الآن يزهو على راياتَك الشـرفُ =ويسقط البغي والعـدوان والصلـفُ
يا قاهرَ الكفرِ مهما ارتـدَّ صائلـهُ =لا الضيمَ ترضى ولا بالجرح تعترفُ
تألـق الشعـر ألحانـاً مرفرفـةً =لما رأى جندَك الأبطال قـد عزفـوا
يا أيها الشعر مهلاً فالعـراقُ لـهُ =من البطولاتِ شأنٌ فوقَ مـا تصـفُ
هو العراقُ عـراقَ الديـنِ ديدنـه =أن يجعلَ النصرَ ينبوعـاً ويرتَشـفُ
مضمارهُ النصرُ والإيمـانُ رائـدهُ =يكبـو ولكنـه فـي ساعـةٍ يـقـفُ
برجٌ من العزمِ لما مـاجَ ساحلُـه =سعت إليه شعـوب الأرض تغتـرفُ
يا قاهرَ الكفـرِ علِّمهـا بـأن لنـا =ديناً عـن الملـلِ العوجـاءِ يختلـفُ
وأننـا مـا غزانـا أمـةٌ ابــداً =إلا وغايتهـا الخـسـران والتـلـفُ
ترى الظباةَ التي فلّت إذا وضِعت =على ثرى الرافدين انتابهـا الرهـفُ
ولو ركزتَ القنا فيها وقـد ثُنيَـت =لقوّمتهـا فـلا أمــت ولا حـنـفُ
جحافلُ الرومِ غاصتْ في مخاضته =والأرض من تحتها للثـأر ترتجـفُ
جاءتك مغرورةً والبغي حافزُهـا =فأنـت منهـا بحـد النـار تنتصـفُ
عدلٌ من الله أن أغرى زعامتَهـم =فأرسلتهم لكي يشقـوا بمـا اقترفـوا
بغدادُ ما سقطت لكنهـا انحرفـت =واستدرجتهم فلا حلّوا ولا انصرفـوا
شدّوا حصاراً فشدّت عزمَها أبـداً =كي لا ينهنه مـن بأسائهـا التـرفُ
شوفت فاستعدت فاعتلـتْ شهبـاً =مثل العقاب الذي يهـوي وينعطـفُ
في لمحةٍ ما كأن الدهـر يطرفهـا =قام الرجاء وولـى الغـم والأسـفُ
ما سطرَ المجدُ للإبطـالِ ملحمـةً =فنحن في صفحتيـه اليـاء والألـفُ
سنا كما استسلمَ الألمانُ في هلـعٍ =ولا كما خضع الجابـان واعترفـوا
وما فيتنام؟ كان الشـرقُ يرفِدُهـا =وكان من خلفها الأحـلاف والخلـفُ
ونحن كالسيفِ نضواً لا قرابَ له =صدورنا حاسرات والوغـى وجـفُ
لا نلتقي ودروع الجبن تحرسهـم =إلا كما يلتقـي الجلمـود والخـزفُ
لونٌ من الحربِ فذٌ لا نضيرَ لـه =ماجت له الأرض وانهارت له السقفُ
كتائبُ الرومِ تقضي وهي حائـرةٌ =تمشي وقد دب في أوصالها النغـفُ
في كـل زاويـة قـرمٌ يباغتهـم =في كـل منعطـفٍ فـخٌ لـه شنـفُ
كم قائـد ودّ لـو ألقـى قلانسـه =وأنـه بلـبـاس الـعـار يلتـحـفُ
ما بين بغدادَ والفلوجـة انتصبـت =كبـرى الأخاديـد فالنيـران تلتهـفُ
لله جنـد إلـى الـزوراء مـأرزه =قصاصه العدل لا حيـف ولا جنـفُ
ضجت لتكبيره الأنبار فانتفضـت =وطار منها بغاث الغـدر وانقصفـوا
وحصن بعقوبة الأسـاد تحرسـه =لله ما أضرمـوا فيهـا ومـا نسفـوا
وأرض زنكي وقد شدت مشاعرها =للقدس والدمـع فـي آماقهـا يكـفُ
منها سينطلـق الإعصـار ثانيـة =يجتاح صهيـون لا يخبـو ولا يقـفُ
في كل يوم ترى الأرتال خاويـة =كما تناثر فـوق الشاطـئ الصـدفُ
وألف حوامة فـي الجـوِّ لاهثـة =لكي تنـاط بهـا الأشـلاء والجيـفُ
ويل العلوج التي ذابت جماجمهـا =كما تذوب على صخر اللظى النطفُ
لشمس لفحٌ كما للريـح زمجـرة =علـى الغـزاة وللأنهـار منعطـفُ
لا شيء في أرضك الشماء يقبلهم =إلا الحثالـة لا ديـنٌ ولا شــرفُ
لا يأنف الذل من خاست أرومتـه =وإن يكـن بيـن قـومٍ كلهـم أنـفُ
إن الدياثة فـي الأديـان منقصـة =عن الدياثة في الأعراض لو عرفـوا
يا بصرة الثغر ثوري غير هائبـة =فربمـا سلكـت آثــارك النـجـفُ
حق على كـل حـرٍّ أن يعلمهـم =أن الغـزاة غـزاة أينـمـا ثقـفـوا
يا حسرة الروم والأحلاف كلهـم =ألا يظنـون أن الزيـف منكـشـفُ
لا غرو أن كان خلق الإفك حجتهم =لكل قوم مـن الأخـلاق مـا ألفـوا
جـاءوا لإنقـاذ ليكـود وزمرتـه =لكنهـم دلسـوا بالـزور واعتسفـوا
من غيرهم أحرق الدنيا وأرهبهـا =بكل ما حـرم الإنجيـل والصحـفُ
كنهم طففـوا المكيـال غطرسـة =وغرهم سوءتـان الكبـر والسـرفُ
والله أنزلهم فـي أرض معمعـة =تغوص فيهـا صياصيهـم وتنخسـفُ
يا من تظنون أن الـروم صادقـة =إذا زحفنـا إليهـم غـارةً زحـفـوا
سلوا العراق فإن الوهـم مجبنـة =والروم أحلامها قد هدهـا الخـرفُ
لكننـا نحـن أوصـال ممزعـة =وكل حزب على أصنامهـم عكفـوا
فإن نشأ يجمـع الرحمـن رايتنـا =صفاً تلاصق فيـه الكعـب والكتـفُ