02-03-14, 05:06 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة
سيرة أم المؤمنين زينب ـ عِبَر وحِكَم ـ
أراد الإسلام أن يقضي على عادات الجاهلية والفوارق الطبقية ، ليكون الناس سواسية ، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى ، وكان الموالي ـ وهم الذي جرى عليهم الرق ثم تحرروا ـ طبقة أدنى من طبقة السادة ، وكان من الموالي زيد بن حارثة ـ ـ مولى رسول الله ـ ـ . فرأى رسول الله ـ ـ أن يزوج زيدا من شريفة بني أسد، وهي ابنة عمته زينب بنت جحش ـ ا ـ، ليقضي على الفوارق الطبقية بنفسه، وكانت هذه الفوارق من العمق بحيث لا يقضي عليها إلا فعل واقعي من رسول الله ـ ـ .. وكان زيد ـ ـ من أحب الناس إلى النبي ـ ـ، فهو الذي أعتقه وتبناه ، وكان له بمثابة الأب . وكان التبني عادة منتشرة في ذلك الوقت، فأراد الله ـ عز وجل ـ أن يبطل هذه العادة الجاهلية، فاختار رسوله ـ ـ لتحمل تبعات هذه المهمة .. فقد شاءت حكمة ـ الله تعالى ـ أن لا يتوافق زيد وزينب ـ ا ـ في زواجهما، وكان قبل ذلك يشتكي زيد لرسول الله ـ ـ من عدم استطاعته البقاء مع زينب ويريد طلاقها، ورسول الله يأمره بإمساك زوجه ، مع تقوى الله ، حتى أذِن الله بالطلاق، فطلقها زيد ، بعد أن مكث معها ما يقرب من سنة، كما ذكر ذلك ابن كثير .. فأمر الله ـ عز وجل ـ رسوله ـ ـ بالزواج من زينب بعد طلاقها من زيد ـ ـ .. وأنزل الله في ذلك قوله: { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً } (الأحزاب:37) .. وكان خاطِبُ زينب للنبي ـ ـ هو زوجها الأول زيد ، ليقطع بذلك ألسنة المتقولين ، وما قد يزعمونه من أن طلاقها وقع بغير اختيار منه ، وأنه قد بقي في نفسه من الرغبة فيها شيء ، وفي هذا يقول ابن حجر : " هذا من أبلغ ما وقع في ذلك ، وهو أن يكون الذي كان زوَّجها هو الخاطب ، لئلا يظن أحد أن ذلك وقع قهراً بغير رضاه .. " . وقد ظهر في قصة زواج النبي ـ ـ من أم المؤمنين زينب ، فضل زيد وزينب ـ ا ـ .. ففي قول الله تعالى: { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا } منقبة عظيمة لزيد بن حارثة - - فقد انفرد وحده دون الصحابة، بذكر اسمه في القرآن الكريم، إذ لم يذكر اسم أحد في القرآن الكريم، إلا لنبي من الأنبياء و لزيد بن حارثة ـ ـ . قال السهيلي : " كان يقال: زيد بن محمد حتى نزل: { ادْعُوهُمْ لآَبَائِهِمْ } فقال : أنا زيد بن حارثة ، وحرم عليه أن يقول: أنا زيد بن محمد، فلما نُزِع عنه هذا الشرف وهذا الفخر، أكرمه الله وشرفه بخصوصية لم يخص بها أحدا من أصحاب النبي ـ ـ ، وهي أنه ذكره باسمه في القرآن الكريم، فقال الله تعالى : { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا }، وفي ذلك تأنيس له ، وعوض من الفخر بأبوة محمد ـ ـ له " . أما زينب ـ ا ـ فكان زواجها من النبي ـ ـ بأمر ربه، وهو الذي زوَّجه إياها، قال تعالى: { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً } (الأحزاب: من الآية37)، وفي هذا شرف عظيم ومنقبة جليلة لزينب ـ ا ـ، ومن ثم كانت تفاخر بذلك .. عن أنس - - قال: ( كانت زينب بنت جحش ـ ا ـ تفخر على أزواج النبي ـ ـ وتقول : زوَّجكن أهاليكن، وزوَّجني الله من فوق سبع سماوات ) ( البخاري ) . ومن مناقبها ـ ا ـ أنها في حادثة الإفك، أثنت على عائشة ـ ا ـ خيراً، عندما