَ رَبُّكَ)(الفجر: الآية22) وقال: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) (البروج:12)

فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد، ولانسمّيه بها،

فلا نقول من أسمائه: الجائي والممسك والباطش. وإن كنّا نخبر بذلك عنه سبحانه ونصفه بها

وهو سبحانه وتعالى طيب في صفاته: فكل صفات الله تعالى طيبة ليس فيها نقص بوجه من الوجوه،

فمثلاً:القدرة والسمع، والبصر، والتكلم، كل هذه صفات طيبة يتصف الله تعالى بها.

وهناك من الصفات ما تكون كمالاً في حال ونقصاً في حال، وهذه الصفات لاتكون جائزة في حق الله ولا ممتنعة على سبيل الإطلاق، فلا تثبت له سبحانه إثباتاً مطلقاً، ولا تنفى عنه نفياً مطلقاً،

بل لابد من التفصيل: فتجوز في الحال التي تكون كمالاً، وتمنع في الحال التي تكون نقصاً،

وذلك كالمكر، والكيد ،والخداع ونحوها،

فهذه الصفات
تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها، لأنها حينئذٍ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله أو أشد، وتكون نقصاً في غير هذه الحال،

ولهذا لم يذكرها الله من صفاته على سبيل الإطلاق، وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها،

كقوله تعالى:
(وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)(الأنفال: الآية30)

و (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً) [الطارق:15].

وأما الخيانة فلا يوصف الله بها، لأنها نقص بكل حال، فلا يوصف الله تعالى بالخيانة،

ويدل لهذا قول الله تعالى:
(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُم)(البقرة: الآية9)

وقوله:
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)(النساء: الآية142) فأثبت الخداع لأنه يدل على القوة.

لكن في الخيانة قال الله عزّ وجل: (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ)(لأنفال: الآية71)

ولم يقل:
فقد خانوا الله من قبل فخانهم، لأنّ الخيانة خِدعة في مقام الأمان، وهي صفة ذمّ مطلقاً،

وبهذا عُرف أنّ القول "خان اللهُ من يخون" قول منكر فاحش يجب النّهي عنه ووصف ذم لا يوصف الله به.

إذاً صفات الله تعالى كلها طيبة،

وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى)(النحل: الآية60)

أي الوصف الأعلى من كل وجه.

كذلك أيضاً هو طيبٌ في أفعاله، فأفعال الله تعالى كلها طيبة، لايفعل إلا خيراً، وتقدم لنا الجواب عن قوله في القدر: "خَيْرِهِ وَشَرِّهِ" فأفعاله كلّها خيرٌ

وأحكامه كذلك كلّها متضمنة لمصلحة العباد في معاشهم ومعادهم، ولذا فهي طيبة صالحة لكلّ زمان ومكان وحال.

2- كمال الله عزّ وجل في ذاته، وصفاته وأفعاله، وأحكامه.

3- أنّ الله تعالى غنيّ عن الخلق فلا يقبل إلا الطيب،

لقوله: "لايَقبَلُ إلاَّ طَيِّبَاً"

فالعمل الذي فيه شرك لايقبله الله عزّ وجل لأنه ليس بطيب، وكذا التصدّق بالمال المسروق لا يقبله الله لأنه ليس بطيب، والتصدّق بالمحرّم لعينه لا يقبله الله لأنه ليس بطيب.

4- تقسيم الأعمال إلى مقبول ومردود،

لقوله: "لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبَاً"

فنفي
القبول يدل على ثبوته فيما إذا كان طيباً، وهذا شيء ظاهر.

ومن ذلك أيضاً قول النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا : (لاَ يَقْبَلُ اللهُ صَلاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأ)[90] هذا في العمل المقبول .

ومنها قوله : (مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)[91] وهذا في العمل المردود.

5- أنّ الرسل عليهم الصلاة والسلام يؤمرون وينهون،

لقوله: "إِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرسَلِيْنَ" وهو كذلك،

فالرسل عليهم الصلاة والسلام
أكمل العباد عبادة لله عزّ وجل،

ولهذا كان النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا يقوم في الليل حتى تتورّم قدماه، فقيل له في ذلك: إنه قد غفر الله له ماتقدّم من ذنبه وما تأخّر. فقال: "أَفَلا أَكُوْنُ عَبْدَاً شَكُوْرَاً"[92] صلوات الله وسلامه عليه .

