هذه هي ضريبة الإنترنت، فمن ثماره غياب الحوار والحب بين الزوجين، وعندما يفقد الزوج لغة الحوار المناسب مع زوجته، وتتعطل كل وسائل الاتصال، ولا يجد فيها ذلك الشخص المناسب لتفريغ شحناته العاطفية فإنه يلجأ إلى الوسائل الأخرى كالمحادثة عبر الإنترنت..
وقد أجرت مجلة الأسرة استبياناً خاصاً وطبقته على (500) من الزوجات لتعرف من خلاله: ماذا يفعل الأزواج في بيوتهم؟ وكيف يتعاملون مع زوجاتهم وأولادهم؟
ضم الاستبيان مجموعة من الأسئلة تدور حول الوقت الذي يقضيه الزوج في البيت، وما هو نصيب زوجته وأولاده من هذا الوقت؟
خلصت النتائج إلى أن 40% من الأزواج ينامون في القيلولة بعد تناولهم وجبة الغداء، و20% منهم يجلسون أمام الحاسب الآلي، و10% يطالعون جريدة أو كتاباً، و10% يبقون في عملهم، و20% فقط يتحدثون إلى زوجاتهم في هذه الفترة.
أما أثناء تناول وجبة الغداء فإن 20% من الأزواج يتحدثون إلى زوجاتهم، و15% يتحدثون مع أفراد أسرتهم بشكل عام، و60% لا يتحدثون إلى الزوجة أو الأولاد وينشغلون بمتابعة التلفاز أثناء فترة الغداء، ولا يختلف الأمر كثيراً في المساء، حيث إن 15% من الأزواج ينامون مباشرة بعد تناول العشاء، و30% يشاهدون التلفاز، و25% يسهرون مع أصدقائهم يحفظون القرآن الكريم، و25% يجلسون أمام الإنترنت.
ويراوح عدد ساعات الحوار بين الزوجين بين ربع ساعة إلى نصف ساعة.
وحول إيجاد الحل لهذه المشكلة تبين أن 80% من الزوجات تأقلمن مع الوضع الذي يعشنه، و20% توصلن إلى حلول وسـط مع أزواجهـن، و5% ما زلن يبحثن عن حل.
أسباب المشكلة
يرجع الأستاذ "خليفة المحرزي" – رئيس مركز الترابط الاجتماعي في الإمارات – هذه الظاهرة إلى عدة أسباب، منها:
* طبيعة الإنسان وزهده الفسيولوجي: فالإنسان إذا رغب في الشيء يبذل المستحيل في سبيل الحصول عليه، ويظل عقله متعلقاً به. فامتلاك الشيء يؤدي في النهاية إلى الزهد فيه؛ لأنه أصبح شيئاً مألوفاً متكرراً تعودت النفس عليه، وتبدأ النفس تشتاق للتجديد والتنويع، وهو متوفر جداً في مواقع الإنترنت التي تشد متابعها إلى درجة أنه لو ملَّ من بعضها انتقل إلى غيرها.
* عدم اهتمام كل من الزوجين بالآخر، خصوصاً عند حدوث مواجهة بينهما، وتتعطل لغة الحوار والكلام بينهما، فيبدأ الزوج تفريغ همومه المكبوتة عن طريق الإنترنت.
* قد يكون اللجوء للإنترنت بسبب الأعباء المادية من قروض والتزامات تجاه الآخرين، ناهيك بمصاريف المنزل والسيارة واحتياجات الأبناء وغيرها، مما يسبب حالة من الصمت لدى أحد الزوجين، وبخاصة إذا أحسَّ بأن الأمور قد ضاقت عليه ولم يجد مخرجاً منها، ولا يريد الجلوس مع زوجته حتى لا تفتح له تلك الموضوعات التي تسبب له الضيق.
* قد يكون الجلوس على الإنترنت نوعاً من العقاب النفسي القاسي للزوجة، وكثير من الرجال يفعلون هذا عندما ينتقمون من زوجاتهم بطريقة الصمت وإغلاق كل المنافذ؛ للحيلولة دون وصول زوجاتهم لهم، سواء بالكلام أو النظر أو حتى التبسم.. ويرفض الزوج طلب أي نوع من أنواع المساعدة من زوجته، بل يحاول أن يوصل رسالته لها عبر بعض التصرفات التي تكون في الغالب غير مفهومة، ويبقى الانكباب على الإنترنت إحدى هذه الوسائل..
* بعض الرجال يرون أن الحديث في المجال العاطفي مع زوجاتهم يوقعهم في دائرة التوحد مع المرأة وفقدان جزء من ذكورتهم! فالمجتمع يصور الرجل بأنه خشن الطباع، جاف الإحساس، لا يبدي عواطفه بالشكل المطلوب الذي ترغب فيه المرأة، أتعرفون لماذا؟ لأن الرجال لا يحبون لأحد أن يطلع على نقاط ضعفهم، بعكس المراة التي لا تجد حرجاً في ذلك، سواء أكانت أمامه أو أمام غيره من الصديقات المقربات ..
العــــلاج
على الزوجة الذكية أن تتفهم زوجها وتحاول التكيف معه، وتشاركه اهتماماته فإذا كان من هواة الإنترنت فيمكنها أن تناقش معه ما يتم الاطلاع عليه ، فهو جهاز ذو حدين وفيه نفع كبير لمن أراد أن ينتفع به ، وهذا من شأنه أن يزيد من فرص التقارب وإيجاد قنوات اتصال جديدة بين الزوجين .
من ناحية أخرى عليها أن تجيد فن الحديث مع زوجها ، وتعبر عن مشاعرها وتعطيه الفرصة أيضا للتعبير عن مشاعره ، وتحافظ على صورتها المشرقة المتجددة دائما أمامه ،
وعليها أن تحرص على ترتيب الأولويات، وأن تتوازن في متطلباتها فلا تثقل كاهل زوجها بما لا طاقة له به ، وأن تتجنب التوافه من الأمور .
هذه ثلة من الصفات تضيق دائرة الهروب والنكد بين الزوجين.. وليست خاصة بحل مشكلة بعينها، بل هي وسائل عامة تعين ـ بإذن الله تعالى ـ على شيوع روح السكينة والاستقرار النفسي بين جنبات الأسرة.
منقول