الوقفة السادسة: قال الأستاذ الكبيسي: "يا سيدي كل ما نعانيه الآن من معاوية!! وهذا يقال له سيدنا؟!!.... أنت إما أن تكونمع علي أو تكون مع معاوية!! اختر لك واحد منهم!! اللهم احشرني مع علي، وأنت إن شاءالله ألله يحشرك مع معاوية!!... الذي فرق الأمة واحد!! فعليكم أن تنتبهوا من هذاالواحد. أقول: أي جرأة أعظم من هذا ويعني ذلك أن معاوية في النار وعلي في الجنة وهو يدعو أن يحشره الله مع علي ومن خالفه يحشره مع معاوية!! قلت: حسبي الله ونعم الوكيل.كيف جزمت على معاوية أنه في النار؟ أسأل الله أن يحشرني مع معاوية وعلي ا، أما أنت فأسل الله أن يحشرك مع أعداء معاوية من الرافضة والقرامطة والنصيرية أعداء الملة والدين وأعداء صحابة الرسول الأمين. نعم ـ الخلاف وقع بالفعل بين علي ومعاوية ا لكنه لم يكن بسبب «الكرسي» يا أستاذ وإنما كان خلافاً على الأولويات. فعلي كان يرى أن الصوابإقامة الدولة واستتباب الأمن الذي فُقد في المدينة ثم بعد ذلك يقتص الخليفة من قتلةعثمان ، أما معاوية فكان يرى بالقصاص أولاً وبالتالي فهما لم يختلفاعلى القصاص من قتلة عثمان وإنما على توقيته ولم ينازع معاوية علياً مطلقاً علىالخلافة. فعن أبي مسلم الخولاني :" أنه دخل على معاوية فقال له : أنت تنازع علياً أأنت مثله ؟ فقال معاوية : لا والله إني لأعلم أن علياً أفضل وأحق ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوماً ؟ وأنا ابن عمه وأنا أطلب بدمه فأتوا علياً فقولوا له فليدفع إليّ قتلةَ عثمان وأُسلِّم له الأمور ،فَأَتوا عليا فكلموه فأبى عليهم ولم يدفع القتلة ". (وهذه الرواية إسنادها صحيح كما في تاريخ الإسلام للذهبي). وقال شيخ الإسلام : إن معاوية لم يَدّعِ الخلافة و لم يُبايَع له بها حتى قتل علي ، فلم يقاتل على أنه خليفة ، و لا أنه يستحقها ، وكان يقر بذلك لمن يسأله . مجموع الفتاوى ( 35/72). و أورد ابن كثير في البداية و النهاية (7/360) عن إبراهيم بن الحسين بن علي الهمداني الإمام الحافظ: بإسناد إلى أبي الدرداء و أبي أمامة ا ، أنهما دخلا على معاوية فقالا له : يا معاوية ! علام تقاتل هذا الرجل ؟ فوالله إنه أقدم منك و من أبيك إسلاماً ، و أقرب منك إلى رسول الله و أحق بهذا الأمر منك . فقال : أقاتله على دم عثمان ، و أنه آوى قتلة عثمان، فاذهبا إليه فقولا : فليقدنا من قتلة عثمان ثم أنا أول من أبايعه من أهل الشام. انظر : تاريخ دمشق (6/387) و سير أعلام النبلاء (13/184-192) و لسان الميزان لابن حجر (1/48). و يقول ابن حجر الهيتمي في الصواعق المُحرِقة ( ص 325) : "ومن اعتقاد أهل السنة والجماعة أن ما جرى بين معاوية و علي ا من الحرب ، لم يكن لمنازعة معاوية لعلي في الخلافة للإجماع على أحقيتها لعلي .. فلم تهج الفتنة بسببها ، و إنما هاجت بسبب أن معاوية و من معه طلبوا من علي تسليم قتلة عثمان إليهم لكون معاوية ابن عمه ، فامتنع علي . و هكذا تتظافر الروايات و تشير إلى أن معاوية خرج للمطالبة بدم عثمان ، وأنه صرح بدخوله في طاعة علي إذا أقيم الحد على قتلة عثمان،فأين أنت من هذه الأقوال الصحيحة الصريحة يا أستاذ أم إنه الهوى والجهل والعياذ بالله؟ يقول إمام الحرمين الجويني في لمع الأدلة : "إن معاوية و إن قاتل علياً فإنه لا ينكر إمامته ولايدعيها لنفسه، وإنما كان يطلب قتلة عثمان ظناً منه أنه مصيب، وكان مخطئاً".(ص 115). فهذا يؤكد على أن الخلاف بين علي ومعاوية هو في قتل عثمان جميعاً، وليس من أجل الخلافة ،كما يدعي الأستاذ الكبيسي كإدعاء الرافضة، والقضية اجتهادية ،فلم يقل معاوية إنه خليفة ولم ينازع عليا الخلافة أبداً . روى أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثني عباد بن موسى حدثنا علي بن ثابت الجزري عن سعيد بن أبي عروبة عن عمر بن عبد العزيز قال: ( رأيت رسول الله -- في المنام، وأبو بكر وعمر جالسان عنده، فسلمت عليه وجلست، فبينا أنا جالس إذ أتي بعلي ومعاوية، فأدخلا بيتًا وأجيف الباب وأنا أنظر، فما كان بأسرع من أن خرج علي وهو يقول: قُضي لي ورب الكعبة، ثم ما كان بأسرع من أن خرج معاوية وهو يقول: غُفر لي ورب الكعبة ). وكتبه: أبو أحمد الكردي/ المشرف العام على موقع الرؤيا/ www.r2ya.com