بـاب السيـرة النبـويـة يختص بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومأثره والدفاع عنه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]() ![]() مقدمة في الشمائل النبوية ![]() كم يهنأ الفكر، ويبتهج القلب، وتتسابق الكلمات شوقاً للحديث عن أعظم شخصية تألّقت فيها أزكى الفضائل، واتسقت فيها أبهى الشمائل، وأشرف المحامد، لتكون محمد بن عبد الله - ![]() أتى الدنيا فابتهج الكون سروراً بقدومه، وأضاءت الآفاق نوراً بميلاده، وتبسم ثغر الزمان فرحاً ببعثته،،، غَمَرَ الأرضَ بأنوارِ النُّبوّة ... (مرسلٌ) لمْ تُدركِ الشَّمسُ عُلُوّهْ لم يَكَدْ يلمعُ حتى أصبحتْ ... تَرقُبُ الدنيا ومَنْ فيها دُنُوّهْ(1) محمد - ![]() محمد - ![]() ثم شهد له في كتابه الحكيم بسمو أدبه، ودماثة خلقه، بقوله: ((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ))(4). فكانت شمائله العطرة، ومآثره المجيدة ترجمة عملية لآداب القرآن ،وأخلاق الإسلام التي ما فتئ يدعو إليها منذ انهمرت عليه آيات التنزيل الحكيم، وخاطبه ربه تبارك وتعالى بما شرفه من مقام النبوة؛ ليؤدي مهام البشارة والنذارة للرسالة الخاتمة، والدين القيم إلى الناس كافة: ((يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا))(5)، وقال: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا))(6). لقد فاضت أنوار الإيمان على يديه، فشقّ عباب الكفر والفساد بما أفاء الله عليه من الهداية والرشاد، فاهتدى بها الناجون، وذاقوا حلاوة التوحيد والإيمان بعد ضنك الكفر والعصيان، وحرّر قلوبهم من الخضوع للأحجار والأوثان إلى تقديس الملك الرحمن، وأعتق نفوسهم من جور العباد إلى فضل الكريم الجواد. ونال بعد رحلة الدعوة إلى الله المليئة بالتضحية والصبر والجهاد شرف الكرامة الإلهية بالتفضيل على سائر الأنبياء وبني آدم ؛ كما روى أبو سعيد - ![]() ![]() ألا ما أحرانا أن نتفيّأ في ظلال شخصيته المعجزة، بما فيها من الخصال الفريدة، والخلال الحميدة، ما يروي ظمأ حبنا له - ![]() وستتشرف هذه الزاوية بإطلالة مشرقة على طائفة من الشمائل المحمدية الخَلقية والخُلقية، عبر سلسلة من الحلقات، في ضوء المنهج العلمي في العزو، والتخريج، والتحقيق، سائلة الله تعالى أن ينفع بها، ويهدينا إلى مرضاته، ويرزقنا الجنة، ووالدينا، وأزواجنا، وذرياتنا، وجميع المسلمين. تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم (1) الشاعر: إلياس فرحات. (2) سورة الأنبياء: (107). (3) سورة الأحزاب الآية:21. (4) سورة القلم:4 (5) الأحزاب:45-47. (6) سبأ: 28. (7) رواه ابن ماجه (4308) وصححه الألباني. كلامه - ![]() ![]() عن عائشة - ![]() ![]() عن أنس بن مالك قال:" كان رسول الله - ![]() تطالعنا كتب السنة الشريفة بما روي عن النبي - ![]() لقد أوتي جوامع الكلم، وبدائع الحكم، وبلاغة القول، بما جمع له - ![]() وكان الصحابة - ![]() ![]() وهذا الحكم الذي نقلوه عنه ذو دلالات عظيمة منها: أنهم- ![]() ![]() ![]() أنهم لم يحكموا على خطبه أو مواعظه أو نصائحه على حدة في ساعة مؤقتة، أو فترة محددة، فربما نمّقها، وأولاها عنايته واهتمامه، ولكنه وصف عام دائم لا ينفك عن منطقه، ولا يتخلف عن قوله، على سائر أحواله من إقامة وسفر، وجهاد ودعوة، مذ كَرَّمَهُ ربه تبارك وتعالى بآياته، واختاره لختم رسالاته. منطقه البهيّ، وحديثه النديّ مكّن أصحابه - ![]() ![]() كما أن أسلوبه الحديثي الخاص يكشف لمن اعتاد سماعه ما ألصق به من الروايات الباطلة، والأحاديث الموضوعة، وتمييز الصحيح من السقيم، بما تنفر أسماعهم منه لركاكته، وضعف بنائه، وسخف مراده. أحب الصحابة - ![]() ![]() ويأتي دورنا في الاقتداء به في دروسنا ومواعظنا وحياتنا كلها؛ لنتعلم منه فنّ الحديث الطيّب المحبّب، والأسلوب الجذّاب المهذّب، والحوار البناء، والجواب العلمي المقنع، والإنصات الحكيم، وغيرها من فنون الكلام المستفادة من سنته - ![]() في نفي عائشة - ![]() ![]() ![]() ( مئنة ) أي علامة. تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم (1) - سنن أبي داود ( 4839) و الشمائل النبوية ( 223) قال الألباني: صحيح. (2) - سنن الترمذي (3640 ) قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب إنما نعرفه من حديث عبد الله بن المثنى. (3) - صحيح البخاري (16). (4) - سنن الترمذي (2506) وقال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب . (5) - صحيح مسلم (869 ). هيئة جلسته، واتكائه، ومشيته ![]() ![]() عن قيلة بنت مخرمة - ![]() ![]() ![]() موسى: المتخشع في الجلسة أرعدت من الفرق"(1). ومعنى القرفصاء: هي جلسة المحتبي بيديه، بأن يجلس على إلييه، ويلصق فخذه ببطنه، ويضع يده على ساقيه كما يحتبي بالثوب(2). وعن عمر بن الخطاب ![]() ![]() ![]() وعن أبي هريرة ![]() ![]() ![]() تحدثنا آفاق هذه الصور المعبرة عن خلق عظيم ظهرت ملامحه على هيئة النبي - ![]() ![]() و تكبر قيمة هذا الخلق ويعظم أثره عندما يصدر من رجل عظيم، له من الشرف والسؤدد ما لا يبلغه أحد من أمته، إنه شرف لا يحاز بمنصب كبير، ولا بشهادات عليا، كلا ولا بقناطير الذهب والفضة... هو فوق ذلك ولا ريب! إنه شرف الاصطفاء الرباني، والنبوة الخاتمة التي اختار صاحبها أن يكون عبداً رسولاً على أن يكون ملكاً رسولا!! عبداً...يجلس كما يجلس العبيد جلسة الخشوع، ويضطجع ضجيعة التواضع، فتكسوه هيبة وجلالاً، وتربو به قدراً وكمالاً، تؤثر الرمال على جسده الشريف فلا يتّقيها إلا بحصير حقير، لا فراش عليه ولا بساط!! متّكئاً على وسادة زهيدة من جلد محشوة ليفاً!! يا لخشونة هذا المتاع القليل! ويا للين هذا الرسول الكريم الذي يتلقى تلك المرأة المسكينة المرتجفة فزعاً من مهابته وهو قاعد القرفصاء، فيقول لها الحبيب ![]() لا يأنف مجالسة الفقراء، بل هم أحظى الناس بقربه، يقعد بينهم حيث انتهى به المجلس. ويمشي ![]() و لا تخلو حركاته من أمر بات سمة لازمة له، ألا وهو ذكر الله تبارك وتعالى، فكان يذكر ربه على كل أحواله، ويختم مجالسه بتسبيحه واستغفاره، وعند نومه بدعائه ومناجاته، ومسيره بتكبيره وتهليله، فيخشع القلب، وتخضع الجوارح، مصداقاً لقوله تعالى: ((إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ))(6). تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم (1) - سنن أبي داود (4847)، والحديث بمجموع طرقه وشواهده :حسن لغيره. (2) - المواهب المحمدية (1/317). (3) - صحيح البخاري ( 4895 ). (4) - صحيح ابن حبان (6309) . (5) - المعجم الكبير للطبراني ( 25/9)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/12) : رجاله ثقات . (6) - سورة الأنبياء: (90).