وقِسْ حال النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا بحالنا اليوم، فالإنسان منا ينام إلى طلوع الفجر مع أنّ نعم الله علينا لا تحصى، ولقد قام مع النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا ثلاثة رجال شبّان وعجزوا أن يلحقوه في تهجّده.

فهذا الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا
قام مع النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا ذات ليلة يتهجّد يقول: فقرأ سورة البقرة فقلت يركع عند المائة فمضى حتى أكملها، فقلت يركع، فشرع في سورة النساء وأكملها، ثم شرع في سورة آل عمران وأكملها[93]، وهو شاب.

وابن عباس الله تعالى طيبٌ يقبل طيباا
قام مع النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا ذات ليلة ورأى من تهجّده ما يطول.

والحاصل: أن الرسل مأمورون منهيون وأنهم أقوم الناس بعبادة الله عزّ وجل.

6- أنّ المؤمنين مأمورون منهيون

لقوله:
"وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرسَلِينَ"

وكلما كان الإنسان أقوى إيماناً كان أكثر امتثالاً لأمر الله عزّ وجل،

وإذا
رأيت من نفسك هبوطاً في امتثال الأوامر فاتّهمها بنقص الإيمان وصحح الوضع قبل أن يستشري هذا المرض فتعجز عن الاستقامة فيما بعد.

7- استعمال ما يشجع على العمل،

وجهه: قول النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا: "إِنَّ الله أَمَرَ المُؤمنينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرسَلِيْنَ"

فإذا علم المؤمن أن هذا من مأمورات المرسلين فإنه يتقوَّى ويتشجّع على الامتثال.

8- الأمر بالأكل من الطيبات للمؤمنين والمرسلين.

ويتفرّع على هذا فائدة: ذم من امتنع عن الطيبات بدون سبب شرعي،

فلو أن إنساناً بعد أن منَّ الله على الأمة بالغنى وأنواع الثمار والفواكه قال: أنا لن آكل هذه تورّعاً لا لعدم الرّغبة، فإنه قد أخطأ وعمله خلاف عمل السلف الصالح، لأن السلف الصالح لما فتحوا البلاد صاروا يأكلون ويشربون أكلاً وشرباً لايعرفونه في عهد النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا ،

فمن امتنع عن الطيبات بغير سبب شرعي فهو مذموم رادٌّ لمنّة الله عزّ وجل عليه، ومن المعلوم بالعقل أن ردّ منّة ذي المنّة إساءة أدب،

فلو أن رجلاً من الكرماء أهدى إليك هدية ورددتها فإن هذا يعتبر سوء خلق وأدب،

ولهذا كان النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا لا يرد الهدية[94] ، ولو كانت الهدية شيئاً قليلاً فإنه يقبلها ويثيب عليها.

والخلاصة: أن الامتناع عن الطيّبات لغير سبب شرعي مذموم.

9- أنه يجب شكر نعمة الله عزّ وجل بالعمل الصالح

لقوله تعالى: (كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً)(المؤمنون: الآية51)

وفي المؤمنين قال: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّه)(البقرة: الآية172)

ويتفرّع من الجمع بين الآيتين:
أن الشكر هو العمل الصالح،

لقول النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا: "إِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِيْنَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ"

والذي أمر به المرسلين شيئان:

الأول: الأكل من الطيبات .

والثاني: العمل الصالح.

فليس كل من قال:
الشكر لله، والحمد لله يكون شاكراً حتى يعمل صالحاً،

ولهذا قال بعض الفقهاء:
الشكر طاعة المنعم، أي القيام بطاعته، وهذا معنى قوله (وَاعْمَلُوا صَالِحاً) المؤمنون 51)

10- توجيه الأمر لمن هو متّصف به،

لقوله: وَاعْملُوا صَالِحَاً

فوجه الأمر بالعمل الصالح للمرسلين مع أنهم يعملون الصالحات ولا شك في ذلك،

وهذا كقوله تعالى لرسوله محمد : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ)(الأحزاب: الآية1)

وقوله: ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) [الأحزاب:37]

ففي هذه الآيات أمر الله رسوله الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا بالتقوى مع أنه الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا أتقى الناس لله عزّ وجل

والواحد منا
-ونحن مفرطون - إذا قيل له: اتق الله. انتفخ غضباً، ولو قيل له: الله يهديك، لقال: وما الذي أنا واقع فيه،

ورسول الله الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا يخاطبه ربه بقوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ) [الأحزاب:1].