استشارها الرسول ـ ـ فيما أشيع عن عائشة ، فقالت زينب ـ: ( يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ، والله ما علمت إلا خيرا ، قالت عائشة : وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي ـ ـ، فعصمها الله بالورع )( البخاري ). فمن مناقبها ـ ا ـ أنها كانت ورعة ، تديم الصيام والقيام ، كثيرة التصدق وبذل الخير .. وقد أحسنت عائشة ـ ا ـ في الثناء على زينب ـ ا ـ فقالت : " ولم أر امرأة قَطْ خيراً في الدين من زينب " .. وفي زواجه ـ ـ من زينب ـ ا ـ القضاء على عادة التبني، إذ كيف يتزوج الرجل امرأة ابنه؟، وقد كانت هذه العادة الجاهلية مستحكمة في نفوس الناس، وقد أخذت أبعادها مع مرور الزمن، فكان هذا الزواج المبارك إلغاءً عمليا لهذه العادة الجاهلية، التي تؤدي إلى اختلاط الأنساب، وضياع الحقوق . لقد كان زواج النبي ـ ـ من زينب بنت جحش ـ ا ـ إحدى دلائل نبوته ، وذلك لما تضمنه هذا الزواج من معاتبة الله له ـ ـ ، وهي معاني لو لم يكن ـ عليه الصلاة والسلام ـ نبياً لأخفاها عن الناس ، حفظا لسمعته وصونا لهيبته ، لكنه ـ ـ لم يكتمها ، بل بلغها ، وبلاغه لها ـ ـ دليل صريح على أنه رسول الله حقاً، والمبلغ عن الله صدقاً . عن عائشة ـ ا ـ قالت: ( لو كان محمد ـ ـ كاتماً شيئا مما أُنزل عليه ، لكتم هذه الآية : { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ } ) ( مسلم ) .. وفي وليمة زواجه ـ ـ بزينب ـ ا ـ علامة أخرى من علامات نبوته ، وهي تكثير الطعام بدعوته ، وفيها أيضا كان نزول آية حجاب نسائه ـ ـ وما شُرع من آداب الضيافة . فعن الجعد عن أنس ـ ـ قال: ( تزوج رسول الله ـ ـ فدخل بأهله، قال: فصنعت أمي أم سليم حيسا(تمر مخلوط بسمن)، فجعلته في توْر(إناء)، فقالت: يا أنس ، اذهب بهذا إلى رسول الله ـ ـ، فقل: بعثت بهذا إليك أمي، وهي تقرئك السلام، وتقول: إن هذا لك منا قليل يا رسول الله، قال: فذهبت بها إلى رسول الله ـ ـ، فقلت: إن أمي تقرئك السلام، وتقول: إن هذا لك منا قليل يا رسول الله، فقال: ضعه، ثم قال: اذهب فادع لي فلانا وفلانا وفلانا، ومن لقيت، وسمى رجالا. قال : فدعوت من سمى ومن لقيت، قال: قلت لأنس : عدد كم كانوا؟ قال : زُهَاء ثلاثمائة، وقال لي رسول الله ـ ـ : يا أنس ، هات التور، قال : فدخلوا حتى امتلأت الصُفَّة والحجرة، فقال رسول الله ـ ـ: ليتحلق عشرة عشرة، وليأكل كل إنسان مما يليه، قال: فأكلوا حتى شبعوا, قال : فخرجت طائفة ودخلت طائفة، حتى أكلوا كلهم، فقال لي: يا أنس ، ارفع ، قال : فرفعت، فما أدري حين وضعت كان أكثر أم حين رفعت . قال: وجلس طوائف منهم يتحدثون في بيت رسول الله ـ ، ورسول الله ـ ـ جالس، وزوجته مولية وجهها إلى الحائط، فثقلوا على رسول الله ـ ـ، فخرج رسول الله صلى ـ الله عليه وسلم ـ فسلم على نسائه ثم رجع، فلما رأوا رسول الله ـ ـ قد رجع ظنوا أنهم قد ثقلوا عليه، قال: فابتدروا الباب فخرجوا كلهم، وجاء رسول الله ـ ـ، حتى أرخى الستر، ودخل وأنا جالس في الحجرة، فلم يلبث إلا يسيرا حتى خرج علي، وأنزلت هذه الآية، فخرج رسول الله ـ ـ، وقرأهن على الناس: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً }(الأحزاب:53) .. قال الجعد : قال أنس بن مالك : أنا أحدث الناس عهدا بهذه الآيات، وحُجِبْن نساء النبي ـ ـ ) ( مسلم ).. ومع ما تحقق في هذا الزواج المبارك من حِكَم ومقاصد شرعية وآداب إسلامية، فقد شكل أحد الشبهات التي وجهها المستشرقون والمنافقون لسيد الخلق ـ ـ، وهذا من قلبهم للأمور وتزييفهم للحقائق .. وهذه الشبهة قديمة تتكرر بين الحين والحين ، ولا تقوم على أساس ، تغذيها أحقاد وضغائن ، سرعان ما تنقشع ، إذ كيف يتحول موطن المدح إلى ذم ! . والروايات التي يستدل بها هؤلاء المنافقون، وتشير إلى أن النبي ـ ـ كان قد وقع في قلبه حب زينب ـ ا ـ، كلها روايات ضعيفة ، لم تثبت من أي وجه يصح الاحتجاج به ، بل إن ظاهر القرآن الكريم يردها، لأن نص الآية دل على أن الله سيظهر ما أخفاه النبي ـ ـ، قال تعالى { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ }(الأحزاب: من الآية37)، وما أبداه الله هو زواجه من زينب ـ ا ـ، لا حبه وتعلقه بها، كما قال سبحانه:{ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا }(الأحزاب: من الآية37) .. ثم إن النبي ـ ـ على الرغم مما أباحه الله له وخصه به من الزواج بأكثر من أربع، لم يكن يرتبط زواجه بعامل الشهوة ، بل بمصالح شرعية معتبرة، فقد يتزوج ـ ـ المرأة تأليفا لقلب عدو له ، كما تزوج أم حبيبة تأليفا لقلب والدها أبي سفيان ، وقد يتزوج المرأة الأرملة شفقة عليها وحفظا لأولادها، وإكراما لزوجها الذي استشهد في سبيل الله، كما تزوج أم سلمة زوجة الصحابي الشهيد أبي سلمة ، وقد يتزوج المرأة إكراما لصديق، وتوثيقا لعلاقته به، كما تزوج عائشة بنت أبي بكر ، و حفصة بنت عمر جميعا. وقد أخبر النبي ـ ـ أن أم المؤمنين زينب بنت جحش ـ ا ـ هي أول زوجاته وفاة بعده، فعن عائشة ـ ا ـ قالت: قال رسول الله ـ ـ: ( .. أسرعكن لحاقاً بي أطولكنَّ يداً، قالت: فكنَّ يتطاولن أيتهنَّ أطول يداً، قالت: فكانت أطولنا يداً زينب ، لأنها كانت تعمل بيدها وَتَصَدَّق )( البخاري ). قال الذهبي في السير: " .. وإنما عني بطول يدها بالمعروف ، إذ كانت ـ ا ـ سخية، كثيرة الصدقة والبذل وصلة الرحم ". وصدق النبي ـ ـ فكانت أم المؤمنين زينب بنت جحش ـ ا ـ أول زوجاته ـ ـ وفاة بعده، ودُفنت بالبقيع، فا وعن أمهات المؤمنين .. إن زواج النبي ـ ـ بأم المؤمنين زينب بنت جحش ـ ا، وما نزل فيه من القرآن ، وما واكبه من أحداث ، فيه من العبر والحِكم الكثير، والتي ينبغي الوقوف معها للاستفادة منها في واقعنا وحياتنا ..
sdvm Hl hglclkdk .dkf J uAfQv ,pA;Ql
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
02-03-14, 05:24 AM | المشاركة رقم: 2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
03-03-14, 10:28 AM | المشاركة رقم: 3 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة
جزاكِ الله خيراً ورفع قدركِ |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
05-03-14, 01:05 AM | المشاركة رقم: 4 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة
ا وعن أمهاتنا جميعا وأرضاهن
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
21-03-14, 01:36 AM | المشاركة رقم: 5 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة
وأرضاهم أجمعين
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
22-03-14, 01:41 AM | المشاركة رقم: 6 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
|
|