sgsgm hgsdvm ,hgalhzg hgkf,dm
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]()
صفة شعره، وشيبه، وترجله - ![]() ![]() ![]() وها هي ذي مدونات السير، ومصنفات السنن تتباهى بجملة من أوصافه الجسدية المتكاملة المعبرة، تنقشها على لوحة الزمان، وتبعثها لخواطر قلب عَمَّرَهُ الإيمان، ونأى به الزمان؛ ليسعد بوصفه الفؤاد، إن حرمت من رؤيته العينان. عن أم المؤمنين عائشة - ![]() ![]() والجمّةُ: ما سقط على المنكبين، والوفرة: ما وصل إلى شحمة الأذن، وهذا يدل على أن شعره - ![]() وهذا التصوير اللطيف، والتعبير العفيف من كمال الأدب النبوي الذي تعلمته أم المؤمنين عائشة - ![]() ![]() وعن بن عباس - ![]() ![]() ![]() ![]() ومعنى يسدل شعره: يرسل شعر ناصيته حول الرأس، ويرخيه على جبينه من غير أن يقسمه إلى قسمين. موافقةً لأهل الكتاب حين كان عبدة الأوثان كثيرين، وإنما آثر محبة ما فعله أهل الكتاب على فعل المشركين لتمسك أولئك ببقايا شرائع الرسل، وهؤلاء وثنيون لا مستند لهم إلا ما وجدوا عليه آباءهم، وقد حرص النبي - ![]() قال القرطبي - رحمه الله-: حبه - ![]() وعن عبد الله بن مغفل قال: "نهى رسول الله - ![]() والمراد: النهي عن دوام تسريح الشعر وتدهينه، ليفعل يوما ويترك يوما؛ لأن المواظبة تشعر بشدة الإمعان في الزينة والترفّه، وذلك شأن النساء، ولهذا قال ابن العربي - رحمه الله-: موالاته تصنّع، وتركه تدنّس، وإغبابه سنّة. وعن أبي بكر - ![]() وحكمة السؤال: أن مزاجه اعتدلت فيه الطبائع، واعتدالها يستلزم عدم الشيب، وهذا لا ينافي حديث أنس أنه لم يبلغ الشيب؛ لأن الروايات الصحيحة صريحة في أن ظهور البياض في رأسه ولحيته لم يكثر، فيحكم عليه بالشيب بسببه. وجوابه البليغ بإسناد السبب إلى السور، والمؤثر هو الله تبارك وتعالى، من حسن الأدب مع الرب – سبحانه- فالخير كله بيديه، والشر ليس إليه، ولربط المقادير بالأسباب الحقيقية، وذكر هوداً وأخواتها لاشتمالها على بيان أحوال السعداء والأشقياء، وأحوال يوم القيامة، والأمر بالاستقامة له ولأمته، ونحوه مما يوجب استيلاء سلطان الخوف، لاسيما على أمته؛ لعظيم رأفته بهم ورحمته، وتتابع الغم فيما يصيبهم، واشتغال قلبه وبدنه، وإعمال خاطره فيما فعل بالأمم الماضية، وذلك كله يستلزم ضعف الحرارة الطبيعية، وبضعفها يسرع الشيب، ويظهر قبل أوانه. و لما كان عند النبي - ![]() ووجه تقديم سورة هود هو أمره بالاستقامة، قال تعالى ![]() تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم ![]() (2) - صحيح البخاري ( 3365). (3) - ينظر: المواهب المحمدية (1/150). (4) - متفق عليه: رواه البخاري (3275)، ومسلم (2103) من حديث أبي هريرة. (5) - رواه الترمذي في سننه (1756)، وقال : هذا حديث حسن صحيح. (6) - رواه الترمذي في سننه (3297)، وقال : حديث غريب وقال الحاكم : صحيح ووافقه الذهبي، وقال البوصيري في الإتحاف (2/171): رواته ثقات. (7) - المواهب المحمدية (1/150). ما جاء في صورة خلقته - ![]() ![]() ![]() ![]() وعن علي- ![]() ![]() وعن جابر بن سمرة - ![]() ![]() عن جابر بن سمرة - ![]() ![]() ![]() النفوس المحبّة تتوق إلى ملاقاة محبوبها؛ لتنعم العين برؤيته، ويأنس الفؤاد بقربه ومودته، ويبلغ الشوق غايته، والحب ذروته، عندما يكون المراد هو قرة عيون المؤمنين، خاتم النبيين والمرسلين، محمد - ![]() طيف تجلّى نوره ساطعاً * حتّى رأته مقلة الهائم(5) ![]() وبعد... فهذا الخلق الفائق في الحسن والتناسق، المبدع في التصوير، المخرج في أحسن تقويم، كالقمر المنير في أديم السماء يتلألأ إشراقا وبهاءً، أراده الخلّاق الحكيم – سبحانه- ليكتمل به إعداد الشخصية النبوية المكلّفة بأعباء الرسالة العالمية، فيكون حسن مظهره سبباً لائتلاف القلوب عليه، وميلها إليه؛ فإن النفوس فطرت على حب الجميل تنساق له طواعية، وما جمال ظاهره بأحسن من كمال باطنه، وطهارة سيرته، وطيب حياته كلها - ![]() أكرمْ بخَلْق نبيّ زانه خُلـُـقٌ، بالحسن مشتملٍ، بالبشر متَّسـمِ، كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ والبحر في كرمٍ، والدهر في هِمَمِ، كأنه وهو فردٌ من جلالتــه في عسكرٍ حين تلقاه وفي حشـمِ كأنما اللؤلؤ المكنون في صدفٍ، من معْدِنَي منطقٍ منه مُبْتَســم، لا طيبَ يعدلُ تُرباً ضم أعظُمَـــهُ طوبى لمنتشقٍ منه وملتثــم(6) تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم (2) - ،جامع الترمذي ( 3637) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح ، وقال الألباني :صحيح . (3) - جامع الترمذي (3647)و قال أبو عيسى :هذا حديث حسن صحيح ، وقال الألباني : صحيح . (4) - جامع الترمذي (2811) قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب . (5) - تزيين الأسواق بمصارع العشاق (2/418) . (6) - بردة البوصيري. ضحكه، ومزاحه - ![]() ![]() ![]() ![]() وعن أبي ذر- ![]() ![]() ![]() عن أبي هريرة - ![]() البسمة آية من آيات الله تعالى، ونعمة ربانية عظيمة، إنها سحر حلال تنبثق من القلب، وترتسم على الشفاه فتنثر عبير المودة، وتنشر نسائم المحبة، وتستلّ عقد الضغينة والبغضاءً لتحل ّالألفة والإخاء، وكما قال ابن عيينة -رحمه الله -: البشاشة مصيدة القلوب. وأوصى ابن عمر- ![]() بنيّ إن البر شيء هيّن ** وجه طليق وكلام ليّن لقد أرسى الحبيب محمد - ![]() فكان - ![]() لقد كانت تبسمه لأهله وأصحابه بذرا طيبا آتى أكله ضعفين، خيراً في الدنيا، وأجراً في الآخرة . أما الخيرية العاجلة ؛ فانشراح القلب، وراحة الضمير، ومنافع صحية أخرى أثبتها الأطباء على البدن، ويتبعها مصالح اجتماعية وشرعية من تأليف القلوب وربطها بحبل المودة المتين، وترغيبها لحب الدين ، فالبسمة بريد عاجل إلى الناس كافة، لا تكلفنا مؤنا مالية، أو متاعب جسدية؛ بل تبعث في ومضة سريعة يبقى أثرها الحميد عظيما في النفوس! والخيرية الآجلة ؛ الثواب المثبت في جزاء الصدقة، وبذل المعروف ، فالتبسم في وجه المسلم صدقة فاضلة، يسطيعها الفقير والغني على حدّ سواء. وربما ساغ للبعض البخل بالابتسامة، وإيثار العبوس والجفاء، للظهور بما يظنه سمت أهل العبادة والزهد، أو يحسب بشاشته سبباً لقسوة القلب وغفلته، وذهاب المروءة ! فأين هو من هدي النبي - ![]() ألا ترى كيف ضحك الحبيب - ![]() ![]() و يكتفي لأصحابه بضابط الدعابة الحسنة بقوله:" إني لا أقول إلا حقاً " أي صدقاً وعدلاً. فالمداعبة مطلوبة محبوبة، لكن في مواطن مخصوصة، فليس في كل آن يصلح المزاح، ولا في كل وقت يحسن الجد. أهازل حيث الهزل يحسن بالفتى ** وإني إذا جدّ الرجال لذو جدّ فالمنهي عنه ما فيه كذب، أو مداومة عليه؛ لما فيه من الشغل عن ذكر الله تعالى(4). وبعد، فهل يترقى المربون، والمعلمون، والدعاة، والموجهون، والآباء، والأمهات والمسؤولون، والرعاة إلى أن تعلو شفاههم البسمة فيقتدي بهم من كان تحت أيديهم وتحت رعايتهم؟!. تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم (2) - صحيح مسلم (190). (3) - سنن الترمذي (1990) قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح. (4) - فتح الباري 10 /526 ، تحفة الأحوذي 6/108، فيض القدير 3/14.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 3 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]() جزاكم الله كل خير وجعلها في ميزان حسناتكم ..
