علم التاريخ وأهدافة وفوائدة ...

**سيف الشهر** · 14-12-13, 05:02 AM

التاريخ عند ابن خلدون من كتاب "مقدمة ابن خلدون" :

"... أما بعد فإن فن التاريخ من الفنون التي تتداولها الأمم و الأجيال و تشد إليها الركائب والرحال، و تسمو إلى معرفته السوقة و الأغفال، و تتنافس فيه الملوك و الأقيال و يتساوى في فهمه العلماء و الجهال،فهو في ظاهره لا يزيد عن إخبار عن الأيام و الدول،و السوابق من القرون الأول،تنمو فيها الأقوال،و تضرب فيها الأمثال وتطرف بها الأندية إذا غصها الاحتفال،وتؤدي إلينا شأن الخليقة كيف تقلبت بها الأحوال،و اتسع للدول فيها النطاق والمجال، وعمروا الأرض حتى نادى بهم الارتحال و حان منهم الزوال. و في باطنه نظر وتحقيق،و تعليل للكائنات و مبادئها دقيق، و علم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق و جدير بأن يعد في علومها حقيق ...".

فعلم التاريخ هو : " علم نظري إنساني يبحث فيه عن حوادث الزمان من حيث التعيين والتوقيت ، ومن حيث التفسير والتعليل ".

هناك عدة أسئلة نريد الإجابة عليها :

س1 : ماهي أهداف دراسة التاريخ وفوائدة ؟

س2 : هل ندرس التاريخ لمجرد المعرفة التاريخية ؟ أم لمجرد التسلية ؟ أم لحفظ القصص والحكايات ؟ أم لإشباع غريزة حب الاستطلاع ؟
وهل هذة أهداف تكفي لإنفاق الوقت والعمر لدراسة التاريخ ؟ أم أن اهدافاً أخرى أسمى و أعلى من هذه الأهداف والحاجات البسيطة والقريبة !! هي المقصودة .

.................................................. .......................

س1 : ماهي أهداف دراسة التاريخ وفوائدة ؟

إن أهداف دراسة التاريخ وفوائدة جمة و غزيرة وسنذكر أهمها :

1-الفائدة الأولى : معرفة السنن الربانية .
وهذة أعظم ثمرة تستفاد من قراءة التاريخ ودراسته ، فكن ملاحظاً لها في قراءتك لتاريخ ، حتى ان الله سبحانة وتعالى أمرنا و أرشدنا إلى السنن وطلب منا التعرف عليها
والتعامل معها ، قال تعالى ( قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) آل عمران .
وهنا سنضع بعض لهذه السنن الربانية المستفادة من قراءة التاريخ ومن الوقائع والأحداث التاريخية بشكل عام وهي :
-سوء عاقبة المكذبين .
- مداولة الأيام بين الناس .
- زوال الأمم بانتشار الفساد والظلم .
- سنة التغيير عن طريق الفعل الإنساني :
( ومعرفة هذة السنة والعمل بها مفيدة لواقع العالم الإسلامي اليوم فما أصاب المسلمين في عصورهم المتأخرة وعصرهم الحالي من تخلف و إنحطاط هو بسبب تقصيرهم في بذل الأسباب المؤدية إلى التقدم ) . .
- نصر الله للمؤمنين :
( فلما كانت الأمة الإسلامية محققة لشروط الاستخلاف والتمكين تحقق لها النصر المبين في واقع الأرض فامتدت فتوحاتها في سنوات عديدة شرقاً وغرباً من حدود الصين إلى سواحل الأطلسي ) .

- سنة التدافع :
( أي أن الله يدفع باهل الحق أهل الباطل فيندفع بذلك شرهم ، وتصلح الأرض ، وتعمر أماكن العبادة بذكر الله وتوحيده ، وهذا من فضل الله على العالمين ) .

2- الفائدة الثانية : التعرف على معالم تاريخ الإنسانية .
كيف بدأت البشرية ؟ ومتى بدأت ؟ وماهي الأطوار التي مرت بها ؟
ومن اهم هذه المعالم التي يجب معرفتها ، تاريخ الأنبياء عليهم السلام ، وسيرة النبي محمد علية الصلاة والسلام ، وكذلك سيرة الخلفاء الراشدين المهديين ، وتاريخ الصدر الأول من الصحابة والتابعين وتابعيهم بوجه أعم . لأنهم الجيل الأسوة والسلف الصالح والمثل المقتفى للفرقة الناجية ، وكذلك معرفة أثر الإسلام في حياة البشرية ، ومعرفة جناية الإلحاد والوثنية على الحياة البشرية .

3- الفائدة الثالثة : تأكيد جملة من الحقائق في حياة البشر .
المنهج التاريخي وسيلة من وسائل المعرفة وكشف الحقائق ، ومنها مثلاً : أن توحيد الله هو الأصل في حياة البشر وأن الشرك طاريء عليها ، ووحدة أصل البشرية ، واستخلاف الإنسان في الأرض للقيام بعبادة الله وتوحيدة ، حاجة الأمم للأنبياء والمصلحين .

