لقد جحدت الصوفية الحقيقة الأولى،
تلك التي يقررها الشرع،
ويحكم بها العقل.
وهي أن الله سبحانه وتعالى مُغايِرٌ لخلقه
في ذاته وصفاته وأفعاله،
فكيف نحكم عليها
بأنها تؤمن بما يترتب على تلك الحقيقة العليا
من حقائق مقدسة ؟
ليس المهم أن تقول،
بل الأهم أن تعمل بما تقول،
فهل يعمل الصوفية بالكتاب والسنة،
كما ينافق بعض زعمائهم ؟!
ومما يجادلنا به عشاقُ السحر الصوفي
قول ابن الفارض:
وإن خطرت لي في سواك إرادة ** على خاطري يوما حكمتُ بِرِدَّتي
وعلى ما في هذا البيت من غلو الإسراف
في دعوى التجرد ( 1 )، وحقارة الكذب،
فإن هؤلاء ينسون قول ابن الفارض
في نفس القصيدة:
فلا حَيَّ إلا من حياتي حياته ** وطوع مُرَادِي كُلُّ نفس مُرِيدة
وينسون ما طفحت به تائيته الكبرى
من زندقة باغية الجرأة،
تؤكد لك أن حين يناجي ربًّا،
فإنما يعني به أنثى مستباحة العفة،
أو رِمَّة بالية
أو نَفْسَه التي تَحَقَّقَ بها وجودُ ذلك الرب
في مرتبته العَيْنِيَّة!
*****************
( 1 ) للإرادة الإنسانية مجال فساح من الخير الذاتي، كإرادة الزواج. وكسب العيش،
وإرادة التمتع الروحي بما أبدع الله من جمال في جنات الأرض،
وما على من يريد ذلك جناح من الله ذي الرحمة.
ألم يقل الرسول :
"حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة"
وهل الحب إلا إرادة مصممة قاهرة؟
فهل أشرك محمد؛ لأنه أراد ذلك؟