واسمع [ ابن عربي ] يقول عن الله:
"فَذَكَر – أي الله – أن هُوِيَّتَه هي عَيْنُ الجوارح
التي هي عَيْنُ العبد،
فالهوية واحدة، والجوارح مختلفة،
ولكل جارحة عِلْمٌ من علوم الأذواق يخصها
من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح" .
يصف الله بأنه نفس جوارح العبيد،
فَيَدُ السارق، ويد القاتل، ويد المرتشي، ويد المقامر،
ويد المخمور يتناول بها الإثم.
كل هذه الأيدي؛ هي أيدي رب ابن عربي.
والعين المختلسة والأذن السارقة،
والفم المنتن من الحرام،
كل أولئك من جوارح رب ابن عربي.
والمعارف الحِسِّيَّة التي نستمدها
من اليد والقدم والعين والسمع واللسان.
إنما هي معارف رب ابن عربي ؛
لأنه عين تلك الجوارح كلها!
ويؤكد هذا بقوله:
"فلا قُرْبَ أقرب
من أن تكون هُوِيَّتَه عين أعضاء العبد وقواه،
وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى،
فهو – أي الله – حقٌّ مشهود في خَلْق مُتَوَهَّم،
فالخلق معقول،
والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود"
أرأيت إلى غلواء الزندقة في دين ابن عربي ؟!
إنه يزعم أن الخلق شيء معقول؟!
أما الله – سبحانه – فشيء محسوس!؛
لأنه عين ما ترى عينـاك، وتسمع أذنـاك،
أما "الخَلْقُ" فصفة، أو وَجْهٌ من وجوه الحق سبحانه!،
ويؤكد ذلك مرة أخرى بقوله:
"ثم تممها الجامعُ للكل محمد ؛
بما أخبر به عن الحق:
بأنه عين السمع والبصر واليد،
والرِّجْل واللسان،
أي : هو عين الحواس"
وبقوله:
"تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء،
والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها،
فهو محدود بحد كل محدود " ( 1 )
ربُّه عين كل شيء!
ولكل شيء حَدٌّ يُعَرَّف به،
فكل تعريفٍ هو تعريفٌ لِكُنْهِ الذات الإلهية،
إذ كل شيء عند ابن عربي هو عين الله!!
فَلْيَطِرْ فكرُك عبر الآباد والآنات والآزال،
وَلْيَجُلْ خيالُك في شتى الصور،
المستحيل منها والممكن ،
فكل شيء يراه فكرك ويلمحه خيالك هو رب ابن عربي.
فكِّر في المغول، والصليبيين،
وكل مستعمر سَامَ العرب والمسلمين خَسْفاً، أو هواناً،
فكر في الجاهليين يُجَرِّعون صِحَابَ النبي العذاب،
فكر في الصهيونيين اليوم، وفيما يكيدون به للإسلام،
فكر في السفاحين الأوغاد،
فكر في أولئك جميعاً،
وسل ابن عربي وأحْلَاسَه عنهم،
وثمت تسمع منهم:
إنهم جميعاً الذات الإلهية!
أليسوا أشياء؟
وابن عربي يقول: إن الله هو عين الأشياء جميعها !
أليسوا خَلْقًا؟
وابن عربي يقول: إن الله هو عين الخلق؟
أليست لهم جوارح باغية مُلَطَّخَةٌ بالدم البريء؟!
وابن عربي يقول:
إن الله هو
عين كل يد وقدم ولسان!
والصوفية المعاصرة تعبد ابن عربي،
وتدين بقدسيته،
وأتحداهم أن ينبذوه،
أو يعلنوا على الملأ كفره ومروقه ؟!
فإن فعلوا،
كان آية على أنهم خرجوا من دينه.
هذه يَحَامِيُم من عقيدة الصوفية،
فهل ينفعها أن تملأ الوجود بعد ذلك بالدعوة إلى الخُلُق الفاضل؟
إنها إذ تقول : اتق الله،
فإنما تعني به
ربها الذي هو الصخر الأصم
والجيفة المنتنة،
تعني ربها الذي هو عين كل شيء،
وإذ تقول: جاهد في سبيل الله،
فإنما تعني به
وهماً عَبَدَتْهُ رَبًّا
يتعين بذاته في كل خَلْقٍ!
اقرأوا ذلك جيداً،
ثم نبئوني:
أما زلتم أُسارى الإعجاب بدعوة الصوفية الخُلُقيَّة ؟!.
*****************
( 1 ) هذه النصوص كلها عن فصوص الحكم لابن عربي ص 88، 107 وما بعدها
واقرأ هذا النص :
"إن الله لطيف، فمن لطفه ولطافته
أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء،
حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح فيقال:
هذا سماء وأرض وصخرة وشجر وحيوان وملك ورزق وطعام
والعين واحدة من كل شيء وفيه" ص 188 فصوص ط الحلبي،
يعني أن الله هو عين كل هذه الأشياء وغيرها.
فإذا عرفت شيئاً منها بتعريف،
فهذا التعريف صادق على الله بالتواطؤ
يعني أنه هو عين تعريف الله نفسه في جنسه وفصله،
فتأمل