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 4 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]()
صفة أكله و طعامه - ![]() ![]() · عن ابن عباس - ![]() ![]() · عن مسروق قال دخلت على عائشة - ![]() ![]() عندما نلقي الضوء على مائدة خاتم الأنبياء والمرسلين - ![]() لم تكن هذه اللذائذ حاضرة في ذهنه المشغول بالدعوة إلى الله تعالى، وتعليم شرعه، وبيان فرائض دينه، ولم تسيطر تلك الشهوة على قلبه المتعلق بالله تبارك وتعالى، وابتغاء مرضاته ، ولم تشغل من وقته إلا حيزًا يسيرًا بقدر ما يشبع رمقه، ويدفع جوعه، وربما بات ليالي طاوياً لا يجد ما يطعمه! نعم لقد آثر أن يشبع يوماً ويجوع يوماً ليتقلب بين نعمتي الشكر والصبر، ذاق طعم الجوع، و لو شاء لسأل الله سبحانه كنوز الأرض ورغدها وطيب عيشها، ولكن ما له وللدنيا!! فكم أنفق مما أفاء الله عليه من خيل، وركاب، وأموال على أصحابه، ومضى لبيته خليّاً، راجيا نعيم الآخرة، داعياً ربه: (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً)(3). إن طلب القوت من الرزق و الإعراض عن المباهج ليس ازدراء لنعمة الله تعالى، أو تعاظما على فضله، كلّا وحاشا. و لا يعني أبداً حبس النفس و مضّارتها بصدّها عن تحصيل حاجاتها الضرورية ، فقد أحل الله لنا الطّيبات من الرزق ، كما أنزل سبحانه في كتابه على رسوله - ![]() ![]() إن اقتصاده في العيش، و تعرّضه للجوع أياماً ، لم يحبطه و يحرمه الشعور بالسعادة، و لم يقعده عن النجاح في تحقيق أهدافه ، فقد نال أشرف المعالي بتبليغ الرسالة، وتعليم القرآن، وهداية الأمة إلى دين الله تعالى ، وبناء مجتمع صالح، والكثير الكثير من المنجزات الخالدة الفريدة ، بل هو السابق إلى كل خير ، والمؤسس لكل صلاح ديني ! ألا فلنتدبر هديه - ![]() و في هذا المعنى قال الشاعر: دع الحرص على الـدنيا فـإن الرزق مـقـسوم فقيـر كـل ذي حرص وفي العيش فلا تطمع وسوء الـظن لا ينفع غنيٌّ كـل مـن يقنع تكتب هذهالسلسلة د/ منى القاسم (1) سنن الترمذي (2360) و سنن ابن ماجه (3347)، وقال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح . (2) سنن الترمذي (2356) قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح . (3) صحيح مسلم (1055). (4) سورة المائدة آية ![]() (5) سورة الأعراف آية ![]() صفة أكله وطعامه - ![]() ![]() · عن أنس - ![]() ![]() · و عن أبي جحيفة - ![]() ![]() إن المتأمل لهدي النبي - ![]() وللوقوف على شيء من تلك الهداية النبوية (الصحية) نستعرض حديثا واحداً رواه المقدام بن معد يكرب يقول : سمعت رسول الله - ![]() في هذا الحديث يدعونا الحبيب - ![]() وفي قلة الأكل وترك النهم منافع كثيرة، منها: أن يكون الرجل أصح جسما، وأجود حفظا، وأزكى فهما، وأقل نوما، وأخف نفسا، وفي كثرة الشبع كظ المعدة، ونتن التخمة، ويتولد منه الأمراض المختلفة، فيحتاج من العلاج أكثر مما يحتاج إليه المقل في الأكل، وقال بعض الحكماء : أكبر الدواء تقدير الغذاء.(4) و ذكر هذا الحديث لبعض الفلاسفة فقال :ما سمعت كلاما في قلة الأكل أحكم من هذا.(5) وفي وقتنا المعاصر الثري بالتقنية والعلوم التخصصية الحديثة نلمس قيمة هذه النصيحة النبوية الدقيقة المعجزة في مجال الصحة!. ونرى في مجتمعاتنا المسلمة آثار التخلّي عن تطبيقها بتفشّي أمراض البدانة، وما يترتب عليها من إنشاء المراكز الصحّية للعناية بتقليل الوزن، و إعداد البرامج الغذائية للتخفيف والحمية و صرف العقاقير الطبية ، ونحوها مما يستنزف الوقت، والمال، والجهد، والصحة! إننا بحاجة ماسة إلى تطبيق آداب الطعام النبوية في حياتنا اليومية؛ لنحقق سنة الاتباع لسيد المرسلين - ![]() ومن المعاني النبيلة المقترنة بالأكل التواضع عند أخذ اللقمة، وعدم الاتكاء إلا عند المشقة، والتيمن في التناول، ولعق الأصابع، وتكريم النعمة بعدم عيب الطعام ولو عافته نفسه ، واستحضار آداب الطعام حمداً للكريم المنان. تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم (1) رواه مسلم (2034). (2) رواه البخاري (5083). (3) صحيح ابن حبان (5236)، سنن النسائي الكبرى (6769) ، سنن ابن ماجه (3349). (4) تفسير القرطبي( ج7/ص192). (5) فتح الباري (ج9/ص528). لباسه وفراشه - ![]() ![]() · عن دحية الكلبيّ - ![]() ![]() · و عن أنس بن مالك - ![]() ![]() · و عن عائشة - ![]() ![]() · وعن عمر بن الخطاب - ![]() ![]() عادةً ما يكون لباس المرء عنواناً لطبيعته الكامنة، فإن ما ترسخ جذوره في الباطن لا بدّ أن تبدو ثماره في الظاهر، ولذا كان أجمل لباس وأحسنه هو التقوى النابت من القلب، والممتد على الجوارح ليسبغ على العبد خلائق الستر والحياء والعفاف، كما قال تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)(5). هذا اللباس المحمود هو أحب لباس تغشاه الحبيب - ![]() وكان أحبّ الثياب إليه الحِبَرَة، وهي: برد يماني من قطن محبّر يعني مزيّن، والظاهر أنه أحبها للينها وطراوتها، وحسن انسجام نسجها، وإحكام صنعتها، وموافقتها لجسده الشريف، فإنه - ![]() إلا أنه لم يرفّه نفسه بالمواظبة على الثياب المريحة، والقمص الراقية، بل كان يرتدي ما سنح له مما ملكه أو أهدي له لسماحته، وبساطة عيشه، وكثرة ورعه، فاتزر واتخذ الرداء، واشتمل الكساء، و تحلّى بالبرد، ولبس جبة صوف وخفّين حتى تخرّقا، وربما ارتدى حلّة جميلة أعجب بها أحد أصحابه فلم تلبث على جسده إلا يسيرا، ثم أهداه له! لا يغريه رونقها وحسنها عن الجود بها، كما لم يسوؤه خشونة جبة الصوف أن تلازمه أمداً حتى تمزقت!. ما أعظم هذه النفس الأبية التي لا ترضى أن تقع تحت تأثير متاع الدنيا مهما كان رائعا وجذّاباً، أو حقيراً معاباً! طامحة إلى ما أعده المولى سبحانه وتعالى لأوليائه من نعيم دائم، وخير تامّ، لا ينقطع ولا يمتنع، ولم يخطر على قلب بشر . أما فراشه الذي ينام عليه فبساط غليظ من الجلد المحشو من الليف الخشن، بقدر ما يقيه وعورة الأرض