العيد الحزين

[عائشة البستكي]

العيد الحزين

العيد الحزين
مقال منشور في جريدة أخبار الخليج

يحل العيد المبارك علينا في هذا العام والأمة الإسلامية تعيش أحداثاً جساماً حيث رياح التغييرات والثورات تشهد ربيعا يقترب من الخريف واختلطت أفراحها بآمال عريضة بأن يخلص الله هذه الأمة من أزماتها، لتستقر أوضاعها وتنعم شعوبها بالأمن والحرية والكرامة، العيد هذه الأيام لا طعم له ولا رائحة ولا لون، الأعياد التي كنا نعرفها سابقاً لها معنى خاص ولكنها لم تعد موجودة حاليا بسبب حروب البشر بين بعضهم بعضا والفساد والفوضى والقتل وتعقيدات الحياة ومصاعبها، وليس لنا إلا أن نردد هذا البيت الكئيب للمتنبي: عيد ..بأية حال عدت يا عيد؟.

عيد وأمتنا في رحم الجراح غرقت في شلالات الدم، مناحرات وانقسامات وفوضى وانتظار المجهول، كم هائل من الشهداء الذين ضحوا بحياتهم ليكتبوا نصرا على الطغاة، وفي النفس حسرة وألم حيث السودان المقسم نصفين كل نصف مثقل بالجراح، والبلاد الإسلامية تغزى كما هو الحال في فلسطين، العراق، أفغانستان، الشيشان، كشمير، جنوب الفلبين وغيرها، كما سُلبت من قبل الأندلس، ولا يحرك ذلك في المسلمين ساكنا. في القلب غصة وفي النفس حسرة جراء ما يحدث في عالمنا العربي من جور وطغيان.

عيد ومصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن يعانون آثار الأحداث الأخيرة، يتقاتلون ويتناحرون، جروح ودماء وتشريد وقتل وعنف وفوضى، والأرض ما زالت مبللة الثرى بدم الشهداء وتختلط الأفراح بصرخات الموجوعين وآلام الثائرين، وعراق الرشيد مهد الحضارة ومنبع التاريخ جرحنا الثاني النازف، أحتل وشرد أهله، وتفرق شعبه شيعاً وأحزاباً، ونهب وسلب مقدراته، ونتعايش بمرارة مفجعة مع سفاك سوريا الذي يعامل شعبه بوحشية وبشاعة لا يرضاها الحيوان على الحيوان، فكيف يرضيها إنسان على شعبه ووطنه؟

عيد وفلسطين تصرخ وتئن وتنزف مسلوبة جريحة تحت وطأة اليهود وبأيدي أحفاد القردة والخنازير، وما يلقاه ثالث مساجدنا التي تشد إليها الرحال الأقصى الجريح الأسير من تدنيس وعدوان، وغزة ما زال أطفالها يعيشون الخوف والحرمان والجوع والحصار.

عيد وقلوبنا تنزف دما وتعصر ألما على أوطاننا التي هي في أوضاع لا تحسد عليها، جروح جديدة تضاف إلى هذه الأمة المكلومة، والشعوب العربية تقتل مثل النعاج، شلالات دم تنزف وتفوح رائحة الدماء في كل مكان، ضحايا حرب ضروس ومجاعة وأمة قابضة على الجمر نازفة تدفع الثمن غاليا، والمساجد تنزف دما، والعروبة ثكلى، ودبابات الأمة وأسلحتها موجهة لا لحماية الشعوب من الأعداء، ولكن لحماية الأعداء من الشعوب.
عيد وطائفتان في بلادنا تتقاتلان تحت رايات جاهلية وعصبية عرقية ليصبح وطننا ممزقا تلعب به حفنة من الملالي والآيات في إيران حيث لجأت إلى استعمال أخطر سلاح على الإطلاق وهو إيقاد نار الفتنة المذهبية في بلادنا، وتفتيت النسيج الاجتماعي وتمزيق وحدتنا ليغرق الجميع في صراعات تصل إلى حدود دموية، حتى يسهل عليهم اختطاف الوطن والسيطرة عليه.

عيدهم ليس عيدا وفرحهم ليس فرحا، والعيد لم يطرق كل الأبواب، أتي العيد لكنهم لم يجدوا طعما للعيد ولم يستقبلوه بالثياب الجديدة والابتسامات، وهل تتسع الحياة للسعادة والابتسامة مع العنف وحمامات الدم؟ هل هناك مكان للسعادة حيث يستوطن الحزن والألم؟ كيف نشعر أننا في عيد ووطننا العربي مثخن بأنواع من الجراح، مكلوم في مجالات شتى، ومستقبل قاتم ينتظره، وعدو غاشم يكيد له، ومؤامرات تحاك له؟ حتى العيد سرقوه منا فجاء ونحن نعزف لحنا جنائزيا ونذرف ينابيع من الدموع الحزينة ونرفع رايات بلون الدم ونتضرع للعلي القدير أن يحمي هذا البلد من سواطير من يدعون أنهم أبناؤه.

ورغم كل ما حدث ويحدث سنفرح بالعيد ويظل للعيد نكهته الروحية المتجذرة في وجدان كل مسلم، وتظل جذوة الفرح والأمل مشتعلة حتى إن تراكم عليها رماد الحزن والألم والأماني المجهضة، فيارب أعد لنا عيدنا الذي نريده واحفظ بلاد المسلمين وكل عام والجميع بخير.

عائشة البستكي

الموضوع الأصلي: العيد الحزين || الكاتب: عائشة البستكي || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد

www.ansaaar.com

كلمات البحث

شبكــة أنصــار آل محمــد ,شبكــة أنصــار ,آل محمــد ,منتدى أنصــار

المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد

---

hgud] hgp.dk

[أم الشهيد السلفية]

جميل ما خطته يداكِ من حال واقعنا المر ، حسبنا الله ونعم الوكيل
لكن نتذكر قول الله تعالى( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
أسأل الله ان يصلح انفسنا بالذي يرضيه عنا، لنرجع الى عزنا وكرامتنا

بارك الله فيك ونفع بك

[دآنـة وصآل]

بارك الله فيك أختي الغآلية عآئشة البستكي
مآ نقول إلا الحمد لله على كل حآل
وبإذن الله النصر قريب

بوركت وففقت وسددت وننتظر جديد المميز

[احيي سنة تمت بدعة]

سلمت يمناك ...لا فض فوك
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
ينتقد المتنبي حال الشام ومصر في ذاك الزمان
فكيف باليوم !!