معنى القرآن
الحمد لله الوهاب , المنان , كثير العطاء والإحسان , الذي كرمنا على سائر خلقه , وفضلنا على كثير من الأمم بأن جعلنا خير أمة أخرجت للناس , وأنزل علينا خير كتبه , وتفضل علينا بحفظه لنا من التحريف والتبديل , وأنعم علينا بتيسير تلاوته وفهمه وتدبر معانيه وأحكامه , والعمل بمقتضاه . والصلاة والسلام على أفضل رسله الهادي البشير والسراج المنير , الذي أدى الرسالة على أكمل وجه , ونصح الأمة , وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
وبعد :
هذه درر وجواهر قرآنية , أخرجها من بحور إعجاز وعظمة كتابنا الكريم التي ليس لها ساحل , لتسكن في قلوب الذين يفتحونها لتدبر آياته , وهدية للعقول التي تفكر وتتأمل في عجائبه ومعجزاته , وزينة لصدور من يدركون عظمته . وأسأل الله تعالى أن ينفع بها .
أول الدرر : معنى القرآن
معناه في اللغة : هو مصدر من فعل ( قرأ) , وهذا الفعل في اللغة له معنيين هما :
تلا وجمع .
فمن معنى تلا : فالقرآن مصدر اسم مفعول بمعنى ( متلو )
فهو المتلو عبادة لله تعالى , كما في قوله تعالى : ( إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين * وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين ) [ النمل : 91-92 ] . وكذلك متلو طلبا للشفاء , كما في قوله تعالى : ( قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور ) [ يونس : 57 ] .
ومن معنى جمع : فالقرآن مصدر اسم فاعل بمعنى ( جامع ) .
فيكون القرآن بذلك جامع لكل شرائع ما قبله من الكتب السماوية , وجامع لأخبار جميع الأمم السابقة , وأخبار الأحداث المستقبلية إلى قيام الساعة , وكذلك ما بعدها من أخبار يوم البعث .
وجامع لأحكام الشرع العقائدية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها .
وجامع لحكم جليلة عظيمة لم يجمعها كتاب قبله ولا بعده .
ويأتي كذلك من معنى جمع مصدر اسم مفعول .
فيكون القرآن بذلك مجموع , فهو مجموع في صدور من أكرمهم الله بحفظه , كما قال تعالى : ( بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ) [ العنكبوت : 49 ] ومجموع في الصحف , وقد قال تعالى : ( رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة ) [ البينة : 2 ] .
ومعناه في الشرع :
هو كلام الله المنزل وحياً مع أشرف ملائكته جبريل , وعلى خير خلقه وسيد البشر محمد .
قال تعالى : ( إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ) [ الإنسان : 23 ] .
ونزل بخير اللغات وأفضلها , وقال تعالى : ( قرآناً عربياً غير ذي عوج ) [ الزمر : 28] .
ونزل في أشرف الليالي , ليلة القدر , وقال تعالى : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) [ القدر : 1 ] .
وفي أشرف الشهور , وقال تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) [ البقرة : 185 ]
وفي أشرف البقاع , مكة المكرمة , عند بيته الحرام . ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين ) [ آل عمران : 96 ] .
وميزه عن سائر ما قبله من الكتب السماوية , بأن تكفل الله بحفظه من التحريف والتبديل والتغيير والتعطيل , وقال : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [ الحجر : 9] .
وجعله مهيمناً عليها . قال تعالى : ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه ) [ المائدة : 48 ] .
هذا هو المعنى اللغوي والشرعي لاسم كتابنا العظيم .
أسأل الله أن ينفع به .
يتبع ...
أثاب الله كاتبة الموضوع وجزاها خيرا