شرح الحديث
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ فيما رواه عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بادروا بالأعمال وبادروا
يعني أسرعوا إليها ،والمراد : الأعمال الصالحة
وهي كل عمل يعمله الإنسان خالصًا لله موافقاً فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أن العمل الصالح ما بنى على أمرين :
الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه
وسلم وهذا هو تحقيق ألا إله إلا الله وأن محمدًا
رسول الله فالعمل الذي ليس بخالص ليس بصالح،
لو قام الإنسان يصلي ولكنه يرائي الناس بصلاته فإن عمله لا يقبل حتى لو أتى
بشروط الصلاة وأركانها وواجباتها وسننها وطمأنينتها وأصلح إصلاحًا تاماً في الظاهر لكنها
لا تقبل منه لأنها خالطها الشرك والذي يشرك بالله معه غيره لا يقبل الله عمله كما في الحديث الصحيح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
"قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك
-يعني إذا أحد شاركني فأنا غني عن شركه -من
عمل عملاً أشرك معي غيري تركته وشركه "
كذلك أيضا : لو أن الإنسان أخلص في عمله
لكنه أتى ببدعة ما شرعها الرسول عليه الصلاة
والسلام ،فإن عمله لا يقبل حتى لو كان مخلصًا
حتى لو كان يبكي من الخشوع فإنه لا ينفعه
ذلك لأن البدعة وصفها النبيب أنها ضلالة فقال:
" فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"
فقوله : بادروا بالأعمال
يعني : بالأعمال الصالحة
وهي كل عمل كان خالصًا لله صوابًا على شريعة الله هذا هو العمل الصالح ثم قال :" فتنًا كقطع الليل المظلم "
أخبر أنه ستوجد فتن كقطع الليل المظلم، يعني أنها مدلهمة مظلمة لا يرى فيها النور والعياذ بالله ولا يدري الإنسان أين يذهب يكون حائرًا ما يدري أين المخرج ،أسأل الله وإياكم أن يعيذنا من الفتن، والفتن منها ما يكون من الشبهات وفتن تكون من الشهوات،
ففتن الشبهات : كل فتنة مبينة على الجهل فهي فتنة شبهة ومن ذلك ما حصل من أهل البدع الذين ابتدعوا في عقائدهم ما ليس من شريعة الله أو أهل البدع الذين ابتدعوا في أقوالهم وأفعالهم ما ليس من شريعة الله فإن الإنسان قد يفتن والعياذ بالله فيضل عن الحق بسبب الشبهة، ومن ذلك أيضا : ما يحصل في المعاملات من الأمور المشتبهة التي هي واضحة في قلب الموقن مشتبهة في قلب الضال والعياذ بالله
تجده يتعامل معاملة تبين أنها محرمة لكن لما على قلبه من رين الذنوب ـ نسأل الله العافية ـ يشتبه عليه الأمر فيزين له سوء عمله ويظنه حسنا وقد قال الله في هؤلاء قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا فهؤلاء هم الأخسرون والعياذ بالله
إذن الفتن تكون من الشبهات وتكون أيضا من الشهوات بمعنى أن الإنسان عرف أن هذا حرام ولكن لأن نفسه تدعوه إليه فلا يبالي بل يفعل الحرام يعلم أن هذا واجب لكن نفسه تدعوه للكسل فيترك هذا الواجب هذه فتنة شهوة يعني فتنة إرادة ومن
ذلك أيضًا ـ بل من أعظم ما يكون ـ فتنة شهوة الزنا أو اللواط والعياذ بالله وهذه من أضر ما يكون على هذه الأمة قال النبي عليه الصلاة والسلام ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء وقال : اتقوا النساء فإنما كانت فتنة بني إسرائيل في النساء ولدينا الآن في مجتمعنا من يدعوا إلى هذه الرذيلة والعياذ بالله بأساليب ملتوية يلتوون فيها بأسماء لا تمت إلى ما يقولون بصلة لكنها وسيلة إلى ما يريدون من تهتك لستر المرأة وخروجها من بيتها لتشارك الرجل في أعماله ويحصل بذلك الشر والبلاء ولكن نسأل الله أن يجعل كيدهم في
نحورهم وأن يسلط حكامنا عليهم بإبعادهم عن كل ما يكون سببا للشر والفساد في هذه البلاء ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق لحكامنا بطانة صالحة تدلهم على الخير وتحثهم عليه إن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء وهي أعظم فتنة وهناك أناس الآن يحيكون كل حياكة من أجل أن يهدروا كرامة المرأة من أجل أن يجعلوها كالصورة كالدمى مجرد شهوة وزهرة يتمتع بها الفساق والسفلاء من الناس ينظرون إلى وجهها كل حين وكل ساعة
والعياذ بالله ولكن بحول الله أن دعاء المسلمين سوف يحيطبهم وسوف يكبتهم ويردهم على أعقابهم خائبين وسوف تكون المرأة السعودية بل المرأة فيكل مكان من بلاد الإسلام محترمة مصونة حيث وضعها الله عز وجل المهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام حذرنا من هذه الفتن التي كقطع الليل المظلم يصبح الإنسان مؤمنًا ويمسي كافرًا والعياذ بالله يوم واحد يرتد عن الإسلام يخرج من الدين يصبح فيه مؤمنا ويمسى كافرًا نسأل الله العافية لماذا ؟ يبيع دينه بعرض من الدنيا ولا تظن أن العرض من الدنيا هو المال كل متاع الدنيا عرض سواء مال أو جاه أو رئاسة أو نساء أو غير ذلك كل ما في الدنيا من متاع فإنه عرض كما قال تعالى تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة فما في الدنيا كله عرض
فهؤلاء الذين يصبحون مؤمنين ويمسون كفارًا أو يسمون ويصبحون كفارا كلهم يبيعون
دينهم بعرض من الدنيا نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الفتن
واستعيذوا دائمًا من الفتن وما أعظم ما أمرنا به نبينا عليه الصلاة والسلام حيث قال إذا تشهد أحدكم ـ يعني التشهد الأخير ـ
فليستعذ بالله من أربع يقول : اللهم إني أعوذ
بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة
المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال
نسأل الله أن يثبتنا وإياكم بالقول الثابت في الحياة
الدنيا وفي الآخرة
الحمد لله رب العالمين