وحرارتها، ويمنحه حاجته من النوم، غير مسترسل في الراحة والغفلة عن قيام الليل وذكر الله تبارك وتعالى. وربما نام على الحصير فأثّر على جلده الشريف وجنبه! فأبكى عمر- ![]() ![]() ![]() و الآخرة خير وأبقى . تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم (1) المعجم الكبير (4200 ). (2) صحيح البخاري (5476). (3) صحيح مسلم (2082). (4) صحيح البخاري (4629). (5) سورة الأعراف آية (26). (6) المواهب المحمدية بشرح الشمائل الترمذية (1/211). سلاحه و خاتمه - ![]() ![]() عن أنس - ![]() ![]() ![]() عن عبد الله بن الزبير بن العوام - ![]() ![]() ![]() ![]() وعن أنس- ![]() ![]() ![]() ![]() كثيراً ما تكون القوّة النافذة، والآلة الحربية المتطوّرة سبباً لطغيان الأمم وسطوتها على غيرها؛ لتحقق أكبر قدر من الثروات وانتهاك الحرمات! ما دام أن الحكم والقانون مستمدان من إله الهوى والمادة. وفي رحاب الإسلام تقترن القوة بالعدل في تلازم دائم، وتكامل متّزن، منبثق من هدي النبي - ![]() هذا الميزان الرباني العظيم الذي أقامه المولى -سبحانه- تجسّد في خلق النبي - ![]() و كان - ![]() بحراً... في الثبات عند الفتن، والصبر حين المحن، وتحقيق أدب الحرب، وتأصيل الخبرات العسكرية الفذّة، وإعداد الجيوش المنظّمة. متخذاً بأس السيف وحدّته، ورمي السهم وسرعته، و ما استطاعه من قوّة ومن رباط الخيل! كأفضل سلاح ومركب عرفه الناس في عصره، مع الإفادة من خطط فارس، وحضارة كسرى وقيصر في الصناعة كاتخاذ الخاتم، وإضافة الطابع الإسلامي الذي يميّز حامله بنقش (محمد رسول الله). و م يتخلّى عن اتخاذ الأسباب المعينة على النصر، القاهرة للعدو، اتّكالاً على عصمة الله له، وشرفه عند ربه -سبحانه-. إن الأمة الإسلامية اليوم بأمس الحاجة إلى أن تعود لله حقّاً، وتصدق إيمانها به، وتحقق التقوى، كما عليها أن تقتبس من هدي نبيها - ![]() كما أوصى ربنا تبارك وتعالى في كتابه: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ...)(5) تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم (1) صحيح البخاري (5686). (2) المستدرك على الصحيحين (5602)، سنن الترمذي (1692). (3) صحيح مسلم (2092). (4) سورة المائدة، الآية(8). (5) سورة الأنفال، الآية(60).
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 5 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]()
نومه و تعطره - · عن حذيفة بن اليمان -![]() ![]() ![]() ![]() · و عنه - ![]() ![]() · و عن عائشة - ![]() ![]() ·وعن أنس بن مالك - ![]() ![]() ·عن أنس - ![]() ![]() ![]() ![]() ·عن أنس بن مالك قال: (دخل علينا النبي - ![]() ![]() حينما يودّ أحدنا أن يخلد للنوم بعد نهار أمضاه وجهد قضاه ؛ فإنه يأوي لفراش مريح، وغطاء ناعم، ومكان هادئ؛ لينال حظاً كافياً من الدعة والراحة. وهذا أمر طبيعي، غير أن هذه المعطيات قد تتوفر للبعض على أحسن الوجوه وأكملها، فلا تؤمن لهم النوم المنشود لسكن الفؤاد وراحة البال! وربما يعاني هؤلاء من أرق واضطرابات في النوم تقضّ مضاجعهم، وتحرمهم لذّته. إذن ؛ فإن حصول هذه النعمة - التي هي من آيات الله تبارك وتعالى - على صورتها الفضلى يتجلّى لمن اهتدى بدين الله - عز وجل-، واقتدى بسنة نبيه - ![]() و هذا الحبيب محمد - ![]() و ما انشراح صدره، و سكينة نفسه إلا بالله -جلّ جلاله-؛ الذي عرف قدره، وأكثر ذكره، وعظّم دينه ، فطهّره وزكّاه، وأرخى عليه أستار فضله، وفيوض رحمته، وعظيم نعمه. و كان حمد الله تعالى على نعمه من هديه - ![]() و يذكر الله كثيراً و يثني عليه ويمجّده، و يدعوه ويستعيذ به من شر ما خلق من الدواب والصفات، ولا ريب أن المواظبة على الأدعية والأذكار المأثورة في ختام اليوم والليلة يبث للنفس الراحة والطمأنينة، والحفظ من تلاعب الشياطين، والوقاية من الهوامّ والمخاطر، وتضمن لمن مات أن تكون خاتمته على الفطرة إلى غيرها من الآثار الطيبة على حياة العبد، وحسن خاتمته.(7) فحري أن نعتني بهذه الأوراد الحصينة عند مبيتنا، ونعلمها صغارنا ليألفوا ذكرها، وننال بها الأجر وطيّب الأثر. وينضم إلى هذا الذكر الحميد الحال الطيبة التي يكون عليها الحبيب - ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() إن جمال المظهر، وطهارة البدن، وطيب الرائحة من محاسن الإسلام التي حث عليها أتباعه، و لها آثارها الإيجابية على الفرد والمجتمع. تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم (2) صحيح البخاري (5953). (3) صحيح البخاري (4729 ). (4) صحيح مسلم (2715). (5) صحيح مسلم ( 2330). (6) صحيح مسلم (2331). (7) للفائدة تراجع: (موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة)فيما يتعلق بموضوع النوم، وقد أثبتت الدراسات العلمية والتجارب الفعلية أن الآداب النبوية في النوم تمثل قمة الإعجاز الطبي. رفقه ورحمته بأمته - ![]() ![]() · عن أبي هُرَيْرَةَ - ![]() ![]() · و عن أَنَس بن مَالِكٍ قال ![]() ![]() · و عن أبي وَائِلٍ قال:كان عبد اللَّهِ يُذَكِّرُ الناس في كل خَمِيسٍ فقال له رَجُلٌ: يا أَبَا عبد الرحمن لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ. قال: (أَمَا إنه يَمْنَعُنِي من ذلك أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ كما كان النبي - ![]() الحديث عن الرفق و الرحمة من أفق محمد - ![]() في حين تتجلى عظمة هذا الخلق النبوي حين يتخلّى الحبيب - ![]() فيقول بأبي هو و أمي: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء) و يصلي بالناس الجماعة فيحيي لذة العبادة بالوقوف والمناجاة لله رب العالمين، تلك الصلاة التي هي راحته وغاية أنسه وسعادته، فيخفّفها عندما يسمع بكاء الصبي؛ رحمةً بأمه ، و رعايةً لعاطفتها الفطرية تجاهه. قال النووي - رحمه الله-: فيه دليل على الرفق بالمأمومين وسائر الأتباع، ومراعاة مصلحتهم، وأن لا يدخل عليهم ما يشق عليهم، وإن