عبادة الصوفية
ذلك هو التصوف العملي
في شعيرتيه الزهد والذكر،
فما العبادة فيه ؟
أهي تلك الركعات،
أو السجدات
التي لا يقر فيها قلب،
ولا جسد،
ولا تسلم فيها لله خاطرة واحدة،
ولا يخشع شعور،
ولا يضرع دعاء ؟
فإنما هي لأصنام القبور
سجود وتسابيح،
ولجلاميدها الصم عبودية،
تطفح بالخشية منها،
والتقوى لها،
واللِّياذ بها،
والذهول المستغرق إلا عنها !
ألا ترى مساجد الله خراباً،
ومعابد القبور،
تمور بالحشود المحشودة فيها
من كل صَوْبٍ وحَدَب ؟
ألا ترى مساجد الله
التي طهرها الله من أوثان الأضرحة،
خاويةً على عروشها،
أما المعابد
التي جثم على صدرها قبرُ ميت،
وثوت فيها رِمَّـتُه ،
أو وَهْـمُه ،
فتضيق
– على رحابها الفِساح –
بالآمِّين لها
رجاء بركات القبر،
والرِّمَّة البالية،
أو الوهم الخرافي
المشيد عليه القبر،
أو العظام المنوعة من حيوانات شتى؛
لتنصَبَّ النذور على السَّدَنَة ؟!
ألا ترى تلك المعابد
ينفق على فرشها وإضاءتها وتبخيرها الألوفُ ؟!
أما مساجد الله
فتترك للغربان تسلح عليها،
وللبوم ينعب فيها !.
ما عبادة الصوفية ؟
أهي تلك النذور
يحفِدون بها إلى الجيف ؟
أهي هذا السجود
على عتبات الأصنام
دوخها وطء النعال ؟!
أهي هذا التقبيل الملهوف العاشق
لأحجار الأوثان
رجاء سَلْسَبيل رحمة منها ومغفرة ؟
أهي هذا التوسل إلى الله
بعظام نـَخِرة ،
وصَفْوان أملس،
وخشب عافه السوس
من طول ما طَعِمَ منه ؟
أهي هذا الدعاء العريض
بالهامدين في القبور ،
ينشدون منهم مَدَد الحياة ،
وروح الخلود ؟
أهي تلك الأوراد (1) الشِّرْكِيَّة
ينعق بها الصوفية
تحت سجوات ليلهم المعربد،
وشفوف السَّحَر الراقص،
في هياكل الطواغيت ؟!
أهي هذا الحلف بالقبور
والهامدين فيها،
وجعل الحلف بالله
عرضة للفرار من ذنب،
أو جريرة ؟!
ذلك هو الجانب العملي من التصوف
في ذكره وزهده وعبادته،
أتراه يصلح لهداية الإنسانية،
وقيادتها إلى مُثُلها العليا ؟
أم تراه يفتك بها فتك السُل الدفين
بالصدر الرقيق الحزين ؟!
أما جانبه النظري،
فقد دانوا فيه كما بَيَّنتُ لك
بأن العبد عين الرب،
وبأن الشرك عين التوحيد ،
ذلك هو التصوف بنوعيه،
إن شئت أن تجعله نوعين !
فهل تراه يودي بالمسلمين
إلا إلى التهلكة
بعد أن يحيلهم من عبادٍ للرحمن
إلى عَبَدَةٍ للطاغوت ؟
من أمة قوية عزيزة كريمة
موحدة الغايات والمبادئ
إلى أشتات واهنة،
وأشباح هزيلة مستضعفة،
تضرب بها الوثنية في متاهات الباطل،
ويقضي عليها الوهن والذل والصغار،
فتصبح المطايا الذُلُل للاستعمار،
وأحلاف الضِعة،
والمهانة والاستكانة ؟!
*****************
( 1 ) لكل طريقة ورد خاص بها تفضله على جميع الأوراد الأخرى،
بل تفضله على القرآن،
قال طاغوت التيجانية:
"وسألته عن صلاة الفاتح،
فأخبرني أولاً بأن المرة الواحدة منها تعدل من القرآن ست مرات،
ثم أخبرني ثانياً أن المرة الواحدة منها تعدل من كل تسبيح وقع في الكون،
ومن كل ذكر، ومن كل دعاء كبير أو صغير،
ومن القرآن ستة آلاف مرة"
ص 103 جـ 1 جواهر المعاني لابن حرازم التيجاني طريقة.
فتدبر كيف تجاهد الصوفية
في سبيل صرف المسلمين عن كتاب الله !!