دعوة الصوفية الأخلاقية
يزعم بعض الكاتبين أن الصوفية دعوة أخلاقية مثالية،
ويستشهد لذلك بما يلمحه في كتبهم
من دعوة إلى الأخلاق الفاضلة،
وبما يفتنه من روعة الجمال
في البيان الأدبي عن تلك الدعوة،
وعلى ما في هذا الزعم الغافل
من غضون سود من الكذب،
وتجاعيد كابية من الباطل،
فإني أقول:
إن الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة
كَمٌّ مشترك بين الأديان جميعها،
سواء منها ما نزل به وحي من الله،
أو ما افترته الأهواء،
وأفكته الأساطير،
فتش في كتب البوذية والبرهمية،
والزرادشتية والمانوية
والغنوصية وإخوان الصفا،
بل فتش حتى في كتب اليهود الوَضْعِيَّة،
وفي كتب أيَّة نحلة ( 1 ) ضالة،
تجد دعوة تلتهب حماسة إلى التسامي بالخلق،
وإلى تحقيق مُثُله العليا،
فليست الصوفية – إن صدقنا زعمها –
بِدْعًا في زعومها،
وإنما هي كغيرها من الدعوات الضالة،
شَرٌّ ينافق بأنه : بِرُّ الخير،
ورذيلة ترائي بأنها: روح الفضيلة،
وكفر يختال بأنه: إيمان النبوة،
فليست الدعوة الخلقية هي الفيصل بين دين ودين،
أو دعوة ودعوة
– فإنها في كل دعوة، وفي كل دين –
وإنما الفيصل بين الأديان والدعوات،
وكونها حقاً أو باطلاً،
خيراً أو شراً
هو العقيدة التي تنبعث عنها
هذه الدعوة الخُلُقيَّةُ،
أو الباعث الذي يكمن وراء السلوك،
والغاية التي توجهه إلى هدفه،
وترْجي منه.
وقد ذكرت لك دين الصوفية،
أو عقيدتها،
فهل تجدها حقاً ؟
وهل نعتبر ما تدعو إليه من المُثُل الأخلاقية خيراً،
وإن كانت رائعة البيان فاتنة الصُّوَر،
خَيِّرة المظهر؟
وهل نعتبر ما ينبعث عنها من عمل
خيراً في ذاته،
كبِرِّ يتيم،
أو جهادٍ في سبيل
مَثَل أعلى يعطف الإعجاب،
ويُلهم الفِدائيَّة؟
كلا.
فالله يقوله لنبيه :
( لئن أشركتَ
لَيَحْبَطَنَّ عملُك
وَلَتكُونَنَ من الخاسرين )
وإن كان عمله خيراً نبيلاً في أعراف السُّلُوكِيِّين.
هذا؛ لأن الباعث، أو النية،
أو العقيدة التي ينبعث عنها هذا العمل،
ليست حقاً ولا خيراً،
فكل ما ينتج عنها من سلوك،
فهو مثلها باطل وشر.
ألم تر إلى هذا البطل العربي
الذي قاتل مع أصحاب النبي
قتالاً ليس كمثله قتال
في الصبر والجِلاد
والبطولة التي تكافح الموت.
لقد قال عنه رسول الله :
إنه في النار ؟!
هذا؛
لأنه قاتل حَمِيَّة،
لا في سبيل الله،
أو بمعنى آخر:
لم تكن لديه العقيدة الخالصة
التي تجعل من هذا القتال خيراً،
أو عملاً صالحاً عند الله ثوابه.
وعقيدة الصوفية
إيمان برب يتجسد بذاته في حجر أو جيفة،
فغاية الصوفي من عمله
هو رضوان الإله المتجسد
في الحجر أو الجيفة،
وباعثه على العمل
حب الحجر أو الجيفة!.
أما عمل المسلم،
ودعوة المسلم الخلقية،
وجهاد المسلم،
فوراء هذا كله عقيدة خالصة،
تُوَحِّد الله توحيداً خالصاً
في ربوبيته وإلهيته،
ويوجه ذلك كله غاية سامية مُطَهَّرة،
هي رضوان الله وحده.
*****************
( 1 ) فالبهائية مثلاً تزعم أنها تؤمن بكل الكتب السماوية، كالتوراة والإنجيل والقرآن،
وتسجل هذا في كتبها، وتزعم أنها تدعو إلى السلام العالمي، والإخاء البشري العام،
فهل نحكم بأنها نحلة مؤمنة مسلمة؟ كلا.
فإنها تدين برب تجسد في سيدها ميرزا حسين علي.
والصوفية شر منها في معتقداتها الباطلة