فالرسل عليهم الصلاة والسلام مأمورون بالعمل الصالح وإن كانوا يعملونه تثبيتاً لهم على ماهم عليه ليستمرّوا عليه.

11-
تحريم الخبائث،

لقوله: (مِنْ الطَيِّبَاتِ)

وقوله في المؤمنين: (مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة:172].

لكن ماهو مدار الخبث:
أعلى ما يستخبثه الناس وكل إنسان بطبيعته أو أن نقول: الخبيث ما استخبثه الشرع.

والجواب: الخبيث ما استخبثه الشرع، لأنه لايمكن أن يرد هذا إلى عقول الناس، لأنه يفتح من الشر والخلاف ما هو معلوم،

ولنضرب لهذا مثالاً: بعض الناس يستقذر ويستخبث أكل الجراد. ومن الناس من يستخبث الضب، وهما حلال، وعلى هذا فالاستخباث ليس مرجعه للكراهة الطبيعية، لأن كل إنسان يكره ما لا يعتاد أكله.

وعلى هذا فالمرجع في كون الشيء طيباً أو خبيثاً إلى الشرع لا إلى أذواق الناس،

فبعض العرب كما قيل عنهم: يأكل كل ماهب ودب إلاالخنفساء أو شيءٍ مثل الخنفساء، والباقي كله يؤكل.

12- استبعاد إجابة آكل الحرام لو عمل من أسباب الإجابة ما عمل، لأن النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر....

وقال بعد ذلك
"أَنَّى يُسْتَجَابُ" لذلك وهذا استفهام استبعاد.

لكن هل هذا يعني أنه يستحيل أن يجاب؟

والجواب: لا، لأن الإنسان قد يستبعد شيئاً ولكن يقع، وإلا فإن النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا استبعد هذا تنفيراً عن أكل الحرام.

13- أن السفر من أسباب إجابة الدعاء،

وجه هذا: أنه وردت أحاديث في أن المسافر لاتردّ دعوته[95] ،

ثم إنّ ذِكْرَ الرسول الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا السفر يدل على أن للسفر تأثيراً في إجابة الدعاء، ولاسيما إذا أطال السفر وبعد عن الوطن فإن قلبه يكون أشد انكساراً ولجوءاً إلى الله عزّ وجل.

14- أن الشعث والغبرة من أسباب إجابة الدعاء. لكن هذا قد يرد عليه أن التورع عن المباحات بدون سبب شرعي مذموم،

فيقال المراد بالحديث: أن هذا الرجل يهتم بأمور الآخرة أكثر من اهتمامه بأمور الدنيا.

15- أن رفع اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة.

ويكون الرفع بأن
ترفع يديك تضم بعضهما إلى بعض على حذاء الثُّندُؤتين أي أعلى الصدر،

ودعاء الابتهال ترفع أكثر من هذا،

حتى إنّ
النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا في دعاء الاستسقاء رفع يديه كثيراً حتى ظن الظانّ أن ظهورهما نحو السماء من شدة الرفع، وكلما بالغت في الابتهال فبالغ في الرفع.

وهنا مسألة:
هل رفع اليدين مشروع في كل دعاء؟

الجواب:

هذا على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ما ورد فيه رفع اليدين .

والقسم الثاني:
ماورد فيه عدم الرفع.

والقسم الثالث:
مالم يرد فيه شيء.

فمثال القسم الأول:
إذا دعا الخطيب باستسقاء، أو استصحاء فإنه يرفع يديه والمأمومون كذلك،

لما رواه البخاري في حديث أنس الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا في قصّة الأعرابي الذي طلب من الرسول الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا في خطبة الجمعة أن يستسقي فرفع النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا يدعو ورفع الناس أيديهم معه يدعون[96]

ومما جاء في السنة رفع اليدين في القنوت في النوازل أو في الوتر. وكذلك رفع اليدين على الصفا وعلى المروة، وفي عرفة، وما أشبه ذلك فالأمر في هذا واضح.