4- اللفائدة الرابعة : الحصانة الفكرية من الإنحراف عن منهج الله .
دراسة الترايخ بوعي توجد لدى الدارس حصانة فكرية من الإنحراف والشعوذة والخرافات ، وذلك أنه منهج بحث يعرف دارسه على طبائع الأشياء وحقائق الأمور وحيل الناس ، واباطيلهم ، وقد استخدم علماؤنا المنهج التاريخي في كشف الأباطيل والبدع في الشرع ، لأن الدين هو ما كان عليه رسول الله التاريخ وأهدافة وفوائدة

وأصحابة ، وما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون بعدهم ديناً .

5- الفائدة الخامسة : المساعدة على فهم الحاضر وتحليلة والتخطيط للمستقبل .
أن دراسة ماضي الإنسان ( التاريخ ) تساعد على فهم حاضرة الذي يعيشة ، ومن ثم القدرة على التخطيط للمستقبل ، خاصةً إذا تماثلت الظروف و تشابهت الدوافع .

6- الفائدة السادسة : اكتساب التفكير التاريخي .
التفكير التاريخي يعطيك فائدة عظيمة وهي أن هذا التفكير يجعلك تربط الأحداث بأسبابها ، وتبحث عن تعليل لها وتفسير لاتجاهاتها ، وإدراك تطورها ومراحل سيرها ، وتتعلم من ذلك ان لا تتعجل في الحكم عليها او الجزم بنتائجها ونهاياتها ، وإنما عليك ان تربط الأمور بعواقبها وأن تفسر الأحداث في ضوء السنن الربانية التي تتسم بالثبات والانضباط .

وأيضاً من فوائد التاريخ :

7- الفائدة السابعة : أن التاريخ وسيلة لرفع الروح المعنوية أو كسرها لدى الأمم .

8- الفائدة الثامنة : أنه ممتع ومشوق ، والتشويق ليس السبب في حد ذاتة في اهمية التاريخ ، أنما السبب في قيمتة أنه يتكرر ، ولذا فإن دراسة التاريخ تعني تكرر الفوائد ، وتجنب الأخطاء والمشاكل، فالتاريخ كنز لا نهاية له وبحر لا ساحل له .

9- الفائدة التاسعة : أنه وسيلة لإستشراف المستقبل .

10 - الفائدة العاشرة : أن التاريخ يضيف إلى عمر الإنسان أعماراً كثيرة ، ويضيف إلى خبرة الإنسان خبرات وتجارب عديدة ومتنوعة .

11- الفائدة الحادية عشرة : أن التاريخ يساعد المسلم على فهم الدين ، وخاصةً أن قواعد الإسلام تفهم بجلاء ووضوح أكثر من خلال قصص السيرة النبوية والخلفاء الراشدين ففيها السنن الكثيرة .

12- الفائدة الثانية عشرة : أن التاريخ يبين لنا عوامل النصر والتمكين و أسباب السقوط والهزيمة ، ويساعد الأمة في كيفية الخروج من الأزمات والمصائب .

13- الفائدة الثالثة عشرة : أن التاريخ سلاح لبناء الأمة والحظارة الإسلامية .

14- الفائدة الرابعة عشرة : أن التاريخ عبرة وعظة ، قال تعالى ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ) يوسف .

س2 : هل ندرس التاريخ لمجرد المعرفة التاريخية ؟ أم لمجرد التسلية ؟ أم لحفظ القصص والحكايات ؟ أم لإشباع غريزة حب الاستطلاع ؟
وهل هذة أهداف تكفي لإنفاق الوقت والعمر لدراسة التاريخ ؟ أم أن اهدافاً أخرى أسمى و أعلى من هذه الأهداف والحاجات البسيطة والقريبة !! هي المقصودة .

أن علم التاريخ أجل من أن ينظر له هذه النظرة وإلا لما ذكر الله سبحانه وتعالى تاريخ السابقين وقصص النبيين في القرآن الكريم الذي هو كتاب هداية وإرشاد وشريعة وأحكام .
وللمعلومية بأن ثلث القرآن الكريم قصص ( تاريخ ) فهذا مما يدل على أهمية التاريخ ، ويجب أن نأخذ في الإعتبار أن الله سبحانة وتعالى لم يذكر لنا جميع قصص الرسل
ولاكن أقتصر على من يحصل بذكر قصصهم الفائدة والعبرة المرجوة للأمة فقال تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ۗ )

فالأمة الآن بحاجة لدراسة التاريخ دراسة تحليلية متأنية وخاصةً من قبل صناع القرار والحكام للخروج من الأزمات التي تعصف بالأمة في هذا الزمان .
والآن لقد أتضح لنا أهمية علم التاريخ وفائدتة للمجتمعات البشرية .