كان يسيراً من غير ضرورة(4). لقد أدرك أصحابه - ![]() ![]() ففي مجال الموعظة ـ التي دعا إليها القرآن الكريم ـ نرى ابن عمر - ![]() و يعلّل ذلك بقوله:" أَمَا إنه يَمْنَعُنِي من ذلك أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ كما كان النبي - ![]() قال النووي - رحمه الله-: فيه الاقتصاد في الموعظة لئلا تملها القلوب فيفوت مقصودها(5). لقد تجلّى لنا مما روي عنه - ![]() ![]() و القليل الدائم خيرٌ من كثيرٍ ينقطع، وإنما كان خيرًا لأن به دوام الإقبال على الله سبحانه بالطاعة والذكر والمراقبة، وإخلاص النية، ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا كثيرة(7). · و الأحاديث الواردة في تخفيف النبي - ![]() ![]() لقد آتاه الله – سبحانه- قرة العين بذكره، والتنعّم بحبه، وبهجة النفس بطاعته، والشوق إلى لقائه، فلا شيء ألذَّ له من طاعته، وطيب حياته بعبادته، فحاله أفضل الأحوال وأكملها(8). تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم (2) متفق عليه، صحيح البخاري (676) ومسلم (470). (3) صحيح البخاري (70). (4) شرح النووي ج4/ص187. (5) شرح النووي على صحيح مسلم ج17/ص164 (6) ينظر: شرح ابن بطال (3/144)، شرح النووي (6/312)، شرح الكرماني (1/173)، فتح الباري (1/138)، عمدة القاري (7/209)، إرشاد الساري (1/189)، فيض القدير (4/354)، عون المعبود (7/56). (7) بتصرف يسير،شرح النووي (6/312). (8) ينظر: المفهم (3/1339-1340)، زاد المعاد (2/32)، طريق الهجرتين (ص474)، تحفة الأحوذي (2/382). حلمه و عفوه - ![]() ![]() عن أبي سعيد الخدري قال: (بينما النبي - ![]() وعن أبي سعيد - ![]() ![]() ![]() الحلم و العفو طبعٌ عزيز، وخلقٌ آسر: تتجلّى حقيقته في تلك المواقف التي يتجرأ فيها الآخر على إيذاء عرضك بالسبّ، أو انتقاد عملك أو التعرض لحياتك الخاصّة، بأسلوب همجي، و ألفاظ غليظة، ونبرة حادّة، فلا تواجهه إلا بخير..! ليست الأحلام في حال الرضى إنما الأحلام في حال الغضب(3) و حين نتأمل حال النبي - ![]() يعترض له (ذو الخويصرة ) بجفاء وهو يقسم للناس حظّهم من المال؛ فيناديه بفظاظة: يارسول الله، اعدل! و يأتي آخر رافعاً صوته، متطاولاً عليه يدعوه باسمه(يا محمد) مجرّداً من نعت الرسالة والاصطفاء! فيقول بملء فمه (اتق الله يا محمد) فلا تظلم في العطاء! إنها كلمة غاية في الشناعة والصّلف في حق خير البرية - ![]() لقد كان لتلك الكلمات الجائرة صدى عنيفاً على سمع أصحاب رسول الله - ![]() ![]() و يبلغ العفو منتهاه حينما يدخل مكة ـ حرسها الله ـ بعد كفاح طويل في الدعوة والجهاد في سبيل الله، فيجتمع أهلها إليه في المسجد فيقول لهم: (ما ترون أني صانع بكم؟) قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم. فقال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء)(4). يا له من صفح جميل، و عفو بليغ، مأمول من ذلك الرجل الكريم الذي هو أهله، حيث يكون سائغا. و حين تنتهك حرمات الله تعالى، فإنه يشتدّ غضبه لله حتى يرى أثره على وجهه، فلا يعف عن منكر لا يرضاه الله – سبحانه-، أو يحلم عن إقامة حدّ من حدوده. تعفو بعدل و تسطو إن سطوت به فلا عدمتك من عافٍ و منتقم(5) ![]() تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم (1) صحيح البخاري (5811). (2) متفق عليه. (3) أدب الدنيا و الدين (ص219). (4) سنن البيهقي الكبرى (18055). (5) أدب الدنيا و الدين (ص 223).
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 6 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]()
تواضعه و لين جناحه - ![]() ![]() عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَتْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - ![]() ![]() قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَهِيَ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ فَزبَرَنِي أَبِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ![]() ![]() * * * إذا شرفت النفس كانت للآداب طالبة ، وفي الفضائل راغبة، فإن اقترن بها علو الهمّة، ونبل الهدف كانت طيّبة الجنى، وارفة الظلال، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها! يقتات منها الصغير والكبير، ويأوي إليها القوي والضعيف، والغني والفقير. لقد كان رسول الله - ![]() بل إن طاعته و محبّته مقدّمة على النفس، والأهل، والمال، والعشيرة...! توافيه تلك المرأة (وفي عقلها شيء) في بعض الطرق الضيقة، المصطفة من النخيل، المسلوكة التي لا تنفك عن مرور الناس غالبًا(3)، و تسأله حاجتها، و ما ثمّ لولا ما آنسته من الحبيب - ![]() فيسعها النبي - ![]() فللّه لين ذاع في الناس صيته وخفض جناحٍٍ طوّق الوعر والسّهلا و تأتيه جارية صغيرة هي : أمَة (بمفتوحة وخفَّة ميم) بنت خالد بن سَعيْد بن العَاصِ، تكنّى أم خالد(4)، و تقترب منه لترسم صورة أخرى رائعة من التواضع والعطف النبوي . نرى فيها النَّبي المربِّي- صلى الله عليهوسلم - وهديه القويم في رعاية الأطفال، وقربه من الصِّغَار، وتلقِّيهم بالبِشْر وسهولة الخلق.. والرحابة ... وشفقته على البنات خاصَّة ! ألا ترى إلى عظيم تقديره لأم خالد، واصطفائها من سائر القوم، وتشريفها بهديته، بعدما سأل الحضور من أصحابه عمن يستحقها، وسكتوا حيرة، فاستشرفوا لها، وكانت تلك الجارية هي الجديرة بها، قَالَ: (مَنْ تَرَوَنَ أَنْ نكْسُوَ هذه؟ فسكت القومُ، قَالَ: ائتوني بأمّ خالدٍ). إنه يدعوها بكنيتها، زيادة في إكرامها، والاهتمام بها، وجيء بها تحمل في -رواية– لحداثة سنِّها – (فَأَخَذَ الخَمِيْصَةَ – وهي كساء من خزٍّ أو صوف - بيده الشريفة فألبسه) إياها! وبالغ - عليه الصَّلاة والسلام - في العطف عليها، والإحسان إليها، والبِّر بها، (فَجَعَلَ يَمْسَحُ الأعلام – وهي ألوانها البارزة الصفراء أو الخضراء – بيده، ويقول مادحًا لها، مثنيًا على جمالها وروعتها هذا: (سَنَهْ سَنَهْ)، بمعنى حسن، وما قالها الحبيبُ - ![]() ويَسْتمرُّ الحنانُ النبويُّ الدافئ ليحكي مشهدا مؤثِّرا من اللطف الغامر بتلك الصبية، دنت منه بعدما اطمأنّت لتواضعه ورحمته، ولفت نظرها خاتم النبوة البارز بين كتفيه (كزرِّ الحجلة)،، فَتَاقَتْ نفسُها إلى لمسه، فطفقت تلعب به، مما أثار حفيظة والدها الذي نهرها بقسوة، فنهاه النبي - صلى الله عليهوسلم - وقال: (دعه)، فاستمرت تلهو به مرحًا مستأنسة برضى النبي - ![]() تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم (1) رواه مسلم (2326) و البخاري (3786) وزاد بلفظ:" والذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ إِنَّكُم أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ)، مرَّتَيْن. (2) متفق عليه. (3) ينظر: لسان العرب (10/439)، مختار الصحاح (ص129)، الغريب لابن سلام (1/349)، الغريب للخطابي (1/729)، مشارق الأنوار (2/268)، النهاية في غريب الحديث (2/284)فتح الباري (9/416). (4) الاستيعاب (4/1790)، أسد الغابــة (6/325)، الإصابـة (7/506)، المغني في ضبط أسماء الرجال (ص26). عفّته و حياؤه - ![]() ![]() عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله - ![]() ![]() عن أنس قال:(لما تزوج النبي - ![]() ![]() ![]() ![]() عن أبي سعيد الخدري - ![]() ![]() الحياء غذاء الروح، وحياة القلب، كما أن الغيث حياة الأرض، ورواؤها، وبهجتها. وعلى حسب حياة القلب تكون قوّة خلق الحياء، فكلّما كان القلب أحيا كان الحياء أتم، وقلة الحياء من موت القلب والروح .(4) و لمّا كان الحياء بهذه المنزلة العظيمة من حياة الإيمان في القلب، واقترانه به ودوامه فيه، كان النبي - ![]() ومن تأمّل هذه الأحاديث الثابتة رأى كثرة حياء النبي - ![]() ففي الغريزي كان أشد من العذراء في خدرها، وأما المكتسب فقد كان في الذروة العليا منه. وكلا النوعين محمود، مطلوب، وسبب لزيادة الإيمان؛ لأنه يكون تخلقا واكتسابا كسائر أعمال البر، وقد يكون غريزة، ولكن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى اكتساب، ونية، وعلم، فهو من الإيمان، ولكونه باعثاً على أفعال البر، ومانعاً من المعاصي، ومُعْفَىً من الفواحش، وناهيا عن المنكرات، فلا يأتي منه إلا خير(5). و ترجمت لنا سيرته العطرة حقيقة ذلك الحياء، وتمكّنه من خلقه وسلوكه العملي، في مواقف شتى، منها زواجه من زينب بنت جحش - ![]() فقد كان - ![]() ![]() حمله الحياء على أن يترك أخصّ حقوق نفسه في ليلة البناء بأهله، والشوق إليهم، وتحمّل مشقة الحرج من أصحابه الذين أكرمهم بضيافته، والتناول من مائدته، على أن يصارحهم بما يجول في خاطره، وما يعتمل في نفسه؛ إيثاراً للحياء، وحرصاً على توفير الراحة والانبساط لهم. فتولّى الرحمن – سبحانه- أمره، ورفع عنه ما أهمّه، وأنزل قرآنا يتلى إلى يوم القيامة، يصدع بما للنبي - ![]() ويدعونا في الوقت نفسه إلى الاقتداء به، والتحلي بهذا الخلق الفاضل، فمن استحيا من الله – سبحانه- حق الحياء رأى نعمه وآلاءه، واستشعر إساءته وتقصيره، وبادر بالخيرات، وترك المنكرات، ومن استحيا من نفسه عفّها وصانها في الخلوات، ومن استحيا من الناس كف أذاه عنهم، وترك المجاهرة بالقبيح والسيئات(6). تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم (2) هذا لفظ مسلم، صحيحه ج2/ص1052، وللحديث طرق في الصحيحين. (3) متفق عليه صحيح البخاري (3369)، ومسلم (2320). (4) ينظر: مدارج السالكين (2/259). (5) ينظر: فتح الباري ( ج10/ص522)، وشرح النووي: ج2/ص5، أخلاق النبي - ![]() (6) ينظر : أدب الدنيا والدين، للماوردي (ص 243). أمانته و وفاؤه - ![]() ![]() لئن كان خلق الأمانة والوفاء عظيماً في سائر الناس؛ لما له من الأثر الكبير في صلاح أمر الدنيا والدين، فإنه في أنبياء الله ورسله أعظم، وفي حقهم أوجب وألزم، فطرهم الله ورباهم عليها ليتمكّنوا من تبليغ رسالاته إلى خلقه، وكان نبينا محمد - ![]() لقد نشأ يتيماً مطبوعاً على الأمانة والوفاء بالعهد، فلا يكاد يعرف في قومه إلا بالأمين، فيقولون:جاء الأمين، وذهب الأمين، وحلّ في نفوسهم وقلوبهم أعلى منازل الثقة والرضى!!(1) كما دلّ على ذلك احتكامهم إليه في الجاهلية في قصة رفع الحجر الأسود عند بنائهم الكعبة المشرفة، بعد تنازعهم في استحقاق شرف رفعه ووضعه في محله، حتى كادوا يقتتلون، لولا اتفاقهم على تحكيم أول داخل يدخل المسجد الحرام، فكان هو محمد - ![]() و بلغ من ثقتهم الكبيرة في أمانته ووفائه ما اعتادوا عليه من حفظ أموالهم ونفائس مدّخراتهم لتكون وديعة عنده، ولم يزل هذا شأنهم حتى بعد معاداته بسبب نبوّته، ودعوتهم إلى الإيمان، ونبذ عبادة الأوثان، فلم يخالجهم الشك في أمانته و وفائه! ومما يدل على ذلك ترك علي بن أبي طالب - ![]() ![]() ![]() ولقد تحقق ذلك الخلق العظيم بأتمّ معانيه، وأحسن مراميه بعد نبوّته - ![]() و أدّى نبينا - ![]() و إن من المواقف العظيمة في أمانته ما رواه سعد - ![]() ![]() و أما الوفاء فله منزلة عظيمة في أخلاق النبي - ![]() و من أروع المواقف النبوية التي تتجسد فيها هذه السجية الفاضلة ؛ وفاؤه لحاطب بن أبي بلتعة - ![]() ![]() فقد كتب حاطب إلى أهل مكة يخبرهم بمقدم رسول الله - ![]() ![]() ![]() فانظر إلى مبلغ وفائه لأصحابه! وإن عظمت زلّة أحدهم، أو كبر خطؤه، ما لم يكن في حدّ من حدود الله – سبحانه-، أو تهاون بشرعه، و أمكن تدارك الخطر قبل وقوعه. و لاشك أن هذا الوفاء الفريد، والتصرف الرشيد، سيعزز حبّ ذلك الصحابي للتوبة النصوح من هذا الذنب الذي لا يبرره خوفه على أهله وذويه في مكة. وهكذا كانت شمائل النبي - ![]() تكتب هذه السلسلة د/ منى القاسم ![]() (2) سيرة ابن هشام (1/28)، وطبقات ابن سعد (1/146). (3) سيرة ابن هشام (2/237). (4) رواه أبو داود (4359)، و الحاكم ( 4360)، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. (5) رواه البخاري (5/184)، ومسلم ( 2494).