الثاني: ماورد فيه عدم الرفع كالدعاء حال خطبة الجمعة في غير الاستسقاء والاستصحاء، فلو دعا الخطيب للمؤمنين والمؤمنات أو لنصر المجاهدين في خطبة الجمعة فإنه لايرفع يديه، ولو رفعهما لأنكر عليه،

ففي صحيح مسلم عن عمارة بن رؤيبة أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه فقال: "قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا ما يزيد أن يقول بيده هكذا. وأشار بإصبعه المسبحة"[97] ،

وكذلك رفع اليدين في دعاء الصلاة كالدعاء بين السجدتين، والدعاء بعد التشهّد الأخير ، وما أشبه ذلك، هذا أيضاً أمره ظاهر.

الثالث: ما لم يرد فيه الرفع ولا عدمه: فالأصل الرّفع لأنه من آداب الدعاء ومن أسباب الإجابة،

قال النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا "إِنَّ اللهَ حَيِيٌّ كَرِيْمٌ يَسْتَحْيِيْ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهَ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرَاً"[98].

لكن هناك أحوال قد يُرَجَّحُ فيها عدم الرّفع وإن لم يرد كالدعاء بين الخطبتين مثلاً، فهنا لا نعلم أن الصحابة كانوا يدعون فيرفعون أيديهم بين الخطبتين، فرفع اليدين في هذه الحال محلّ نظر، فمن رفع على أن الأصل في الدعاء رفع اليدين فلا يُنْكَرُ عليه، ومن لم يرفع بناءً على أن هذا ظاهر عمل الصحابة فلا ينكر عليه، فالأمر في هذا إن شاء الله واسع.

16- أن من أسباب إجابة الدعاء التوسل إلى الله تعالى بالربوبية

لقوله:
"يَا رَبّ يَا رَبّ"

وقد ورد في حديث: أن الإنسان إذا قال: يارب يارب يارب قال الله تعالى: ماذا تريد، أو كلمة نحوها، ثم استجاب له،

ولهذا تجد أكثر الأدعية الموجودة في القرآن مصدرة بـ: يارب.

ولما سمع بعض السلف داعياً يقول: ياسيدي،

فقال:
لاتقل ياسيدي، قل ما قالت الرسل: يارب .

وذلك لأنّ العدول عن الألفاظ الشرعية غلط؛ وإن كان الإنسان يجد أن ذلك أشد تعظيماً.

وهذه بليّة ابتُليَ بها كثير من الناس، تجدهم يأتون بأسجاع كثيرة من الأدعية لا زمام لها، وربما يكون بعضها محذوراً، ويعدلون عن الأدعية الشرعية، ولهذا أوصي بأن لا تعدلوا عن الأدعية الشرعية إلى غيرها،إلامن له حاجة خاصة، يريد أن يسأل ربه إياها، فهذا شيء آخر، لكن تأتي بأسجاع طويلة عريضة لاأصل لها ولا زمام ، فهذا خلاف ما ينبغي للإنسان إذا دعا الله عزّ وجل.

17- التحذير البالغ من أكل الحرام،

لأنّ أكل الحرام من أسباب ردّ الدعاء وإن توفرت أسباب الإجابة،

لقول النبي الله تعالى طيبٌ يقبل طيبا: "فَـَأنى يُسْتَجَابُ لذلك"

هذا مع أن
أكل الحرام - والعياذ بالله - سبب لانصراف الإنسان عن القيام بواجب الدين،

لأنّ البدن يكون متغذّياً على شيءٍ فاسد، والمتغذي على فاسد سيؤثر عليه هذا الغذاء.

