جزاك الله خيرا
وحبذا ذكر درجة الحديث
وبعد البحث وجدت ما يلي أحد الطلاب بحث:
وقد استوقفني الحديث الذي ورد في آخر الشرح؛ ألا وهو:
[... حدثنا جعفر بن عون، أخبرنا عبد الرحمن بن زياد عن عبد الرحمن بن رافع، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله " مر بمجلسين في مسجده، أحد المجلسين يدعون الله ويرغبون إليه، والآخر يتعلمون الفقه ويعلمونه، قال:كلا المجلسين على خير، وأحدهما أفضل من صاحبه، أما هؤلاء فيدعون الله ويرغبون إليه، وأما هؤلاء فيتعلمون الفقه ويعلمون الجاهل، فهؤلاء أفضل (وإنما بعثت معلمًا)، ثم جلس فيهم].
هل هو صحيح أو لا؟
فوقفت بعد البحث فيه؛ على عدة معلومات؛ أوردها ـ للتوضيح ـ في النقاط التالية:
Ÿ جاء في كتاب:{تراجعات الألباني فيما نص عليه تصحيحًا وتضعيفًا}. ما يفيد بأن:
الإمام الألباني ـ رحمة الله عليه ـ قد:
ـ ضعف ـ ذلك الحديث ـ بتمامه، وذلك في: "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة"، تحت رقم: (11).
ـ ثم بقي ـ رحمه الله ـ على تضعيفه، عدا لفظ: (وإنما بعثت معلمًا)؛ فقد تراجع عن تضعيفها.
Ÿ أما علة ذلك التضعيف:
ـ فقد علل الإمام الألباني ضعف ذلك الحديث ـ في السلسة الضعيفة؛ تحت رقم: (11) ـ بقوله:
"وهذا سند ضعيف فإن: (عبد الرحمن بن زياد) و(ابن رافع):ضعيفان..." إلخ.
ـ ولم يترك لنا الإمام ـ رحمه الله ـ مفرًّا من ضعفه؛ حيث أضاف معلقًا على الطريق الآخر لهذه الرواية:
"ورواه ابن ماجه ( 1 / 101 ) من طريق داوود بن الزبرقان؛ عن بكر بن خنيس؛ عن عبد الرحمن بن زياد؛ عن عبد الله بن يزيد؛ عن عبد الله بن عمرو به.
وهذا سند: أشد ضعفا من الأول!
ـ وبين ـ رحمه الله ـ علة ضعف السند الآخر؛ بقوله:
"فإن كلَّ مَنْ دون: (عبد الله بن يزيد): ضعفاء، وقد خالفوا الثقات؛ فجعلوا ـ أو أحدهم ـ جعل: (عبد الله بن يزيد) ـ المعافري الحُبُلي الثقة ـ مكان: (عبد الرحمن بن رافع) الضعيف..." إلخ.
Ÿ وسبب تصحيحه لجملة: ((وإنما بعثت معلمًا))، وتراجعه عن تضعيفها:
أن الإمام ـ وبعد أكثر من أربعين سنة! ـ وجد له شاهدًا؛ ولفظه:
((...ولكن بعثني معلمًا ميسِّرًا))؛.كما ذكر ذلك في: "سلسلة الأحاديث الصحيحة " تحت رقم: (3593).
Ÿ فائدة:
ـ والشيء بالشيء يذكر؛ فقد أفاد العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ معقبًا على هذا الحديث؛ في: "سلسلة الأحاديث الضعيفة"؛ تحت رقم: (11)؛ بقوله:
"وقد اشتهر الاحتجاج بهذا الحديث على: مشروعية الذكر على الصورة التي يفعلها بعض أهل الطرق؛ من التحلق، والصياح في الذكر، والتمايل يمنة ويسرة، وأمامًا وخلفًا؛ مما هو غير مشروع باتفاق المتقدمين، ومع أن الحديث: لا يصح كما علمت؛ فليس فيه هذا الذي زعموه! بل غاية ما فيه:
جواز الاجتماع على ذكر الله تعالى، وهذا فيه أحاديث صحيحة في مسلم وغيره تغني عن هذا الحديث، وهي لا تفيد أيضًا إلا مطلق الاجتماع؛ أما ما يضاف إليه من التحلق، وما قرن معه من الرقص! فكله بدع وضلالات! يتنزه الشرع عنها". انتهى كلامه رحمه الله.
فالخلاصة ـ التي سقت لأجلها النقاط السابقة ـ أن الحديث المذكور؛ ضعفه محدث العصر: الإمام الألباني، دون لفظ: ((وإنما بعثت معلمًا)).
والله تعالى أعلم.