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 7 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]()
كرمه وسخاؤه ![]() ![]() وعن شهاب قال: "غزا رسول الله ![]() ![]() ![]() وعن جابر بن عبد الله ![]() ![]() * * * ![]() وصفه في هذه الآية بالكرم خاصة دون غيره من الأخلاق العظيمة التي أثبتها له سبحانه لأثر الكرم على سائرها، وأنها مندرجة تحته، تابعة له.(6) لقد منح النبي ![]() وقد حكم جزيرة العرب، وكان فيها من قبل ملوك لهم خزائن وأموال، يقتنونها ذخراً ويتباهون بها فخراً، ويستمتعون بها شراً وبطراً. وحاز ![]() * * * ![]() دهش لكرمه ذاك الرجل حين أتاه، إذ فاق نوال النبي ![]() ![]() فانبهر لسخائه العظيم وهرع لقومه فرحاً مستبشراً بهذا الرزق الواسع الذي غمره بلا أدنى عناء وهو يقول: يا قوم أسلموا فإن محمد يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة. إيهٍ وربي، أيخشى الفاقة من اتصل قلبه بمولاه تعالى، وتعلق فؤاده بمالك الملك جلّ جلاله، فكان يقينه بما في يده سبحانه من خزائن السماوات والأرض، أعظم مما في يده، ورجاؤه بما لديه سبحانه من النعيم المقيم في الجنة أعلى وأغلى مما يراه من متاع الدنيا!. لقد هانت عنده لذة الدنيا وزينتها، فأعطى وأهدى وتصدّق في وجوه الخير والبر، وبلغ من كرمه أن لا يرد سائلاً ما طلبه، بل يعطي تفضلاً بلا سؤال ولا يتبعه بالمنّ والأذى، عطاءً سمحت به نفسه، وجادت به يمينه، ورضيه بلا تردد، ناسباً الفضل كله لله وحده وأنه مجرد قاسم بين الناس حظوظهم. تعوّد بسط الكف حتى لو أنه * ثناها لقبض لم تجبه أنامله هو البحر من أي النواحي أتيته * فلجّته المعروف والجود ساحله ولو لم يكن في كفه غير روحه * لجاد بها فليتق الله سائله(8) وظلّ عطاؤه للمؤلفة قلوبهم في أول الأمر طمعاً في إسلامهم، قال أنس ![]() ومن هنا نرى أثر النيّة الصالحة في طرح البركة في العطاء، والهبة، والصدقة، كم تثمر من الآثار الطيبة، والمعاني الخيّرة والأجور المدّخرة التي لا تبلغها لولا الإخلاص لله تعالى، وابتغاء مرضاته. (2) صحيح مسلم ج4، ص1806. (3) صحيح مسلم ج4، ص1805. (4) سورة القلم: 4. (5) سورة الحاقة: 40. (6) أنظر في هذا الموضوع: أخلاق النبي ![]() (7) أعلام النبوة للماوردي (ص302). (8) عزاه بن رجب في لطائف المعارف (ص195) لبعض الشعراء يمدح بها، قال: وما تصلح إلا أن تكون لرسول الله ![]() (9) شرح النووي (15/72). صدقه ومروءته ![]() ![]() وقد اشتهر بعض أشراف العرب بذلك قبل الإسلام لأغراض دنيوية، واعتبارات اجتماعية، فإذا عُلم من أحدهم كذباً سقط من اعتبارهم، وانتزعت الثقة منه، وباء بخسارة تجارته وانتقاص منزلته. أما النبي ![]() وحينما اختاره ربه تبارك وتعالى لتبليغ رسالته، وبيان شريعته، كان رسوخ الصدق في شمائله عظيماً والداعي إليه كبيراً، حيث كان من دلائل نبوته، وأمارات اصطفائه. يؤكد ذلك قول الله تعالى: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)(2) وقال تعالى: (قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم)(3). فكانت رسالته هي الصدق كله والحق عينه، ويستحيل أن ينحرف لسانه أو يتطرق إلى منطقه وسلوكه حرف زور أو ميل وجور، ولذا فإن تنزيه النبي ![]() إن رسالة النبي ![]() فالثبات والاستمرارية يتطلبان ضرورة وجود العصمة في نقل الأخبار حتى تتلقاه الأمة، ويستقر تعلقه في الذمّة.(4) ولقد كانت هيئة النبي ![]() ![]() ![]() وأجاد عبد الله بن رواحة حين قال: لو لم تكن فيه آيات مبينة ** كانت بديهته تنبيك بالخبر(5) ![]() فهذه شهادة من خبر أخلاقه، وسبر أحواله، وعرف سيرته ولا ينبئك مثل خبير. قال الكاتب المستشرق الانجليزي (Heg Wells): "إن من أرفع الأدلة على صدق محمد كون أهله وأقرب الناس إليه يؤمنون به، فقد كانوا مطلعين على أسراره، ولو شكّوا في صدقه لما آمنوا به."(7) (1) يبنظر: أخلاق النبي ![]() (2) سورة النجم، الآية: 3-4. (3) سورة النساء، الآية: 170. (4) ينظر: شمائل المصطفى ![]() (5) أخلاق النبي ![]() (6) متفق عليه. (7) الإسلام والرسول في نظر منصفي الشرق والغرب (ص132). عدله وإنصافه ![]() ![]() ![]() ![]() وعن رسول الله ![]() العدل مطلب إيماني مقدس، وخلق رباني نفيس، كيف لا وقد أنزله المولى سبحانه على رسله قرينا للكتاب الذي يهدي الناس لتوحيده وعبادته، قال تعالى: ( وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ).(3) إنه أساس الدين، به قامت السماوات والأرض، وبعثت الرسل، وأنزلت الكتب، وصلحت الحياة، وشرفت الآخرة، ونصبت الموازين، وثبتت القرب من الرب تعالى يوم الدين. والإسلام دين العدالة، وأمته الأمة الوسطية، التي اختار الله لها نبيها محمد ![]() وإن موقفا واحدا من بطولات عدله ![]() ذلكم موقفه ![]() ![]() ![]() لعمر الله ما أعظم هذا القسم بالله، وما أعظم ما أقسم به، لقد عاهد ربه سبحانه أن يحكم بين الناس بالعدل ولو كان الظالم بضعة منه، وحاشا ابنته ![]() لقد كان الحبيب ![]() وفي الحديث الآخر كان المقسطون الملتزمون به في كل ما أمر به هم أحباب الله تعالى ( إن الله يحب المقسطين) (5)، الذين يقربهم من جلاله يوم العرض الأكبر ويشرفهم بدنوه منهم، ويجلسهم على منابر من نور. منابر ليست مقاعد ولا كراسي، بل منابر عالية يجلسون عليها رفعة لهم وعزة وكرامة، لاستعلائهم على شهواتهم وترفعهم عن أهوائهم. من نور يضئ بهم زيادة في تشريفهم ونعيمهم ليراهم الخلق أجمعون. وختام ذلك الفضل العظيم الدنو من الرب جل جلاله، وأكرم به من نعيم وشرف كبير، " على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين " ما أعظمك ربنا وما أكرمك، وما أوسع فضلك وما أبلغ ثوابك. وما أحرنا أن نتحلى بهذا الخلق العظيم مع أنفسنا وأهلينا وما ولّينا. (1) صحيح البخاري ج6/ص2496. (2) صحيح مسلم ج3/ص1458. (3) سورة الحديد: الآية 25. (4) صحيح البخاري ج3/ص1282. (5) سورة المائدة: الآية 42. شجاعته وإقدامه ![]() ![]() ![]() ![]() عن أنس بن مالك قال ذُكِر النبي ![]() ![]() قال حماد: وحدثني ثابت أو غيره قال: كان فرسا لأبي طلحة يُبطَّأ فما سبق بعد ذلك اليوم ".(2) لقد امتاز الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام بعزيمة قوية، وشجاعة نادرة، لكمال إيمانهم وقوة يقينهم بالله، وصدقهم مع الله تبارك وتعالى، وكان نبينا محمد ![]() حيث حضر المعارك الحاسمة، والغزوات الطاحنة، التي تبلغ ( 27 ) غزوة بدءاً بغزوة ( بواط ) وانتهاءً ( بتبوك ) فثبت كالطود العظيم، شامخا مقداما في أشد أوقات الأزمة والمحنة، وكان الأبطال المبرزون يحتمون ويتترسون به من ضرب السيوف ورمي السهام، وهو أقرب المقاتلين إلى العدو يواجههم ويقاتلهم ثابت القدم، رابط الجأش، مطمئن القلب (3). وظلت شجاعته ![]() وهذا التميز الفريد سوّغ له أن يكون مأمورا بقتال المشركين إذا واجهوه ولو كان وحده، لكمال شجاعته(4), كما في قوله تعال( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرّض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا ) [ النساء : 84 ]. كان محمد ![]() على عكس ما قد يحصل لكل شجاع مغوار مغتر ببطولته، طاغ في قوته ونفوذه وجبروته. فحين يلوح نذير خوف يذعر الناس ويفزع القلوب نرى النبي محمد ![]() ويمضي ![]() فانقلب الحبيب ![]() يقف وحده في الميدان ومواجهة الأخطار، ويردهم عن الخروج في طلب أثر الصوت لئلا يشق عليهم النفير إليه. فيا لله .... أي قوة تفتق منها هذا الرفق، وأي بأس جر معه ذلك الحرص على الناس قبل النفس. على قدر أهل العزم تأتي العزائم * وتأتي على قدر الـــكــرام الـمـكـــارم وقفت وما في الموت شك لواقف * كأنك في جفن الردى وهو نائم تمرّ بــك الأبــــطــال كلــمى هـــزيمـــة * ووجـــهــــك وضــــاح وثـــغــــرك بــــاســم (5) (1) المستدرك على الصحيحين ج 2/ص 155 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. (2) هذا الحديث صححه الألباني صحيح سنن ابن ماجه ج2/ص384 برقم 2254. (3) ينظر شمائل المصطفى ![]() (4) ينظر تفسير ابن كثير (1/530) وتفسير القرطبي (5/90) وأخلاق النبي في الكتاب والسنة (3/1343). (5) أبيات من قصيدة أبي الطيب المتنبي.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 8 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]()