[يا كعب بن عجرة ! إنه لا يربو لحم نبت من سحت ؛ إلا كانت النار أولى به

الراوي: كعب بن عجرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1729خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره ]
-------------------
الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
من شرح الأربعين النووية




كلمات البحث

شبكــة أنصــار آل محمــد ,شبكــة أنصــار ,آل محمــد ,منتدى أنصــار





Yk hggi juhgn 'dfR gh drfg Ygh 'dfh










عرض البوم صور دعوة الاسلام   رد مع اقتباس
قديم 23-10-14, 04:56 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
ALSHAMIKH
اللقب:
مــشـــرف عـــام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية ALSHAMIKH


البيانات
التسجيل: Sep 2011
العضوية: 5543
العمر: 44
المشاركات: 2,657 [+]
الجنس: ذكر
المذهب: موحد سني سلفي
بمعدل : 0.56 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 10
نقاط التقييم: 94
ALSHAMIKH سيصبح متميزا في وقت قريب

الإتصالات
الحالة:
ALSHAMIKH غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دعوة الاسلام المنتدى : باب علــم الحــديـث وشرحــه
افتراضي

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة










توقيع : ALSHAMIKH

يسرنا متابعتكم وتواصلكم عبر الحسابات التالية

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عرض البوم صور ALSHAMIKH   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(مشاهدة الكل عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 :
لا يوجد أعضاء

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share


الساعة الآن 11:17 PM

أقسام المنتدى

قســم إسلامنا تاريخٌ ومنهاج | بيت الكتاب والسنة | قســم موسوعة الصوتيات والمرئيات والبرامج | بيت الشكـاوي والإقتراحــات | بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة | قســم الموسوعـة الحواريـة | بيت الحــوار العقـائــدي | بيت الطـب البـديـل وطـب العـائلـة | بيت الأسـرة السعيــدة | قســم الدعم الخاص لقناة وصــال | بيت شبهات وردود | بيت التـاريـخ الإسلامي | بيت المهتدون إلى الإسلام ومنهج الحق | قســم موسوعة الأسرة المسلمـــة | وحــدة الرصــد والمتـابعــة | بيت الصوتيـات والمرئيـات العــام | بيت الصــــور | بيت الأرشيــف والمواضيــع المكــررة | بيت الترحيب بالأعضاء الجدد والمناسبات | بيت الجـوال والحـاسـب والبـرامـج المعـربـة | بيت المكتبـة الإسلاميـة | بيت الأحبـة فــي اللــه الطاقــم الإشـرافــي | بيت موسوعة طالب العلم | قســم الموسوعة الثقافية | البيــت العـــام | قســم دليل وتوثيق | بيت وثائق وبراهين | بيت القصـص والعبـــــــر | بيت الإدارة | بيت الصوتيـات والمرئيـات الخــاص | بيت المعتقد الإسماعيلي الباطني | بيت مختارات من غرف البالتوك لأهل السنة والجماعة | بيت الأحبـة فــي اللــه المراقبيـــــــن | بيت أهل السنه في إيران وفضح النشاط الصفوي | بيت المحــذوفــات | بيت ســؤال وجــواب | بيت أحداث العالم الإسلامي والحوار السياسـي | بيت فـرق وأديـان | باب علــم الحــديـث وشرحــه | بيت الحـــوار الحــــــــّر | وصــال للتواصل | بيت الشعـــر وأصنافـــه | باب أبـداعـات أعضـاء أنصـار الشعـريـة | باب المطبــخ | بيت الداعيـــات | بيت لمســــــــــــات | بيت الفـلاش وعـالـم التصميــم | قســم التـواصـي والتـواصـل | قســم الطــاقــــــــم الإداري | العضويات | بـاب الحــــج | بيـت المــواســم | بـاب التعليمـي | أخبــار قناة وصــال المعتمدة | بيت فـريـق الإنتـاج الإعـلامـي | بيت الـلـغـة العــربـيـة | مطبخ عمل شامل يخص سورية الحبيبة | باب تصاميم من إبداع أعضاء أنصـار آل محمد | بـاب البـرودكــاسـت | بيت تفسير وتعبير الرؤى والأحلام | ســؤال وجــواب بمــا يخــص شبهات الحديث وأهله | كلية اللغة العربية | باب نصح الإسماعيلية | باب غرفـة أبنـاء عائشـة أنصـار آل محمـد | بـيــت المـؤسـســيـــن | بـاب السيـرة النبـويـة | بـاب شهـــر رمضــان | تـراجــم علمـائـنـا |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant