المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
المـديـــر العـــام |
الرتبة |
|
الصورة الرمزية |
|
البيانات |
التسجيل: |
Oct 2010 |
العضوية: |
14 |
المشاركات: |
10,332 [+] |
الجنس: |
ذكر |
المذهب: |
سني |
بمعدل : |
1.96 يوميا |
اخر زياره : |
[+] |
معدل التقييم: |
10 |
نقاط التقييم: |
949 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
باب علــم الحــديـث وشرحــه
بتعليقات
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
*الشرح الحديث التاسع والعشرون:
- عن معاذ بن جبل قال: ( قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار ) الجنة هي الدار التي أعدها الله عز وجل لعباده المتقين , فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر , والنار هي الدار التي أعدها الله عز وجل للكافرين , وفيها من العذاب الشديد ما هو معلوم في الكتاب والسنة , سأل عن هذا الأمر لأنه أهم شيء عنده وينبغي لكل مؤمن أن يكون هذا أهم شيء عنده , أن يدخل الجنة ويباعد عن النار.
- وهذا هو غاية الفوز لقوله تعالى: ( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) ال عمران 185. فقال النبي : ( لقد سألتني عن عظيم ) أي شيء ذي عظمة وهو الفوز بالجنة والنجاة من النار ولكن قال: ( وإنه ليسير على من يسره الله عليه ) ويحتمل أن يكون قوله: ( عن عظيم ) عن العمل الذي يدخل الجنة ويباعده عن النار ( وإنه ) أي ذلك العمل , ( ليسير على من يسره الله عليه ) أي سهل على من سهله الله عليه ثم فصل له ذلك بقوله: ( تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ) وعبادة الله سبحانه وتعالى هي القيام بطاعته امتثالاً لأمره واجتناباً لنهيه مخلصاً له , ( لا تشرك به شيئاً ) أي لا ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً , لأنه من شرط العبادة والإخلاص له عز وجل.
والأمر الثاني: من العمل الذي يدخل الجنة ويباعد عن النار إقامة الصلاة حيث قال: ( وتقيم الصلاة ) ومعنى إقامتها أن تأتي بها مستقيمة تامة الأركان والواجبات والشروط وتكميلها بمكملاتها.
الأمر الثالث: ( وتؤتي الزكاة ) وهي المال الذي أوجبه الله عز وجل وجل يخرجه الإنسان من أموال معينة بشروط معروفة إلى أهلها المستحقين لها , وهذا معروف في كتب العلماء رحمهم الله.
الأمر الرابع: ( وتصوم رمضان ) أي شهر رمضان وهو أيضاً معلوم والصوم هو التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
الأمر الخامس: ( وتحج البيت ) أي تقصد البيت الحرام وهو الكعبة لأداء المناسك.
- وهذه أركان الإسلام الخمسة , تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت , وشهادة أن محمداً رسول الله داخلة في شهادة أن لا إله إلا الله إذا لم تذكر معها , لأن شهادة أن لا إله إلا الله معناها لا معبود حق إلا الله ومن عبادة الله التصديق برسوله واتباعه.
- ثم قال أي النبي : ( ألا أدلك على أبواب الخير؟ ) يعني على ما تتوصل به إلى الخير , كأنه قال نعم , فقال النبي : ( الصوم جُنة ) يعني أنه وقاية يقي من المعاصي في حال الصوم ويقيه من النار يوم القيامة , ثم قال : ( والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ) الصدقة هي بذل المال للفقير المحتاج تقرباً لله سبحانه وتعالى وتقرباً وإحساناً إلى الفقير وهذه الصدقة تطفئ الخطيئة , أي ما أخطأ به الإنسان من ترك واجب أو فعل محرم , ( كما يطفئ الماء النار ) وكلنا يعرف أن إطفاء المار للنار لا يبقي من النار شيئاً , كذلك الصدقة لا تبقي من الذنوب شيئاً.
- ( وصلاة الرجل من جوف الليل ) أي تطفئ الخطيئة كما يطفئ المار النار , وجوف الليل وسطه وأفضل صلاة الليل النصف الثاني أو ثلث الليل بعد النصف الأول وقد كان داود ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ثم قرأ ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون*فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونََ ) السجدة16-17 , قرأها استشهاداً بها , والآية كما هو ظاهر فيها أنها تتجافى جنوبهم عن المضاجع يعني للصلاة في الليل وينفقون مما رزقهم الله وهاتان هما الصدقة وصلاة الليل اللتان ذكرها رسول الله في هذا الحديث.
- ثم قال : ( ألا أخبركم برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه؟ ) قلت: بلى يا رسول الله قال: ( رأس الإسلام ) الأمر يعني الشأن الذي هو أعظم الشئون ورأسه الإسلام يعلو ولا يعلى عليه وبالإسلام يعلو الإنسان على شرار عباد الله من الكفار والمشركين والمنافقين , ( وعموده الصلاة ) أي عمود الإسلام الصلاة , لأن عمود الشيء ما يبنى عليه الشيء ويستقيم به الشيء ولا يستقيم إلا به وإنما كانت الصلاة عمود الإسلام , لأن تركها يخرج الإنسان من الإسلام إلى الكفر والعياذ بالله , وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله والسنام ما علا ظهر البعير وذروة أعلاه وإنما ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله , لأن به يعلو المسلمون على أعدائهم.
