بتعليقات
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
* شرح الحديث الثاني والأربعون:
- هذا الحديث من الأحاديث القدسية التي يريوها النبي عن ربه أنه قال جلال وعلا: ( يا بن ادم ) الخطاب لجميع بني ادم , ( إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ) , ( ما ) شرطية يعني: متى دعوتني ورجوتني , ( دعوتني ) أي سألتني أن أغفر لك , ( رجوتني ) رجوت مغفرتي ولم تيأس , ( غفرت لك ) هذا جواب الشرط والمغفرة ستر الذنب والتجاوز عنه , أي: أن الله يستر ذنبك عن الناس ويتجاوز عنك فلا يعاقبك.
- وقوله: ( على ما كان منك ولا أبالي ) يعني على ما كان منك من المعاصي وهذا يشهد له قوله تعالى: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرحيم ) الزمر53.
- وقوله: ( يا بن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ) يعني لو بلغت أعلى السماء , ( ثم استغفرتني غفرت لك ) يعني مهما عظمت الذنوب حتى لو وصلت السماء بكثرتها ثم استغفرت الله بصدق وإخلاص وافتقار غفر الله لك.
- وقوله: ( يا بن ادم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ) قرابها يعني قرب ملئها إذا لقي الإنسان ربه عز وجل ( بقراب الأرض ) أي: ملئها أو قربه خطايا لكنها دون الشرك ولهذا قال: ( ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مفغرة ) وهذا يدل على فضيلة الإخلاص وأنه سبب لمغفرة الذنوب.
* في هذا الحديث من الفوائد:
- أن الإنسان مهما دعا الله بأي شيء ورجا الله في المغفرة إلا غفر له.
- بيان سعة فضل الله عز وجل.
- أن الذنوب وإن عظمت إذا استغفر الإنسان ربه منها غفرها الله له.
- فضيلة الإخلاص وأنه سبب لمغفرة الذنوب وقد قال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) النساء48. فنسأل الله تعالى أن يعمنا جميعاً بمغفرته ورضوانه وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.
وإلى هنا انتهى شرح الأربعون النووية المباركة التي نحث كل طالب على حفظها وفهم معناها والعمل بمقتضاها , والحمد لله رب العالمين وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
ولا تنسونا من دوعائكم الصالح بالهداية والثبات على الحق.