صبره وتضحيته عن عروة بن الزبير قال قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص أخبرني بأشدّ ما صنع المشركون برسول الله ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() وعن عائشة ( ![]() ![]() ![]() ![]() * * * * ![]() ![]() لقد نصبوا له العداء، فرموه بكل ما قدروا أن يرموه به من السحر والكهانة والشعر والجنون، وغير ذلك مما درجوا على التفوّه به زوراً وبهتاناً، وهو البراء من ذلك كله، فلازم الصبر الجميل الذي تواتر حضّ الله عز وجل به نبيه ![]() وما فتئ القرآن الكريم يذبُّ عنه افتراءاتهم، ويدحضُ أباطيلهم، فتبوء أقوالهم بالخيبة والخسران. وحتماً.. لشريفُ القدر، العظيم الهمة، الكريم المعدن، لا يقدر على تحمل ذلك؛ فقول الزور والبهتان ينزل على مسامعه وقلبه كالصواعق، فتهد كيانه، وتشغل فؤاده، حيث يعلم براءة نفسه، وعزة أصله، وصدق منطقه، ثم هو بما يمتلكه من إحساس مرهف ورقة مشاعر يضيق صدره بما يقلون، وتتألم نفسه عند سماع تلك الأقوال الباطلة الأفاكة، لاسيما من قومه وقرابته الذين يعرفون أمانته وصدقه كما يعرفون أنفسهم وأبنائهم. وظلم ذوي القربي أشدُّ مضاضة ** على النفس من وقع الحسام المهند(6) ويعظم البلاء به ![]() ![]() ![]() ورمي بالحجر حتى أدميت قدماه، ودبر قتله في مكيدة عظيمة، وشق وجهه، وخرج طريداً من الطائف مهموم القلب حائراً ... يدعو مولاه سبحانه ويشكو إليه ضعف قوته وقلة حيلته، وهوانه على الناس، مناشداً رب المستضعفين مستعيذاً بنور وجهه الذي أشرقت له الظلمات أن ينزل به غضبه، أو يحل به سخطه! فيرسل له ربه له ملك الجبال ويراوده أن يطبقها على مكذبيه إن شاء فيجيبه: بل أرجو أ يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً" ! فعجباً ثم عجباً لصبره الجميل وتحلمه الذي عز عن المثيل! صبر.. يستحيل العذاب معه إلى لذة مناجاة، وقرب من مولاه! صبر .. يرتقب من زواياه الضيقة وآلامه المبرحة أفقاً رحباً وأملاً ممتدا لأمة توحد الله وتعظم حرماته وتحقق شريعته. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ (1) صحيح البخاريج4/ص1814 برقم(7). (2) متفق عليه، صحيح البخاري ج/3ص1180 برقم (3059) وصحيح مسلم ج3/ص1420. (3) سورة النحل، الآية: (127). (4) سورة ميرم، الآية: (65). (5) سورة الكهف، الآية: (28). (6) من قصيدة طرفة بن العبد الكعبي. (7) ينظر إلى كاتب هذه المقالة إلى أخلاق النبي ![]() الخاتمة ![]() ![]() 1- الاستدلال بها على صدق نبوته, واصطفائه للرسالة, والإيمان به, فلم يكن في عصره ومن بعده من داناه في كماله خلقاً وخلقاً, فهو كما وصفه الذي اختاره بقوله: (وإنك لعلى خلق عظيم)(1), وحقيق لمن بلغ من الفضائل غايتها, واستكمل لغايات الأمور آلتها, أن يكون لزعامة العالم مؤهلاً, وللقيام بمصالح الناس موكلاً, ولا غاية بعد النبوة فاختص بها ![]() وقد حظي نبينا محمد ![]() كيف ترقى رقيك الأنبياء ** يا سماء ما طاولتها سماء ؟!!(4). 2- تجلي معنى القدوة الحسنة, ففي شمائله الكريمة تطبيق عملي لما أمر الله به من الأخلاق الكريمة والصفات الفاضلة, قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) (5), وتحقيق لمكارم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام وحثّ عليها القرآن الكريم, كما قالت عائشة ![]() وبذلك عرف أن كمالات خلقه لا تتناهى كما أن معاني القرآن لا تتناهى, وأن التعرض لحصر جزئياتها غير مقدور للبشر) (7). وظل الناس يلمسون طيب شمائله في معاملته لهم, و ولايته عليهم, ومعاشرته ومأكله ومشربه ومدخله ومخرجه وحله وسفره, وسلمه وغزواته وسائر شؤون حياته, ويتأسّى بها من اهتدى. 3- تحليه بهذه الشمائل الفاضلة, بتوازنها وتكاملها وثباتها وانسجامها يجعل شخصيته معجزة خالدة ! يعز نظيرها في الواقع, إذ هو النبي الذي كملت فيه معاني الإيمان, وآداب الإسلام, ومقام نبوته شامل لكل أنواع الحكمة والعبادة والأدب, جامع لكل خير وعزّ وسؤدد. 4- أن أخلاق النبي ![]() وتلك الشمائل هي وعاء النبوة, وأسُّ الوحي, وجوهر العناية الربانية (8), قال تعالى: (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) (9), وهي قرينة لعلمه الجم الذي دعا ربه أن يزيده منه: (وقل رب زدني علما)(10). 5- محبة النبي ![]() شهد الأنام بفضله حتى العدا ** والفضل ما شهدت به الأعداء وقد زخرت السيرة النبوية بمواقف متوافرة من حياة الصحابة ![]() 6- فضيلة التأسي بأخلاقه النبيلة, وسجاياه الكريمة, وأثرها على النفس بهدايتها وزكاتها واطمئنانها, والأسرة بتآلفها ونجاحها واستقامتها, والأمة بصلاحها ونصرها وسعادتها. وختاماً.. نسأل الله أن يجعلنا هداة مهتدين, غير ضالين ولا مضلين, وأن نكون لسنة نبينا محمد ![]() (1) سورة القلم الآية: (4). (2) أعلام النبوة للبوصيري (2 304) (3) سورة الفتح الآية: (2). (4) من قصيدة أحمد شوقي. (5) سورة الأحزاب الآية: (21). (6) والمعنى: العمل به والوقوف عند حدوده والتأديب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه وتدبره وحسن تلاوته عون المعبود (4/ص154), والحديث أخرجه الطبراني في الأوسط (1/30) وأحمد في مسند من طرق عدة عنها (6/91), (6/163), (216). (7) فيض القدير (5/ص 170). (8) شمائل المصطفى ص 106 (9) سورة النساء الآية: (113). (10) سورة طه الآية: (114).
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 9 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]() بارك الله فيكي وجزاكي الله خيرا ونفع بما قدمتي أخيه ... |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 10 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]() جزاكم الله خيرا ونفع بكم |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 11 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]()
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 12 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]()
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 13 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]()
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 14 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]()
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 15 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
![]() ماشاء الله عليك .. بارك الله فيك ولا حرمك الأجر |
||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
لا يوجد أعضاء |
|
|