- ثم قال : ( ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ ) أي بما به ملاك هذا الأمر كله , ( فقلت بلى يا رسول الله. فأخذ بلسانه ) وقال: ( كف عليك هذا ) يعني لا تطلقه بالكلام لأنه خطر قلت: ( يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ ) هذه جملة استفهامية والمعنى هل نحن مؤاخذون بما نتكلم به ؟.
- فقال النبي : ( ثكلتك أمك ) أي فقدتك حتى كانت ثكلى من فقدك , وهذه الجملة لا يراد بها معناها , وإنما يراد بها الحث والإغراء , على فهم ما يقال , فقال: ( ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم ، إلا حصائد ألسنتهم ) , أو هنا للشك من الراوي هل قال النبي : ( على وجوههم ) أو قال: ( على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) أي إلا ما تحصد ألسنتهم من الكلام , والمعنى أن اللسان إذا أطلقه الإنسان كان سبباً أن يُكب على وجهه في النار والعياذ بالله.
*وهذا الحديث فيه فوائد كثيرة:
- حرص الصحابة على الأعمال التي تدخلهم الجنة وتباعدهم من النار وأن هذا هو أهم شيء عندهم ولهذا سأل معاذ بن جبل النبي عن عمل يدخله الجنة ويباعده عن النار.
- إثبات الجنة والنار وهما الآن موجودتان وهما لا يفنيان أبداً.
- بيان أن سؤال معاذ بن جبل عظيم لأن عوضه عظيم والعوض على قدر المعوض ولهذا قال رسول الله : ( لقد سألتني عن عظيم ) أي سألت عن عمل عظيم بدليل ما ترتب عليه من جزاء.
- ثم بين النبي أن هذا الشيء العظيم يسير على من يسره الله عليه , فيستفاد من هذا أنه ينبغي للإنسان أن يلجأ إلى الله عز وجل في طلب تيسير الأمور وليعلم أن من أسباب تيسير الله تقوى الله لقوله تعالى: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ) الطلاق4.
- أن أول شيء وأعظمه توحيد الله عز وجل والإخلاص لله لقوله: ( تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ).
- أهمية الصلاة لأن الرسول ذكرها بعد الإخلاص فإن قال قائل: أين الشهادة الثانية ؟ شهادة أم محمداً رسول الله , قلنا: إنها معلومة من قوله: ( تعبد الله لا تشرك به شيئاً ) وسبق بيان ذلك.
- تقديم الزكاة على الصوم لأنها أكد.
- تقديم الصوم على الحج لأنه يتكرر كل عام بخلاف الحج فإنه لا يجب إلا في مرة في العمر.
- الإشارة في هذه الجملة إلى أركان الإسلام الخمسة: ( تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ).
- عرض المسألة على الطالب بالتشويق لقوله: ( ألا أدلك على أبواب الخير ؟ ).
- أن للخير أبواباً وهذه الأبواب لها مداخل وهو يشبه قول الرسول : ( الإيمان بضع وسبعون شعبة ).
- أن الصوم جنة , أي مانع للصائم من اللغو والرفث ومن قول الزور والعمل به والجهل , وهو أيضاً جنة للصائم من النار يقيه النار لقوله تعالى: ( الصوم لي وأنا أجزي به ).
- فضيلة الصدقة لقوله : ( والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ).
- أن صلاة الرجل في جوف الليل تطفئ الخطيئة لقول النبي : ( والصدقة تطفيء الخطيئة ، كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل من جوف الليل ).
- أن النبي يستدل بالقران لأنه تلي قوله تعالى: ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون*فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونََ ) السجدة16-17.
- أن النبي يعرض المسائل بضيغة الاستفهام لتنبيه المخاطب كما مر في هذا الحديث.
- أن الأمر - أي شأن الخلق - له رأس وله عمود وله ذروة سنام فرأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة يعني عمود الإسلام الصلاة , وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله.
- أن تارك الصلاة كافر لقوله : ( وعموده ) أي عمود الإسلام ( الصلاة ) ومعلوم أن العمود إذا سقط , سقط البنيان وهذا القول الراجح من أقوال أهل العلم بأدلة من كتاب الله وسنة رسوله وأقوال الصحابة وقد بينا ذلك في رسالة لنا في هذا الأمر.
- أن الجهاد في سبيل الله فيه علو الإسلام ورفعته لقوله ( ذروة سنامه الجهاد ).
- أن الذي يملك هذا كله هو حفظ اللسان لقوله : ( ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ ) قلت: بلى يا رسول الله , فأخذ بلساني وقال: ( كف عليك هذا ).
- جواز التعليم بالإشارة , لأنه أخذ بلسان نفسه وقال: ( كف عليك هذا ).
- خطر اللسان على الإنسان لقوله : ( ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم ، إلا حصائد ألسنتهم).
- تحري ما نقل في الحديث من أقوال رسول الله حيث قال: ( على وجوههم أو على مناخرهم ) , وهذا يدل على الأمانة التامة في نقل الحديث , ولله الحمد.
ــــــــــ
|