البيــت العـــام للمواضيع التي ليس لها قسم محدد |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
12-06-11, 02:11 PM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
البيــت العـــام
كتبه : حسن بن ناصر الأسلمي . ما عزَّ سلطان أمة من الأمم إلا بعزِّ علمائها و لا ذلَّ سلطان أمة من الأمم إلا بذلِّ علمائها إذلال العلماء ، وإهانتهم ، والجرأة عليهم ، أول معاول هدم السلطان ، وأول إهانة الملك وسقوطه. إذا أهين العلماء ، أهينت الممالك ، وإذا اجترئ على العلماء تسلط الغوغاء والرعاع على الملك .. أخبرتنا سنن الله في الملوك والممالك بالعديد من الأخبار ، والحكايات في هذا الشأن . كان الإمام المنذر بن سعيد البلوطي من أشهر علماء الأندلس ، وأشدهم أمراً بالمعروف ونهيا عن المنكر لم يكن يخف في الله لومة لائم .. أول شهرته كانت في حفل عظيم أقامه الملك عبدالرحمن الناصر لأحد رسل ملك الروم ، كان الحفل عظيماً جداً ، توافدت فيه أعداد عظيمة من الجماهير والحشود الغفيرة ، وكان استعراضاً عسكرياً ، وثقافياً ، وخطابياً . ولما جاء دور الخطيب ليلقي خطبته أمام الخليفة وأمام سفير الروم بين هذه الحشود العظيمة ، ارتجَّ على الخطيب وكان من أخطب خطباء الأندلس وأفصحهم ، وأبلغهم ، لكنه ارتج عليه وتلعثم ، ووقف على المنبر صامتاً لا ينبس ببنت شفه ، ولما طال وقوفه ، وطال انتظار الناس انبرى من بين الصفوف رجل غير معروف ، فتسلل حتى وقف على المنبر وارتجل خطبة عظيمة ما سمع الناس بمثلها ، هتفت له الجموع ، وتهلل وجه الخليفة ، وانفرجت أساريره ، ودهش السفير الرومي من هذا الموقف العظيم .. وكان هذا الرجل هو المنذر بن سعيد البلوطي . قال صاحب كتاب نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب : المنذر بن سعيد البلوطي، قاضي الجماعة بقرطبة، كان عالما فقيها، وأديبا بليغا، وخطيبا مصقعا، متكلما بالحق، متبينا بالصدق، له كتب مؤلفة في السنة والقرآن والورع والرد على أهل الاهواء والبدع، وله اليوم المشهور الذي ملا فيه الاسماع، وبهر القلوب بخطبته البليغة التي ارتجلها بين يدي الناصر في ذلك الجمع الحاشد المهيب، الذي أعده لاستقبال رسول ملك الروم، فأعجب به الناصر أيما إعجاب، فقال لابنه: والله لقد أحسن ما شاء، ولئن أخرني الله بعد لارفعن من ذكره، فضع يدك عليه، واستخلصه، وذكرني بشأنه، فما للصنيعة مذهب عنه، ثم ولاه الصلاة والخطابة في المسجد الجامع بالزهراء، " نفح الطيب " 1 / 366. 374. تأمل قول الخليفة : والله لئن أخرني الله لأرفعن من ذكره . هذه هي عظمة السلطان في صناعة الرجال . وأي رجال !! إنهم العلماء أئمة الناس ... لقد كان الملك الناصر من أعظم ملوك الإسلام قاطبة .. بنى قرطبة والزهراء ، وشيد المعالم الإسلامية التي لا تزال آثارها إلى اليوم شاهدة على قوة الممالك وعظمة السلطان الذي أركع ملوك ليون وقشتالة وفرنسا ... بل وأوروبا كلها .. لما شرع الملك الناصر في بناء مدينة الزهراء ، صلى إحدى الجمع في الجامع الكبير بقرطبة : فقام المنذر بن سعيد البلوطي خطيباً : فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال للخليفة ( أتبنون بكل ريع آية تعبثون .. ووتخذون مصانع لعلكم تخلدون .. وإذا بطشتم بطشتم جبارين .. فاتقوا الله ..) وقال أيضاً : ( لا ألفينك تقول : سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين .. إن هذا إلا خلق الأولين ..) خرج الخليفة من الجامع وعاد إلى قصره وهو في أشد الغضب على المنذر بن سعيد ، وقد رأى ابنه الحكم ( ولي العهد ) هذا الغضب ، فقال : ما هذا يا أمير المؤمنين ؟ قال : أما سمعت ما قاله المنذر في خطبته ، وتشهيره بنا ؟ قال الحكم : اعزله عن الخطابة يا أمير المؤمنين ؟ ( تأمل هذا الاقتراح لم يقل أبعث له رجال المباحث وقوات الطوارئ الخاصة وأودعه السجن لا ، بل غاية ما في الأمر العزل ) لكن الخليفة غضب وصرخ في وجه ابنه وقال: أمثل المنذر يعزل لا أم لك ؟ لا والله لا أعزله وليبقين ما دمت حياً كريماً مرفوع الرأس ، لكن والله لا أصلي الجمعة معه أبداً ، فكان الخليفة بعد ذلك يركب كل جمعة مسافة طويلة ليصلي في جامع خارج قرطبة .. ثم كفَّر عن يمينه وعاد إلى الصلاة مع المنذر .. وكفر عن إسرافه في الأموال التي بنى بها الزهراء وافتدى كل أسرى المسلمين حتى لم يبق في الأندلس أسير يفتدى .. وفي سنة من السنين أجدبت الأندلس ، وأقحلت الأرض ، وجفت الآبار ، وأنحسرت الأنهار ، وهلك الناس من العطش . فأراد الخليفة أن يستسقي بالناس ، فأرسل رسوله إلى المنذر بن سعيد يأمره بإقامة صلاة الاستسقاء .. فلما جاءه الرسول قال : ارجع إلى الخليفة وقل له ، لا والله لا أخرج للاستسقاء ، وأنت بين جواريك وقيانك وعلى لهوك ولعبك .. فقال له الرسول : والله لقد خرجت من عند الخليفة وقد جثى على ركبتيه ، ووضع التراب على رأسه ، ورفع يديه إلى السماء ، ودموعه على وجنتيه يقول : الله ارحم ضعفنا .. قال المنذر : إذن الآن أخرج ، فخرج حتى وقف على المنبر فلما رأى جموع الناس ، أطرق برأسه و بكى ولم يتكلم بشيء ، ثم رفع رأسه وقال : أيها الناس ( كتب ربكم على نفسه الرحمه أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ) فما تفرق الناس من اجتماعهم إلا والسماء تصب عليهم كأفواه القرب فأغيثوا غيثاً عظيماً .. وكان الخطباء بعد وفاة المنذر بن سعيد لا يخرجون إلى المصلى إلا ومعهم الشرط والأعوان ، لأنهم كانوا إذا استسقوا فلم يمطروا رموهم الناس بالحجارة .. ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله أن أحد قضاة بني العباس اختصم عنده مولى من موالي الخليفة ورجل من عامة المسلمين فلما حضروا المجلس بين يدي القاضي ترفع مولى الخليفة في المجلس ( وكان موالي الخليفة بمثابة الأمراء والوزراء ) فأمره القاضي أن يجلس مع خصمه ولا يترفع عليه فأبى وامتنع . فنادى القاضي حاجبه وقال : إذهب إلى السوق وأتني بكبير النخاسين حتى أبيع هذا العبد ( و النخاس هو تاجر الرقيق الذي يبيع العبيد ) فتأدب المولى وجلس إلى خصمه ، ولما فرغ من مجلس القاضي رجع إلى الخليفة وهو يبكي ، فقال له الخليفة : مالك يا فلان ؟ قال المولى : إن الخليفة أراد آنفاً أن يبيعني في سوق النخاسين . قال الخليفة : والله لو باعك لأجزت بيعه ، ويحك ! إن القاضي عمود السلطان وأمان الله في الأرض .. هكذا كان السلاطين يجلون علماءهم ويعرفون قدرهم ومكانتهم ، وأثرهم على البلاد والعباد .. ووالله ثم والله ما للمسلمين عزة إذا ذل علماؤهم ... ليت شعري : أولئك الذين يتعمدون الإساءة إلى العلماء وتشويه صورتهم وإذلالهم هل قرؤوا التاريخ ؟ هل علموا هذه السنن العظيمة التي تتكرر كل حين ؟ هل أرادوا خيرا للبلاد والعباد ؟ وأولئك المسؤولون في الصحف والمنتديات والمواقع الذين جرؤوا العامة والغوغاء على الوقيعة في أعراض العلماء أئمة الدين ، أما علموا أن وساءلهم هذه ستكون معول هدم للبلاد إذا مست هذا الركن الركين والأساس المتين .. المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد icghx il uglhx hgsgh'dk
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
|
|